برقيات وتغطيات 816

أدباء الشام

clip_image002_64403.jpg


clip_image004_3e0d3.jpg


"الشوارع الضالة" لوليد الزيادي

clip_image002_d33a6.jpg

صدر عن دار العين للنشر المجموعة القصصية الأولى للكاتب اليمني وليد الزيادي، والمكونة من (98) صفحة ضمت بين دفتيها (20) قصة قصيرة والقصيرة جداً، كُتبت من عام (2012-2016)، تجسدت في :" لوحة وطن، مـــــــول 2030، سعاد البين، لم تكن وحدها، الخيانة، فلنتاين، لا مبالاة، هيستيريا، غيرة، الهاتف رقم (1)، لعنة عطا الله، سيد تكنولوجيا، رائحة الموت، ثلاجة رضوان، الشوارع الضالة، ضيــاع، الوهــــم، تعب، لص، عـــودة".

بالإضافة إلى مقدمة بعنوان (ثنائية الإنساني والمادي.. قراءة في قصص "الشوارع الضالة" ) للدكتور شريف الجيار أستاذ مساعد النقد والأدب المقارن بآداب بني سويف مصر.

ويقول الكاتب عن هذه المجموعة (إنها تتحدث عن معاناة الإنسان في زمن التكنولوجيا التي تجعله غريباً حتى عن ذاته، فأصبحت معظم العلاقات الإنسانية سطحية ومجردة من المشاعر الحقيقية الصادقة والنابعة من القلب، فهو يبحث عن الحب والسلام في زمن اللا معقول، وعن وطن لا يجده إلا في مخيلته).


كتابي الجديد من الحياة اليومية لمواطن سوري

clip_image004_a115d.jpg

 بعد نشري لكتاب (رحلة حول ثورات الربيع العربي) في نهاية عام 2014 ومن ثم لكتاب (مذكرات الثورة السورية) عام 2017، كان علي أن أبدأ بتجميع مقالات وقصص ومسرحيات قصيرة سبق ونشرتها على الفيسبوك وموقعي الخاص على غوغل بعد انطلاق الربيع العربي، وذلك لوضعها وتوثيقها في كتب ورقية والكترونية رسمية.

     لهذا الكتاب (من الحياة اليومية لمواطن سوري)، والذي قامت دار (أوما غيت) الأمريكية مشكورة بنشره مؤخراً، لهذا الكتاب مكانة خاصة عندي لكونه يوثق أحداث جرت معي شخصياً أو مع أناس قريبين مني بحيث كنت شاهداً على تلك الأحداث، وبالتالي فهي ليست قيلاً عن قيل أو نقلاً عن فلان وعلتان. والكتاب، مثله مثل سابقيه، موجه بشكل رئيسي لأصحاب مقولة (كنا عايشين وماشي حالنا) والذين يقبلون بالفتات والذل طالما أن النظام يسمح لهم بالحياة.

ملاحظة: يحوي الكتاب على العديد من الأمثال الشعبية والمصطلحات العامية السورية فيرجى عدم اعتبارها أخطاءً إملائية.

الكتاب متوفر على موقع أمازون

https://www.amazon.com/Syrian-Citizens-Arabic-Tarif-Youssef/dp/1727002733

موقع الكاتب على (الانترنت) باللغتين العربية والانكليزية

http://sites.google.com/site/tarifspoetry


إصدار جديد للكاتب فراس حج محمد

clip_image006_352db.jpg

عن دار طباق للنشر والتوزيع في رام الله (فلسطين) صدرت مؤخراً المجموعة الشعرية الجديدة لــ "فراس حج محمد"، وجاءت المجموعة تحت عنوان "ما يشبه الرثاء"، وتقع في (194) صفحة من القطع المتوسط.

يتناول فيها حج محمد قضايا وجدانية وسياسية متنوعة، يجمع نصوصها خيط واحد من الحزن والوجع. واتخذ كثير من النصوص من مفردة الحزن متكأ لها سواء في العنوان أم في الحديث داخل النص، فكان هناك قصائد بعنوان "خلايا الحزن، أحزان مدنسة، الوجع المجيد"، في حين تناول في نصوص أخرى مسألة الموت وتمظهراتها في حياته من خلال رثائه لعديد من معارفه من أصدقاء وأقارب، لتصل إلى رثاء نفسه في نص اتخذ عنوان "رثاء".

وترى الكاتبة والشاعرة المصرية سمر لاشين في تعليقها على الديوان أن الشاعر "يرثي كل ما مر به وكل امرأة عرفها يوما, فهذا الديوان يضم أكثر من امرأة وليس امرأة واحدة؛ الأخت, والصديقة, والعشيقة, والمحبوبة, وحتى أولى محاولاته في الحب".

وفي جانب آخر تتناول بعض النصوص قضايا سياسية، يظهر فيها موقف الشاعر من كل ما يحيط به سواء على صعيد السياسة الدولية أو المحلية، وبدا حزينا أحيانا وأحيانا يائسا، فالوضع العام كما:

"عندي لكم خبر من الغيم السديمْ:

ألبدر ليلا قد سقطْ

في فكرة شوهاء، نضّدها العدمْ"

وتنتهي المجموعة بمجموعة من النصوص القصيرة التي يتحدث فيها عن المرأة والشعر والكتابة ليصل إلى قناعة أنه يعيش الوهم حتى في الكتابة. يقول في المقطع "12":

أقلت أنا؟

لعلني أنا هو

غارق في الوهم حتى العظم

بل وهم وراءه وهم وهمّ

جنون حبّ واهم

وسكرة من سوء فهمْ

وإصبعي حطب مجبولة بطينٍ،

دمْ

هذي الكتابة وهمي الأبدي

يا حلوه من وهمْ

ويذكر أن هذه المجموعة هي المجموعة الشعرية الخامسة للشاعر بعد "ديوان أميرة الوجد" وديوان "مزاج غزة العاصف"، وديوان "وأنت وحدك أغنية" وديوان "الحب أن..."، وبعد مجموعة أخرى من كتب النصوص والسرد والمقالات والدراسات.


 

تقديرا لتأثيره العالمي على التحضر المستدام في تخطيط المدن

اتحاد التحضر المستدام يكرم أبوغزاله في نيويورك

نيويورك - يكرم اتحاد التحضر المستدام CSU سعادة الدكتور طلال أبوغزاله، مؤسس ورئيس طلال أبوغزاله العالمية، تقديرا لدوره الكبير في قيادته الفخرية ودعمه للاتحاد ولإبداعه المتواصل في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ولمبادرته العالمية في مجال حماية الملكية الفكرية وذلك في العشرين من الشهر الجاري خلال الاحتفال الأول الذي يقيمه الاتحاد في مدينة نيويورك.

وسيتضمن حفل التكريم خطابا مفتوحا تلقيه وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ميمونة محمد شريف والرئيس التنفيذي لموئل الأمم المتحدة UN-Habitat بالإضافة الى لانس جي براون رئيس الاتحاد بحضور ممثلين عن الحكومات ومنظمات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية بالإضافة الى أكاديميين.

من جهته، قال الدكتور أبوغزاله، الذي يشارك بكل فعالية في أعمال الاتحاد وأحد الشخصيات المهتمة بالتقدم التكنولوجي: "أنا فخور بالعمل الذي أنجزه اتحاد التحضر المستدام في ربط مجتمع المصممين والأمم المتحدة وعامة الناس من أجل تعزيز تبادل والتشارك بأفضل الممارسات والابتكارات في مجال التحضر المستدام."

وعبر الدكتور أبوغزاله عن شكره لهذا التكريم لكل من الاتحاد ومجتمع الأمم المتحدة مضيفا أنه ما زال هناك الكثير من الأعمال التي يتعين القيام بها نحو العالم بأسره معبرا عن استعداده لتقديم خبرات طلال أبوغزاله العالمية ممثلة بمكاتبها ال 110 حول العالم لخدمة أهداف الاتحاد."

كما يكرم اتحاد التحضر المستدام الدكتور طلال أبو غزاله لرؤيته المستقبلية في مجال الانترنت ودوره في تشكيل وخلق المدن الذكية" من موقعه كمؤسس الاتحاد العالمي في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وشبكة رقم 11 والذي سيستمر في تقديم ارشاداته لشركائه المستقبليين.

وتجدر الاشارة الى أن الدكتور أبو غزاله هو رئيس المجلس الفخري لاتحاد التحضر المستدام وهو منظمة غير ربحية مقرها مدينة نيويورك ومعتمد من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، ويهدف الى مناصرة والدعوة الى التخطيط والتصميم المسؤول والمستنير.

وقد جسد الدكتور أبوغزاله شغفه في مجال التكنولوجيا من خلال كتابه الذي صدر مؤخرا بعنوان "العالم المعرفي المتوقد" والذي يجسد رؤيته من خلال حياته العملية وفلسفته حول الثورة المعرفية القادمة والتي ستؤثر على مستقبل الإنسانية.


جائزة الشيخ زايد للكتاب

تعلن عن أسماء الفائزين بدورتها الثالثة عشرة

سلطان بن طحنون آل نهيان: نفخر بإثراء الجائزة للمكتبة العربية وبالإنتاج الإبداعي وتحفيز المفكرين

علي بن تميم: الجائزة تصدرت المشهد الفكري والأدبي وتميزت بالمصداقية العالية  وبالشفافية

أعلنت "جائزة الشيخ زايد للكتاب" اليوم  أسماء الفائزين في دورتها الثالثة عشرة للعام 2018/2019 التي  ضمّت خمسة كُتاب وأدباء عالميين إلى جانب مركز بحوث عربي، تكريماً لنتاجهم  الإبداعي والفكري المتميز الذي يعكس نهجاً فلسفياً وفنياً يسهم في إثراء حركة الكتابة الأدبية والثقافة العربية.

فقد فاز في فرع الآداب  الكاتب والروائي  بنسالم حمّيش من المغرب عن كتابه في السيرة الذاتية "الذات بين الوجود والإيجاد"، الصادر عن المركز الثقافي للكتاب للنشر والتوزيع عام 2018، فيما فاز الكاتب حسين المطوع من الكويت في فرع "أدب الطفل والناشئة" عن قصته "أحلم أن أكون خلاط إسمنت"، الصادرة عن دار الحدائق عام 2018، وفاز الباحث الدكتور عبد الرزاق بلعقروز من الجزائر  في فرع "المؤلف الشاب" عن كتابه "روح القيم وحرية المفاهيم نحو السير لإعادة التّرابط والتكامل بين منظومة القيم والعلوم الاجتماعية"، الصادر عن المؤسّسة العربية للفكر والإبداع عام 2017. فيما فاز الباحث الدكتور شربل داغر من لبنان بجائزة فرع "الفنون والدراسات النقدية" عن كتاب "الشعر العربي الحديث: قصيدة النثر"، الصادر عن منتدى المعارف عام 2018.

أما في فرع "الثقافة العربية في اللغات الأخرى"  فقد فاز الباحث الأكاديمي فيليب كينيدي من المملكة المتحدة عن كتابه "الانكشاف في الموروث السردي العربي"، الصادر عن دار نشر جامعة أدنبره عام 2016. في حين فاز المركز العربيّ للأدب الجغرافيّ "ارتياد الآفاق" في دولة الإمارات العربية المتحدة  في فرع "النشر والتقنيات الثقافية". ‏

من جهته، هنّأ معالي الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان، رئيس مجلس الأمناء لجائزة الشيخ زايد للكتاب، الفائزين بمختلف فروع الجائزة في دورتها الثالثة عشرة، وقال: "يواصل الإبداع الفكري والأدبي حضوره في المشهد الثقافي في أبوظبي، فالإبداع النوعي الذي شهدناه في المشاركات من مفكرين وأدباء على مستوى العالم هو تأكيد على نجاح هذا النهج الذي تمكنا من إرسائه وتعزيزه باسم الأب المؤسس عاماً تلو الآخر".

