سماحة المفتي الحاج محمد أمين الحسيني

المستشار عبد الله العقيل

(1311 - 1394ه / 1893 - 1974م)

مولده ونشأته

هو محمد أمين بن محمد طاهر بن مصطفى الحسيني زعيم فلسطين ومفتيها الأكبر. وُلد سنة 1893م بالقدس، وتعلّم فيها على يد والده، فحفظ القرآن الكريم، ودرس العلوم الدينية واللغة العربية، ثم سافر إلى مصر وأقام فيها سنين بين الجامع الأزهر ودار الدعوة والإرشاد التي أنشأها السيد محمد رشيد رضا، وتخرّج ضابطًا احتياطيًا في استانبول سنة 1916م وضُمّ إلى الفرقة 46 في أزمير، وعاد إلى القدس بعد الحرب.

جهاده

نُسبت إليه اضطرابات في منطقة بيسان سنة 1920م؛ فطارده الإنجليز، ففرَّ إلى دمشق، ثم ما لبث أن عاد إلى بلده. ولما توفي أخوه كامل الحسيني مفتي القدس سنة 1922م انتُخب بدلاً منه بلقب (مفتي فلسطين الأكبر) وتألف المجلس الإسلامي الأعلى فتولى رئاسته، وكان أول من نبّه إلى خطر تكاثر اليهود في فلسطين بعد وعد بلفور سنة 1917م، وقد جاء بلفور مع المندوب السامي البريطاني سنة 1925م يريدان زيارة الحرم المقدسي فمنع دخولهما، ولم تقم حركة وطنية في فلسطين أو من أجلها إلاّ وكان مدبّرها في الخفاء أو في العلن. وكان ذا حركة دائمة في اللجان والوفود إلى المؤتمرات وأهمها المؤتمر الإسلامي الذي عقد في القدس سنة 1928م والمؤتمر الإسلامي الذي عُقد بالقدس أيضًا سنة 1931م، وقام بجولات في البلاد العربية والإسلامية استغرقت ستة أشهر سنة 1933م لنصرة القضية الفلسطينية.

وكان همّه استنهاض المسلمين للجهاد في فلسطين والحيلولة دون تهويدها، وقد شَكَّلَ عصابات سرية للجهاد ضد الإنجليز واليهود استمرت في عملها من سنة 1931م إلى سنة 1935م حتى قامت (منظمة الجهاد المقدس) بقيادة عبد القادر الحسيني وإشراف المفتي ورئاسته السرية المباشرة وقد توالت أعمال الجهاد إلى سنة 1948م، وفي الثورات وأهمها ثورة البراق سنة 1929م، وثورة 1936م التي امتازت بالإضراب العام الشامل لمدة ستة أشهر وحاولت السلطات البريطانية سنة 1937م اعتقاله فنجا في زورق إلى لبنان وضغطت بريطانيا على فرنسا لتسليمه إليها سنة 1939م فخرج سرًّا إلى بغداد، وقامت ثورة رشيد عالي الكيلاني في العراق سنة 1941م فأراد الإنجليز القبض عليه، فغادر بغداد متخفيًا إلى إيران ومنها إلى ألمانيا، وكان المفتي أرسل موفدًا هو (عثمان حداد) إلى ألمانيا يحمل رسالة إلى (هتلر) تتضمن المطالب التالية: (الاعتراف بالدول العربية كلها ما كان منها مستقلاً أو تحت الانتداب أو مستعمرًا، والاعتراف بحق العرب بإلغاء الوطن القومي لليهود بفلسطين، والاعتراف باستقلال فلسطين).

جاء في كتاب زهير المارديني (ألف يوم مع الحاج أمين):

«إن مصلحة أمتي هي التي تملي عليّ اختياري، إن مصير فرد لا قيمة له عندما يتعلق الأمر بمستقبل الأمة. إن انتصار الإنجليز كان يعني أن فلسطين ضائعة. إن الشعب لا يطمح إلى تحقيق أمانيه إلاّ عبر التضحيات ودم أبنائه. فمنذ عام 1922م إلى 1941م والشعب الفلسطيني يعرف قضيته ويعرف أعداءه ويعرف من أنا ويعرف ماذا أفعل ولمصلحة من أفعل. أنا لم أذهب إلى بلاد المحور كي أضع نفسي تحت تصرفهم.

لقد ذهبت في سبيل خدمة قضيتي التي هي قضية أمتي بكاملها.. ذهبت مفاوضًا لا متعاونًا. كنت أتوق لأن تكون إقامتي ذات نفع لفلسطين خاصّة ولوطني العربي الكبير عامة وللإسلام الذي أحمل أكبر مهمة من أجل إعلاء كلمته..» انتهى.

