السوريون سيقاتلون تحت سيوفهم
محمد عبد الرازق
لقد أخذ وقع الأحداث يتسارع في المشهد السوري بشكل لافت للنظر، فلا تكاد تطوى صفحة حدث إلاَّ و تفتح أخرى، و كلا الطرفين آخذٌ في تجميع أوراقه؛ إدراكًا منه أن هذه الجولة من المواجهة ستكون معلَمًا فاصلاً في تاريخ سورية الحديث.
فالنظام جاهدٌ في تجميع أوراقه المحلية، و الإقليمية، و الدولية. فعلى الصعيد المحلي لم يتوانى في الزج بأخطر الأوراق، و هي ورقة الطائفية التي استثمرها بشكل مثير للاشمئزاز؛ غاضًا الطرف عن التبعات المترتبة عليها، فهي منذرة بتهتك النسيج الاجتماعي الذي تميزت به سورية على مدى عقود طويلة من تاريخها.
هذا فضلاً على تدمير مؤسسات الدولة الوطنية الجامعة، وفي مقدمتها مؤسسة الجيش الذي كان النظام (أبًا) قد أعاد هيكلته بعد أحداث حماة في الثمانينات، مرتكزًا على البعد الطائفي إلى حد وصلت فيه نسبة الضباط العلويين إلى ( 90% ) في مقابل ( 10% ) للطوائف الأخرى مجتمعة. و في عهد (الابن ) تمَّ حرفه عن مهمته الأساسية، فنصب خيامه المهترئة على تخوم بلدات سورية، و قراها، و ألزمه بدك بيوتها بكل ما حوته ترسانته حتى وصلت به الحال إلى البايولوجي و الكيماوي منها، و من كانت لديه نزعة وطنية منهم تقوم قوات النخبة ( من الطائفة، و دول الجوار، و الحرس الثوري ) بتولي أمره.
و على صعيد الحلفاء الإقليميين ما عادت وليَّة نعمته ( إيران ) تخفي دعمها المطلق له، و من غير المسموح للسوريين مجرد التفكير بتغيير نظام الأسد، و ليت الأمر توقف عند الحدود الجغرافية السورية، ففي الوقت الذي كان فيه وزير خارجيتها يلتقي وزير خارجية تركيا كانت تهديدات رجالات الحرس الثوري ترسل تترى إلى تركيا، في تصرف أقل ما يوصف بأنه خارج عن حدود اللباقة الدبلوماسية. ثم هي البارحة تتولى كبر عقد اللقاء التشاوري حول سورية وسط لفيف من دول أبعد ما تكون اهتمامًا بها ( ما عدا الأردن منها ).
و على الصعيد الدولي ما عادت روسيا تجيد حساب مصالحها الاستراتيجة بعيدة المدى في ظلّ انحياز واضح للنظام ضد رغبة الشعب المطالب بأدنى حقوق المواطنة المتمثلة في الحرية، و العيش الكريم.
هذا من جهة النظام، و أمَّا فيما يتعلق بالشعب السوري المنتفض فإنه قد حزم أمره، و عقد العزم على أن يخوضها جولةً بعد جولة، و يدفعها ضربةً بعد ضربة، و سيظل يقاتل تحت سيوفه حتى يكتب الله له إحدى الحسنيين.