إذا كانوا "شبّيحة" فعاملوهم كما يُعامل "الشبّيحة"
إذا كانوا "شبّيحة"
فعاملوهم كما يُعامل "الشبّيحة"
مؤمن مأمون ديرانية
ازداد مفهوم المقاومة السلمية رسوخاً أكثر من أي وقت مضى ببزوغ ربيع الثورات العربية، وهذا المفهوم هو أحد أشكال الجهاد في الإسلام، بيّنه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن من أعظم الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر"، فكل متظاهر يهتف للحرية إنما هو صاحب كلمة حق وعدل أمام السلطان الجائر.
وإذا كان الحكماء متفقون على عدم الانزلاق إلى معركة مسلّحة غير متكافئة، والإبقاء على سلمية هذه الثورة التي هي مصدر قوتها، فهذه ليست دعوة لإدارة الخد الأيسر لمن يضربنا على الخد اليمن، إنما هو حفاظ على عدم عسكرة الثورة وحسب.
لذلك أعجبني كثيراً ما كتبته نوال السباعي " سلمية .. سلمية.. ولكن كفانا ذلا وهوانا" ودعت فيه إلى الدفاع عن النفس بلا سلاح والذود عن النساء اللاتي يختطفهن رجال الأمن من بين الناس دون أن يحرك الواقفون في الشارع ساكناً. وهذه ليست الحال دائماً فقد شاهدنا رجلاً يهب للدفاع عن امرأة فيقع في قبضة المجرمين جزاه الله خيراً وفكّ أسره.
ماذا يمنع مجموعة المتظاهرين أن يتكاثروا على رجال النظام فيمنعوهم من أسر متظاهرين ويخلّصوا من وقع منهم في الأسر وينقذوه بأيديهم؟ وهو ما بدأ يحصل فعلاً، فشاهدنا شباب حمص الأوفياء يخلّصون أخاهم الذي عثرت قدمه وهم يركضون فوقع في قبضة رجال الأمن في مشهد يثلج الصدر. على الناس أن يتذكروا أنهم يتعاملون مع عصابة من المجرمين وليس مع أجهزة دولة متحضرة.
وأهم ما في هذا السياق الاعتداء على الأعراض، فليس أحق بالمقاومة من هذه المواقف أمام هؤلاء المعتدين، مهما كلّف الأمر ومهما كان الثمن وأيّاً كانت العواقب لدى المهاجمين أو المدافعين. لا أتصوّر رجلاً يدرك موقفاً كهذا ويجبن عن الوقوف في وجه المجرمين والذود عن أعراض العفيفات ولو دفع حياته ثمناً لذلك ولقي الله شهيداً.
أما غاية ما أود قوله فهو بخصوص فرق الموت المسماة بالشبّيحة. هؤلاء مجرمون محترفون يلبسون ملابس مدنية نافين عن أنفسهم الصفة الرسمية ويتنصل النظام من مسؤوليته عنهم، فيمنحهم بهذا هامشاً واسعاً للإجرام لمصلحة النظام ولمصلحتهم الخاصة معاً، فيقتلون ويرعبون يشبعون ساديّتهم، ثم يسرقون وينهبون يملؤون جيوبهم، بالرغم من أنه حتى رجال الأمن الرسميين في سورية لا يتورعون عن سلب البيوت التي يداهمونها.
خارجون على القانون لا يعلم عنهم النظام (هكذا يقول) أو ربما لا يستطيع الوصول إليهم ليطبق عليهم القانون (إذا كان في سورية شيء اسمه قانون). هكذا يقول النظام! أنهم ليسوا منه! حسناً.. فلا يلومنا النظام إن أدّبناهم بأنفسنا. وهذا ينطبق على كلّ أمثال هؤلاء في كلّ البلاد. إذا كان هؤلاء قد خرجوا بهذه الصفة فليتعامل معهم الثوار والناس بهذه الصفة ولا يلامون.
كيف يفعل الإنسان مع مجرم يهجم عليه في الشارع أو يداهمه في بيته؟ يدافع عن نفسه بالطبع بكل وسيلة يستطيعها، أو يحاول الإمساك بالمجرم وتسليمه للأمن.
وإذا هجم هؤلاء المجرمون جماعةً على المتظاهرين فماذا يفعلون؟ الأمر الطبيعي أن يدفع المتظاهرون عن أنفسهم جماعةً عدوان هذه العصابة ويدوسوهم بأقدامهم، ثم يسلّموهم لمركز أمن فإن تعذر ذلك يلقون بهم في حاوية قمامة في الطريق.
هؤلاء خرجوا على الناس بشكل غير رسمي ليستفيد النظام من هذه الصفة، فلماذا لا يأخذ الثوار الفائدة منها ايضاً؟
أنتم لا تقاومون ولا تقاتلون رجال أمن رسميين يقومون بمهمة رسمية، بل تواجهون مجرمي شوارع مجهولين يعتدون عليكم، وأنتم لها. لن تعجزوا عن تأديب هؤلاء الخارجين عن القانون.
إذا كانوا "شبيحة" فعاملوهم كما يُعامل "الشبيحة"..
داوِها بالتي كانت هي الداء..