ولم يكتف المجاهد الكبير سماحة الحاج محمد أمين الحسيني في الاهتمام بقضية فلسطين فحسب بل كان اهتمامه بالعالم العربي والإسلامي كله فقد بذل جهوده مع رشيد عالي الكيلاني وتقي الدين الهلالي في الاهتمام باستقلال البلاد العربية في المشرق والمغرب على حد سواء وبذل أقصى الجهود للحصول على الدعم من دول المحور والمطالبة بالإفراج عن السجناء العرب في السجون الفرنسية أمثال: الأمير عبد الكريم الخطابي الزعيم المغربي والزعيم التونسي صالح بن يوسف وحبيب تامر وغيرهم.

 

ولقد سعى المفتي لتشكيل جيش عربي يدافع عن القضايا العربية وفي مقدمتها قضية فلسطين، يقول المفتي عن هذا الجيش الذي أسسه ورعاه منذ بداية تكوينه:

«كانت هذه النواة مثلاً لجيش المستقبل الذي يجب أن يُحتذى، فلقد كانت عناصره من شتى بلدان أمتنا العربية الكبرى: المغرب، تونس، مصر، العراق، فلسطين.. وغيرها. هذا الجيش يجب أن يكون وسيلة مزج عناصر الأمة ومقدمة الوحدة. فلقد فعلت الحدود التي قامت بين أجزاء أمتنا في عصور الانحطاط والاحتلال ففرقتها فنشأت فروق في اللهجات والعادات ولا بد لتوحيد الأمة من توحيد ثقافتها» انتهى.

وقد كان لسماحة المفتي الحسيني موقف مشرّف من المسلمين البوشناق في يوغوسلافيا الذين تعرضوا للفتك على أيدي الصرب حتى إنه سافر يوم 24/3/1943م إلى زغرب للتدخل في رفع الظلم عن مسلمي البوسنة والهرسك وسنجق حيث شكّل منهم جيشًا من الشبان للدفاع عن أنفسهم وبعد عودته من (بوسنة سراي) كتب رسالة إلى مصطفى النحاس رئيس الوزارة المصرية آنذاك وصف له حالة المسلمين في البوسنة والهرسك ورجاه أن يعمل ما في وسعه لمساعدتهم.

وفي أواخر سنة 1943م اشتدّت غارات طائرات الحلفاء على ألمانيا، فكانت بعض الغارات تهاجم برلين بألف طائرة أو أكثر، وقد أصيبت الدار التي كان سماحة المفتي يسكنها ورفاقه عدة مرات فخرجوا من برلين إلى مناطق متعددة، وقد استشهد رفيقه الدكتور مصطفى الوكيل - وهو مصري ومن المقربين إليه وأكبر أعوانه ويعمل في المعهد الإسلامي ببرلين الذي استشهد فيه - إثر غارة جوية.

وفي يوم 5/5/1945م أُخرج المفتي وإخوانه إلى سويسرا ومنها إلى فرنسا حيث اعتقلهم الجيش الفرنسي يوم 19/5/1945م وقد طالب السفير البريطاني والسفير الأمريكي بتسليم المفتي لمحاكمته كما كان اليهود يصرّون على محاكمة المفتي كمجرم حرب في محكمة (نورمبرج) وعندها انتقل من فرنسا إلى مصر متنكرًا بمعاونة الدكتور معروف الدواليبي واستقر فيها وكان ذلك في 29/5/1946م.

ويروي المفتي تفاصيل فراره من فرنسا فيقول: «.. إن الدور الأول والجانب الأهم في تلك المغامرة قد قام به الصديق الكريم الدكتور معروف الدواليبي، فقد شاء له خلقه الكريم أن يعطيني جواز سفره.. واقتضى هذا تبديل الصورة وتغيير اللباس وحجز مكان ما في طائرة مسافرة من باريس إلى القاهرة وكان ركاب الطائرة خليطًا من مدنيين وعسكريين.. ولم يحدث عائق في مطار (أورلي) الذي قامت منه الطائرة من باريس إلى روما، وفي روما فحص المختصون جوازات سفر الركاب.. وكان الجو رديئًا فقضينا الليل في أحد الفنادق، وفي الصباح التالي استأنفنا السفر إلى ميناء (بيريه) في اليونان حيث هبطت الطائرة للتزود بالوقود ومنها استأنفنا السفر إلى القاهرة ولحسن الحظ لم يكن من يعرفني بين ركاب الطائرة. وفي المساء هبطت الطائرة في مطار (بنفليد) الذي أصبح الآن مطار القاهرة الدولي، ولما تم فحص جوازات الركاب وخرجت من المطار تنفست الصعداء وحمدت الله على السلامة ورددت قول البوصيري:

عناية الله أغنت عن مضاعفة         من الدروع وعن عال من الأطم

ولم أشأ الركوب بالسيارة المعدة لنقل الركاب وآثرت سيارة أجرة عادية فنقلتني إلى فندق (متروبوليتان) بالقاهرة..» انتهى.