وأعرب معالي الشيخ سلطان بن طحنون عن فخره بالمستوى الاستثنائي الذي وصلت إليه جائزة الشيخ زايد للكتاب والتي أسهمت في تكريم الإنتاج الإبداعي والفكري الذي يؤثر في حياة الشعوب والمجتمعات، ويحفز المبدعين على توليد أفكار خلّاقة قادرة على دعم العلوم الإنسانية والارتقاء بالثقافة والآداب والحياة الاجتماعية العربية وإغنائها علمياً وموضوعياً.

وأكد سعادة الدكتور علي بن تميم أمين عام جائزة الشيخ زايد للكتاب أنّ الجائزة: "نجحت في تصدر المشهد الفكري والثقافي والأدبي العربي للعام الثالث عشر على التوالي، وخير دليل هو الإقبال النوعي الكبير للمشاركة في هذه الجائزة المرموقة، حتى صارت الجائزة كما هي دوماً اسماً على مسمى لما تتمتع به من مصداقية وشفافية وموضوعية. وأشار سعادته أنّ الجائزة واصلت اتباع منهجية دقيقة في عمليات الفرز والتحكيم خلال الأشهر الماضية، فضلاً عن دور الهيئة العلمية الفاحص لتقارير اللجان، لاختيار وتسمية أفضل الأعمال في هذه الدورة، التي نقّدم التهنئة لأصحابها.

يذكر أنه سيتم الإعلان عن شخصية العام الثقافية خلال الفترة القادمة. وسيقام حفل تكريم الفائزين صباح يوم الخميس الموافق 25 أبريل في مسرح البلازا – متحف اللوفر أبوظبي ، حيث يمنح الفائز بلقب "شخصية العام الثقافية" "ميدالية ذهبية" تحمل شعار جائزة الشيخ زايد للكتاب وشهادة تقدير بالإضافة إلى مبلغ مالي بقيمة مليون درهم. في حين يحصل الفائزون في الفروع الأخرى على "ميدالية ذهبية" و"شهادة تقدير"، بالإضافة إلى جائزة مالية بقيمة 750 ألف درهم إماراتي.

تفاصيل الأعمال الفائزة

فاز بجائزة الشيخ زايد للكتاب عن فرع الآداب كتاب السيرة الذاتية "الذات بين الوجود والإيجاد" الصادر عن المركز الثقافي للكتاب للنشر والتوزيع عام 2018، للكاتب بنسالم حمّيش من المغرب وهو مفكر وأديب، والكتاب سيرة ذاتية له يعرض فيها شذرات من حياته روائيا ومؤلفا، كما يتناول من خلالها مواقف فكرية بلورها عبر مراحل من الكتابة.

يؤكد الكتاب العلاقة المتلازمة بين مساري "الوجود"، المفردة التي حملت أبعادها الفلسفية تأثراً بعدد من الرواد ومسار "الإيجاد" الذي تضطلع به الذات في جدالها مع الشؤون الحياتية والثقافية المختلفة. ويجمع العمل بين الأبعاد الإبداعية المتكئة على خبرة فنية للمؤلف والأبعاد الحوارية المكتسبة لدى الأكاديمي الناقد، فالكتاب يحمل العمق المعرفي والحضاري الذي يقود إلى إعادة القراءة والتفاعل معه.

ومنحت جائزة الشيخ زايد للكتاب عن فرع أدب الطفل والناشئة للكاتب حسين المطوع من الكويت، عن قصة "أحلم أن أكون خلاط إسمنت" من منشورات دار الحدائق عام 2018،  التي  تعالج مسألة الهدم والبناء على نحو ذكي من خلال سيرة "هدام" الذي أمل في التحول إلى خلاط إسمنت، وبين الرغبة والواقع تتولد حكايات ومفارقات وتحولات تكشف العلاقة بين الأمرين على نحو ذكي وتضفي على الأشياء طابع الأنسنة الممتع، حيث كانت لغة النص جميلة، والتحولات كثيرة والرسومات مناسبة وواعية وتجيء ضمن بنية سردية متقنة.

وفاز بجائزة الشيخ زايد للكتاب عن فرع المؤلِّف الشاب الباحث الجزائري الدكتور عبد الرزاق بلعقروز عن كتابه "روح القيم وحرية المفاهيم نحو السير لإعادة التّرابط والتكامل بين منظومة القيم والعلوم الاجتماعية"، من منشورات المؤسّسة العربية للفكر والإبداع، 2017. والكتاب  دراسة فلسفية في اشتقاق المفاهيم والقيم المرتبطة بها وخاصة مفهوم العقل وتطوره تبعاً للمقاربات المنهجية الفلسفية التي تتناوله. وهي تحاول الانتقال  بالعقل من ضيق المفاهيم العلمية الرياضية الديكارتية الصارمة إلى رحابة القيم الروحية والمعنوية والعاطفية واتساعها.

تدل الدراسة على تمرس مؤلفها بمناهج النظر الفلسفية متمثلاً للمفاصل الكبرى في تطور مفهوم العقل في الفلسفة الأوروبية. الدراسة مكتوبة بلغة واضحة وأسلوب علمي دقيق.

كما فاز بجائزة الشيخ زايد للكتاب عن فرع الفنون والدراسات النقدية الباحث اللبناني الدكتور شربل داغر عن كتاب "الشعر العربي الحديث: قصيدة النثر" من منشورات منتدى المعارف عام 2018. ويعمل الباحث في هذا الكتاب على دراسة قصيدة النثر في تطورها وخصائصها العامة من خلال محمد الماغوط وأنسي الحاج وغيرهما. لغة الكتاب علمية تتخللها شواهد في مجمل صفحات الكتاب.

أما جائزة الثقافة العربية في اللغات الأخرى فذهبت للباحث الأكاديمي فيليب كينيدي من المملكة المتحدة، عن كتابه "الانكشاف في الموروث السردي العربي" من إصدارات دار نشر جامعة ادنبره ، 2016. حيث توقف الكتاب  عند دراسة لحظة الانكشاف وأثرها في النصوص السردية العربية. ومؤلّفه فيليب كينيدي مختصّ بالأدب العربي القديم، ويتناول في الكتاب نصوصاً واعمالاً أدبية تراثية، ويتتبّع "الانكشاف" في مختلف النصوص، ويدرسها دراسة مقارنة تتّسم بحيوية ووضوح كبيرين.

وفي فرع النشر والتقنيات الثقافية، فاز بالجائزة المركز العربيّ للأدب الجغرافيّ "ارتياد الآفاق" في دولة الإمارات العربية، وهو مركز بحثي عربيّ مستقلّ وغير ربحيّ تأسّس سنة 2000،  تابع لدارة السويدي الثقافية في أبوظبي. ويعنى المركز بأدب الرّحلات والأدب الجغرافيّ، وينشر نصوصا قديمة وحديثة ذات أهمية في هذا المضمار، إلى جانب نشر الرحلات العربية القديمة في طبعات محقّقة تصحبها مقدّمات أو دراسات وافية. كما يقدّم نصوصاً لرحلات معاصرة قام بها كتّاب عرب، وتضمّ إصداراته ترجمات لرحلات قام بها رحّالة وأدباء أجانب إلى العالم العربيّ، وبدأ المركز مؤخّراً بالسعي إلى نشر الرحلات والدراسات الجغرافية المخصّصة لدولة الإمارات العربية المتّحدة بما يتيح سدّ ثغرة واضحة في هذا الميدان الأدبيّ والمعرفيّ المهمّ. كما أنشأ المركز منذ سنوات جائزة ابن بطوطة للأدب الجغرافيّ التي تُمنَح لأفضل الكتب المؤلّفة أو المحقّقة أو المترجمة في حقل اختصاصه.

نبذة عن الفائزين

بنسالم حميش: مفكر وأديب مغربي، ووزير الثقافة السابق بالمملكة المغربية، حاصل على دكتوراه الدولة من جامعة باريس في الفلسفة، ويكتب بالعربية والفرنسية في البحث والإبداع، ترجمت بعض رواياته إلى عدة لغات، ومن أشهر رواياته "العلامة" التي تتناول سيرة ابن خلدون، وهو أيضاً محاضر في عدة ملتقيات عربية وأوروبية وأمريكية. حصل على الجائزة الكبرى لأكاديمية تولوز الفرنسية عام 2011. وصلت روايته "معذبتي" إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية.

حسين المطوع: كاتب ومصور فوتوغرافي كويتي من مواليد سنة 1989، حاصل على بكالوريوس الأدب والنقد من قسم اللغة العربية بجامعة الكويت، درس الفلسفة كتخصص مساند في المرحلة الجامعية. بدأ حياته شاعراً عام 2009 وشارك في العديد من الأمسيات والمهرجانات الشعرية.  في عام 2015 بدأ بكتابة القصة القصيرة وهي السنة التي فاز فيها بالمركز الأول بمسابقة "شاعر الجامعة وقاصها" على مستوى جامعة الكويت. ومن بعدها اتجه لكتابة القصة والرواية حيث نشر روايته الأولى "تراب" في نهايات سنة 2017. ومن ثم أصدر  قصته الفائزة بهذه الدورة والموّجهة للأطفال بعنوان "أحلم أن أكون خلاط إسمنت" عام 2018.

الدكتور عبدالرزاق بلعقروز: باحث جزائري حاصل على دكتوراه العلوم وفلسفة القيم والمعرفة. أستاذ محاضر في قسم الفلسفة بجامعة سطيف-2 في الجزائر. خبير محكم وعضو الهيئة العلمية لمجلة الجمعية الجزائرية للدّراسات الفلسفية. لديه عدة كتب منها: "تحولات الفكر الفلسفي المعاصر أسئلة المفهوم والمعنى والتواصل"، صادر عن منتدى المعارف في بيروت عام 2018، وكتاب "من أجل المعرفة: مفاتحات حوارية مع الذّات والكتاب،" من منشورات الوطن، الجزائر عام 2017.

الأستاذ الدكتور شربل داغر: أستاذ في جامعة البلموند في لبنان، وخريج جامعة السوربون الجديدة، ويحمل شهادتَي دكتوراه في الآداب العربية الحديثة وفي فلسفة الفن وتاريخه. له ما يزيد على ستين كتاباً باللغتين العربية والفرنسية. أمّا في الأدبيات فله العديد من المنشورات منها، "العربية والتمدن في اشتباه العلاقات بين النهضة والمثاقفة والحداثة"، من منشورات دار النهار للنشر، مع منشورات جامعة البلمند عام 2009، وكتاب "الشعر العربي الحديث: قصيدة النثر" الفائز هذا العام بجائزة الشيخ زايد للكتاب، وهو من منشورات منتدى المعارف، بيروت عام 2018.

فيليب كينيدي:  أستاذ من المملكة المتحدة، متخصص في دراسات الشرق الأوسط والدراسات الإسلامية، حاصل على شهادة الدكتوراه في الشعر العربي الكلاسيكي، والماجستير في دراسات الشرق الأوسط، ويعمل على إنجاز "مخطوطة كتاب" بعنوان "التقديرات الإسلامية"  وهي دراسة تصنيفية لنظرية المعرفة السردية التي تركز على القرون الوسطى.

