صيدنايا جرح من جروح الزمان المستمرة

الشيخ خالد الخلف

في صميم الإنسانية ....

الشيخ خالد الخلف

إن المتأمل للوضع السوري الداخلي المرتبك سياسيا" واجتماعيا"يبدوا له جليا" ما آل إليه التخبط الاعمى للنظام ويتفق الكثير من المعنيين أن شقوقا وتصدعات خطيرة بدأت تظهر في جدار النظام التسلطي الاستبدادي السوري، وأن رفع قضايا انتهاك حقوق الانسان  في محاكم دولية ستُضعف قبضة النظام الذي سيجد ضباط قمعه ومخابراته وضعا وبيئة وظروفا تتناقض مع أحداث الثمانينيات حين كانوا يقتلون ويعتقلون دون رقيب، فبالتالي ثمة مراقب وثمة منظمات حقوقية ومحكمة جنايات دولية تنتظر أولئك السجانين الذين رفعوا شعار..(( أنا ربكم الأعلى))

ولابد من الانطلاق في هذا المسعى نحو العمل على تدويل القضايا تلك ليتمكن المعنيون من المطالبة بجر المسؤولين عن المجازر في المعتقلات والسجون الى قبضة العدالة الدولية ولذا سأقوم بتسليط الضوء على المنحى التاريخي للمجزار الكبرى التي حدثت أبان حكم الرئيس الاسد الاب ووصولا" الى الاسد الابن

عندما أعلن عن إغلاق القسم السياسي في سجن تدمر الصحراوي ونقل بقايا معتقليه إلى سجن صيدنايا تنفس العالم الصعداء أملاً في معاملة أرفق وغد جديد بمستقبل أفضل تنتهي فيه ملفات الاعتقال التعسفي والسياسي التي هيمنت على الحياة السورية ابتداءً من انقلاب البعث وتنهي معه روايات المفقودين والمختفين القسريين والتعذيب القادم من عالم غير هذا العالم . لكن لم نلبث إلا قليلاً حتى بدأت روايات الخارجين من جحيمه  تروي قصصاً لا تختلف كثيراً عن جحيم سجن تدمر في الصحراء التدمرية  وإن كانت أخف. سمعنا عن قسم سموه "بوابة جهنم" يعتقل فيه أناس على خلفية معينة، الداخل إليه مفقود والخارج منه إلى مثوىً  تحت التراب وإن كتبت له الحياة فمعاق لا محالة أو معتوه. وسمعنا عن المعاملة التدمرية الحمراء تعود إلى سجن صيدنايا بصور من الاستمرار والتطوير والتجديد يتناسب مع شعارات السلطة، وحتى لا يأخذ سجن صيدنايا على خاطره! تم إكرامه مؤخراً بمجزرة على طراز مصغر لتلك التي دبرت في تدمروراح ضحيتها الاف القتلى .

واليوم بدأ سجن صيدنايا يبتلع نزلاءه. أدخلوا إليه رغماً، وحُكموا بأحكام قاسية ظلماً  وعدواناً واستباح  حقهم في الحرية  والتعبير والحياه ، ولما انتهت أحكامهم الظالمة ابتلعهم الظلام الاتي من سجن تدمر الذي ابتلع قرابة عشرين ألفاً من الأحياء. اليوم سجن صيدنايا يبتلع المعتقلين بينما الأهالي خارج أسواره يأملون في لقاء أحبتهم في يوم قريب. تماماً كما لا يزال أهالي نزلاء سجن تدمر يأملون في لقاء أحبتهم في يوم قريب ولكن يومهم القريب لا يزال بعيداً وقد يكون وأجزم أنه ليس قبل يوم الدين... سجن يبتلع، وسجان يوغل ويتمادى  في الوحشية، ومعتقلون يفقدون، وسلطات تتكتم  وخذلان دولي للانسانيه .. والنظام هنا يراهن على الزمن حتى ينسى الأهالي والعالم حكاية النهاية القسرية، والقمع الوحشي، والتصفية الجسدية. إنها الديمقراطية الوراثية الجديدة على سنن الأب الراحل في الاستمرار والتطوير والتجديد في كل اسايلب القمع والقتل وادواتهم !

