حاجة إيران من البنزين
تقرير خاص لـ المركز الإعلامي لـ الجبهة الديمقراطية الشعبية للشعب العربي في الأحواز
حاجة إيران من البنزين،
بين التقنين فی الداخل والتحريم من الخارج!
التحريمات الجديدة التي هددت بها كونداليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية إيران بعد أسبوعين ان لم تذعن للقرارات الدولية ولم تقبل الحوافز الأمريكية الأوروبية وتوقف تخصيب اليورانيوم، سيكون من أهمها، منع إيران من استيراد البنزين أو تحديد المقادير التي يستوردها إيران. هذا ما أشارت إليه بعض التقارير والتحليلات السياسية والاقتصادية الأمريكية أخيرا وهو يعني ان الأمريكان سيضغطون على الدول التي تصدر هذه المادة لإيران وهي الإمارات العربية المتحدة وفرنسا وهولندا والهند وفنزويلا أن توقف التصدير. لكن احد التقارير أشار إلى إجراءات اشد من ذلك حيث أشار إلى ان الأمريكان سيطبقون مع موافقة الأمم المتحدة أو بدونها، سيطبقون عملية تفتيش على السفن التي تدخل المياه الإيرانية وسيمنعون وصول البنزين وبعض المصنوعات الأخرى التي تستخدم في تخصيب اليورانيوم أو في صناعة الصواريخ البالستية والأسلحة الهجومية عموما من الوصول للموانئ الإيرانية. وإيران التي حافظت على مكانة ثاني اكبر منتج للنفط، في المنطقة لعقود ورابع اكبر منتج له في العالم، هي نفسها اليوم، أصبحت ثاني اكبر مستورد للبنزين في العالم بأسره وهي تستورد 40% من حاجتها من هذه المادة. ومصرف إيران السنوي من البنزين يصل إلى حدود 75 مليون لتر يوميا، المستورد منه بمقدار 40% يشكل حوالي 30 مليون لتر قبل التقنين حسب ما أعلنه وزير النفط الإيراني كاظم وزيري بتاريخ 29.7.2007. وتشير الأرقام الرسمية وخلافا للتصريحات الرسمية، تشير إلى ان 40% من إنتاج النفط في إيران يذهب للاستخدام المحلي، وهو مليون وستمائة وخمسين ألف برميل يوميا" 1,650,000 " أي ما يعادل 33,000,000 لتر، تستورد ايران إلى جانب هذا المقدار 27،000،000 لتر يوميا.
لكن الأرقام تبين ان إيران كانت قبل التقنين تستورد أكثر من 35 مليون لتر يوميا وهي تدعي اليوم انها خفضت ذلك إلى حوالي 24 مليون لتر يوميا وهذا بعد ما أعلن عن خفض الاستيراد بنسبة 20%، لكن وفي تناقض واضح مع هذه الأرقام، نائب وزير النفط يعلن عن استيراد لا يتجاوز الـ 15 مليون لتر من البنزين يوميا فقط،بعد التقنين. وإذا قبلنا صحة ما يقوله نائب وزير النفط ان إيران تستورد 15 مليون لتر يوميا فقط، فهذا الانخفاض بالاستيراد من 24 مليون لتر، إلى 15 مليون فقط، بالتأكيد يعود للحصار المفروض على إيران وليس بسبب التقنين، حيث ان التقنين وفر انخفاض نسبته 20% حسب ما اعلنت السلطات، في الحال ان انخفاض الاستيراد الآن تجاوز الـ 50% هذا إذا قبلنا ما تشير له الأرقام الرسمية التي تتحدث عن حاجة إيران اليوم لخمسة وخمسين مليون لتر من البنزين.