المركز العربيّ للأدب الجغرافيّ "ارتياد الآفاق": مبادرة ثقافية إماراتية أسسها قبل سنوات الشاعر والأديب الإماراتيّ محمد بن أحمد السويديّ، واشتمل مشروعه على إنشاء دار ثقافية هي "دارة السويديّ الثقافية" التي نشرت عدداً كبيراً من الرحلات العربية القديمة والحديثة فيما يزيد على ستين كتاباً، كما انطلقت من هذا المشروع الرائد مبادرة ملهمة أخرى هي تأسيس "المركز العربيّ للأدب الجغرافيّ"، التي تمنح سنويًّا "جائزة ابن بطوطة" لأفضل الإصدارات في مجال سرديات الرحلة ونقدها، ومن إنجازات المركز العربي للأدب الجغرافيّ إصدار " ببليوغرافيا" شاملة تتمثل في كتيب كلّ ما أنجز في مجال المطبوع الرحلي تحقيقاً ونقداً وإبداعاً، إلى جانب استقطاب الكفاءات لإنجاز مشروعات رصينة من خلال الندوات العلمية الكبرى التي يعقدها المركز العربيّ للأدب الجغرافيّ سنويًّا. 


اجتماع عام لاتحاد الكتاب والأدباء العرب الفلسطينيِّين في الداخل

في بيت الشاعر سليمان دغش في قرية المغار

حاتم جوعيه

بدعوة وبترتيب من الشاعر والأديب الفلسطيني الكبير سليمان دغش - سفير فلسطين في حركة شعراء العالم وأحد مؤسسي اتحاد كتاب وأدباء فلسطينيي الداخل (48) أقيم في قريةِ المغار مساء يوم الجمعة 15 /3/ 2019 اجتماعٌ كبير لأعضاء اتحاد الكتاب والأدباء العرب الفلسطينيين العام في الداخل. حضرهُ عددٌ كبيرٌ من الشعراء والأدباء، وتمَّ التباحثُ فيه في أمور وقضايا الأدب والثقافة بشكل عام، وتمت فيه مناقشةُ موضوع وقضيَّة دمج اتحاد الكتاب الفلسطينيِّين ( 48) مع اتحاد الكرمل وتحت اسمه : (اتحاد الكتاب الفلسطينيين الكرمل ) . وقد أكّدَ جميعُ الحضور والمشاركين في هذا الاجتماع أنَّ هذا الدمج باطل من أساسهِ فما من أحد من اتحاد كتاب فلسطينيي الداخل يمتلك أية شرعية دستورية لعقد أي اتفاق أو صفقة سيما وأن ولاية الرئيس والإدارة انتهت في شهر 8/2018 ولم يتم عقد المؤتمر العام وانتخاب هيئات دستورية مخولة لتمثيل الاتحاد ناهيك عن استبعاد أكثر من نصف الإدارة المؤسسة للاتحاد عن مناقشات الوحدة الهجينة التي فرضة تلبية لأجندة سياسية وتدخل سافر في استقلالية وحرية الجبهة الثقافية واتحاد الكتاب التي يجب ان تبقى مطلقة، مؤكدين رفضهم القاطع لصفقة الدمج التي الغت عملياً وجود اتحاد الكتاب الفلسطينيين في الداخل(48) والمعترف به عربيا من قبل الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب واختزلته في اتحاد كتاب الكرمل المنشق أصلاً، علماً أنّ صفقة الدمج جاءت بتوجيهٍ وضغط من جهةٍ سياسيَّةٍ لتسييس الثقافة وحرف بوصلتها عن مسارها وهدفها وجوهرها الحقيقي وبوصلتها الوطنية التي يُفتَرَض أن تُشيرُ إلى فلسطين والقدس ليس إلا، فالثقافة هي الجبهة الأهم في الصراع مع النقيض الاحتلالي بوصفها ضمير الأمة وحارسة الحلم المقدس لشعبنا الفلسطيني وحقه في العودة والعيش حراً أبياً على أرضه التاريخية وترابهِ الوطني ونرفض رفضا قاطعا التدخل السياسي لأيَّة جهة كانت سواء في الداخل أو في مناطق السلطة (حدود 67) لتجيير وتدجين وتهجين الثقافة الفلسطينيّة وجرّها الى خانة التطبيع والاستسلام والهزيمة. وتمَّ التأكيد في الاجتماع على رفض أيِّ شكل من التطبيع الثقافي مع النقيض الاحتلالي الذي يهدفُ ويسعى إلى خلخلةِ مكانة أدبِ المقاومة واختراقهِ وتجييره لصالح أجندةِ الاحتلال الذي يسعى بشتى الوسائل لتشويهِ ثقافتنا الوطنيَّة التي عليها دائما الاشتباك معهُ والتّصدي لمخطّطاته الجهنمية وفضح زيف روايته المبنيَّة على الأساطير والخرافة لإجهاض الحقِّ الفلسطيني الشرعي على أرضهِ وترابهِ الوطنيِ وتغييب قضيته وشطبها نهائياً من المشهد الدولي تماهيا مع صفقة القرن الامريكية لتصفية القضية الفلسطينية. وناشدَ أعضاء الاتحاد العام للأدباء والكتاب الفلسطينيين في الداخل في اجتماعهم اليوم في بيت الشاعر سليمان دغش كافّة الكتاب والأدباء الذين يشاركوننا وجهة النظر والموقف الثابت على ثابت فلسطين بكل ما يتعلق بالثقافة الفلسطينيَّة الوطنيَّة غير القابلة للانحراف والخنوع والاستسلام لأجندةِ النقيض الاحتلالي التي تهدف الى تدمير ثقافتنا الوطنية المقاومة المنطلقة من وجودنا الراسخ كالسنديان على أرضنا التاريخيَّة، أن يبادروا إلى الانضمام لاتحادِنا الشرعي المعترف به عربياً وفلسطينياً حتى يواصلَ المسيرةَ وحمل راية الثقافة شامخة خفاقةً عالية في سماء الوطن حرَّة ومستقلة بوصلتها فلسطين . ولا بدّ لنا أن نشيرُ انَّ اتحادَنا الشرعي يحظى بتأييد واسع ودعم كبير من كافة اتحادات الكتاب الفلسطينيِّين في الشتات وعلى رأسِها سوريا ولبنان الذين وَجَّهُوا لنا رسائل داعمة ومؤيدة وحمَّلونا أمانة حماية ثقافتنا الواحدة الموحدة من الانحراف إلى متاهات ومسارات مضلّلة لا تخدم قضيَّتنا المقدَّسة.  


حيفا تحتفي برهين الجسد فادي أبو شقرة!

آمال عوّاد رضوان

clip_image002_499aa.jpg

clip_image004_8c75c.jpg

أمسية أدبيّة مغايرة وبنكهة خاصّة للمبدع فادي بديع أبو شقرة، أقامَها منتدى حيفا الثقافي بتاريخ 14-3-2019، في قاعة كنيسة مار يوحنا المعمدان، وتحت رعاية المجلس الملي الأرثوذكسي الوطني، وذلك احتفاءً بباكورة إبداعه (رهين الجسد)، وسط حضور كبير من أدباء وأصدقاء وأقرباء، وقد ازدانت أطراف وزوايا القاعة بلوحات الفنانة فاطمة رواشدة، وبعد أن رحّب المحامي فؤاد نقارة مؤسس ورئيس المنتدى بالحضورـ تولت عرافة الأمسية خالدية أبو جبل، وتحدث عن الكتاب كلّ من: د. راوية بربارة عن قناع الكاتب في النّصّ السّيْرذاتيّ، ود. محمد هيبي عن فادي أبو شقارة، "رهين الجسد" طليق الفكر والرّوح!، ثمّ ختم اللقاء المحتفى به، شاكرا المتحدثين والمنظمين والحضور، وقد تخللت الأمسية مداخلات غنائية للفنان عبدالسلام دحلة من تلحينه وصوته، ثم تمّ التقاط الصّور التذكارية!

مداخلة العريفة خالديّة أبو جبل:

أمسيتنا اليوم ليست ككُلِ الأمسيات، فهي أدبيّةٌ نعم، ومن النّوع الثّقيل. لكنّها مُميّزةٌ بالابتسامةِ الّتي ستحملونَها حين مُغادرتِكم، وأنتم تعيشونَ أرقى وأعظم حالات الإرادة والعزيمة والأمل، وأنتم تَلْمسون بأياديكم روح الحياة، من خلال روايةٍ حرّرت صاحبَها من أنّاهُ، كَسرَ القيد، وأطلق الصّرخة، فصار الكون مداه.

"الوقوف، المشي، الرّكض، ارتداء الملابس والأحذية، الاستحمام، صعود الأدراج، تسلق السّلالم، القفز بالحبل، السّباق جريًا، تسجيل هدف في المرمى، تصويب كرةً في السلة، ضرب كرة تنس بالمضرب، الغوص، السّباحة، التزلج، الرّقص، الدّبكة، الملاكمة، الكراتية، ركوب الخيل، الدّرّاجة، الأرجوحة، السّواقة، تقبيل فتاةٍ، الزّواج بها، ممارسة الجنس معها، إنجاب أولاد منها، تربيتهم، رؤيتهم يكبرون، الافتخار بهم وبالأحفاد، لن تكون لي حفلة خطوبة، ولا حفلة زواج، لن أكون أبو فلان . أسمّيها "قائمة المُحرّمات: حقوق أساسيّة تولد مع كلّ مُعافى، أنا مُعاق، هذه الحقوق بالنّسبة لي تَرَفٌ، لا تحظى به إلّا الطبقة المختارة المميّزة، وأنا لست منها".

فماذا تراك اليوم صديقي وأخي العزيز فادي، وأنت بين هذه الطبقة المُختارةِ المميّزةِ من الأدباء والشّعراء، وأصحاب الفكر والقلم، جاؤوا يحتفون بك وبرائعتك "رهين الجسد" الّتي أهديتها لكلّ البشر، لتكون رسالة إنسانيّة توقظ الضّمير من سباته، فيستحق اسم البشر. نعم، عَرَفْتَ طريقَكَ ، ووَقَفْتَ بقلمك منتصبًا، وظِلُّكَ من خلفك طويلٌ طويل.

مداخلة د. راوية بربارة بعنوان: قناع الكاتب في النّصّ السّيْرذاتيّ

مساؤكم آذاريّ. كان قد احتفى فادي قبل أيّام، تحديدًا يوم الثامن من آذار بذكرى ميلاده، أوَتظنّونها صدفة أن يولَد فادي في يوم المرأة، ذاك اليوم الّذي راح ضحيّته مئات النساء حرقًا؟ ذاك اليوم الّذي يشهد على تضحية المرأة في كلّ مجتمعٍ بطريركيّ، أوَ ليست هي رهينة العاداتِ والتقاليد وتعاني من صلافة تعامل المجتمع ونظراته؟ أوَ ليس الفقراء في عالمنا والمحرومون الحياة والجوعى هم رهناء ذلّهم؟ أوليس العاقلُ رهينَ عقلِه، على حدّ قول الشّاعر:

ذو العقل يشقى في النّعيم بعقله         وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم

لم أجد مرتاحًا جادَ وأبدعَ، فالإبداع الحقّ يولدُ مِن قلبِ المأساةِ غيريّةً كانتْ أو شخصيّة؛ فهل أبدعَ بيتهوفن أجمل موسيقاه إلّا والصّمم قد سرقه الاستمتاع بلذَة ما أنتج؟ وهل أبدعَ رهينُ المحبسيْن مِن فراغٍ فلسفيّ أم من شقائه في العمى والدّار، وعلى حدّ قوله: رهينُ المحابس الثّلاثة أنا: العمى والدّار والجلد الخبيث، وعلى علّاته أصبح فيلسوفَ الشّعراء وشاعرَ الفلاسفة، وترك لنا إرثًا أدبيّا وتراثًا نتوارثُهُ ونفخرُ به.

