لا .. لحكم الشيوعيين !
لا .. لحكم الشيوعيين !
أ.د. حلمي محمد القاعود
لا نريد حكم الشيوعيين الذي استمر ستين عاما من الباطن ! كان حكما إجراميا ظالما مستبدا فاسدا ، خرّب البلاد وأذلّ العباد ، وارتدى حكامه عباءات متباينة ولكنها كانت واحدة الغاية واحدة الهدف ، كانت تريد مصر بلا إسلام ولا حرية ولا كرامة !
ما يجري اليوم من محاولات تعطيل الديمقراطية والانقلاب على الحكم الشرعي ، وملاحقة الرئيس الذي لم يكد يبدأ العمل بالسباب والشتائم والأكاذيب والاتهامات والسفالة والبذاءات ؛ كل ذلك منهج شيوعي إجرامي بدأ مع حكم العسكر في عام 1954، واستمر حتى إنهاء الحكم العسكري في ليلة القدر في رمضان الماضي، وتحويل مصر لدولة مدنية لأول مرة بعد ستين عاما عصيبة !
عاشت مصر سنوات طوالا تحت مطحنة التنظيمات العلنية والسرية التي اتخذت أشكالا ومسميات متعددة ، هيئة التحرير ، الاتحاد القومي ، الاتحاد الاشتراكي ، منظمة الشباب الاشتراكي ، التنظيم الطليعي ،الحزب الوطني ، لجنة السياسات ،إعداد القادة ، جمعية المستقبل ...عدا التنظيمات المكتومة التي كانت تديرها الأجهزة الأمنية مباشرة على شكل خلايا عنقودية ، لا يعرف العضو غير أفراد خليته وكان الاختيار غالبا يقع على الشيوعيين أو أشباههم ، وقد حكى الكاتب الشيوعي عبده جبير ؛ قصة محاولة تجنيده من جانب أحد الأجهزة الأمنية وكيف استغاث بالصحفيين أحمد بهاء الدين ومكرم محمد أحمد لإنقاذه من هذه المحنة ( جريدة أخبار الأدب ، العدد رقم 939 الصادر بتاريخ 24/7/2011م ) وكشف في سرده أن القوم يجندون أمثاله دفاعا عن النظام وسياساته .
ولا ريب أن كوادر هذه التنظيمات السرية والعلنية هم الذين تولوا وما زالوا مفاصل الدولة ومؤسساتها المختلفة مثل التعليم والإعلام والثقافة والصحافة والخارجية والشرطة والادارة المحلية وغيرها ، ولذا كان وجودهم فعالا في دعم الثورة المضادة ، وتشويه الثوار ، والتشنيع على الحركة الإسلامية وتلويثها تارة باتهامها بعدم المشاركة في الثور ، وأخرى بالاستيلاء عليها ، وأسلمة الدولة والجيش والتعليم والصحافة واستبدلوا الأخونة بالأسلمة حين وجدوا أن الأخيرة ستؤلب عليهم الرأي العام ، وفي كل الأحوال فقد عملوا على إرباك الوطن وإثارة القلاقل والاضطرابات ، وسأكتفي بذكر بعض الأمثلة القليلة التي تكشف سلوكهم المعادي للوطن والإسلام منذ سقوط النظام المستبد الفاشي الذي جلسوا على حجره ستين عاما ، وتصدروا المشهد الإعلامي والسياسي والثقافي بعد أن نجحوا في إقصاء كل من ينتمي إلى الإسلام وثقافته وقيمه :
أولا : قادوا تحالفا غير مقدس مع المتمردين في الكنيسة الأرثوذكسية والأحزاب العلمانية الرافضة للإسلام للدعوة إلى عدم التصويت بنعم على الإعلان الدستوري في مارس 2011، وكان الهدف الواضح هو نزع هوية الدولة الإسلامية تحت دعوى مدنية الدولة ورفض ما يسمونه الدولة الدينية ، يقصدون الإسلامية ! أو الاحتجاج بأن الدستور لابد أن يتم أولا مع تشكيل مجلس رئاسي يحكم بدلا عن المجلس العسكري ، وكانوا يعلمون أن ذلك مستحيل في ذلك الحين ، ولكنها الرغبة في تعطيل الثورة ومنع الحركة الإسلامية من المشاركة في العمل العام .