وقد تشكلت (الهيئة العربية العليا لفلسطين) بموافقة مجلس الجامعة العربية واختير المفتي رئيسًا لها. وسارع المفتي وإخوانه بشراء السلاح وتنظيم قوات الجهاد وكان الشهيد يوسف طلعت والقائم مقام رشاد مهنا، وعبد القادر الحسيني وعبد الرحمن علي يقومون بالشراء وإدخال السلاح إلى فلسطين عبر سيناء حيث يتم تخزين السلاح بفلسطين في بلدة (صوريف) وبلدة (بير زيت).

وأعاد المفتي تنظيم جيش الجهاد المقدس وأسند قيادته إلى عبد القادر الحسيني، كما أنشأ المفتي منظمة الشباب الفلسطيني التي انصهرت فيها منظمات الفتوة والنجادة والجوالة والكشافة، وأسند قيادتها إلى المجاهد الصالح محمود لبيب، وكيل الإخوان المسلمين لشؤون الجوّالة، وكلفه بمهمة تدريب الشباب على القتال.

وحين صدر قرار التقسيم يوم 29/11/1947م أُعلن الإضراب العام في جميع أنحاء فلسطين واشتعل القتال بين العرب واليهود وكان من رأي سماحة المفتي عدم دخول الجيوش العربية إلى فلسطين بل تبقى على الحدود وتترك لأهل فلسطين مهمة مناجزة اليهود والاكتفاء بإمدادهم بالسلاح والأموال.

يقول المؤرخ الفلسطيني الكبير عارف العارف في كتابه (نكبة بيت المقدس):

«إن الإمام الشهيد حسن البنا أبرق إلى مجلس الجامعة العربية في يوم 9/11/1947م يقول إنه على استعداد لأن يبعث كدفعة أولى عشرة آلاف مجاهد من الإخوان المسلمين إلى فلسطين وأن الإخوان ألحّوا على الحكومة المصرية بالسماح لهم بالذهاب فرفضت، لكنهم لم ييأسوا وقاموا بمظاهرة صاخبة من الأزهر الشريف يوم 12/12/1947م قادها المرشد العام الإمام الشهيد حسن البنا بنفسه وهم يطالبون بالجهاد. وتحت ستار القيام برحلة علمية استطاع فريق من الإخوان المسلمين أن يجتاز الترعة إلى سيناء، ومن هناك راحوا يتسللون إلى فلسطين منذ شباط (فبراير) سنة 1948م، وتراجعت الحكومة المصرية عن موقفها فسمحت للإخوان المسلمين بالتدريب.

وفي مصر وسوريا تدرب الإخوان المسلمون ومن هذين البلدين انطلقت عدة كتائب لهم إلى فلسطين بشكل رسمي وقد قاتلت كتائبهم ببسالة وصمود، وبقي قسم منها مرابطًا في القطاع الجنوبي في القدس حتى إعلان الهدنة فسلّم الإخوان مواقعهم إلى الجيش الأردني.

وإن الدور البطولي والجاد الذي قام به الإخوان المسلمون في المعركة هو الذي جعل لهم دورًا خاصًا ومميزًا في النضال الفلسطيني، خاصة أن الإخوان المسلمين قد أرسلوا على رأس الكتائب المقاتلة بعضًا من قادتهم، فجاءت سرية من سوريا وعلى رأسها الشيخ مصطفى السباعي ومن مصر جاؤوا بقيادة الشيخ محمد فرغلي..» انتهى.

ونشبت الحرب العربية مع اليهود 1947 - 1948م فقام بتأليف (جيش الجهاد المقدس) بقيادة عبد القادر الحسيني، وتوقفت الحرب بتدخل الدول الأجنبية.

وبعد الانقلاب العسكري سنة 1952م وبعد انقلاب عبد الناصر على الرئيس محمد نجيب، اضطر سماحة المفتي للرحيل عن مصر سنة 1959م بعد أن بدأت المضايقات تشتد عليه من الحكومة العسكرية والصحافة الرسمية المصرية حيث لاحت في الأفق بوادر الحل السلمي لقضية فلسطين على يد عبد الناصر.

ويروي المفتي بنفسه هذه المفاجأة فيقول:

«لقد وصلتني رسالة من هيئة الأمم المتحدة تخبرني أن هامرشولد يعدّ مشروعًا لحل قضية فلسطين، وأنه اتفق مع عبد الناصر على خطوطه الكبرى وأن الرئيس المصري قد وافق عليه.. فلم أُصدق.

بعثت رسالة سرية إلى الدكتور محمد الفرا - وكان يومها موظفًا في هيئة الأمم المتحدة وليس رئيسًا لوفد الأردن - فجاءني الجواب بصحة النبأ، وأضاف عليه بأن هامرشولد قد اتفق مع عبد الناصر على حل هذه القضية خلال عشر سنوات مقابل ثلاثة آلاف مليون دولار تأخذ منها مصر ألف مليون دولار، وتأخذ سوريا مثلها، ويوزع الباقي على لبنان والأردن. وكان هذا المبلغ في حينها كبيرًا جدًا وكان بمثابة رشوة للدول العربية المضيفة للفلسطينيين.