وأنت فادي، ماذا تركتَ بين أيدينا؟ تركتَ جرحًا مفتوحًا لا تقوى السّنونُ على تضميدِهِ، لأنّك حفرتَ عميقًا في الوجدان أخاديدَ حزنٍ ومجاريَ دموعٍ، كيف تجرّأتَ وعرّيْتَ كلَّ ذاك الألمِ، وألبستَنا رداءَ الغباء والعار؟ كيف تجرّأتَ ورششتَ بحبركَ الملحَ فوق جراحِنا ففتّقتَها؟

كم كنّا نظنّ أنّنا نُعاني الألمَ، لكنّ صرختَكَ أخجلتْ أَلَمَنا، ما أصعبَه من وصفٍ يَنطقُ صدقًا، حين وصفتَ ألمَك الجسديّ والنّفسيّ والاجتماعيّ:

"الآلامُ الجسديّة الّتي ترافقُ الإعاقةَ لا تُطاقُ. الجلوسُ لفترةٍ متواصلةٍ يُؤدّي إلى آلامٍ في الفخذيٍن، ومِن هناكَ يتصاعدُ الألمُ إلى الظّهر حتى يحتلَّ جسديّ كلّيًّا. وكذلك الأمرُ خلالَ أوقاتِ النّوم، فأحتاجُ إلى تغييرٍ في وضعيّةِ النّوم والجلوس من وقتٍ إلى آخر. ما عانيتُهُ في طفولتي كافٍ ليُدمّر حياةَ أيّ معاق.. تحديقاتُ النّاسِ وتعليقاتُهم المُشفقةُ تارةً، والسّاخرة تارةً أخرى، الّتي لا أدري أيّها مهينة أكثر، مع الآلام الجسديّة والنّفسيّة النّابعة من العجز والنّقص واليأس والإحساس بالدّونيّة والظلم، والأسئلة المتكرّرة لماذا أنا؟ أيُّ ذنب اقترفتُه؟ هل سأُشفى لاحقًا؟ كيف سيُعاملني المجتمع؟ كيف سأتحمّلُ مصيري؟ هل أحاولُ أم أستسلمُ للواقع؟ عشتُ كابوسًا لا يقدرُ كلُّ صاحبِ إعاقةٍ تجاوزَه".

 ولعلّك أيّها الرّاوي بعدَ أن أخذتَنا في رحلةِ عذابِكَ، أصبحنا فلاسفةً من الألم ومن التّأمّل، وتَذكّرنا الفيلسوفَ والمفكّرَ الفرنسيَّ ميرلوبونتي الّذي أخذَ الإنسانَ، انطلاقًا مِن واقعِهِ المَعيش، فكرةً وجسدًا وعقلًا وعاطفة ووعيًا ولا وعي، مُحاولًا أن يَجمعَ بينَ التّجربةِ المَعيشةِ والتّأمّلِ الفكريّ، وبناءً على هذا الموقفِ، طرحَ فلسفةَ الالتباس الّتي لا تريدُ أن تَحِلَّ المُشكلات، بل أن تُدرّسَها بعُمقٍ أكثر، وقال إنّ الوجودَ الإنسانيّ هو رهينُ الجسد، (أو بالأحرى البدن كمظهر خارجيّ)، فالإنسانُ لا يتعرّفُ إلى العالم، ولا يتعرّفُ إليه العالمُ إلّا باعتبارهِ جسدًا/‏ لحمًا .وهذا ما فعلَهُ الكاتبُ الضّمنيّ، فقد طرحَ في روايتِهِ فلسفةَ الالتباس، فلم يَطرحِ السّيرذاتيّ ليبحثَ عن حلٍّ، بل ليُريَنا العالَمَ مِن وجهةِ نظرِ إنسانٍ، تعرّفَ إلى الدّنيا الّتي أفقدتهُ الجسد السليمَ، فرآها بمنظاره، وأرانا إيّاها حين تدير ظهرها لإنسانٍ، وأراها كيف عامَلَها وواجهها حتّى أعطته وجهها بعد أن أبدع، بعد أن تماهى الكاتبُ الحقيقيُّ معَ الكاتبِ الضّمنيّ مع الشّخصيّةِ المركزيّة، فالتبستْ علينا نقاطُ التّقاطُع مع نقاطِ الانفصال، وكثُرتْ نقاطُ التّماسِ بينَ الرّوائيّ وبين السّيرذاتيّ، وقد تجلّتْ هذهِ النّقاطُ في التّقاطُعاتِ بين شخصيّاتِ الرّوايةِ وتجاربِها الحياتيّةِ المُشتركة، الّتي جمَعَها ذلك الجسدُ الضّعيفُ فقوّاها وجمّعها، فتناوبتْ على السّردِ، كي نرى الواقعَ مِن وجهاتِ نظرٍ مختلفةٍ؛ فكم مرّةً رأينا مروانَ يُدافعُ عن حقِّ مراد بالحياةِ الحرّةِ الكريمةِ، فيُهدّدُ ويتهجّمُ ويُقدّمُ الجسدَ لأخيهِ؟ كم مرّةً سيُقدّمُ الدّفاع؟ كم مرّةً سينجح؟ كم مرّةً سيكونُ هذا البديلُ الجسديّ نافعًا وكافيًا وسادًّا مَسدَّ الحاجة؟ هذا تركَنا كقرّاء نتساءَل:

هل نستطيعُ أن نُعوّضَ إنسانًا ما فقدَهُ؟ هل المحبّةُ تكفي؟ هل العينُ بعدَ السّمعِ تكفي مكانَهُ، أم السّمعُ بعدَ العين يَهدي كما تُهدي؟ هل استطاعَ مروان أن يحميَ حبيبةَ مراد، وأن يَقيهِ هذا العجزَ النّفسيّ؟ هل استطاعَ أن يُعينَهُ على مشاعره:

"كانت لحظة شَعَرْتُ فيها بالعجز، شعرتُ أنّ الإعاقةَ الّتي ألفتُها وألِفَتْني، عادت تُقيّدُني جسديّا ونفسيًّا، كما قيّدتْني في طفولتي! شعرتُ بعارٍ شديد، خجلتُ من نفسي، كرهتُ نفسي، كرهتُ القدَرَ، إنّه يُهينُني ويَستحقرُني مرّةً أخرى! أيُّ حبيب أنا؟ أرى حبيبتي تُضربُ أمامَ عينيَّ ولا أدافعُ عنها؟ آه لو كنتُ أمشي! لو أعطاني اللهُ هذهِ المعجزةَ لنصفِ ساعةٍ، لا أطلبُ أكثرَ مِن ذلك، نصف ساعة فقط، لأمْسَكْتُهُ وارتكبْتُ جريمةً بحقّه!"

وأسألكُم أنا: هل الحبُّ هو الّذي يفضحُ ضَعفَنا، ويُكبّلُنا ويُحوّلُنا جميعًا إلى مُعاقي مجتمعٍ؟ أسئلةٌ كثيرةٌ تطرحُها الرّواية، تتركُنا مُتأمّلينَ تلكَ اللّحظاتِ الّتي تُغيّرُ مَجرى حياتِنا. إنّ تَناوُبَ السّردِ في الرّوايةِ برأيي، وُظّفَ للمقارنةِ، بل للمفاضلةِ، فأيُّ السّاردينَ وضعُه أفضل؟ الأمّ الّتي ضحّتْ بعمَلِها وخصوصيّتِها وحياتِها بكلِّ سعادةٍ من أجلِ عائلتِها، أم الأب الّذي علّمتْهُ الحياةُ أن يُبرمجَ حياتَهُ على وقعِ حياةِ الآخرين؟

 تلكَ المفاضلةُ الّتي عقدَها الرّاوي بينَ مروة ومراد؛ رأينا فيها مروة تشرحُ لنا حبَّها وعِشقَها وألمَها من خيباتِ القدَر، وكيفَ تحوّلتْ هي أيضًا لمُستهدَفٍ رهينِ أفعالِهِ ورهينِ المجتمع، وتناقشَتْ مع مراد عن أيُّهُما أصعبُ في هذا المجتمع، أن تكونَ رهينَ إعاقةٍ جسديّةٍ، أم نفسيّةٍ أم اجتماعيّةٍ، في ظلِّ مجتمعٍ يُصبحُ فيهِ الرّافضُ للخيباتِ مُعاقًا وعاقًّا، وممّا وردَ على لسانِ مروة:

"أنْ تكوني امرأةً في مجتمعٍ عربيّ يعني؛ أنْ تكوني في القاع. أنْ تكوني امرأةً مُطلّقةً يعني؛ أنْ تكوني معدومةَ الوجود. تجادلتُ مع مراد كثيرًا في سياقِ هذا الموضوع: مُجتمعُنا مَن يحتقرُ أكثر؟ امرأةً طلّقها زوجُها، أم شخصًا ذا إعاقة؟ أقول له: إنّ أوّلَ إحساسٍ يُثيرُهُ المعاق هو الرّثاء والشّفقة، أمّا أوّلُ إحساسٍ تُثيرُهُ المُطلّقةُ هو الاحتقار. وهو يَردّ: إنّ موضوعَ الطّلاقِ يتمُّ نسيانُهُ بعدَ فترةٍ، أمّا المُعاقُ فَيبقى مُعاقًا في نظرِ المجتمع. أقول له: يوجدُ يومُ المُعاقِ العالميّ، ولا يوجدُ يومٌ للمطلّقة، فَيردّ قائلًا: لو سافرنا إلى بلادٍ غريبةٍ، سيَروْنَهُ مُعاقًا ولن يَعرفوا أنّي مُطلّقة. أقول: إنّ الطّلاقَ تركَ وصمًا على جَبيني. يقولُ: إنّ الإعاقةَ وصْمٌ على جبينِهِ وجسدِهِ وقلبِهِ.."

 ويعودُ الرّاوي ليستلمَ زمامَ السّردِ الّذي أفلتَ مِن ضميرِ (هو وهي وهم وأنتم)، وانطلقَ بضمير (الأنا)، مُتجرّئًا على البوْحِ والتّصوير، مُعبّرًا، صارخًا، ساخرًا، ذلكَ أنّ الكتابةَ مَنفسٌ ومهرَبٌ وداءٌ ودواء؛ والجسدُ الرّهين حرّرَهُ الحبرُ مِن مأساتِهِ وألمِهِ، من صمتِهِ وإعاقتِهِ، مِن تخاذُلِ التّعامُل المجتمعيّ معه ونحوه، ذاك المجتمع الّذي يُحاصرُهُ:

"مُعاقون، مُعَوّقون، ذوو احتياجاتٍ خاصّة، ذوو قدراتٍ خاصّة، ذوو الإعاقة، ذوو القلوب الطيّبة، ذوو الهِمَم العالية، لا أفهمُ لماذا يَبذلُ كلُّ النّاس والمُؤسّساتِ الحكوميّةِ والصّحّيّة الطاقةَ، لإعطائنا لقبًا يُميّزُنا عن غيرنا، وكَأنّ الفرقَ الواضحَ الصّارخَ المُهينَ من ناحيةِ الحقوقِ غيرُ كافٍ؟! نطالبُ بالمساواةِ حتّى في الاسم. لا نريدُ اسمًا ولقبًا خاصًّا!

