لم ولن تسجل جريمة سياسية أفظع مما ارتكب بحقك ياعفاف سراقبي
لم ولن تسجل جريمة سياسية أفظع
مما ارتكب بحقك يا عفاف سراقبي
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
رحم الله مثواكي , ورحم والديك وجمعكم في جنان الخلد , وأن يمكن الأحرار من الانتقام من بثار الأثد وممن والاه
عفاف محمود سراقبي , العمر أربعة أشهر , استشهدت تحت التعذيب في فروع المخابرات السورية , وسلمت لعمها يوم 10/1/2012
بعد أن الق المعتوه خطاب العهر والاجرام , سلمت هذه الطفلة الرضيعة لعمها , والتي اعتقلت مع والديها وهم في الطريق من حمص إلى طرطوس منذ أربعة عشر يوماً .
تظهر على جسدها الناعم الطري , آثار التعذيب الوحشي , وعلى معصميها الصغيرتين , أثار تدل على تكبيلهما وربطهما بشدة
قد يقول قائل لايعرف حقيقة ونوعية من يحكم الشعب السوري , من بثار الأسد إلى أقذر شبيح في مجموعته , مستغرباً أو غير مصدقاً ذلك ,السؤال الآتي :
ولماذا تعذب طفلة رضيعة وهي لاتتكلم بعد ؟ولا تحبو حتى !! من قبل المخابرات السورية ؟ والمخابرات تسعى لجمع المعلومات , فما الفائدة من تعذيب هذه الطفلة ؟؟!!
والجواب لايعرفه إلا من يعرف طبيعة الأمن السوري وطبيعة المسئولين فيه , وطبيعة السلطة الحاكمة !وهو أسلوب !!!!!!
يمكن الجواب بعجالة , وبدون تفصيل , أن هؤلاء عبارة عن كلاب مسعورة ينهشون كل من يقف في طريقهم , وبدون سابق إنذار , والجميع يعرف مامعنى الكلب المصاب بالكلب , والفرق الوحيد بين هؤلاء والكلاب المسعورة , أنه بعد إصابتها بالمرض ,لاتعيش أكثر من خمسة أيام لتنفق بعدها , بينما هؤلاء تأقلموا على الاصابة , وتأقلموا مع المرض , ومنذ خمسة عقود وهذا حالهم مع الشعب السوري
أما الجواب بشكل تفصيلي , فتعذيب عفاف الطفلة ذات الأربعة أشهر , فلم يتم تعذيبها حتى الموت , إلا أمام والديها , يريدون منهما تقديم اعترافات , هم اخترعوها , وعندما لم يصلوا لنتيجة , قاموا بتعذيب الطفلة , والطفلة تصرخ , والطفلة تبكي , ولا تعرف أن تقول ياأماه ولا أن تقول ياأبي , ولا تعرف أن تقول ياألله , ولا تترجى من هؤلاء الكلاب لكي يخففوا عنها العذاب , وكلما صرخت كلما زاد فرح المعذبين , ولعل اللحظة التي لفظت فيها أنفاسها الطاهرة البريئة , كانت أصعب شيء على المحقق ,ولعله يكون من كبار الضباط , ومن معه , في أنهم فقدوا النشوة واللذة عندما سكتت عفاف للأبد .
فهل يتصور شخص ما حال أم عفاف في تلك اللحظات ؟ حال الأم والتي تفدي روحها في سبيل أبنائها , وفي سبيل بنتها الجميلة الرضيعة , ومن يتصور موقف الأب بعدها وكيف كان حاله ؟ ولعله أكيد شاهد عيونها تنظر إليه طالبة الحماية , أو لمحت أمها وقالت , وماذا ستقول ؟ بابا أو ماما , هي صغيرة ياناس لاتتكلم فقط كانت تبتسم أوكانت تبكي .
إنني أنظر لصورتك ياصغيرتي , إن من يراك أمامه لن تطاوعه نفسه إلا أن يضمك لصدره بحنان ويمطرك قبلات , ويدغدغ وجهك المليء ,لكي يحظى منك بابتسامة هي الوحيدة التي تقدرين على فعلها فكيف ليد إنسان أن تمتد إليكي وتعذبك بهذا العذاب الفظيع, ويتسلون ويتلذذون بعذابك حتى الموت , أمام والديكي , حتى الحيوانت المفترسة والكلاب الشاردة لاتقرب الأطفال , وقد تساعدهم إن رأتهم في مكان مقطوع وتحملهم لمكان آمن .
ولعل ماجرى بعدها أفظع وأصعب , ورهيب أكثر , حتى من تعذيب عفاف الشهيدة الرضيعة الوردة , والتي ستتصارع حبات الأرض فيما بينها ,لتلفها بحنان وتقبلها في كل ثانية
فكلنا يعلم كيف سيكون بعدها... ستغتصب الأم وتعذب ومن ثم تقطع كما قطعت نساء كثر من قبلها وأمام زوجها , وفي الحفلة الأخيرة سينام المعذبين (بكسر الذاء) على صراخ الأب وألمه ووجعه , وقد يكونوا وضعوه على نار هادئة , حتى لايسلم الروح إلا ببطيء شديد , لتكون موسيقى لايعرف من يحكمنا أن ينام إلا على أنين وصوت الأبرياء .
إن قصة الشهيدة عفاف ووالديها , رحمهم الله جميعاً , لهي صورة واضحة لكل سوري , أن هذا الحاكم ومن معه ومن يسانده , يقدموا خيارين للشعب السوري وهما :
الأول : انظروا لفعلنا وشراستنا وخلونا من كل شعور إنساني أو حيواني , وأنتم كلكم لاقيمة لكم من الجنين حتى المعمر ...إلا السحق
الثاني : فارضوا بنا كما نحن وعيشوا كما نريد , فأموالكم وأرضكم وأعراضكم ودماؤكم هي لنا , نفعل فيها مانشاء وكيفما نشاء , وأنتم لاشيء .
وغالبية الشعب السوري هو كما في حالة يعبر عنها:
عن شعب يعيش في قرية معزولة , هاجم القرية وحش مفترس , فإن تركته القرية على حاله , سيقوم الوحش بافتراس كل يوم واحداً او أكثر من القرية , حتى يقضي عليها ساكنيها , وإن تجمعوا عليه وقاوموه , ونصبوا له الشراك وأوقعوه تقل خسائرهم , ويترحم على قتلاهم وتعود الحياة آمنة لدى الباقين ,ولذلك لايوجد أمام شعبنا من خيارات إلا :
سندافع عن وجودنا ونتخلص من هذه الوحوش التي تعيش بيننا وعلى دمائنا مهما ضحينا , والنصر حليفنا
او نرضخ لهذه الوحوش , وتفترسنا فراداً وجماعات لتكون النتيجة الفناء .