حَسَنُ نصرُ الله سيلٌ من الأكاذيب لا ينقطع

محمد عبد الرازق

حَسَنُ نصرُ الله سيلٌ من الأكاذيب لا ينقطع

محمد عبد الرازق

ما عادَ سيِّدُ المقاومة يستحي على نفسه، فلقد فَقَدَ آخِرَ ما كان في جُعبَته من رصيد ( المقاومة )، عندما أخطأ في توجيه البوصلة من الجنوب ( دولة الاحتلال ) إلى الشمال ( دولة الجوار )؛ فدسَّ أنفَه في شأن لا يعنيه، و كان يسعُه من الأمر أن يقف ممَّا يجري فيها على الحياد ( أيًّا كان نوعه: سلبي، أو إيجابي).

غيرَ أنَّ التعاليم الخامنيئية قد تسرَّبت إليه في جحره، الذي بات يقبع فيه ( في الضاحية الجنوبية ) بشكل شبه دائم منذُ عام ( 2006م ) عندما خشي على نفسه من رمية طائشة، قد لا تصدّها عنه بركات صاحب الزمان، الذي يقبع هو الآخر في ( طهران )؛ فأوحى إليه: أن أرسلْ رَجِلَك لمؤازرة وَلَدنا (بشار ) قبل أن يَحُلَّ به ما كُنَّا نخشاه من النواصب، عملاء قوى الاستكبار العالمي، و خدم الشيطان الأكبر.

و لم تتأخر الاستجابة؛ فبدأ يرسل جنودَه تترى إلى شتى محافظات سورية، بدءًا من ( قامشلو ) إلى نقطة حدود ( المصنع ) حيث يرابط فيها أبناء حزبه المُمسِكين بقوى الأمن اللبناني العام.

و قد أخذت الأمور تتكشَّف أمام الرأي العام ( العربي، و العالمي )؛ فبين الحين و الآخر تُظهِرُ (الفيديوهات ) صور جنوده ما بين مقتول، و أسير بفعل عزيمة كتائب الثوار من أبناء الحيش السوري الحر، ناهيك عمَّن التقطت عدسات المصورين وجوههم، و هم يتجوَّلون في أزقة دمشق الفيحاء، أمام جند الأسد.

و ليتَه ارتدع، و ارعوى، و ثاب إلى رشده؛ بلْ ما فتئ يرسل المزيد منهم تحت مُسمَّيات لم تنطلِ على السوريين في ريف حلب الشمالي؛ ففاجأوه بخبر اعتقال خمسة من خبرائه العسكريين من بين أحدى عشر رجلاً أمسك بهم الثوار في منطقة ( إعزاز ).

و كان آخر عهده بردِّ الجميل إلى السوريين لقاء ما كان من كريم سجاياهم في تموز من عام ( 200م ) أن أرسل إليهم مجموعة من جحافله؛ ليفكوا الحصار عن أنصار صاحبه في حاجز مدينة ( القصير ) في محافظة ( حمص )، صاحبة المآثر في أيام محنة اللبنانيين في معركة تموز التي لم يُجِدْ حساب عواقبها ( سيد الضاحية ).

و عودًا إلى موضوع ( الحياء ) الذي يَزين الرجال، و يُكسِبُهم المهابَة، و الجلال؛ فإنَّ ( السيد ) بات يفتقده تمامًا في هذه الأيام، من خلال امتهانه الكذبَ في كلِّ إطلالة عبر الشاشة العملاقة في قاعة ( سيد الشهداء ).

كيف لا يكذب، و هو الذي شارك في جرائم الإبادة مع قوات الأسد ضد السوريين، ومن استحل الدماء، لا يتورع عن الكذب: ( إنّه إلى الآن لم يتورط في حرب مع بشار ضد السوريين ).

ترسل قواتك لتجرم في سورية، ثم تظهر لتتستَّر عليها بطائرة دون طيار، تغطي بها فشلك وسقوطك الأخلاقي والسياسي والميداني.