هل ننادي الأشخاصَ الّذين يُعانونَ من السُّمنةِ بذوي الدّهون الزّائدة، أو أصحاب الأوزان المرتفعة، أو ربّما أصحاب الشّهيّة المفتوحة؟ وكيف ننادي مَن يُعانونَ مِن قِصرِ القامة؟ ذوي الطول المنخفض، أو ذوي الارتفاعات المقصوفة، أو ربّما أصحاب القامة المتواضعة؟ وماذا عمّن بشرتُهُم سوداء؟ هل هم ذوو الغلافِ المُظلم، أو أصحابُ الجلدِ القاتم، أو ربّما أصحابُ البشرةِ المُتميّزة؟"

بهذا الطّرحِ الصّريحِ الجريءِ يُواجهُنا الرّاوي المُتلبّسُ بروحِ الشّخصيّةِ المركزيّة، مُعلِنًا أنّ الحياةَ مسرحٌ، والمُعاقَ لا يمكنُ أن يكونَ البطل. لا يمكنُ أن يكونَ الشّخصيّةَ المركزيّة.

وكيف عوّض الكاتب عن البطولة المفقودة؟ عوّضَ عنها بالكتابةِ. أصبحَ كاتبًا بطلًا بجرأتِهِ وطروحاتِهِ، فلنسمعْ صوتَ الرّاوي الواصفَ مسرحَ الحياة:

"في مسرحِ الحياةِ أنتظرُ خلفَ الكواليسِ فرصةً لن تأتيني وحدَها. على ملعبِ الحياةِ أجلسُ على دكّةِ البُدلاءِ. مصيري بيدِ المدرّب. في فيلم الحياةِ أنا كومبارس.. موجودٌ وغيرُ مَحسوس. على شجرةِ الحياةِ أنا ثمرةٌ تتدلّى على غصنِها، توشكُ على السّقوط ولا يَقطفُها أحد. في خزانةِ الحياةِ أنا ثوبٌ بالٍ مُهترئِ، بينَ مجموعةِ ملابس لأشهرِ مُصمّمي الأزياء. في غابةِ الحياةِ تمَّ مَحوُ صفحتي، ويجبُ إعادة كتابتِها وأنا الوحيدُ الّذي يَملك القلم. الحياةُ هي أكبرُ درسٍ لنا، ما نتعلّمُهُ مِن تجاربها لا يمكنُ للكتبِ أنْ تعلّمنا إيّاه. في البدايةِ نكونُ كالطّينةِ بين يديْها، وما نتعلّمُهُ في صِغرِنا مِن مغامراتِها ومِن المجتمعِ المُحيطِ بنا، يَرسخُ في عقولِنا وقلوبنا ويَبني شخصيّاتِنا. قدّمتْ ليَ الحياةُ جسدًا معاقًا، بكلّ ما يَحملُ معهُ مِن وجعٍ وعجزٍ وحرمان.. كُتِبَ عليّ أنْ أُحاربَ وأُصارعَ وأُقاوم، أنْ أتحمّلَ وأصمدَ وأصمت، وأنْ أُواظبَ لأصلَ إلى نفسِ النّقطةِ الّتي وصلَ إليها غيري دونَ جهدٍ أو بجهدٍ أقلّ. حياتي عبارة عن حرب على ثلاث جبهات: الجسد، المجتمع والرّوح. يحتاجُ الصّراعُ في كلّ جبهةٍ منها إلى أساليبَ وأسلحةٍ مختلفة، ويتركُ في جسديّ وقلبي نَدَباتٍ متفاوتةَ العُمق. كُتِبَ عليّ الصّراعُ حتّى لحظة الوداع.."

وأسألك فادي:

كيف يتركُ لنا القدَرُ علاماتٍ على المفارق؟ كيف يُسمّى هذا الكاتب فادي ويكون رهينَ جسدٍ؟ كيف فدانا الفادي بجسدِهِ، لنصبحَ أحرارًا من خطيئتِنا؟ هكذا فدانا فادي أبو شقارة، لنُحرّرَ مفاهيمَنا العقيمةَ نحوَ غيرنا مِن البشر. ونحنُ الآنَ نصومُ ونتذكّرُ مَن صامَ عن حلاوةِ الدّنيا. ونحن الآن نصومُ، نفهم أنّ كلًّا منّا يحملُ صليبَهُ ويسيرُ في هذه الدّنيا. ونحنُ الآن نقرؤُكَ، نفهم أنّ الحياةَ إرادةٌ، وأنّ الإبداعَ مُنقذٌ، وأنّ تبادلَ الهمّ يُخفّفُ مِن وطأتِهِ. كم كان جميلًا أن تُشاركَنا إبداعَك، وأن يَنضحَ كتابُكَ بتجربةٍ نضجتْ وأصبحتْ نبيذًا أدبيّا مُشتهى. تابِعْ مسيرتَكَ الإبداعيّةَ وطوّرْ أدواتِكَ يا فادي، ولا تُقوقعْ نفسَكَ لا في إعاقةٍ جسديّةٍ، ولا في غيرها من نظراتِ المجتمع، فنحنُ ننتظرُ عطاءَك القادم.

مداخلة د. محمد هيبي بعنوان: فادي أبو شقارة، "رهين الجسد" طليق الفكر والرّوح!

أهداني الكاتبُ فادي أبو شقارة باكورةَ أعمالِهِ الرّوائيّة "رهين الجسد". روايةٌ تمتّعتُ بقراءتِها، فهي روايةٌ تتمتّعُ بقسطٍ وافرٍ مِن الجَمال، لتَماسُكِها من حيثُ شكلِها وبناؤها وجرأة مضمونها. ويكفيك فخرًا يا فادي، أنّني أثناء قراءتي، شعرت أنّني أنا المُعاقُ ولستَ أنت. نحن جميعا، بشكل أو بآخر، رهناء أجسادنا، لكن لسنا جميعًا قادرين على الانطلاق بفكرنا وأرواحنا كما فعلت أنت. السّجن بلا جدران، قد يكون أقسى ألف مرّة، من السّجن بين الجدران وخلف القضبان. فقد شعرت أثناء قراءتي، كم أنت قادر على الانطلاق، بينما كنت أنا مُقعدًا رهين جسديّ وروايتك". وعليه، فأنا أجد في "رهين الجسد"، رواية جريئة كشفت عُرْيَنا وفضحَتنا، نزعت الأقنعة عن وجوهنا، وأزالت الألوانَ المزيّفة عن وجوهنا الممكيجة. 

"ما الإنسان"؟ سؤال فلسفي حيّر الكثيرين، وأهمّهم الفلاسفة والأدباء، لأنّ الأدبَ لا يكون إنسانيًّا، إن لم يبحث عن إجابة له. وفلسفة رواية "رهين الجسد"، أنّها حقّقت أدبيّّتها وإنسانيّتها بمُساهمتها الجادّة في الإجابة عن هذا السّؤال. فهي قصّة الإنسان العاجز أمام الطبيعة، وليس بالضّرورة جسديّا، وشغله الشاغل أن يبحث عن سبيل للخلاص من عجزه. وهذا ما يقوم به فادي الّذي بدأ في مرحلة ما، بعد ولادته، يعي معاناته، ليس بشكل ذاتيّ من خلال إعاقته فقط، وإنّما من خلال علاقته بالآخر، وما سبّبته تلك الإعاقة للآخرين من ألم وصراع ومعاناة. خاصّة أولئك الّذين تعالوْا فوق جراحهم، ووقفوا منتصبين أمام قدرهم، يُضحّون بكلّ نفيس، ماديًّا ومعنويًّا، ليلبّوا لفادي ولبطل روايته احتياجاته، لا ليخفّفوا من عجزه ومعاناته فقط، وإنّما ليقنعوه: أنت مثلنا ولا تختلف عنّا، أنت رهين جسدك ولكنّك لست عاجزًا. وهي قصّة الإنسان، الّذي مَهما ضاقت به الدّنيا، لا يستطيع أن يتخلّى عن إنسانيّته، فيبحث عن سعادته في سعادة أخيه الإنسان. كم كان بوسع الأب والأمّ والأخ والأخت، أن يتخلّوْا عن ذلك المولود المنذور لشقائه وشقائهم، وأن يتخلّصوا منه أو يتركوه لقدره في المستشفى؟ أوليس هناك من فعلها استسلامًا لإنسانيّته العاجزة؟

وكم كان بوسع الأصدقاء والزّملاء كذلك، أن يتخلّوْا عن ذاك الصّديق المعاق الّذي يُقيّد حركتهم، بقيد حركته الّذي لا ذنب لهم فيه؟ ولكن لا شيء استطاع أن يُقيّد مشاعرهم الإنسانيّة، بل زادها تدفّقا لتُترجَم أعمالًا، أقلّ ما يُمكن أن يُقال فيها: إنّها التّضحية الإنسانيّة التي لا هدف لها إلّا سعادة الإنسان وتخفيف معاناته. تلك هي متعة التّضحية التي تكره العجز الإنسانيّ، ولا تألُو جهدًا للخلاص منه. هذا هو الإنسان، الّذي يبحث عنه الأدب في دواخلنا، ليحرّرنا ويحرّر الإنسان عامّة. ولذلك، تجيء هذه الرّواية، فعلا إنسانيّا يحمل هدفيْن سامييْن على الأقل: الأوّل تحرير كاتبها من نير إعاقته، والثاني وربّما الأهمّ، تحمل اعترافه بفضل أولئك الّذين غمروه بإنسانيّتهم وحدّوا من معاناته.

سأتوقّف ما استطعت في هذه القراءة السّريعة، عند عتبات النّصّ وعناصر مبناه. كلّ ما يسبق النّصّ، من الغلاف حتى بداية النّصّ، نعتبره عتبة من عتباته. وكلّها ملامح ميتاقصيّة، من أبرز أهدافها هو أنّ إعلان الكاتب للقارئ: أنا موجود في النّصّ، ولي صلة وثيقة بكلّ ما يحدث فيه. وقد أتيتُ بهذه العتبات والملامح الميتاقصيّة لتفضح وجودي.

*العتبة الأولى هي لوحة الغلاف، لوحة فاضحة، سواء أرادتها مصمّمة الغلاف كذلك، أم لم تُردها. مضمون الصورة والألوان فيها يتقاطع مع ما جاء في النّصّ وفي عتبات أخرى، العنوان والعتبتين (ص 9 وص 11). في لوحة الغلاف، شخص بلا ملامح، تفضح إعاقته العربة التي يمتطي صهوتها، أو الـ "وينجز"، كما يُسمّيها الكاتب في النّصّ. وإلى يمينه، أشخاص بلا ملامح أيضًا، يُصفّقون، بينما الخلفيّة، أشجار سوداء يابسة يتخلّلها لون برتقاليّ، يُحيل إلى النّور الّذي سيُبدّد السواد والظلام. أعتقد أن مصمّمة الغلاف، وسواء كان ذلك من خلال فهمها للنص، أو من خلال معرفتها بالكاتب، فهمت نفسيته، أو نفسية الرّاوي والبطل، بما فيها من سوداوية بدّدها ذلك الدعم الّذي يُحيل إليه التصفيق من أناس معروفين وغير معروفين، لذلك تركتهم مصمّمة الغلاف بلا ملامح.