وفجأة وبدون سابق إنذار هبت الصحف المصرية الخاضعة لإشراف الحكومة تشنُّ حملة قاسية ضد الهيئة العربية العليا ورجالها وانصبت الاتهامات على رؤوس العاملين في حقل القضية الفلسطينية.. بعثنا بردودنا فلم تنشر.. حاولنا الاتصال برجال الحكومة المصرية لمناقشتهم فرفضوا مقابلتنا، وإذا بمجلة روز اليوسف تشنُّ عليَّ حملة ظالمة لم تعرفها الصحافة المصرية من قبل.. بعثت بردّي إلى هذه المجلة فرفضت نشره، بعثت بردّي إلى الصحف المصرية الأخرى فتجاهلته، فتشنا على محامي لإقامة الدعوى على هذه الصحيفة المتجنية فلم يتجرأ أحد على الدخول في دعوى تقام ضد جريدة الثورة المقربة من السلطات...

وفي إحدى الليالي فوجئت بشاب متزن يطلب مقابلتي وهو من أبرز المحامين المصريين - وأُمسك عن ذكر اسمه - فقال لي: (أنا على استعداد لأن أقيم الدعوى على مجلة روز اليوسف ولكنني أؤكد لك أنك لن تجد قاضيًا واحدًا في مصر لديه الجرأة بأن يحكم ضدها، والأفضل أن تكتبوا للرئيس بذلك. (كتبت للرئيس جمال عبد الناصر مثنى وثلاث ورباع فلم أحظ بأي رد، وكان الجو في القاهرة حارًا، ولم يعد لوجودنا أي معنى طالما أننا نُشتم ونُهاجم ولا نستطيع الرد، عندها قررت أن أذهب إلى دمشق وكان ذلك يوم 15/9/1959م وأثناء مروري ببيروت رأيت من الأنسب أن أقضي فصل الصيف في سوق الغرب، وما إن علمت الصحافة اللبنانية بوصولي حتى انطلقت الصحف الناصرية في حملة سباب وشتائم في حين انبرت الصحف الحيادية بالدفاع عن القضية الفلسطينية وكشف النقاب عن أسباب هذه الحملة وعلاقتها بمشروع هامرشولد والثلاثة آلاف مليون دولار المختبئة في مشروعه المعروف ولقناعتي بأنني لا أستطيع عمل شيء بمصر هو الذي دفعني لمغادرتها والإقامة في لبنان» انتهى.

 

من أقوال سماحة المفتي

«إن الحل المنشود للقضية الفلسطينية لا يتحقق بالتنازلات والمناقصات والتفريط في الحقوق الوطنية تفريطًا يقضي على كل أمل للشعب الفلسطيني في الحياة الكريمة، وليس في مجال القضية الفلسطينية أي مكان لتعايش سلمي مع أعدائنا الذين نعلم حق العلم أنهم لا يريدون تعايشًا مع أحد ولكنهم يريدون التوسع على حساب أمتنا وسلامتنا ومستقبل أجيالنا والمضي في سلب كل شيء، معتقدين أن بلادنا كلها هي لهم، بل العالم كله لهم!! وهذا الاعتقاد اليهودي ثابت وقد عرفه كل من درس تاريخ اليهود وكتبهم وعرف ماضيهم وحاضرهم وهم يخادعوننا لكسب الوقت الذي يستطيعون فيه تنفيذ مخططاتهم الرهيبة» - مجلة حضارة الإسلام السورية سنة 1394ه.

معرفتي به

عرفته في سن مبكرة عن طريق السماع لأخباره وتحركاته في تعبئة الأمة الإسلامية للتصدي للمؤامرات التي يحوكها اليهود وينفذها أعوانهم المستعمرون وعلى الأخص الإنجليز الذين أعطوا اليهود الحق في توطن فلسطين حسب وعد بلفور المشؤوم، وكان المفتي لا يهدأ مطلقًا فهو في حركة دائبة وعمل متواصل وجهاد شاق وصبر ومصابرة، لا يقوى عليها إلا أصحاب العزائم من الرجال.