لماذا ترمي بأبناء حزبك، و طائفتك في أتون حرب ليسوا طرفًا فيها؟ أيجدُر أن تُضحي بهم إنقاذًا لحكم عائلة لفظتها كلُّ مكوِّنات الشعب السوري! ألهذا الحدّ أصبحت تنفِّذ تعليمات وليّ نعمتك في إيران؟ هم يخططون، وأنت تأمر عناصر حزبك كي ينفذوا عمليات ومهمات قذرة في سورية، و ليس في جنوب لبنان؟

ماذا كان يفعل أحد قادة حزبك الميدانيين ( حسين ناصيف، أبو العباس شمص ) في حمص، عندما تمكن منه مقاتلو الجيش الحر في كمين نُصِب له، و لمجموعته ( ثلاثين شخصًا ) في القصير؟ عندها قالت بياناتكم: إنه شهيد الواجب.

 أيُّ واجب هذا الذي يكون في الاصطفاف مع عصابة إجرامية دموية؟ وماذا تصنع باعتراف الشيخ يزبك (الوكيل الشرعي العام للإمام الخامنئي في لبنان) بأنه قتل في سورية، و أنت تصرُّ على مقتله، و رفاقه في تفجير مخزن أسلحة من مخلّفات حرب تموز، في البقاع؟

ماذا تقول للعالم، وقد حشدت قواتك على مشارف قضاء مدينة القصير في ريف حمص، عندما كانت الطائرات المروحية ترمي ببراميل المتفجرات تمهيدًا لاقتحامها؟

لقد فاجأتكم المقاومة الشديدة لمقاتلي الجيش الحر؛ ولمَّا تمكنوا من السيطرة عليها لعدة ساعات؛ قامت عصاباتك إلى جانب شبيحة الأسد بخوض معارك شرسة معهم، و استعدتم السيطرة عليها، فكان أن بادرتم إلى القيام بعمليات تهجير ذات طابع مذهبي مبرمجة لسكان القصير من السنة إلى مشاريع القاع، و عرسال في لبنان، بحجة حماية القرى الشيعية اللبنانية من خطر هؤلاء الأصوليين.

و بعدها تمكنت قوات الجيش الحر من استعادة السيطرة على مدينة ثانية، فقتلوا العديد من مرتزقة حزبك، ولاذ آخرون منهم بالفرار، وتناقلت الأنباء أن عدد قتلى حزبك في هذه المعركة قد قارب الستين، و ما تزال جثث بعضهم لم تُسلَّم بعد، و قد تقدمتم بطلب هدنة إلى الجيش الحر؛ لاستعادتهم من أرض المعركة. علمًا أنكم قد دفنتم جثث العشرات ممّن استطعتم الوصول إليها في قراهم بشكل سري.

ماذا تقول يا ( سيد حسن ) في أسرى حزبك ( الثلاثة عشر ) المحتجزون لدى كتائب الجيش الحر في ( القصير ) منذ أكثر من عشرة أيام؟

لقد كان بوسعك أن تقف إلى جانب ثورة الشعب السوري، على غرار ما فعل بعض العقلاء من أبناء طائفتك (محمد حسن الأمين، و هاني فحص )، الذين رفضوا جر الشيعة إلى التورط في حرب الأسد ضد شعبه، و إلى انسجام الشيعة اللبنانيين مع أنفسهم في تأييد الانتفاضة السورية المحقة، كما كان مع الانتفاضات العربية الأخرى.

و لا سيَّما أن من أهم ضمانات سلام مستقبل الشيعة في لبنان أن تكون سورية مستقرة وحرة، و تحكمها دولة ديمقراطية تعددية جامعة، وعصرية.

 فكما ناصرتَ الثورة المصرية، و التونسية، و اليمنية، و الليبية، و تعاطفتَ مع الحركة الإصلاحية في البحرين؛ كان بإمكانك أن تقفَ إلى جانب الشعب السوري في ثورته المُحقَّة بوجه الظلم، و الاستبدادي الذي مورس عليه منذ ثلاث و أربعين سنة.

غيرَ أنها السجية الدفيئة في نفسك المجبولة على امتهان الكذب؛ حتى غدا سيلاً لا ينقطع؛ على كثرة ما كان منه، و سيكون.