وقد جاءت نتيجة الاستفتاء مخيبة لآمال التحالف المعادي للإسلام ، حيث وافق الشعب على الإعلان الدستوري بأكثر من 77% ، وخاب سعي الشيوعيين .
ثانيا : افتعلوا كثيرا من المشكلات بعد الاستفتاء ، ودعوا تحالفهم غير المقدس إلى مظاهرات عديدة أدت إلى تمديد الفترة الانتقالية لحكم المجلس العسكري من ستة أشهر إلى عام ونصف ، شهدت فيها مصر الانفلات الأمني الذي أطاح باستقرار الشعب ، وضرب السياحة ، وخرب الاقتصاد ، وجعل البلاد تفقد معظم رصيدها من مدخرات العملة الصعبة ، وتتزايد الديون الداخلية والخارجية بفوائدها ، وكانوا طوال الوقت مشغولين بحملتهم الإجرامية الشرسة ضد الحركة الإسلامية وتشويهها ، مما أضطر الأخيرة إلى النزول إلى الشارع وميدان التحرير للرد على جرائم التحالف الآثم وإرغام العسكر على إجراء الانتخابات التشريعية التي فاز فيها الإسلاميون وتراجع فيها العلمانيون ، ولم يحقق الشيوعيون غير بضعة مقاعد تعد على أصابع اليد الواحدة !
ثالثا : مع أن إرادة الشعب في الانتخابات التشريعية كانت واضحة وجلية حين رفضتهم ورفضت فكرهم وسلوكهم وخيانتهم للشعب يوم تحالفوا مع النظام الفاسد البائد ، فإن سيطرتهم على الإعلام والصحافة أتاحت لهم فرصة التشهير الأرعن وغير المسبوق بالنواب الإسلاميين المنتخبين من قبل أن يبدءوا العمل ، وحمّلوهم مسئولية فشل لم يحدث ،وعارضوا بكل خسة أن يشارك النواب المنتخبون في اللجنة التأسيسية لوضع الدستور كي ينفردوا هم بوضعه ، ونزع إسلامية الدولة من نصوصه .
رابعا : أقاموا بأنفسهم أو بوحي منهم دعاوى قضائية أمام القضاء الإداري والمحكمة الدستورية لإلغاء اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، وحل مجلسي الشعب والشورى ، وقد تحقق لهم حتى الآن حل اللجنة مرة وينتظرون الثانية ، ثم مجلس الشعب ، وبقي الدور على مجلس الشورى ، مما يترتب عليه الإعادة في تشكيل هذه الهياكل وما تتكلفه من أموال باهظة يدفعها الشعب الفقير ، وتناسوا ما يرددونه صباح مساء عن التوافق ومراعاة مصلحة البلاد والعباد .. ومع ذلك فسيظل صوت الإرادة الشعبية إلى جانب الهوية الإسلامية ، ورموزها في الوطن مهما أعيدت الانتخابات أو تبدلت اللجان ، فالشعب لن يصوت للشيوعية أو العلمانية ، ولو صنعوا دستورا غير إسلامي فلن يوافق عليه الشعب المسلم ، وسيعيده إلى صانعيه مرة أخرى .
خامسا : كان التحالف الآثم بقيادة الشيوعيين ضد المرشحين الإسلاميين في الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة ثم الوقوف مع مرشح النظام البائد الفاسد في جولة الإعادة وصمة في جبين الحرية ، وإعلانا لخيانة الثورة ، ولم يخجلوا حين استخدموا وسائل الإعلام والصحافة التي يسيطرون لمحاربة مرشح الثورة وتأييد مرشح النظام المستبد الفاشي .
إن استمرار الشيوعيين في حكم الدولة من الباطن وهيمنتهم على الصحافة والأعلام والثقافة والتعليم والمشهد السياسي أمر غير مقبول ، ويجب تصحيحه وتغييره لصالح الإرادة الشعبية الحرة التي عبرت عن نفسها بالانحياز إلى الإسلام دين العدل والإحسان وإيتاء ذي القربى .