من جانب آخر، إيران وفي هذه المرحلة الخانقة، لم تتمكن حتى الآن من تطوير إنتاجها المحلي و رفع مقادير إنتاجها لهذه المادة المهمة التي تسير بها اقتصاد البلد وعجلة جيوشها الكبيرة للحرس والجيش والتعبئة، بل وتشير التقارير الأخيرة وبعد أزمة الكهرباء وأزمة استيراد قطع الغيار اللازمة للصنائع الهامة والمرتبطة في جانب منها بصناعة النفط بسبب علاقتها بقدرات إيران التسليحية والصاروخية، لكن مقابل هذا العجز في الإنتاج والإستيراد، الغريب ان مسئولي النظام يتحدثون عن ان النظام يعمل بجد لإيصال التكرير إلى 3.3 مليون لتر يوميا، أي مرتين على ما هو عليه في عام 2009!، هذا ما أعلن عند نشوب الأزمة وسياسة التقنين في يونيو 2007، حيث أكد المسئولين على ان تطوير تقنية التكرير و بناء مصافي تكرير جديدة سيوفي بهذا الغرض، لكننا مقابل هذه التصريحات نرى ان إنتاج البنزين والمشتقات النفطية الأخرى هبط خلال هذه المدة هبوطا حادا، كما لم نرى حتى الآن ونحن على أعتاب عام 2009، لم نرى أي مصفاة جديدة شيدت وبدأت الإنتاج، حيث الأزمة تفاقمت أكثر وحتى هبوط إنتاج السيارات إلى أكثر من 25% و ارتفاع أسعار المحروقات لم يساعدا في تقليل الحاجة للبنزين، حيث الأزمة أصبحت تعصر النظام أكثر فأكثر، مما يعني ان ليس هناك في الأفق أي دليل على زيادة محتملة في الإنتاج بل وعكس ذلك فالإنتاج هبط إلى حد اضطرت السلطات فيه ان ترفع من أسعار البنزين كثيرا بهدف تقليل الطلب وإيجاد موازنة بين العرض والطلب على حساب المستهلك المدني طبعا الذي يعاني بشكل حاد من الغلاء الفاحش للمواد الغذائية والحاجات الأساسية للعائلة.
وأزمة البنزين الخانقة هذه لها أسباب أخرى أيضا، ومنها استثمار معظم الميزانية لسياسة العسكرة الجارية ولميزانية التنظيمات السياسية المليشياوية والخلايا الإيرانية في المنطقة وفي العالم، حيث تبدد إيران سنويا وحسب تقديرات ايرانية معارضة، أكثر من 10 مليارات من الدولارات خارج إيران من اجل تقوية بنية هذه التنظيمات ومساندة قوا تمدد النظام في الدول المجاورة والمنطقة، كما ويهدر من الدخل الوطني أكثر من خمسة مليارات دولار أخرى سنويا في الاختلاس داخليا والرشاوى للشركات الخارجية لتزويد إيران بما تحتاج من الممنوعات، والباقي معظمه يصرف للخطط العسكرية وما يرتبط بها، حيث ان الحرس الثوري الإيراني، ميزانيته ليس محدودة على رواتب منتسبيه وتسليحه، بل وعلى ما كل ما يحتاج من ملزمات الحياة والترف والرفاه، من مصانع البناء الخاصة به إلى مزارع إنتاج الخضروات والفواكه ومصانع تجميع القطع وإنتاج المواد المنظفة وأجهزة التدفئة والتبريد وأواني المطبخ، حيث سياسة الحرس ترتكز على اكتفاء ذاتي للحرس الثوري في كافة المجالات، وذلك من اجل مواجهة الاحتمالات ومنها التهديدات القائمة والخوف من الثورة الداخلية للمناطق والشعوب، وهذا يعني، ان الميزانية الإيرانية وحتى منها ما يرتبط بالاقتصاد، هي تسير لخدمة العسكرة، حيث الحرس يحصل على ميزانية عسكرية من جهة، وميزانيات أخرى للتمدد في الخارج، وللاقتصاد والاكتفاء الذاتي الخاص به، وللرشاوى و"البخشيش" للمؤسسات والوسطاء الدوليين للحصول على التكنولوجيا وقطع الغيار العسكرية والصناعية.