إن سماحة الحاج محمد أمين الحسيني علم من أعلام الإسلام المعاصرين، وهو في غنى عن تعريف مثلي فهو أشهر من أن يعرّف وأكبر من أن أقوم بتعريفه، فقد ملأ الدنيا ذكره، وعمّ الخافقين صيته، وأذكر أن مجلة (الإخوان المسلمون) كتبت تطالب حكومة مصر بالسماح له باللجوء إليها، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ونشرت المجلة على صفحات الغلاف صورته وكتبت تحتها: «مهاجر القرن الرابع عشر الهجري مفتي فلسطين الأكبر الحاج محمد أمين الحسيني»، وقد مارست جماعة الإخوان المسلمين وعلى رأسها الإمام الشهيد حسن البنا، وجماعة الشبان المسلمين وعلى رأسها محمد صالح حرب، والاتحاد العام للجمعيات والهيئات الإسلامية بمصر وعلى رأسه عبد الواحد سبل، وغيرهم من الشخصيات السياسية والوطنية مثل: محمد علي علوبة، وعبد الرحمن عزام، وعلي ماهر وغيرهم، مارس هؤلاء ضغوطًا سياسية وشعبية، حتى وافقت حكومة مصر على لجوئه رغم اعتراض بريطانيا على ذلك.

ويروي في جريدة الشرق الأوسط د. صلاح الدين المنجد قصة تهريب الحاج أمين الحسيني من سجنه الفرنسي سنة 1946م إلى القاهرة فيقول:

«كان الدكتور محمد معروف الدواليبي قد كشف لنا النقاب حيث قال بعد تردد وإلحاح منا: إن الله (سبحانه وتعالى) إذا أراد أمرًا يسّره مهما أحاط به من مصاعب، أو خُيل للإنسان أن لا سبيل إليه. فعلى إثر الحرب العالمية الثانية كانت الدول العظمى الثلاث: الولايات المتحدة الأمريكية، وإنجلترا، وفرنسا، تلاحق الحاج أمين الحسيني، بعد أن همّوا بالقبض عليه في فلسطين ثم في لبنان ثم في العراق فأفلت منهم، واضطروه للالتحاق بهتلر، وتابع كفاحه ضد اليهود الغاصبين، فقبض عليه الفرنسيون في أسبوع إعلان الهدنة وسجنوه في مكان يصعب على أي إنسان أن يهتدي إليه؛ وكنت يومئذ في باريس لتحضير الدكتوراه، وكنت رئيس لجنة الطلاب العرب في فرنسا، فبذلنا جهودًا لا يمكن تصورها حتى اهتدينا إلى مكان سجنه الذي يبعد ثلاثين كيلومترًا عن باريس.

ولم يكن في باريس سنة 1946م طائرات مدنية لنقل الركاب إلى الشرق، وكان هناك يوميًا طائرتان مخصصتان لأمور عسكرية تسافران إلى القاهرة وشمال أفريقيا، وكان يسمح لراكب مدني واحد فقط أن يسافر على كل منهما بشرط أخذ الإذن من السفير الأمريكي بباريس، وبعد الدراسة وقع اختيارنا على الطائرة الأمريكية ليهرب على متنها، فاستطعنا بحول الله تعالى حجز مكان في الطائرة كان مخصصًا لضابط أمريكي، أمكن حمله على التخلف ليحل محله الحاج أمين باسم مستعار، ثم حملناه إلى المطار وصعد الطائرة بكل هدوء وبشكل عادي وطبيعي ودون علم السفير الأمريكي وإذنه، وذلك بفضل تنازل الضابط الأمريكي عن مكانه. وعندما رأينا الطائرة تقلع، تنفسنا الصعداء، وبتنا ننتظر الخبر الميمون بوصوله إلى المكان المأمون. وأصبحت صائمًا لله تعالى تضرعًا وخيفة. واستقبله في القاهرة من اتصلنا بهم لاستقباله، ونزل في مكان أُعدّ له بادئ الأمر سرًا، وبقي فيه بضعة عشر يومًا لا يعلم العالم عنه شيئًا.

وقد نزل خبر فراره كالصاعقة على الحكومة الفرنسية، حين افتضح أمر هروبه بعد أسبوعين، فبادرت إلى اعتقالي الفوري وإجراء التحقيقات. وقام رئيس استخبارات الحلفاء بدمشق الجنرال كلايتون بنفسه بتفتيش مزرعة رئيس الوزراء جميل مردم بحثًا عن الهارب المطلوب من الجيوش الثلاثة. وبعدها ظهر الحاج أمين فجأة في قصر الملك فاروق الذي لم يسعه إلاّ الترحيب به» انتهى.

كان الإخوان المسلمون والمخلصون من قادة مصر، يبذلون قصارى جهدهم لمساعدة إخوانهم الفلسطينيين في جهادهم ضد اليهود وأعوانهم الإنجليز، حيث شرعوا في شراء الأسلحة لهم، من مخلفات الحرب العالمية الثانية في الصحراء الغربية، بل شارك الكثير من الضباط المصريين ذوي الاتجاهات الإسلامية في تدريب الفلسطينيين ضد أعمال العصابات اليهودية التي يقوم الإنجليز بتدريبها في فلسطين ويزودونها بأسلحتهم الخفيفة والثقيلة.

