السفيران الأمريكي والفرنسي مع الثوار في حماة اليوم
السفيران الأمريكي والفرنسي مع الثوار في حماة اليوم
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
إن المثير للعجب والغرابة تصريحات المسئولين السوريين عن هذه الزيارة , والتي نظر لها العالم بالغرابة والتحليلات والهدف منها
فسورية أرادت من هذه الزيارة وتسهيلها للسفير , تأكيدها على أن الثورة السورية ماهي إلا أجندات أمريكية تريد النيل من النظام المقاوم الممانع وجر سورية تحت مظلة القرار الأمريكي
والشيء المضحك في الأمر والذي يثيره القوميون العرب بغالبيتهم , أن هذه الثورة ماهي إلا ضد الممانعة والمقاومة , بينما الحقيقة والتي كان الكثيرون من المراقبين والمثقفين والقوميين العرب يعرفونه ولكنهم كانوا يقولون (صوت الطبل خير من السكوت وعلى صوته يرقصون وهم يعرفون أنه فارغ لاحياة فيه سوى جلدين من الحيوان وهواء محشور بينهما) , وعندما قامت الثورة , مع أن خطاب المؤامرة للنظام نفسه ونفس صوت الطبل منذ خمسين سنة مرت , وتأكيدهم على أن وجودهم من أمن إسرائيل , واليهود يصلون ويدعون ربهم لسلامة هذا النظام , ومع هذا كله فالقوميون العرب والذين يسمون أنفسهم بالمقاومة مازالوا يتغنون بممانعة هذا النظام , وتطور الأمر وتشاهد الأعين كيف أن كل أنواع الأسلحة السورية , ورجالاتها وشبيحتها ونظامها , كلها هي مخصصة لقتل الشعب السوري إن نطق في يوم من الأيام بالحرية ولو بكلمة تعادلها فقط
سمعت اليوم الكثير من التعليقات حول زيارة السفير الأمريكي لمدينة حماة بالذات , والسؤال الموجه من مذيعي الجزيرة لمحللينا السياسيين عن الهدف من هذه الزيارة , وما هو تأثيرها على الثورة وعلى النظام , فكان الجميع يتحاشى الجواب المباشر , فهو مفاجيء , وليس من السهل الإجابة عليه بهذه السرعة
وكنت أتمنى لو أن قناة الجزيرة سألتني هذا السؤال
ولكن هنا يمكن أن أضع الإجابة
وقبل الإجابة لابد من مراقبة النظام السياسي في سورية بعد انطلاق الثورة , وبمراقبة تطور المواقف للنظام والسلطة الحاكمة , قد نصل بعدها لنتيجة منطقية مفادها :
أن النظام السياسي في سورية غير موجود بالكامل , والذي يدير الأحداث في سورية بعد الثورة كما كان قبلها ولكن بشكل مخفي غير ظاهر للعيان إلا للسوريين فقط
أن النظام السياسي والسلطة الحاكمة في سورية ماهي إلا مجموعة من العصابات الأسرية والمافياوية , وكل عائلة من هذه العائلات تدير شأنا مختصاً فيها , ولا توجد سلطة مركزية, والسلطة المركزية الوحيدة هي سلطة الفساد السياسي والإقتصادي والإجتماعي , وبعد الثورة ظهر ذلك جلياً في مجموعات من العصابات بقيادة قوى أمنية من تلك العصابات هي التي تمارس الجرائم في سورية الآن ومنذ أربعين سنة خلت , مع اختلاف بسيط في زمن حافظ الأسد وابنه في أن الأب كان هو المسيطر على الفساد ويديره , بينما بشار, الفساد يسيطر عليه ويحركه
لقد أعطت أمريكا وفرنسا النظام الحالي فرصة طويلة حتى يخلص نفسه فهو مرغوب فيه عندهم لحمايته لإسرائيل , وطبل أجوف كما كان أبوه في معارك التحرير والمقاومة والممانعة
ولكن مع استمرار الثورة وغياب القرار المركزي وسقوط النظام السياسي والذي كان يبدو نظاماً سياسياً متكاملاً حسب مايروج له الآخرين , وأن هذا النظام على أرض الواقع ليس موجوداً , ولم يستجب للدروس الذي أعطيت له من بريطانيا وفرنسا وأمريكا
فالنتيجة تكون منطقية جداً , هذه الدول تريد نظام سياسي لها مصالحها لامجموعة عصابات مافياوية ومهربي مخدرات وسفاكي دماء , فالثورة أسقطت النظام السياسي , وتحول مؤيدوه لعبدة أشخاص , وطبول فارغة , وهي في طريقها لإسقاط هذه العصابات المتمثلة بمايسمى الأمن والشبيحة ومرتزقة الجيش والميليشيات الشيعية الداعمة لهذه العصابات
استقبل السفير الأمريكي بأغصان الزيتون والورود من قبل الثوار والذي فسره طبل من طبول الدراسات الإستراتيجية في دمشق فايز عز الدين , بأن من استقبله هم المجرمون والقتلة من خارج الحدود وهم الإرهابيون وهم من سهلوا له الطريق لدخول حماة وصور أن هؤلاء هم المتحكمون في الطريق من دمشق حتى حماة , وأنه لايمكن لحموي واحد والمشهود لهم بالبطولة استقبال السفير الأمريكي بهذا الشكل , فطالما تقول أيها المحلل الكبير حماة كذلك وهي فعلا كذلك من حيث الرجولة والبطولة والفداء كما غالبية المدن السورية , والتي استباح فيها نظم العصابات كل حرمة فيها
فطالما هم كذلك فهل تقول لنا لما تقتلونهم؟
فاستقبل الثوار للسفير الأمريكي بهذا الشكل من الترحيب مرده إلى أن شعب حماة شعب كريم , وطبعاً سيستقبل ضيفه استقبال الكرماء , ومن ناحية أخرى هي رسالة للأمريكان والغرب , أن ثورتنا سلمية وليست هي ضد أحد , وتقول للسفراء , هانحن مسالمين نريد الكرامة والحرية والمواطنة , ولسنا إرهابيين ولا مندسين ولا مجرمين , ونبارك بكل صوت حر يقف معنا , فلسنا ضد العالم وإنما نحن ضد الظلم فقط فارفعوا أيديكم عن غطاء هذه العصابات وتعاملوا مع شعب يريد بناء نظام حر يسود فيه العدل والمساواة
فأراد النظام شيئاً لصالحه من هذه الزيارة , وتصرف أهلنا في حماة الرائع , قلب النتيجة لصالح الشعب السوري , والنظام غاضب يكاد ينفجر وسينفجر حتما بأقرب وقت بإذن الله تعالى فالثورة الناجحة كسب الأصدقاء لاكسب تكثير الأعداء.