في حالة كهذه، يتبين ان تقنين البنزين جاء من اجل تأمين حاجت الحرس والجيش بالدرجة الأولى، حيث وبالإضافة إلى انخفاض الاستيراد بنسبة 15 مليون لتر يوميا حسب ما تعلن السلطات وهذا كان على حساب المستهلك المدني فقط طبعا، انخفض مصرف المستهلك المدني إلى حد كبير من الموجود في الأسواق أيضا، حيث قنن البنزين معظمه للحاجات العسكرية والاقتصادية التي ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بالعساكر والإنتاج العسكري وبقيت الإحتياجات المدنية ومنها المصانع تعاني من النقص بشكل حاد.
وتعقيبا لهذه المعضلة، و في برنامج على فضائية العالم، أشار احد الخبراء الإيرانيين إلى حاجة لبنزين إيراني في عام 2004، تصل إلى 60 مليون لتر يوميا، و قدر نفس الخبير الحاجة ان تصل عام 2017 إلى 150 مليون لتر، أي بمعنى وحسب قوله، ان إيران ستستهلك كل عائداتها النفطية على استيراد البنزين و وقود السيارات!!! ويتساءل المتحدث: في الوقت الذي توجد فيه وسائل النقل في إيران خمس عددها في فرنسا، لماذا استهلاك إيران يتجاوز استهلاك فرنسا من البنزين؟ لكنه عزى ذلك لكثرة مصرف البنزين من قبل الإيرانيين!! وهذا أمر غير مقبول، حيث ان المحلل الإيراني أما انه لا يعرف الأسباب وراء هذا المصرف المرتفع، أما انه لم يريد الحديث ان يتحدث عن الحقيقة، والحقيقة هي ان من جانب انخفض إنتاج تجميع السيارات في إيران بين % 25 و35% مما يعني قلت الحاجة للبنزين للسيارات المدنية، ومن جانب آخر، قائد الحرس و خامنئي و رئيس الجمهورية احمدي نجاد وحدهم يعرفون الحقيقة، وهي ان هذه الزيادة في الحاجة تعود للمصرف فوق الزائد للآليات والمصانع العسكرية ومشاريع الحرس والجيش الاقتصادية المتنوعة ولتبديد الأموال للرشاوى والسرقات في الداخل والخارج.
الغريب ان التقارير تختلف وحتى المسئولين الإيرانيين يختلفون في آرائهم حول مقدار الانخفاض والاستيراد للبنزين، بعد التقنين ويقدرونه بين %14 إلى 20%، لكن الواقع، ان هذا المقدار تجاوز الـ 45% في المائة حسابيا وعلى الأرض وليس مثل ما خطط له الإيرانيون.
ونعمت زاده، نائب وزير النفط الإيراني حسب رويتر وبتاريخ 3.2.2008 يقول: هبطت واردات إيران اليومية من البنزين بنسبة 57% بعد تقنين يونيو لعام 2007، حيث هبط الاستيراد إلى 15 مليون لتر بعد ما كان 35 مليون لتر يوميا، حيث يشير إلى إجمالي الاستهلاك اليومي ويقدره بـ 55.5 مليون لتر(هذا بعد التقنينا!). طبعا هذه الأرقام بعيدة جدا عن الحقيقة، حيث من جانب، حاجة إيران لإستيراد البنزين تصل الى 60 مليون لتريوميا وهذا لا يؤمن إلا نسبة 40% من الحاجة، مما يعني ان الحاجة هي 150 مليون لتر يوميا.
