أبو لهب الذي انتصر على حمالة الحطب!!!

محمد زهير الخطيب

بعد انتصار ترامب، أعلن كثيرون أن أبا لهب انتصر على حمالة الحطب!!! وقال آخرون بل فاز أبو جهل على حمالة الحطب...

الكلام سهل وخاصة إذا لم يكن عليه حساب... كلام –فش الخلق- الذي يمارسه كثيرون منا بتعمبم نظرية المؤامرة وشيطنة كل القوى من حولنا وخلط جميع الاوراق حتى يصبح الصديق والحيادي والعدو في سلة واحدة، خلطة سوداء ليس فيها إلا اليأس...

في أصعب الظروف علمنا الله تعالى أن المؤمنون يفرحون بنصر الله الذي منحه للروم على الفرس لأن الروم أهل كتاب والفرس يعبدون النار... 

لقد انتصر ترامب في اقصى الارض فهل لنا أن نتلمس بعض الايجابيات المحتملة في هذا الحدث بدل أن نلعن الظلام!!!

لا شك أن ترامب أكد دعمه لاسرائيل وأنه سينقل سفارة امريكا إلى القدس، ولكن هل نستطيع أن نرى مع هذا الشر شيئا آخر؟...

إن هناك توجهات وتصريحات لترمب لن تعمل بمفردها بل تحتاج إلى رعاية وتفعيل ولوبي يستثمرها حتى تنتقل إلى حيز التنفيذ.

لدى ترمب توجه لاعادة مجد أميركا وإظهار جديتها في احترام تهديداتها وخطوطها الحمراء.

فبالنسبة لسورية ألقى ترامب باللوم في احتدام أزمة اللاجئين السوريين على الرئيس أوباما، بقوله: "بدأت هذه المعاناة عندما لم يلتزم بتعهده وعدم قيامه بمهامه التي كان ينبغي عليه تنفيذها عندما وضع خطا أحمر للأسد، ولكنه تبين أنه خط وهمي للغاية. وكما تعلمون، فإن السوريين يعيشون في جحيم الأوضاع هناك، وليس هناك شك في أنه يجب أن نقوم بشيء حيال ذلك"... 

وبالنسبة لتركيا فقد أبدى الأتراك تعاطفا مع ترامب في منافسته على كرسي الرئاسة مع هيلاري كلينتون، بسبب مواقف الإدارة الأمريكية الديمقراطية المائع من محاولة الانقلاب العسكري بل وبتعاطفها مع المنفذين والمطالبة بالافراج عنهم بدل لجمهم وبرفضها تسليم غولن، وبحديث كلينتون عن دعم الميليشيات الكردية الإرهابية التي تخوض معها تركيا حربا في الداخل والخارج...

‎في المقابل ورغم تصريحاته العنصرية ضد المسلمين والأجانب، كان موقف ترامب واضحا في إدانة محاولة الانقلاب العسكري في تركيا، متهما إدارة أوباما بالتورط في دعم الانقلابيين.

‎في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز بعد أسبوع من الانقلاب، وردا على سؤال بخصوص احتمال أن تكون محاولة الانقلاب مسرحية من جانب الحكومة لتعزيز سلطتها، قال ترامب لا أعتقد أن الانقلاب الساقط مفبرك، ولكنني أثمن قدرة أردوغان على دحر تلك المحاولة.

‎وقال ترامب "بدا الأمر وكأنه نجح منذ الساعة الأولى. وفجأة، شاهدنا الشيء المذهل وهو أن الشعب التركي كان هو الفائز. فقد خرجوا إلى الشوارع... ولم يكونوا مؤيدين لما فعلته مجموعة من داخل الجيش".

‎ ولا يُخفي ترامب إعجابه بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان. فقد قال إن أردوغان يمكن أن يلعب دورا محوريا في حل أزمات أخرى، مثل الصراع المسلح في سوريا، والتهديدات التي يشكلها المتطرفون هناك...

‎بعد ذلك عاد ترامب للحديث مرة أخرى عن تركيا وعن محاولة الانقلاب، فكتب تغريدة على موقع تويتر في شهر آب/ أغسطس الماضي قال فيها إن لديه شواهد تدل على أن ضباطا في المخابرات المركزية الأمريكية السي آي إيه دعموا الانقلاب الساقط في تركيا.

‎وأكد ترامب أن قيادة أوباما الفاشلة أدت إلى هذا الخطأ الفادح الذي يمس مصالح أمريكا، واعدا بكشف أسماء هؤلاء الضباط قريبا.

الذي يهمنا نحن هو أن نلحق ترامب إلى باب الدار، وأن نتابع وعوده وأداءه قبل سبه وشتمه، فلعله يلتزم ببعض وعوده الايجابية ويكبح جماح روسيا وإيران المتفلت من كل الضوابط والاعراف والاخلاق...

لقد قالت كلنتون في خطاب اعترافها بهزيمتها الانتخابية أن على اميركا إعطاء فرصة الحكم كاملة لترامب, ودعونا نحن أيضا نعطيه فرصة الاداء الايجابي ببناء الجسور نحوه، وبمساعدته لتنفيذ تعهداته الايجابية وعلى إزالة مخاوفه وتوجساته من داعش والارهاب والتطرف المنسوب إلى المسلمين وخاصة أنه لم يَخْفَ عليه دور من سبقه في المساهمة في صنع داعش والارهاب في منطقتنا... 

يتساءل كثيرون عن دور اللوبي الصهيوني في الانتحابات الاميركية، والعجيب أنه كان يدعم كلنتون، ولكن الاعجب من ذلك أن ينجح في التحول بلمحة بصر بترتيب اوراقه مع الفائز الآخر بناء على المصالح المشتركة والتقاطعات التي لا تنتهي...

ترامب رجل أعمال أولويته إعادة المجد لامريكا... هل نستطيع نحن أن نجد لنا مقعدا في قطاره؟ أم لا زلنا نعتقد أنه أبو لهب الذي انتصر على حمالة الحطب؟