الدكتور أحمد فرحات وصحبة سبعين عاماً

د. عبد الله الطنطاوي

تُرى ماذا أكتب عن صحبة سبعين عاماً، مع أخٍ وفيّ نبيل تلاقت روحانا عام 1950م في معهد العلوم الشرعية في دمشق، فتعارفتا فوراً، وطوال سبعين عاماً ما تناكرتا يوماً ولا اختلفتا، ولله الحمد.

عوّضني عن أشقائي الذين تركتهم في بلدتي إعزاز شمال حلب، وجئت إلى دمشق طلباً للعلم، وكانت زياراتي لبيته في بلدة التل، تذكرني ببلدتي، وأهله بأهلي.

كان كوالده الحاج حسن، كريماً بشوشاً، حسن الضيافة، حسن الاستقبال..

حتى بعد أن رجعت إلى بلدتي، ثم إلى حلب، وعمّان، لم تفترق روحانا، فزارني في بلدتي وزرته في بيته في دمشق، وما تدابرنا يوم تدابر الحلبي والدمشقي، حين نزغ الشيطان بين الإخوة، فكنت أزوره وليس بيننا إلّا كل خير..

وزرته في الكويت، وفي الإمارات، وزارني في عمّان، أخوين على سرر متقابلين.

وقد عرفت فيه، طوال هذه المدة المديدة، الأخ الصادق الأمين، ألقاه ونحن في الثمانينيات، كما كنا نلتقي ونحن في العقد الثاني، في المرحلة الإعدادية، والثانوية، ولم نعترف، ولن نعترف بأننا صرنا كهولاً، ولا شيوخاً.. روح الشباب هي هي لم تتغيّر.

كان وكنت وما زلنا وسنبقى دعاة ملتزمين منذ بايعنا شيخنا الدكتور مصطفى السباعي، في 2/2/1952م ونحن في الصف الثامن الإعدادي. ما غيّرنا وما بدّلنا ولله الحمد والشكر.

كنا –نعم كنا- تلميذين مجتهدين متفوقين، وتنافسُنا بريء لم يفسد الودّ بيننا..

وأصف الدكتور أحمد بهذه الصفات:

من وفائه وكرمه :

- ما فعل الله بصاحبنا الشيخ صالح؟

قلت له: إنه في إربد.. هل تحب أن تراه؟

وامتطينا سيارتنا والأمطار تهطل، وزرنا صاحبنا ثم عدنا تحت المطر والبرد.

إن الدكتور أحمد من نوادر من عرفت من الرجال العلماء العاملين، والأدباء المبدعين، فهو أديب وذو أسلوب أدبي مميز.

هذه شهادتي بشقيق روحي أبي أسامة، وإذا بارك الله الكريم في الصحة والفراغ، فسوف أكتب عنه كتاباً مفصلاً فيه الكثير من الذكريات اللطيفة التي كان أستاذنا الدكتور أديب الصالح يلحّ علينا أن نكتبها، ولعلنا نفعل بعون الله تعالى..