*العتبة الثانية، عنوان الكتاب، "رهين الجسد"، فاضح أيضًا. كأنّ الكاتب يصرخ هذا أنا. وحتى القارئ الّذي لا يعرف فادي، قد يُحيله العنوان مع لوحة الغلاف إلى أنّ الكاتب من ذوي الإعاقة. ومهما كانت قدرة القارئ على الملاحظة قليلة، لن يعجز عن فهم ذلك، أو التفكير فيه على الأقلّ.

*العتبة الثالثة كذلك فاضحة. تصريح الكاتب حول الرّواية: "أيّ تشابه بين الشّخصيّات الواردة في القصّة وأيّ شخصية على أرض الواقع هو محض صدفة.. أو لعلّها مقصودة.. أترك لكم الحكم" (ص9). العبارتان الأخيرتان، "أو لعلّها مقصودة.. أترك لكم الحكم"، أي للقارئ، تُؤكّدان ما أكّدته لوحة الغلاف والعنوان. هذا أنا، الكاتب، فادي أبو شقارة، أروي قصّتي!

*في العتبة الرابعة، يقتبس الكاتب بيت شعر لرهين جسد آخر، الفيلسوف الشاعر، المعرّي:

وردنا إلى الدّنيا بإذن مليكنا       لمغزىً، ولسنا عالمين بما غزي

المعرّي ينفي عبثية الحياة، ولكنّه عاجز عن فهم أو تفسير ما يدفع عنها تلك العبثية. وفادي كذلك في روايته، ينفي عبثية الحياة التي ظنّها في بداياته، ولكنّه يدفعها عنه بتصوير كل ما ناله من دعم وحبّ من النّاس الّذين أحاطوه بحبّهم ودعمهم. وفي مرحلة ما، تخلّى عن تفكيره الّذي كاد يحبطه، وهو أنّهم يُحبونه ويدعمونه عطفا وإشفاقا بسبب إعاقته.

رواية "رهين الجسد"، مهما حاول فادي الهروب من الاعتراف، هي رواية سيرة ذاتية له. فقد حاول أن يتهرّب فنيّا بواسطة أسماء الشّخصيّات وتعدّد الرواة وبعض الملامح الميتاقصية داخل النّصّ. ولكنّ ذلك لم يُسعفه، هذا بالإضافة إلى اعترافه، وإن كان جزئيا أو مواربا، حين وافق على غلاف الكتاب، وقال ما قاله في عتبات النّصّ. كما ساهم ملامح الميتاقص داخل النّصّ أيضًا، ولو بشكل غير مباشر، بتقديم دليل على وجود الكاتب في النّصّ، حين يقول الأب "لا أرى في انعكاس وجهي في زجاج النافذة بطلا لهذه القصّة" (ص13). وحين تقول الأمّ: "لا اعتبر نفسي بطلة هذه القصّة" (ص19). وكذلك ما تقوله الأخت في الفصل بعنوان "البكريّة"، وهي "مروة" أخت البطل، حين تقف أمام المرآة وتحدّث نفسها: "أنعم النظر بما تبقّى من مروة تلك، أرى الكثير فيها عبر المرآة عدا بطلة لهذه القصّة" (ص24). كل ذلك يطرح السّؤال: من البطل أذن؟ الكاتب ومبنى الرّواية، يقولان: ستجدونه في الفصول التالية. ومما لا شكّ فيه، هذه الملامح الميتاقصية، وما فيها من أقوال حول البطولة، تستفزّ القارئ وتدفعه نحو متابعة القراءة.

ومما تقدّم، تتبيّن لنا جرأة فادي، الّذي لا يتردّد في الاعتراف أمام القارئ، أنّ كاتب الرّواية وراويها وبطلها هم شخص واحد. بل تجاوز ذلك إلى ما يهمّه أكثر، نجاحه في كتابة الرّواية. وربّما الأهمّ من ذلك، هو شعوره وهو يُنجزها، كما حدث في نهاية الرّواية، أنّه يقف على رجليه وينتصب في مواجهة الواقع، ويسدّد الدين الّذي في عنقه لمن وقفوا معه. وقد نجح بكل المقاييس.

من الناحية الفنية، استطاع فادي بناء حبكة متماسكة لرواية فنية تقوم على تعدّد الرواة ولا أقول تعدّد الأصوات. فصوت الرّاوي، الأنا الشاهد المشارك المتكلّم، هو الّذي يطغى في معظم فصولها، حتى في الفصول التي ترويها شخصية أخرى. وهذا يُظهر إدراك الكاتب أنّ رواية السيرة الذاتية يجب أن تلتزم الأمانة في نقل تاريخ المروي عنه ومن يشاركونه هذا التاريخ. وعليه قول الحقيقة مهما كانت قاسية. نعم ... من حقّه أن ينتقي الأحداث، وأن يسردها ويعمل على تخييلها بأسلوب جميل، ولكن بلا تجميل ولا تشويه، إذ لا مجال هنا للاختراع، وإنّما لعرض الحقيقة سواء كانت جميلة أم قبيحة. ويُدرك أيضًا، أنّ السيرة الذاتية تدور حول شخصية حقيقية يتطابق فيها الكاتب مع الرّاوي والبطل، ويغلب فيها الصوت الواحد، صوت الرّاوي، على بقية الأصوات. ولذا لا يمكننا أن نعتبر "رهين الجسد" رواية بوليفونية رغم تعدّد الرواة فيها. ولكن الكاتب بهذا التعدّد، حقّق ديمقراطية النّصّ وأظهر احترامه للآخر، حين منحه حرية السّرد. ورغم كل ذلك، لم يُفلح الكاتب بطمس حقيقة السيرة، حيث التركيز في الرّواية على إعاقة الرّاوي البطل الجسديّة المطابقة تماما لإعاقة الكاتب.

الزمن في رواية "رهين الجسد" يقوم على التذكّر والاسترجاع وغيرهما من تقنيّات تيار الوعي، مثل التداعي والمنولوج والحلم. ولكنّ زمن الحكاية، أو زمن الإعاقة، موضوع الحكاية، كما في السيرة الذاتية، يسير غالبا بشكل أفقي، حيث يُحدّثنا الرّاوي عن إعاقته وأثرها عليه وعلى من يُحيطون به من أقاربه وجيرانه وأصدقائه وزملائه الطلاب، ملتزما بالمراحل الزمنية المختلفة التي قطعها منذ ولادته حتى سنّ الثامنة عشرة، وفي كل مرحلة عوامل خوفها الّذي يتجلّى كصراع داخلي لدى البطل، يوازيه صراع خارجي مع الآخر ومع الزمن. وقد ظهر هذا الصّراع من خلال السّرد وما فيه من بوح صادق في مونولوجات أحسن الكاتب توظيفها.

الحدث المركزي في الرّواية هو ولادة طفل معاق. وكل الأحداث الأخرى تتولّد عنه وتتناسل منه وتدور حوله. تعيش معظم الشّخصيّات، وخاصّة أفراد الأسرة، صراعا داخليا يدور في البداية حول كيفية التّعامُل مع الوافد الجديد، المولود المعاق، ومن ثمّ حول كيفية تغيير المسار أو الواقع الّذي يعيشه، آخذين بعين الاعتبار إعاقته وصعوبة التّعامُل معها، أو معه بسببها. ولقد انعكست في ذلك، قدرة الإنسان على التحمّل والتّضحية كفعل إنسانيّ صادق ومخلص، يدفع هو بنفسه إليه دون أن يدفعه أحد. ولذلك ليس عبثا أن أول وأهمّ من أسند إليه هذا الدور هما الأب والأم الّذين لا أحد يقدر على أخذ مكانهما أو ملء الفراغ إذا لم يقوما بدورهما. بعدهما فقط جاء دور الإخوة والأصدقاء. ومن خلال هذه الأدوار، حدث التفاعل الإنسانيّ بين الشّخصيّات، كفعل ثنائي الاتجاه، متبادل، وهو ما يجعل التأثّر والتأثير بين شخصية البطل وسائر الشّخصيّات متبادلا أيضًا.

أمّا فضاء الرّواية فقد تعدّدت فيه الأماكن، من البيت إلى المدرسة إلى الـ "وينجز" (العربة التي يستعين بها الرّاوي في تنقّله وتحرّكاته)، وهي أكثر ثلاثة أمكنة تشغل حيّزا مؤثّرا في فضاء الرّواية وتؤثّر على نفسية الرّاوي/البطل. وإذا كان الآخرون هم الّذين أوجدوا له "الوينجز" في الواقع، إلّا أنّه هو الّذي أوجدها في الرّواية، لتضع حدّا لعجزه الجسديّ، ما يُبين إصرار فادي، في الواقع وفي الرّواية، على تجاوز الإعاقة والانطلاق فكرا وروحا، وجسدا أيضًا. ومن هنا ليس عبثا اختار لها الاسم "وينجز" (أجنحة).

وإذا كان لا بد أن نتحدّث عن الشّخصيّات، وعن ألـ "وينجز" التي هي جزء من المكان، نقول بكل ثقة أن الكاتب استطاع هنا أن يُحوّل المكان إلى شخصية من شخصيات الرّواية، فقد أنسنها وأعطاها القدرة على التحرّك، فلعبت دورا في حياته لا يقلّ عن أدوار بعض الشّخصيّات الأخرى، إن لم يفقه. فهي لم تكن تحمله وتنقله فقط، بل حملته وحمته وأنقذته من مواقف ما كان ليعرف كيف سيتصرّف فيها لولا وجودها.

وقد رسم لكل شخصية دورها الّذي يُؤثّر سلبا أو إيجابا، على شخصية البطل ومسار تطوّرها، بالقدر الّذي يليق بها وبتأثيرها عليه. وهذا ينطبق على كل الشّخصيّات، سواء أعطاها الكاتب حقّ الكلام المباشر، أو نقل هو كلامها بشكل غير مباشر. وبالطبع، ليس عبثا أنّه أولى أفراد العائلة، الأب والأم والأخ والأخت، اهتماما خاصا، وأفرد لكل منهم أكثر من فصل في الرّواية. وأعطى لكل منهم حرية السّرد في فصله ومن منظوره، ولكن وفق منظور الرّاوي، فإنّ صوته كان هو الطاغي. ولكن ظنّي انّه لم يفعل ذلك بقصد الهيمنة على الشّخصيّات وإنّما بقصد تكريمها وتقديرها والاعتراف بأهمية دورها. ذلك لأنّ كل واحد من الأشخاص الأربعة، لعب دورا حاسما ومميّزا في حياة البطل.

يبدو دور الشّخصيّات أيضًا، من خلال الحوار الحيّ الّذي أحسن الكاتب توظيفه باللغة التي تليق به. فلغة الرّواية تأتي على مستويات متعدّدة، بين الفصحى في السّرد والعامية في الحوار، حيث لغة الحوار تُطابق الشّخصيّات ومكانتها الاجتماعية والثقافية. وتعكس كذلك، وبشكل يدعو للإعجاب، كل العناصر التي تتركّب منها ثقافة الكاتب الواسعة: لغة القرية والتراث المتداول فيها، لغة التكنولوجيا الحديثة وما توصلت له من أجهزة وألعاب إلكترونية مختلفة مارسها البطل، ولغة مواقع التواصل الاجتماعي على اختلافها، ولغة السينما والتلفزيون والأفلام والمسلسلات الكثيرة التي شاهدها، وأخيرا، لغة الكتب الكثيرة التي قرأها بنهم.

