يا بنات وأبناء سورية الأعزاء اسمعوني أرجوكم
يا بنات وأبناء سورية الأعزاء
اسمعوني أرجوكم
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
مازالت أرضنا الحبيبة تشرب من دماء الشهداء , وتتعانق أرواحهم عرباً وكرداً إن شاء الله في جنان السماء ومعهم الكثيرون أيضاً من أبناء سورية الغالية
لاأتحدث إليكم بصفتي ممثلاً لحزب أو طرف ما ,فليس لي في الأحزاب كلها لاشعرة تربطني فيها ولا زعامة تنتظرني منها وإنما هم كلهم من منبت نبتنا فيه على التراب الذي لم يرتوي بعد من دماء الشهداء
وإنما مواطن مثلكم حر بقناعتي وتفكيري ولذلك لم أجد امامي إلا هذا الطريق أن أناشدكم , مناشدة أب لابنه الغالي وابنته العزيزة
فالآرض مغمورة بدمائكم الزكية الطاهرة , وقلبي ينبئني بما هو آت :
1- الثورة هي نسف لما قبلها وبكل شكل كان سائد قبلها , في وطننا العربي وبلاد الشرق كافة ومن آلاف السنين , دائما الشعوب تطلب منقذاً لها تنتظر شخصاً موهوباً تفتكره لفترة كذلك حتى يستطيع أن يقول عن نفسه الإله , والناس تقول كما شئت يامولاي , ثورتكم هذه يجب أن تبدأ من هذه النقطة بالذات , فالحكم الفردي المطلق والمستبد والذي يعني (رب الأسرة , أو سيد المنزل أو السيد على عبيده ) , والمستبد يعني بهذه الأوصاف فإن كان رب الأسرة معناها الشعب عنده كأولاده قاصرون لايعقلون ولا يفكرون وهو الذي يفكر عنهم ويدير شئون حياتهم , ورب المنزل بنفس المعني , أو السيد على عبيده فالمحصلة هنا أن الحاكم المستبد كل المجتمع عنده رعاع قاصرون لايفقهون وإن خرج أحد عن الطاعة فهو عاق لأبيه أو وتحقير لسيده , وبالتالي وجب قتله وتمزيقه , كالذي تشاهدونه اليوم أمام أعينكم من قتل وتخريب وتمزيق فلا تصنعوا شخصية , تتحول بعدها لشخصية مستبدة تستفيد من أخطاء المستبد السابق وتكون ألعن من سابقها
2- لاتغتروا أبداً بأحزاب المعارضة السورية فقد هرمت هذه الأحزاب وشاخت وأصبحت قياداتها محطمة تميل للتكاسل , كموظف في الأرشيف أمضى خمسين عاما يعمل في مستودع تحت الأرض أكله الغبار وأكلته السنون , وكلها تعنمد على الشخصية والمسماة الشخصية الكارزمية من مؤسس حزبها ومن الصعب تجاوزه ولو بعد موته , ولا تختلف قوانينها الداخلية عن قوانين البعث السوري , في أن الكفؤ من أفرادها عليه أن يكون في الموقع المناسب له , وإنما تعتمد سياساتها على الموالاة وليس الكفاءات
3- عليكم أن تنظروا لكل المؤتمرات التي عقدت والتي ستعقد في المستقبل من مؤتمرات المعارضة , على أنها مظاهرة صغيرة طيارة في منطقة صحراوية لايوجد فيها لازرع ولا ضرع ولا بناء , وإن وصل منها عوناً لكم فهو جميل وإن لم يصل منها شيئ فلم تخسروا شيئاً , فهي لم تكن بحسبان ثورتكم الغراء
4- لاتثقوا ثقة مطلقة بشخصية ما , ولا تفقدوا الثقة إلا بعد نتاج عمله وقالوا في المثل (سوء الظن من حسن الفطن) , فالذي يحسن الظن بشخص مهما فعل من أخطاء , يجد المبررات في نفسه أنه لم يخطيء , لذلك بعد نجاح ثورتكم أصروا على تنفيذ كامل طلباتكم ولا تثقوا ثقة عمياء بمن سيقود المرحلة القادمة ودائما لاحقوه بالشك والمتابعة , حتى يفرز الوضع أحزاب سياسية قادرة على التمايز فيما بينها , ومشروعها هو الذي يقدمها أو يؤخرها في الإنتخابات ,ويسقطها أيضاً
5- عندما تنجح الثورة اقطعوا جذور القديم وبسرعة , وهنا لاأقصد المجازر ولا القتل وإنما أقصد السابق في النظام أن يُركن في الزاوية التي يستحقها
6- الثورة ثورتكم وأنتم صانعوها ودماء شهدائكم الأبرارهو النور الذي يهديكم في الظلام , لتخرجوا منه لنور الحياة , ومستقبلكم ومستقبل أبنائكم
7- إلى كل فئات المجتمع والتي تقول نريد ضمانات وهذا يريد حصة وذلك يريد مكانة , فرجائي من الجميع , كونوا يداً واحدة وابنوا وطناً يتسع للجميع , ومن يشارك فله الحق في أن يكون مواطنا كأي مواطن آخر , فالثورة هي بناء دولة ديمقراطية , تتنافس فيها النخب , فالذي يقدم الخير مهما كانت صيغته فلن يهدر حقه فالحكم القادم حكم مؤسسات وليس حكم أفراد , وإياكم أن تبحثوا عن المحاصصة القومية أو الدينية أو الطائفية
8- سوف يغمركم العالم والنظام والمعارضة بالمبادرات لحل الأزمة , فحذار من الإنجرار وراء ذلك , فالثورة كما قلنا هي حركة يقوم فيها مجموعة أو أفراد أو شعب لإسقاط النظام القائم وعلى المستوى السياسي والإقتصادي والإجتماعي , فكل المبادرات التي ستطرح هي لتحطيم الثورة , وبقاء النظام القديم بشكل من الأشكال , وتكون حركتكم هنا هي ليست ثورة وإنما مطالب قد يتحقق جزؤ منها على المستوى القريب أو البعيد
9- لن أكثر في الوصايا فامضوا في طريق ثورتكم والحمد لله انضم وسينضم إليكم الكثير , حياكم الله وحفظ دماءكم ورحم الله الشهداء منكم وشافى جرحاكم وأن يمكنكم الله من عدونا وعدوكم في أقرب وقت (فالثورة ثورتكم ولا تهبوها لغيركم )