الغريب ان ما تعلنه السلطات وما تشير له الأرقام هناك اختلاف فاحش، حيث ان السلطات تعمل بجد لإيصال التكرير إلى 3.3 مليون لتر يوميا، أي مرتين على ما هو عليه في نهاية 2007 عندما بدأ التقنين بسبب قلة الإنتاج وذلك عن طريق، تطوير تقنية التكرير و بناء مصافي تكرير جديدة، لكن مع قلة السيارات بسبب قلت إنتاجها ومع ارتفاع أسعار المحروقات، الأزمة تتفاقم أكثر فأكثر ولا نرى أي مصنع جديد انشأ ولا تطوير في مراكز التكرير قد تم، مما يعني ان ليس هناك أي زيادة محتملة في الإنتاج بل وعكس ذلك فالإنتاج هبط إلى حد اضطرت السلطات ان ترفع من الأسعار كثيرا لتقليل الطلب وإيجاد موازنة بين العرض والطلب على حساب المستهلك المدني الذي يحتاج للبنزين للعمل بسياراتهم لسد حاجاتهم بسبب عدم كفاءة الرواتب التي سببها الغلاء الفاحش للمواد الغذائية والحاجات الأساسية للعائلة.
وتبين التقارير، ان التهديد الأمريكي لإيران حول عقوبات جديدة من خلال مجلس الأمن أو بدونه خلال اسبوعين، تبين نية امريكا بتطبيق حصار اقتصادي مؤثر هذه المرة، ويكون منع البنزين أهم اهدافه، حيث وبعد اجتماع كوندا ليزا رايس بمجموعتي العرب6+3 الأسبوع الماضي ورفض إيران إيقاف تخصيب اليورانيوم في آخر اجتماع لوكالة الطاقة، وبعد فشل الوساطة التركية في إقناع إيران بتعديل موقفها ومن اجل إبعاد شبح الحرب بعد التمرينات العسكرية الإسرائيلية التي نفذتها فوق العاصمة اليونانية أخيرا لمواجهة الصواريخ الإيرانية، لم يبقى للأمريكان غير اتخاذ قرارات اقتصادية ومالية حاسمة لمنع وصول إيران للقنبلة النووية ولمنع حرب حتمية إذا استمرت إيران بتعنتها وعنجهيتها.
ولهذا الغرض، بدأت أمريكا اتخاذ بعض الإجراءات اللازمة لتضييق الخناق على عملية استيراد البنزين لإيران ولآلتها العسكرية وهذا ستنطلق أمريكا له من قاعدتين، الأولى، الضغط على الدول المصدرة للبنزين لإيران وفي نفس الوقت الضغط على الشركات التي تتعامل مع إيران في مجال تأمين حاجات إيران لمصانع تكرير النفط وإنتاج مشتقاته بكافة أنواعها، ومن جانب آخر بالعمل على منع وصول هذه المواد، سواء كان البنزين أو قطع الغيار إلى موانئ إيران وذلك بالاستفادة من قوتها العسكرية الموجودة في المنطقة وتطبيق القرارات الدولية على مياه الخليج بتفتيش السفن المتوجهة لإيران والخارجة منها وهذا ما ينذر بتوقع أزمة كبيرة في المحروقات وخصوصا البنزين في إيران ومنها انتقال هذه الأزمة إلى الاقتصاد الإيراني بأسره وهو اقتصاد يعتمد بالدرجة الأولى على النفط وعلى مشتقاته وعلى الأموال العائدة من مبيعاته وإيران وصل انتجاجها في مارس الماضي حسب نائب وزير النفط غلامحسين نوذري إلى 4.2 مليون برميل يوميا.
من جانب، وتحت اثر الضغوط الغربية تتوانى شركات النفط الأوروبية بالعمل بتوافقاتها مع إيران حيث اضطرت إيران في ديسمبر الماضي ان تنذر بعضها و تمهل شركتي توتال" الفرنسية" و رويال داتش شل" بريطانية- هولندية"، مهلة ثمانية أشهر، لإنهاء صفقات الغاز أو استمرار مشروع "ساوت بارس".
المركز الإعلامي لـ
الجبهة الديمقراطية الشعبية للشعب العربي الأحوازية
24/07/2008