ولم يكن هذا الأمر بالجديد على الإخوان المسلمين، فإن الصلة بينهم وبين سماحة مفتي فلسطين قديمة منذ سنة 1935م، حين أرسل الإمام الشهيد حسن البنا كلاً من أسعد الحكيم وعبد المعز عبد الستار وعبد الرحمن البنا لمقابلة المفتي وعرض خدمات الإخوان للشعب الفلسطيني في جهاده، وجاؤوا بجواب الرسالة من سماحة المفتي الحسيني إلى المرشد العام حسن البنا.

وفي سنة 1936م، قام الإخوان المسلمون في جميع أنحاء مصر، بدعوة الناس للتبرع لمجاهدي فلسطين، ونظموا حملة باسم: «ادفع قرشًا لفلسطين» وانتشروا في مساجد المملكة المصرية يخطبون في المساجد والمحلات العامة، يهيبون بالناس لنجدة إخوانهم الفلسطينيين، وقد كتب أديب العربية الكبير مصطفى صادق الرافعي مقالاً في مجلة (الرسالة) تحت عنوان: (قصة الأيدي المتوضئة) سنة 1936م، وأثنى فيه على جهاد شباب الإخوان المسلمين وجمعهم التبرعات للمجاهدين الفلسطينيين. وذلك في أسبوع أعلنوا عنه أنه (أسبوع فلسطين) وأصدرت مجلة الإخوان المسلمين أعدادًا خاصة عن (فلسطين الجريحة) ووزعت كتبًا عن (النار والدمار في فلسطين) وأثاروا مشاعر الشعب المصري ونخوته لنجدة فلسطين، حتى أغضبوا حكومة مصر التي أعلن رئيسها أنه رئيس حكومة مصر لا فلسطين، وذلك من أجل إرضاء الإنجليز، الذين كانوا متنفذين في مصر، وأثارتهم غضبة الشعب المصري الصادقة وثورته العارمة لنصرة إخوانهم الفلسطينيين ونقمتهم على الإنجليز لمساعدتهم اليهود.

وحين أُعلن قرار تقسيم فلسطين يوم 29/11/1947م، هاجت الشعوب العربية والإسلامية وعمّت المظاهرات الصاخبة أنحاء العالم الإسلامي، وتعرضت المصالح الأجنبية لاعتداءات الجماهير الغاضبة فسارعت الجامعة العربية إلى عقد مؤتمر لتقرر دخول الجيوش العربية إلى فلسطين وفق مخطط أجنبي، يُظهر عجز الجيوش العربية عن التصدي لليهود وعجزها عن الحيلولة دون إقامة دولة إسرائيل في أرض فلسطين.

غير أن القوى الوطنية - والحركة الإسلامية في مقدمتها - عقدت مؤتمرًا شعبيا في القاهرة تكلم فيه حسن البنا ومحمد صالح حرب ومحمد علي علوبة وعبد الواحد سبل وأحمد حسين وصبري عابدين (مندوب أمين الحسيني) وغيرهم، وكان الجميع يعارضون الجامعة العربية في إدخال الجيوش العربية إلى فلسطين لأنها ستكون ملزمة بالقرارات الدولية ومنصاعة لتنفيذها لأن الدول هي التي أصدرت قرار التقسيم الجائر.

ولقد طالب القادة في المؤتمر الشعبي بتسليح شعب فلسطين وتزويدهم بالمعونات اللازمة، وفتح المجال أمام المتطوعين من البلاد العربية والإسلامية، للمشاركة في الذود عن الديار المقدسة بفلسطين، غير أن المؤامرة سارت في مسارها ودخلت الجيوش العربية، وكان ما كان من مهزلة الهدنة الأولى والثانية والثالثة وتولى الجنرال الإنجليزي (كلوب باشا) القيادة الفعلية لهذه الجيوش العربية التي انسحبت وأسلمت البلاد وأهلها لليهود الذين أقاموا المجازر والمذابح على مرأى ومسمع من العالم أجمع.

موقف مشرّف

ومن الجدير بالذكر أن الشاعر الإسلامي الكبير علي أحمد باكثير نشر في جريدة (الإخوان المسلمون) اليومية الصادرة بتاريخ - 18/4/1948م - أي قبل إعلان قيام دولة إسرائيل بأقل من شهر - رسالتين متبادلتين بين الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود والرئيس الأمريكي ترومان حول قضية فلسطين مسجلاً للملك عبد العزيز موقفه المشرّف والواضح والصريح من قضية فلسطين في لحظة حاسمة من تاريخها العصيب.

