قبل سقوط النظام.. أسئلة إلى العقيد السوري

علي الصراف

قبل سقوط النظام..

أسئلة إلى العقيد السوري

علي الصراف

إذا كنت دعوت مثقفين الى "لقاء تشاوري"، وإذا توصل هذا اللقاء الى الإقرار بحق التظاهر السلمي، فكيف "ظبطت" معك أن تقوم بضرب واعتقال المثقفين إذا تظاهروا هم أنفسهم، والحبر لسه ما نشف؟

إذا كنت في مأزق، وإذا كان خيار الشعب سيفتح مخرجا من المأزق، فما الصعب في قبول هذا الخيار؟

ما الصعب، بالنسبة لسلطة تقول انها مستعدة للإصلاح، أن تدعو الناس الى اختيار ممثلين للحوار بشأن هذا الاصلاح؟

ما الصعب في ان تعرض نتائج الحوار، حتى ولو فقرة فقرة، على استفتاء عام، لنرى ما يقوله الناس بشأنها؟

ما الصعب في أن تلجأ الدولة، إذا كانت حريصة على شرعية بقائها، أن تستمد شرعية التغيير من الناس أيضا؟

ما الصعب في أن يدعى الناس الى انتخاب احزاب ونواب على أساس مشاريع بناء وطنية معلنة؟

إذا لم يكن أي شيء من هذا صعبا، فلماذا تختار سلطات القمع الطريق الأسوأ والأصعب في التعامل مع المطالب العامة؟

لماذا القمع أصلا، إذا كانت السلطة تملك الشرعية الكافية لصنع قرار او لتبني أي خيار؟

لماذا الخوف من الرأي إذا كانت السلطة تملك الكثير من وسائل التعبير عن الرأي، بل الكثير من وسائل التحكم بالرأي؟

لماذا دولة الخوف، إذا كنت تحكم بالعدل وبالحق؟ وهل يحتاج الحق والعدل أن يقوم على خوف؟ وإذا قام على خوف فهل يعود الحق حقا؟ وهل تمكن الثقة بعدل لا يستقيم إلا بالاستبداد؟

وإذا أنشأت هيئة للحوار، فلماذا تختارها في غرفة مغلقة، ولا تفتح أبواب الاختيار للناس؟

لماذا تملي عليهم بيانك للحوار، كما امليت عليهم حياتهم كلها؟

وإذا كان الناس يحتجون على دولة الأمن والمخابرات، فبأي عقل تستعين عليهم بالأمن والمخابرات؟

إذا كانت العودة الى الناس هي الخيار الأسلم في كل حين، فما الذي يخيفك في الناس؟ لماذا تظن انهم لا يستطيعون اصدار الحكم الصحيح في ما يتعلق بمصالحهم ومصائرهم؟

وإذا كنت تبني لهم جنة، فهل يصح ان تقودهم اليها بالعصي؟

فكيف إذا كانت سلطتك لم تورثهم إلا الفقر والبطالة وضيق الحال؟

وإذا واجهت فشلا، في مكان ما في السياسة أو الاقتصاد، فهل الكتم على انفاس الناس هو الحل؟

لماذا لا تدعهم يتحدثون حتى يخرج كل بخار الضغط من رؤوسهم؟ لماذا تحبسه وانت تعرف، من حكمة التجربة، أن قدر الضغط إذا انفجر فانه سيفجر عليك وعليهم في آن؟

وبدلا من أن ترسل لهم محاورين، وفرق معونات، لماذا ترسل لهم شبيحة ودبابات؟ 

والناس لا يبقون على رأي واحد. فإذا قالوا لسياسة خطأ من سياساتك: لا، فلماذا تفترض انهم لن يقولوا: نعم، لسياسة أخرى.. أصح؟

وإذا أصلحت، ورأوا الاصلاح صادقا ومخلصا، فلماذا تعتقد انهم سيبقون على موقفهم المناوئ لسلطتك؟ 

ومثلما تتغير الافكار، تتغير التوجهات، وتتغير مشاعر الناس تجاهها، فلماذا لا يحق لهم أن يغيروا وجهة نظرهم فيك إذا نجحت بعد فشل؟ وإذا فشلت بعد نجاح؟

وإذا حدث وخدعتهم باجراء استفتاء وانتخابات يوما ما، لكي تستمد منهما شرعية، فكيف ستفلت من هذا الاستحقاق؟ وماذا ستقول للناس في برنامجك للسلطة تحت فقرة الشبيحة؟ وهل تظن انهم سوف ينسون ما ارتكب نظامك من جرائم وأعمال وحشية لمجرد انك وعدتهم بشراء المزيد من القمح بعد نصف قرن من شراء الدبابات؟

وقد تجد راحة في القمع، لانه يمنح سلطتك شعورا زائفا بالاستقرار، ولكن هل هو استقرار فعلا؟ وإذا زاد القهر عن حده، فلماذا لم تفهم انه سيؤدي الى الانفجار؟

وإذا دفعت بكل قواتك لتقتل وتعتقل وتعذب، فما الذي يجعلك تعتقد انك لن تنتحر إذا سقت اقتصاد بلادك الى مهاوي الانتحار؟

وإذا بات الفساد مكشوفا، ومؤذيا ومدمرا، فلماذا لم توقفه عند حد، ولماذا لم تترك للضحايا خيارا غير هذا الخيار؟

وإذا لم تجد سبيلا للدفاع عن الفساد بالاستبداد، فلماذا لم تر أن سلطتك تكون أكثر احتراما لنفسها إذا قررت أن تتغير، وانها تخسر كل شيء إذا واصلت الاصطدام بالجدار؟

وإذا لم يجد القهر نفعا مع غير شعبك، فأي جدوى تنتظر من سخف الإعادة، وبليد التكرار؟

ما هو الصعب في أن تفهم يا... سيادة الرئيس بشار؟ هل أنت رئيس أم .....؟