سيّدتنا أمّنا خديجة.. أعظم الرجال والنّساء

 

  1. هاتفني منذ ثلاثة أيام زميلنا صدام حسين مجاهد، قائلا: سيّدنا الصّديق رحمة الله عليه ورضوان الله عليه تصدّق بماله فهو إذن الأفضل.
  2. أجبته، رحم الله سيّدنا الصّديق ورضي الله عنه وأرضاه. وإذا تأمّل القارئ المتتبّع من ناحية إنفاق المال -كمثال وليس قاعدة- يقف على العناصر التّالية:
  3. سيّدنا الصّديق أنفق ماله كلّه لنصرة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. وظلّ سيّدنا الصّديق ينفق في سبيل الله، ونصرة لسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وبما سمحت به الظروف.
  4. سيّدتنا أمّنا خديجة وضعت مالها كلّه -أقول كلّه- تحت تصرّف سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وطيلة حياتها، وإلى أن لقيت ربّها راضية مرضية.
  5. ظلّت تتعامل مع زوجها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم على أنّها الزوج الصالحة، ولم تعامله يومها على أنّها الغنية الثرية.
  6. رضيت وهي الغنية الثرية السّيدة أن تعيش طيلة حياتها مع زوجها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم حياة بسيطة -حتّى لاأقول فقيرة-.
  7. لم تذكّر زوجها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم يوما واحدا -ولا دقيقة واحدة- أنّه الفقير، وأنّها الغنية الثرية. ولم تسأله يوما عن كيفية تسيير ثروتها، وتجارتها وقد تأكدت من أمانته، وصدقه، وحسن معاملته.
  8. عاملها زوجها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بما يليق بمقامها الرفيع، ولم يتزوّج بالثانية وهو في 25 سنة من عمره وهي في 40 من عمرها. مع العلم قريش يومها، والعالم أجمع يقرّ التعدّد، والمرأة تقبل التعدّد. وظلّ الزوج سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وفيا لعظم خصالها، وسمو أخلاقها، وبياض سيرتها، وعلو شأنها إلى أن لقيت ربّها راضية مرضية.
  9. من جهة أخرى: لفهم عظمة سيّدتنا أمّنا خديجة رضوان الله عليها، لزم على القارئ المتتبّع أن يستحضر اللّحظات التي دخل فيها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم على زوجه سيّدتنا أمّنا خديجة، بالإضافة إلى عناصر أخرى حين ينطلبها المقام وهي:
  10. يعود سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم لبيته عائدا من غار حراء، وهو يرتجف، وكلّه عرق، وفي حالة صعبة جدّا. هذه الحالة تجعل الرجال يذهلون، فكيف بالنّساء. وسيّدتنا أمّنا خديجة لم تفقد صوابها حين رأت زوجها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بهذه الحالة، وقد تعوّدت أن تراه الهادئ، والمستقر، والثّابت. ورغم ذلك، تتدخل سيّدتنا أمّنا خديجة بقلب قوي، وشجاعة نادرة، وتمسك زوجها وتقعده، وتلبي طلبه بأن تدثّره، وتسعى لتهدئته بكلمات رقيقة، ولطيفة كانت الدواء والشفاء. وتختار عبارات خالدة، وتهمس بها إلى زوجها قائلة: "كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق"
  11. لم تقل له: إنّك لتصلي، وتصوم، وهو العائد من خلوته حالا، باعتبار كان العرب قبل البعثة يصلون ويصومون حسب ذلك الزمان. وكانت بحقّ امرأة ميدانية، وصلبة، وقوية حين ذكّرته بخصال ميدانية رآها الجميع، وأخلاق عالية تجسّدت في أفعال يومية عالية يقوم بها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بشكل يومي وتلقائي. وقد سبق أن اختارته لهذه الأخلاق السّامية وهو الفقير، وتركت لأجل أخلاقه العالية سادة، وأغنياء قريش الذين بذلوا لها المال الوفير.
  12. كتبت منذ سنوات: من الأخطاء الشّائعة القول أنّ سيّدتنا أمّنا خديجة كانت الأولى التي أسلمت من النّساء. والصواب -عندي-: سيّدتنا أمّنا خديجة الأولى التي أسلمت من النّساء، والرجال. واليوم أضيف: سيّدتنا أمّنا خديجة رحمة الله عليها، ورضوان الله عليها أعظم الرجال، والنّساء.
  13. مايجب الإشارة إليه أنّ المقال لايتطرّق للمقارنة، ولا للمفاضلة بين أسيادنا الصحابة رحمة الله عليه، ورضوان الله عليهم جميعا. فليس هذا غاية المقال.

وسوم: العدد 907