العلامة المجاهد الشيخ محمد الحامد رحمه الله

العلامة المجاهد الشيخ محمد الحامد رحمه الله

الشيخ محمد الحامد

علاّمة دهره، وقطب زمانه، وسيد مدينة حماة وشيخها بلا منازع، قضى حياته عالماً ومتعلماً مجاهداً ومربياً، وهو المشهور بأداء فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمعروف بدقة الورع والخوف من الله. جاهد في الله بحسامه وبيانه، ونازل أهل الضلالات والمبادئ الهدامة حتى صرعهم، وأسلمت له حماة قيادها وهو المؤسس الأول لأول شعبة من شعب الإخوان المسلمين خارج مصر في حماة أيام الإمام الشهيد حسن البنا المرشد العام الأول وذلك عام 1939م مع ثلة من إخوانه وعلى رأسهم:

1- الأستاذ عبد الغني الحامد شقيقه الأصغر.

2- الأستاذ الشيخ عبدالله الحلاق.

3- الأستاذ الشيخ منير لطفي.

4- الأستاذ الشيخ منير الحوراني.

5- الأستاذ عبد الغني الساعاتي.

عليهم رحمة الله جميعاً.

محبب إلى الناس، يجمع بين التواضع والمهابة، يعلوه الجمال والجلال، ذاكراً لله على كل أحواله.

آثر التعليم في مدارس حماة، على القضاء في المحاكم، رغم تخصصه العالي في القضاء.
ولد في مدينة حماة عام 1910م وترعرع فيها، والده الشيخ محمود الحامد، والدته السيدة كوكب بنت الشيخ عبد الغني الجابي، خاله الشيخ سعيد الجابي ذائع الصيت.

نشأ يتيماً بعد وفاة والده وله من العمر ست سنين، وتوفيت والدته بعد عامين، وتولى رعايته شقيقه الأكبر بدر الدين شاعر العاصي المشهور مع أخيه الأصغر عبد الغني.

التحق بحلقات العلم عند خاله الشيخ سعيد الجابي منذ نعومة أظفاره، ونال ما يعادل الإعدادية من المدرسة الشرعية في حماة، ثم تابع دراسته في الثانوية الشرعية المسماة بالخسروية في حلب، ثم حصل على العالمية من جامعة الجامع الأزهر مع التخصص العالي في القضاء.

وقد أعطى العلم كله ويقول: "العلم إن لم تعطه كلك لا يعطيك بعضه" ويستشهد بنصيحة شقيقه: بدر الدين أعوذ بالله من نصف متعلم.

ومن شيوخه العظام الذين دأب على ذكرهم في إجلال وإكبار:

1- الشيخ سعيد النعساني الوردي/ مفتي حماة.

2- الشيخ توفيق الصباغ، رئيس جمعية العلماء في حماة.

3- العلامة الشيخ أحمد سليم المراد، شيخ حماة.

4- الشيخ سعيد الجابي، أبرز رجالات حماة وخطبائها.

5- الشيخ العارف الجهبذ مرشد السالكين ومربي العلماء والمريدين أبو النصر سليم خلف الحمصي النقشبندي.

6- الشيخ أحمد الزرقا والد الشيخ مصطفى الزرقا في حلب.

7- الإمام الشهيد مرشد الإخوان المسلمين ومؤسس حركتها الشيخ حسن البنا.

وأهم إخوانه الذين قدمهم في حياته وأحلهم مكان الأنس والحب في قلبه الشيخ أحمد الحصري(1) والد الدكتور الشيخ محمد الحصري.

مارس التدريس في مدارس حماة الثانوية، وفي جامع السلطان وجامع الجديد، وكان خطيب الجمعة في جامع السلطان، وفي كل المناسبات الإسلامية والوطنية.

وعايش الأحداث بمشاركة فعالة وإيجابية، ولم يكن منزوياً انطوائياً، بل تجده في خضم الأحداث بطلاً مغواراً لا يهاب إلا الله للذود عن حياض الإسلام وسلامة الوطن، فقد أسس شعبة الإخوان المسلمين في حماة، وساهم في نشاطها، وشارك في جهاد الإفرنسيين حتى نالت البلاد استقلالها، ووقف في وجه الهجمة العلمانية الإلحادية حتى صغّر من حجمها وقلل من شأنها.