يقول الناقد المصري يوسف الشاروني "القصّة القصيرة تشبه دوامة على سطح النهر، بينما الرّواية تُشبه النهر كلّه". ووفقا لرواية فادي، أرى أنّها قد تشبه النهر، وقد تشبه مقطعا يطول أو يقصر منه، وذلك لأنّ القارئ في نهاية الرّواية، يخرج وهو يشعر أنّها لم تنتهِ، وأنّ خطّ سير الشّخصيّة لم يتكامل، وإنّما توقّف أو أبطأ لاتّخاذ مسار جديد. وهنا يأتي دور النهاية المفتوحة التي لا يُحيل الحلم فيها إلى التفاؤل فقط، وإنّما إلى الفرح بالإنجاز، وإلى الامتداد الّذي يعدنا فادي بأنّه سيأتي.

يرسم الكاتب لكل شخصية خطّ سيرها الخاص بها، وهذا الخطّ يلتقي بالضّرورة ويتقاطع مع خطوط أخرى لشخصيات أخرى. وخطّ سير شخصية البطل في رواية "رهين الجسد"، يُشبه جدولا صغيرا في منحدر، تكوّن من التقاء رافدين رئيسين مهمّين، هما الأب والأم. وسرعة التدفّق في هذا الجدول تُحدّدها كمية الماء التي ترفده بها الروافد الأخرى. ولذلك نرى أنّ حركة الماء في الجدول تزداد سرعتها كلما التقى مع رافد آخر. وهكذا هو الأمر بالنسبة للحركة الدرامية في الرّواية، تزداد كلما التقى البطل بشخصية أخرى. وهذا ما حدث عندما التقى خطّ سير شخصية البطل بروافد أو بخطوط سير شخصيات الأخ والأخت والأصدقاء وغيرها من الشّخصيّات. وهذا التّدفّق السّريع، ينعكس أيضًا على لغة الرّواية، فهي رغم أنّها لغة جميلة وتتلاءم في السّرد مع الجوّ العام للرواية، وفي الحوار مع طبيعة شخصية البطل والشّخصيّات الأخرى، إلّا أنّها في كثير من الأحيان، تفتقر للعمق. والأمر لا يبدو غريبا، بل مطابقا للجدول الّذي تحدّثت عنه، فمهما زاد تدفّقه يظلّ الجدول يفتقر للعمق. وهذا مطابق للفترة الزمنية التي اختارها الكاتب زمنا للرواية، فترتي الطفولة والمراهقة، إذ مهما كانت الأحداث متسارعة في الحياة في هذه الفترة، ومهما تناسبت الحركة الدرامية للرواية معها، إلّا أنّ الإنسان مهما كان ذكيا في هذه الفترة، يظل تفكيره سطحيا يفتقر للعمق. وهذا يلفت الانتباه إلى النهاية المفتوحة للرواية. ويذكرني بقول جبران عن السعادة في الحياة التي يُشبهها بالنهر: 

ومـــا السـعادة في الدّنيا سـوى شـبحٍ        يُرجى فإن صارَ جسمًا ملّهُ البشرُ

كالنهر يركض نحو السهل مكتدحًا         حـتى إذا جاءَهُ يـبـطي ويـعـتـكـر

وهكذا هي الحياة، قد تُبطئ أحيانا وتعتكر، ولكن إلى حين، لأنّ الإبطاء والاعتكار، قد يكونا نهاية مرحلة ننطلق منها نحو مرحلة تالية. وهذا تذكير للكاتب الّذي أراه كتب جزءا من الرّواية، إن فكّر بجزء آخر، أقول له: جاء دور جريان النهر في السهل، حيث الهدوء والعمق بعد السطح والاعتكار، الهدوء الّذي يُحيل إلى التروّي والعمق، والعمق بلا شكّ، يتطلّب قدرة أكبر على الغوص، في بحر اللغة وأسرار الرّواية.

وختاما، وبلا أيّة مجاملة، فادي أبو شقارة كاتب وروائي حقّق في أولى غزواته، نصرا مبينا ونجاحا باهرا. و"رهين الجسد"، رواية تستحقّ القراءة والدراسة بجدارة، تستحقّ كل ما كُتب وما سيكتب عنها. فقد ألقت وبجرأة متناهية، حجرا كبيرا في مياهنا الراكدة، وفي مستنقع عاداتنا وتقاليدنا، وفضحت إعاقتنا الفكرية والجسديّة معا.

مداخلة فادي ابو شقرة:

مساءُ الخير، مساء الفن والأدب، مساء التّحرّر من كلّ السجون الّتي تعيقنا عن الإبداع. تحياتي لنادي حيفا الثقافي والمنظمين والمتحدثين، وتحياتي للعائلة الكريمة الّتي ترافقني يد بيد، للضيوف الكرام فردًا فردًا.. لكم محبتي وتقديري.

خلال الأمسيات الخاصّة بالرّواية، إن كان إشهارُها أو المناقشات فيها، يرددون أمامي: "فادي نحن اليوم نحتفي بك، فادي أنت اليوم عريس الحفل". وكل عريس يحتاج إلى.. ماذا؟ عروس! وعروسي اليوم أكثرهن جمالًا وبهاءً وميّزة.. إنها عروس البحر.. حيفا!

بعد الإقبال الكبير على روايتي فور طباعتها ونشرها، وبعد الصدى الّذي لاقته أمسية إشهارها، وضعت نصب أعيني هدفًا واضحًا، صريحًا، جريئًا، أن أكون ضيفًا أنا وروايتي فوق هذا المنبر المحترم. ولم أكن لأقدم على هذه الخطوة وطلب الفرصة لو لم أشعر وبكل تواضع أن الرّواية من ناحية أدبيّة تستحق النقاش والتحليل داخل هذا المكان الراقي، الّذي يجمع نخبة الأدباء والشّعراء والنقاد المحليين.

تحملُ بعض كلمات روايتي في طيّاتها ألمًا، وتشعّ بعضها أملًا، تكشف غيرها ما يحمله شابٌ مقعدٌ من همّ وغمّ، وأخرى تصرخ عاليًا أنّ العزيمة والإصرار هما الأهمّ. فقد عشت في ظلال الإعاقة سنوات بدت لي دهرًا. عشت تحت وطأة نظرات رأت بي شبحًا، وتحت رحمة كلماتٍ تخلو من الرحمةِ. تلقيتُ الضربة تلو الضربة وبقيت واقفًا صامدًا إزاءها، أو وجب القول في حالّتي بقيتُ جالسًا.. صامدًا، ولم يجد اليأسُ سبيلًا إلى قلبي. ولكن لن أطيل الكلام حول الوجع الإنسانيّ الشّخصيّ داخل نص الرّواية ولا خارجها، لم أتِ حتى هنا طمعًا في كسب شفقة من الموجودين، هذا أحد المفاهيم الخاطئة الّتي أحارب من أجل تغييرها.

الرّواية ليست رواية تاريخية، ولا تتناول أي قضية سياسية، لكن هذا لا يجعل منها أقل قيمة وأهمية. قمت بكتابة رواية اجتماعية إصلاحية هادفة، تسلّط الضوء على فئة مهمّشة من المجتمع لتكون المحور الرئيسي فيها، تسعى إلى زرع أسمى القيم الإنسانيّة كالمحبة والمساواة والتواضع وتقبل الآخر. فهل وفقت في ذلك؟

الرّواية غيّرت مفاهيم خاطئة عديدة تتعلّق بأصحاب الإعاقة، كما قامت بثورة فكرية نحن بحاجة ماسة إليها، ساهمت في تحريك مشاعر وأحاسيس القراء ليتعاطفوا ويرغبوا في سماعي والدليل على ذلك أكثر من 1200 نسخة بيعت دون مساعدة أي دار نشرٍ، وأيضًا تم دعوتي من كافة القرى والمدن فزرتُ منذ إصدار الرّواية عيلوط والعزير ووادي سلّامة وعين ماهل والمشهد وكفر ياسيف والناصرة وكوكب أبو الهيجا وكفر مندا وكفر قرع وام الفحم. كما تم استضافتي عبر قناة مساواة ومرتين في برنامج الأسبوع على قناة 13 ريشت، وراديو مكان وراديو جمعية المنارة وموقع بانيت وموقع بكرا ووموقع وازكام وموقع وفا الفلسطيني.. قبل عدة أيام زارني في البيت ثلاث طالبات من الإعدادية لكتابة موضوع إنشاء عن شخصية بارزة في طرعان ووقع اختيارهن عليّ.

أما عن الجانب الأدبيّ فقد سمعنا مداخلتيْ الدكتور محمد هيبي والدكتورة راوية بربارة وتحليلاتهما العميقة وسمعنا نقدَهما الإيجابي الّذي ولّد فرحًا عظيمًا داخلي ورضا عن عملي. وسمعنا نقدهما البناء وأقول بناءً وليس سلبيًا فهو غداء للذهن ودرس سيعود عليّ بفائدة عظمى. وقبلهما تم تحليل الرّواية أدبيّا على يد البروفسور جريس خوري والدكتور الناقد رياض كامل والدكتور محمد خليل، والأستاذ فؤاد خميس والأستاذ جريس دبيات والكاتب حسين ياسين والكاتب مصطفى عبد الفتاح والشّاعر عبد حوراني والكاتبة أسمهان خلايلة والشّاعرة ساهرة سعدي والشّاعرة سناء عبد، كما حاورني الدكتور محمد هيبي عن الرّواية خلال إشهارها.

وبالإجماع أكدوا أن الرّواية على مستوى أدبيّ، جديرة بالنشر، حيث تكلموا عن العمق النّفسيّ فيها، اللغة الشّاعرية، المونولوجات، الفكاهة السوداوية، عنصر التطهير، التناص، صراع الرّوح والجسد. أنا أومن بمصداقية كل من نقد هذه الرّواية، وعلى ثقة كاملة أن التعاطف مع وضعي الجسديّ لم يكن معيارًا بأي شكل من الأشكال، بل تم تحليلها بكل موضوعية وحرفية كما هو مطلوب من ناقد يحترم اللغة والأدب. وأكبر دليل على النضوج الأدبيّ للرواية هو نشر دراسة عنها بقلم الدكتور رياض كامل، تم نشرها عبر مواقع عديدة في جريدة الاتحاد. ودراسة للكاتب مصطفى عبد الفتاح تم نشرها عبر عدة مواقع وفي مجلة الإصلاح. وتم مناقشة الرّواية في عدة منابر.. المركز الجماهيري - طرعان، متجر المها - سوق الناصرة، النادي الثقافي طرعان، نادي القراء طرعان، نادي القراء - الناصرة، نادي القراء - البطوف، نادي القراء - كوكب أبو الهيجا، سينامانا - الناصرة، وبعد أسبوعين من اليوم: نادي القراء - طمرة. والقادم أعظم..

قال محمود درويش "قف على ناصية الحلم وقاتل. ومنذ ولادتي وأنا أقاتل.. أقاتل الإعاقة، أقاتل الضعف والعجز والألم، أقاتل المجتمع وعيونه وألسنته، أقاتل الشّفقة والسخرية، أقاتل من أجل الوصول إلى أحلامي. اليوم على ناصية الحلم أقول قد قاتلت وانتصرتُ.. والدليل على انتصاري هي الرّواية الّتي ما زالت قيد الطلب والاهتمام حتى اليوم بعد نصف سنة من إشهارها، والدليل على انتصاري هو النظرة المغايرة الّتي يراني بها النّاس من معاق لا يعوّل عليه إلى مصدر إلهام للكثير وإلى كاتب أصدر عملا اجتمع هذا الكم الهائل من النّاس مهتمين متلهفين للسماع عنه.