فقد كان الملك عبد العزيز في منتهى الدقة والحزم في ما كتبه للرؤساء الأمريكيين في ما يخص قضية فلسطين محذّرًا من مغبّة التورّط والتمادي في تأييد الكيان الصهيوني وقد نُشرت معظم هذه الرسائل في الكتب التي تعنى بتاريخ الملك عبد العزيز وفي مقدمتها كتاب (شبه الجزيرة في عهد الملك عبد العزيز) لمؤلفه خير الدين الزركلي. وأقدمها رسالته للرئيس روزفلت بتاريخ 29/11/1938م حيث جاء فيها: «... إن قضية فلسطين قد نُظر إليها من وجهة نظر واحدة. هي وجهة نظر اليهود والصهيونية وأُهملت وجهات نظر العرب...» كما أرسل عدة رسائل للرئيس ترومان بتاريخ 15/9/1946م، و1/11/1946م، و25/2/1948م يقول فيها:

«... إن الحق الطبيعي للعرب في فلسطين يرجع إلى آلاف السنين، إن اليهود ليسوا إلاّ فرقة ظالمة باغية معتدية.. أضف إلى ذلك أطماعهم التي يبيتونها ليس لفلسطين وحدها، بل لسائر البلاد العربية المجاورة ومنها بعض الأماكن في بلادنا المقدسة.. وبهذه المناسبة أحبُّ أن أذكر فخامتكم بأن الحكومة البريطانية هي التي أعطت وعد بلفور وهي التي نقلت المهاجرين اليهود إلى فلسطين تحت حماية حرابها وهي التي آوتهم وآوت زعماءهم ولا تزال توليهم من شفقتها ورحمتها بهم... إن القرآن الكريم الذي به نؤمن وعليه نحيا وعليه نموت، قد لعن اليهود كما لعنتهم التوراة والإنجيل، وهو يوجب علينا أن نمنع اعتداءاتهم على هذه الأرض المقدسة بأرواحنا وأموالنا، ولا يقبل منا في ذلك صرفًا ولا عدلاً... لقد كان في ممالأتكم السافرة لأعدائنا الصهيونيين وموقف حكومتكم العدائي نحو العرب ما يكفي ليحملنا على قطع الصلات بين بلدينا وفسخ عقود الشركات الأمريكية وإلغاء الامتيازات التي خولناها لها. لولا أننا آثرنا ألاّ نعجل باتخاذ مثل هذا الإجراء لعل حكومة الولايات المتحدة تراجع نفسها وتصحح موقفها من قضية فلسطين، فتعدل عن تأييد الباطل الواضح إلى تأييد الحق الواضح دون ضغط منا أو تهديد بقطع مصالحها الاقتصادية في بلادنا...» انتهى.

أقوال العلماء فيه

يقول العلاّمة الكبير أبو الحسن الندوي في كتابه القيّم (شخصيات وكتب):

«إن حادثة وفاة سماحة المفتي الأكبر الحاج السيد محمد أمين الحسيني حادثة عمَّت العالم الإسلامي كله وهزّته، وحقّ للمسلمين جميعًا أن يتبادلوا التعازي كأفراد أسرة فُجعت في أحد آبائها أو مربيها وقد فقد العالم الإسلامي في شخصه أقدم زعيم وأكبر مجاهد وأعظم بطل من أبطال قضية المسجد الأقصى والقدس الشريف، وقد خُتم بوفاته كتاب في الجهاد والإخلاص للعقيدة والفكرة والوفاء للمبدأ والغاية، ولقد سعدنا بزيارته في ندوة العلماء بمدينة (لكنهؤ) سنة 1933م مع زميله الكبير الأستاذ محمد علي علوبة في جولة دعائية للجامعة الإسلامية ثم التقيته في القاهرة والمدينة المنورة.

رحمة الله عليك يا أبا صلاح الدين ويا مجاهد فلسطين رحمة الأبرار الصالحين والأمناء الصادقين والمجاهدين المستميتين، فقد فارقت هذه الحياة وفي نفس يعقوب حاجة ما قضاها وأمنية لم تقرّ عينه بتحققها؛ بل انتقلت إلى جوار ربك مفجوعًا بما رأيت في آخر أيام حياتك، وذهبت إلى ربك جريح الفؤاد، حزين القلب، محطم الأعصاب، غير راضي النفس، ولا قرير العين، بما اتفق عليه قومك من وضع السلاح والاكتفاء من الغنيمة بالإياب، وترك المسجد الأقصى والقدس الشريف على ما كانا عليه، وأنت الآن في كنف رحمة الله تثاب على عملك وجهادك ولا تُسأل عن عمل غيرك.

لقد حدَّثتني حين زرتك في القاهرة يوم 7/8/1370ه - 13/5/1951م عن تاريخ جهاد فلسطين ومطامع اليهود السافرة حتى أطماعهم في احتلال المدينة المنورة وخيبر ومستعمرات اليهود القديمة، ومطالبتهم بذلك بكل صراحة والتهيؤ والاستعداد له ونفاق الإنجليز وكيدهم للمسلمين والروح الصليبية الكامنة في نفوسهم بل البادية في أحاديثهم وأعمالهم {قَدْ بَدَتِ البَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِيْ صُدُورِهِمْ أَكْبَر}، (آل عمران: 118). وسذاجة الشعوب الإسلامية وسرعة انخداعها وأخطاء الدول العربية وغفلتها عن مصيرها والأخطار الصهيونية التي تهدد كيانها واشتغال ملوك العرب بنفوسهم وترفهم وجناية الجامعة العربية على قضية فلسطين بتكفلها بهذه القضية ثم تقاعسها عنها، وعزل الشعب الفلسطيني المجاهد عن السلاح وتسليم المناطق العربية لليهود. وقد أثنى (رحمه الله) على الإمام الشهيد حسن البنا (رحمه الله) وأثنى على الإخوان المسلمين المجاهدين في فلسطين وأثنى على رجولتهم وقوة إيمانهم وحماستهم وقال: «كان الواحد منهم يقاتل عشرات من اليهود» انتهى.

