الرضيع الشهيد

د. عبد السميع الأحمد

أيها الحارقون طفلا رضيعا

اُقتلونا فإننا لن نبيعا

جاثمون على صدور بنيكم

لو أَكلنا مدى الزمان ضريعا

لا نُبالي في الحق أن نتلوى

في لهيب الأخدود أو أن نجوعا

هذه الأرض أرضنا وبنُونا

كغصون الزيتون تأبى الخضوعا

قد رضعنا الإباء والعُود غضٌّ

أترى الشبل يَقبل التركيعا

كل تلك الحشود من أجل طفل

أيُّ طفل يُريع تلك الجُموعا

أَشعِلوا الحقد في قلوب الثكالى

وامْلؤوها تأبِّياً ونزوعا

هذه الماجدات يحملن فجرا

قد تبدّى خلف الهضاب طلوعا

يتراءى تحت الغمامة جيشاً

يتهادى وقد أضاء الشموعا

أيها الطفل أنت أصبحتَ جيشاً

ملأ الكرْم والقُرى والنُّجوعا

ومن اللحد قد تفتّق حقلٌ

نثَر العشبَ حوله والزروعا

يا فلسطين والجروح قصاص

علِّمينا أن الدِّما لن تضيعا

واكتبينا في الخانعين إذا لم

نَجْرِ فيك دما زكيا نجيعا

أنتِ جرح ما زال ينزف وجدا

في فؤادي ويستفزُّ الضلوعا

لا تُبالي، رغم الجراحات إنا

قد أفقنا نجلو الكرى والهجوعا

هذه الشام حطّمت آسريها

وأزاحت أغلالها والنّطوعا

لا تَهاب الخطوب موتاً زؤاماً

قد أعدّت للعاديات الدروعا

يعذب الموت في سبيلكَ ربي

فاكتبِ النصر للأباة سريعا

قد لجأنا لله وهو قريب

والموالي يَستصرخون السميعا

قد تداعتْ كل الغُزاة علينا

واستباحوا أصولنا والفروعا

ولنا فيك يا إلهي رجاءٌ

أن تُذلّ العدا وتُخزي الجموعا

أيها المجرمون في تل أبيبٍ

والذُّنابى لقد خسئتم جميعا