سأنهي بكلمة شكر خاصّة لإنسانة محاربة، درعها الكلمة وسلاحها القلم، ساهمت في إنجاح أمسية إشهار "رهين الجسد" ونجاح أمسية سينامانا ونجاح أمسية اليوم، ووضعت كل ما تملك من طاقة ومحبة صادقة تخلو من أي مكاسب من أجل ذلك. لإنسانة عند مراجعتها لنص الرّواية قبل الطباعة، جاءتني حتى البيت ووعدتني أن لي مع الرّواية مشوار طويل حافل بالانتصارات.. ام طارق بارك الله بروحك الطيبة المعطاءة.. بارك الله فيكم جميعًا على حضوركم على إصغائكم واحتوائكم وتصبحون على واقع أفضل.


صدر حديثا:

"البَيْتُ الذي لَمْ تُشْرِقْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ"

تأليف أحمد عيساوي

clip_image006_be618.jpg

صد  حديثا  : عن أ.دار الهدى بادارة  عبد  زحالقة ،  قصة  للأطفال  بعنوان   " البَيْتُ  الذي  لَمْ  تُشْرِقْ  عَلَيْهِ  الشَّمْسُ" تقع  القصة  في 26  صفحة  من  الحجم  الكبير ، ورق  مصقول ، غلاف  مقوى ، رسومات جميلة  للفنانة اللبنانية الاء مرتيني، مراجعة  لغوية  الأديب صالح أحمد كناعنة ، تدور أحداث  القصة" ذاتَ صباحٍ؛ وبَينَما النّاسُ نِيامٌ، أَطَلَّتِ الشّمسُ بِوَجهِها الجَميلِ المُشرِقِ، على جَميعِ بُيوتِ القَريَةِ؛ عَدا بيتٍ واحِدٍ يَقَعُ في وَسَطِ القَريَةِ قُربَ البِئرِ! ذُهِلَ النّاسُ واستَغرَبوا، تَجَمهَروا حَولَ المَنزِلِ، وتَهامَسوا، بَحَثوا عن تَفسيرٍ، لَكِنَّهُم لم يَجِدوا." عبر  قصة  مدهشة  ومثيرة ،  بأسلوب  سلس وجذاب للأطفال ، تحمل في طياتها العديد من القيم الانسانية والاجتماعية السامية.


عن دار ضفاف: صدور كتاب

"أمريكا: النشأة والمسار-

من مستعمرة جيمس تاون الصغيرة إلى امبراطورية"

-مُحرّر دار ضفاف:

عن دار ضفاف للطباعة والنشر في بغداد ، صدر كتاب "أمريكا: النشأة والمسار- من مستعمرة جيمس تاون الصغيرة إلى امبراطورية" من ترجمة وإعداد الباحث الدكتور حسين سرمك حسن. يقع الكتاب في جزءين مجموع صفحاتهما 562 صفحة (يتكوّن الجزء الأول من 265 صفحة والجزء الثاني من 297 صفحة).

افتتح الكاتب الجزء الأول بقول للمؤرخ الأمريكي نعوم تشومسكي من كتابه "الغزو مستمر- 1999" يقول فيه:

(لقد استيقظت ذكرياتي الخاصة قبل أسابيع من انكشاف مجزرة "ماي لاي" عام 1969 ، وذلك أثناء تصفّحي لأحد نصوص كتاب الصف الرابع الإبتدائي الذي يتحدث عن استعماريي "نبو إنغلند". كان الكتاب مُقرّراً دراسياً في ضواحي بوسطن المعروفة بجودة مدارسها . ويقرأ الأطفال سرداً معقول الدقة لمذبحة "البيكوت" التي يمتدحها الكاتب كثيراً). لكن ما هو هذا النص الذي أثار ألم المفكر "تشومسكي" والذي يُدرّس لطلبة الصف الرابع الإبتدائي في الولايات المتحدة؟

النص يتحدث عن تطهير منطقة نيويورك من حثالة السكان الأصليين ويقول:

"لقد أتوا أفعالاً اليق بالرومان عندما قتلوا كل ذلك العدد من الناس النائمين حيث انتُزع الأطفال الرُّضع من على أثداء أمهاتهم ومُزّقوا إرباً أمام ذويهم ورُميت أشلاؤهم في النار وفي النهر ، أما الرّضع الآخرون الذين كانوا مربوطين إلى مهودهم الخشبية الصغيرة فلقد قُطعوا بالسيوف وطُعنوا وذُبحوا بوحشية تحرّك قلب الحجر. وعندما رُمي بعضهم في النهر أحياء وحاول آباؤهم وأمهاتهم إنقاذهم لم يَسمح لهم الجنود بالعودة إلى اليابسة وجعلوا كلاً من الآباء والأبناء يغرقون"

غلاف الجزء الأول:

clip_image008_bacbc.png

أهدى المترجم كتابه الضخم هذا إلى المؤرخ تشومسكي:

إلى المفكر والمؤرخ الأمريكي المنصف "نعوم شومسكي" .. تقديراً لتصدّيه وفضحه الدائم للقهر الأمريكي الامبريالي للشعوب ورفضه الإبادة الصهيونية لشعب فلسطين المقهور.   

وقد افتتح المترجم مقدمة كتابه بالقول:

في البدء – ومع كل جزء من أجزاء هذه الموسوعة – لا بُدّ من أن نقدّم التحية والتقدير للباحثين الأمريكيين والبريطانيين الُمُنصفين الذين تصدّوا لكشف جرائم دولهم الوحشية بحق الإنسانية بلا تردّد. وهنا ، وفي مجال مراجعة ودراسة وتحليل نشأة الولايات المتحدة الأمريكية منذ رحلة كريستوفر كولومبوس الأولى إلى العالم الجديد وما تلاها من نزول المستعمرين الإنجليز على أرض أمريكا الشمالية حتى اليوم ، وملاحقة مسار نموّها وتحوّلها إلى امبراطورية عالمية امبريالية الطابع تقوم على أساس قتل الشعوب واستنزاف ثرواتها (بين 20-40 مليون ضحية في عمليات الاحتلال فقط) بما يتسق مع نشأتها الدموية عن طريق إبادة السكان الأصليين (بين 80 إلى 100 مليون ضحية من السكّان الأصليين "الهنود الحمر" حسب بعض الدراسات التي صدرت في السنوات الأخيرة). فكل ما نقدمه هنا هو ترجمة لكتب ودراسات ومقالات مُوثّقة ودقيقة ، عرضاً وإحصاءً ، لكتّاب أمريكيين وبريطانيين ممن انحازوا للحقيقة مهما كانت صادمة وجارحة للصورة الذاتية لبلدانهم. فلهم منّا آيات التقدير والامتنان.

غلاف الجزء الثاني :

clip_image010_d17b0.png

وقد تكوّن الجزآن من 21 فصلا وثلاثة ملاحق على الوجه التالي:

(1)- مَنْ هم السكّان الأصليون في الأمريكتين؟

(2)- من هو كريستوفر كولومبوس؟ وما هي الجرائم التي اقترفها بحق الإنسانية؟

(3)-  كولومبس وبدء الإبادة البشرية في العالم الجديد

(4)- 9 أسباب لكون كريستوفر كولومبوس كان قاتلا ، وطاغية ، ووغداً

(5)- أفعال لاإنسانية ووحشية أخرى ارتكبها كريستوفر كولومبوس

(6)- جرائم كريستوفر كولومبوس من خلال يومياته

(7)- "الأسطورة السوداء" عن السلوك الوحشي للإسبان ليست خرافة

(8)- لماذا يُحتفل بيوم كولومبوس؟ وما هو سرّ الانحياز الأمريكي له برغم وحشيته؟

(9)-مقدّمات الغزو الإنجليزي لأمريكا الشمالية- وضع العالم الجديد- الوضع الأوروبي وصراع القوى الاستعمارية الرئيسية

(10)- بدء الغزو الإنجليزي وإبادته البشرية للهنود وانتزاع أراضيهم في أمريكا الشمالية

(11)- صراع حضارتين: حضارة هندية مُسالمة وحضارة أوروبية وحشية قامت على أساس قطع الرؤوس 

(12)- إعلان الاستقلال عن بريطانيا وبدء المسيرة الامبراطورية الأمريكية: كان الآباء المؤسّسون جميعاً من تجّار العبيد!

(13)- بسرقة قارة - بدأت إمبراطورية

(14)- بسرقة قارة - انتهت المهمة

(15)- الحرب الأهلية ومناورة لينكولن (الرئيس السادس عشر) حول تحرير العبيد (لم يتم تحرير أيّ عبد)- الحفاظ على الاتحاد لبناء الامبراطورية- شراء آلاسكا من روسيا

(16)- الإمبراطورية تنطلق عالمياً

(17)- التجربة الأمريكية الامبراطورية خضعت لمصالح الشركات- السياسة في خدمة المال- العلاقات العامة تدير الأزمات من خلال "الصور"

(18). الجلوس على قمة العالم: الوثائق الأمريكية السرّية تدعو إلى التخلّي عن حقوق الإنسان والديمقراطية وعسكرة الاقتصاد واستخدام العنف عالمياً- الخطوة الأولى بعد انهيار الاتحاد السوفيتي هي غزو بنما عام 1989- غزو بنما تسخين لغزو العراق.

(19). التطابق بين أمريكا و"إسرائيل" وبين امريكا والنازية- المعنى الإسرائيلي لأمريكا

(20). ما هي أوجه التشابه بين مجزرة دير ياسين ضد السكان الأصليين في فلسطين والمذابح الأمريكية ضد السكان الأصليين في أمريكا

(21)- لماذا اللوبي الصهيوني في أمريكا وليس في غيرها ؟

# ملاحق:

*ملحق (1): حتى الويكيبيديا متحيّزة ضد مذابح الهنود- إغفال 21 مجزرة ضد الهنود- قتل اثنين من البيض مجزرة!

*ملحق (2): لمحة تاريخية عن سلخ فروة الرأس في أمريكا- حوّل المستعمرون الإنجليز سلخ فروة الرأس إلى عمل تجاري وعروض مسرحية

*ملحق (3): أشهر ممثل مسرحي يسلخ فروة رأس مواطن هندي ويعرضها في مسرحية "تاجحة" استمرت لسنوات عديدة

الكتاب متوفّر في مكتبة دار ضفاف – باب المعظم – خلف كلية الهندسة


صدور كتابين جديدين عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية، هما:

"فلسطين في السينما (2): ذاكرة وهوية" و "سيسموغرافيا الهويات:

الانعكاسات الأدبية لتطور الهوية الفلسطينية في إسرائيل، 1948 - 2010"

تحية طيبة وبعد،

تهديكم مؤسسة الدراسات الفلسطينية أطيب التحيات؛ ويسرني إعلامكم بصدور الكتابين الجديدين التاليين عن المؤسسة، وهما:

فلسطين في السينما (2): ذاكرة وهوية

clip_image012_bb613.jpg

تأليف: قيس الزبيدي

تقديم: فيصل دراج

شباط/فبراير 2019، 264 صفحة

تجليد عادي - 14$

ISBN: 978-614-448-057-1

https://goo.gl/whfajQ

سيسموغرافيا الهويات: الانعكاسات الأدبية لتطور الهوية الفلسطينية في إسرائيل، 1948 – 2010

clip_image014_ea9b5.jpg

تأليف: منار مخول

ترجمة: نصار إبراهيم؛ تحرير الترجمة: إياد برغوثي

شباط/فبراير 2019، 221 صفحة

تجليد عادي - 10$

ISBN: 978-614-448-059-5

https://goo.gl/ppXx8E

 

وسوم: العدد 816