ويقول الشيخ محمد زهير الشاويش:

«لا أعرف زعيمًا عربيًا في مكانة الحاج أمين (رحمه الله) توافرت له الرؤية الواضحة، والنظرة السليمة، والصمود الذي لا يجعله يتزحزح عما يراه حقًا قيد أنملة وكفاه بهذا فخرًا. لقد سمعته أكثر من مرة يتحدث بلهجة فيها كل العمق والنضج السياسي عن السلطان عبد الحميد الذي لم يخضع لطلب اليهود بإعطائهم وعدًا بإنشاء وطن قومي لهم وقال: «إن فلسطين ليست ملكًا لي حتى أعطيكم منها، بل هي وقف إسلامي ملك للأمة الإسلامية كلها».

وكان الحاج أمين يرى أن حياتنا السياسية، لا بد أن تكون مبنية على أسس سليمة تحول دون المفاسد مرتكزة على قواعد الإسلام، وأننا في معركة فلسطين أضعنا الكثير من قوتنا عندما تجاهلنا المسلمين» انتهى.

إن سماحة الحاج أمين الحسيني لم يدخر وسعًا على كل صعيد، وفي كل مجال شعبي ورسمي، عربي وإسلامي ودولي، وظل المجاهد الذي لا يكل ولا يمل، رغم تقدم السنّ، وضخامة الأحداث وقوة الأعداء وقلة الأنصار، وتكالب الخصوم، وتصدع الجبهات الداخلية، وكان أمله أن العلاج هو ما شرعه الإسلام، وهو الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام، ومن هنا كان دوره في تعضيد كل عمل جهادي يستهدف اليهود، باعتبارهم جرثومة الفساد في العالم والسوس الذي ينخر في المجتمعات، ولا علاج لهم إلا بالقتل والاستئصال من الأرض، لأنهم المفسدون في الأرض على مدار التاريخ كله.

آخر زياراتي له

زرته في بيروت أواخر أيامه مع بعض الإخوة الكويتيين والسوريين والمصريين، فوجدت هذا الشيخ المهيب، والكهل الوقور، يتوقد حماسًا يفوق حماس الشباب، ويعرض الأمور ويحلّل الأحداث بعين الناقد البصير والسياسي المحنك والخبير المجرب، وكانت وصيته أن لا نقطع الأمل، وأن نبقى على العهد، في مواصلة الجهاد، وأن تظل راية الإسلام مرفوعة، يسلمها الجيل الحاضر إلى الذي يليه، حتى يقضي الله أمره، ويحقق وعده فالنصر آت لا محالة، والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين، فلنثق بموعود الله، ولنحسن التوكل عليه، ونخلص النية له، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

وفاته

ولقد اختاره الله إلى جواره بمدينة بيروت (يوم 14/6/1394ه - 4/7/1974م) حيث دُفن في مقبرة الشهداء في المرج. وقد بكاه العالم الإسلامي، فقد كان القائد الفذّ والرجل الصلب الذي استعصى على الوعد والوعيد والترغيب والتهديد، ولم يتنازل قيد شعرة عن حقوق المسلمين ومقدّساتهم في فلسطين، ولم يفرط بشبر من أرض المسلمين، ولا باع الأرض والعرض بثمن بخس، كما يفعل المنهزمون والمستسلمون وعبيد الدينار والكرسي من الأذناب والعملاء وأشباه الرجال من الأقزام المهازيل والدمى المتحركة وأحجار الشطرنج، ولم يهب اليهود رجلاً كما هابوه، ولم يكرهوا أحدًا كما كرهوه، ولم يحاربوا أحدًا كما حاربوه، كما هلّلت بريطانيا لموته، وصدّرت جريدة التايمز البريطانية مقالها الذي عقّبت فيه على وفاة الحاج أمين الحسيني بهذه الكلمات: (مات عدو الصهيونية والإمبراطورية البريطانية).

رحمك الله يا أبا صلاح رحمة واسعة وجزاك عن الإسلام والمسلمين والذود عن مقدساتهم خير ما يجزي عباده الصالحين وجمعنا الله بك في جنات النعيم مع الأنبياء، والشهداء، والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا، والحمد لله رب العالمين.

وسوم: العدد 901