ثم كان له الدور الأهم في نجاة أكثر من عشرين شاباً مسلماً من حكم الإعدام بعد أحداث وهدم جامع السلطان عام 1964م، على أيدي البعثيين الطائفيين ثم كانت حرب حزيران عام 1967 وهزيمة العرب أمام شراذم الصهاينة قاصمة الظهور لحالته الصحية التي عانى من أمراض عديدة شديدة بسببها، حتى توفاه الله تعالى في 5/5/1969م.

لقد تنوعت ثقافته ومصادر علمه وغلب عليها في البداية الأدب والشعر، فقد كان شاعراً لا يقل بل يزيد عن شقيقه بدر الدين شاعر العاصي، ثم توجه بكليته إلى كتب التفسير والحديث الشريف والسنن، وأخذ حظاً وافراً من التصوف وكتبه، ثم رست مراكبه مع الفقه الإسلامي وفي مقدمته فقه الإمام أبي حنيفة النعمان رحمه الله.

وكان يحفظ كتاب الله تعالى غيباً، ويتلوه في كل أسبوع مرة، ويحفظ من الأحاديث وأسانيدها وعلوم الرجال وتاريخها ما يدهش، ولم يكن غائباً عن قافلة عصره بل عرفها وحذّر من الكثير الذي أراد عقيدة الأمة وتوحيدها بسوء. وكان جل اهتمامه في حياته المباركة تربية الأجيال على الإسلام الحنيف الصافي العتيق.. كما كان يحلو له أن يسميه، والاطمئنان على سلامة الاعتقاد والأخلاق والانتماء، وكان شأنه في ذلك شأن الإمام الشهيد حسن البنا إذ كانت عنايتهم بالتربية أكثر من عنايتهم بالتأليف مع امتلاك الأسباب الوفيرة للكتابة والتأليف والتصنيف.

ومن آثار الشيخ محمد الحامد رحمه الله المنشورة:

1- كتاب ردود على أباطيل.

2- مجموعة رسائل في موضوعات مهمة.

3- كتاب نظرات في اشتراكية الإسلام.

4- كتاب نكاح المتعة حرام في الإسلام.

وله رأي رائع في تكوين الجيل المسلم المعاصر نلخصه بما يلي:

1- المسجد هو الأساس.

2- تسليح الشباب بالعلم الصحيح والفكر السليم.

3- مداومة الذكر وتنقية السر.

4- حفظ كتاب الله والإكثار من رواية الأحاديث الشريفة.

5- تعلم السيرة الشريفة وسيرة الصحابة الكرام وأيام المسلمين.

6- توجيه الأذكياء والنبهاء إلى التخصص بالعلوم الشرعية.

7- القيام بفروض الكفاية كالعلوم الحديثة والتقنيات العصرية.

8- عدم السفر إلى بلاد الأجانب إلا لتحصيل اختصاص لا يوجد عندنا.

9- يحث الشباب على الصحبة الصالحة.

10- يشجع الشباب على الزواج المبكر.

11- يدعو الشباب للالتحاق بركب الحركة الإسلامية.

ويدعو قادة العمل الإسلامي والعلماء إلى الالتزام بـ:

1- التقوى وتقديم المثل الأعلى في أنفسهم.

2- الزهد في حطام الدنيا وعدم الحرص على الزعامات.

3- مواجهة الأحداث بجرأة وشجاعة والتعفف عند المغانم.

4- أن يعاملوا الشباب كآباء ويؤكدون على رابط الحب والاحترام.

5- حمل الدعوة بقوة ونقلها بأمانة والصبر على التضحيات.

خلّف رحمه لله خمسة من الذكور على رأسهم الشيخ محمود الحامد نجله الأكبر وابنتان الأولى زوجة الشيخ مصطفى المراد رحمها الله تعالى، والثانية زوجة الدكتور سلمان نجا رحمه اله تعالى.

وقد كتب في سيرته:

1- كتاب العلامة المجاهد الشيخ محمد الحامد للشيخ عبد الحميد طهماز رحمهما الله.

2- مطبوعة صغيرة من منشورات الإخوان المسلمين باسم الشيخ محمد الحامد.

3- مطبوعة باسم سيرة ذاتية بقلم الشيخ محمد الحامد.

4- سيرة الشيخ محمد الحامد غير مطبوع بقلم ولده الشيخ محمود الحامد.

5- كتاب غير مطبوع باسم المحامد في سيرة الشيخ محمد الحامد لأحمد فارس جواد أحد تلامذته.

وأخيراً نقول:

ضن الزمان فما يجود بمثله     إن الزمان بمثله لضنين

والحمد لله رب العالمين

                

(1) شيخ مدينة معرة النعمان ومفتيها ومنشئ المدارس الشرعية فيها.