 ذكر الاستاذ وليد سقور وهو أحد المدافعين عن حقوق الانسان في سوريا أن أحد الناجين من جحيم تدمر روى له عن قصة اختطافه التي لحسن حظه انتهت وهو على قيد الحياة فقال: حكمت علي محكمة ميدانية في أول الثمانينات بستة أشهر لأنهم زعموا أن في شارعنا يسكن عضو من الإخوان المسلمين واعتبرتني المحكمة مقصراً لعدم التحري عنه وإخبار السلطات بأمره، انتهت الأشهر الستة اثنتان وثلاثون مرة قبل أن يفرج عني. وأردف قائلاً: كنت أتمنى الموت في كل يوم عشرات المرات من وطأة التعذيب وشدة الإهانة والتحقير، ولما رأيته من مشاهد لا يصدقها إلا من رآها بأم عينه،قتل أمامي العشرات بدم بارد ومُثل بأجسامهم بسادية يعجز الخيال عن وصفها، وبوحشية قلّ في العالمين نظيراً لها. تشوهت أجسادنا من شدة التعذيب وتشوشت عقولنا من سوء المعاملة وشدة الإهانة والتحقير. اليوم بدأنا ندون أخوات هذه الروايات عن سجن صيدنايا الذي تمنينا ان يبدأ مسيرته بإنسانية أفضل  نوعآ ما  من سجن تدمر.

نزلاء سجن صيدنايا إسلاميون وأكراد سوريون  ولبنانيون وفلسطينيون واردنيون  وإخوان مسلمين وتحريرون وكتاب ونشطاء حقوق إنسان وحراك مدني وسياسي وأولاد وأحفاد معارضين ،أجيال تربت على فكرهم  المنير والمتحرر لم يرتكبوا ذنبآ يخالف الدستور الذي خرقته السلطات بقوانين استثنائية حظرت حرية التعبير عن الرأي والدعوة إلى الديمقراطية والتعددية الحزبية والسياسية ومنعت المطالبه بالخبز والكرامه واستعانت على ذلك بقضاء مخطوف يعاني من وصاية أجهزة أمنية وتفسيرات هلامية لمواد قانونية أخرجت من مضامينها وطبقت في غير موضعها.

وما جرى من أحداث في سجن صيدنايا قد طوي بشكل مخيف ، وسط رفض السلطات السورية الحديث عما جرى أو توضيحه وادعائها انهم من منتسبي الجماعات المتطرفه وارهابيين وذلك ليصمت العالم عن هول الجريمه ، ورفضها القيام بأي تحقيق بهذا الشان ، ووسط تكتم القنواة  المحلية والدولية ، وكأن هناك تواطؤ دولي من أجل منع تسريب أية معلومة عما جرى داخل هذا السجن ، وسكوتها عن مطالبة الحكومة السورية بالكشف عما جرى من أحداث هناك ، ولذلك بقي الضباب الكثيف يكتنف ما جرى من أحداث بداخله ، ولكن دعوة منظمة " هيومن رايتس " يوم السبت 4 / 7 لسوريا بالكشف عن مصير المحتجزين في سجن صدنايا والذين يبلغ عددهم ما يقارب 1500 سجين ولم يعرف عنهم شيئاً بعد أحداث السجن منذ سنتين، أعاد للأذهان مجدداً ،  حصول مجزرة جديدة ارتكبت بحق السجناء الذي انتفضوا مطالبين بتقرير مصيرهم والدفاع عن حرياتهم ومعتقداتهم الدينيه ومطالبين ببعض الاكل الذي يعد الاول من حيث قل الكميه وردائت النوع ومطالبين بنوع بسيط من الرعايه الصحيه التي حرمو منها الاباستثناء السيتامول  ، ويعتقد أن المئات منهم على الأقل قتلوا أثناء استخدام الشرطة العسكرية للقوة المميتة لإخماد أعمال قالت السلطات  انها اعمال شغب قام بها متطرفون اسلاميون في السجن في  5 تموز 2008 " ، ونشير :  أن على سوريا أن تطلق سراح من انتهت محكوميتهم في السجن وأن الحكومة السورية لم توفر لعائلات المحتجزين أو الرأي العام أية معلومات عن أحداث صيدنايا ولم تكشف عن أسماء الجرحى أو القتلى ، ومنعت إي اتصال بين السجناء وأسرهم منذ وقوع الحادث  ، مع العلم اننا رائينا وبالعين المجرده تطويق الجيش والامن السوري لمشفى تشرين العسكري لمده تجاوزة السته اشهر وان شهود عيان يسكنون في المنطقه المقابله للسجن قالو ان سيارات الاسعاف العسكري عملت لاكثر من اسبوع بشكل متواصل من الصباح الى الصباح الاخر لنقل القتلى والجرحى للمستشفى ،وندعو الدبلوماسيين الأجانب الذين يزرون دمشق إلى سؤال الرئيس السوري بشار الأسد عن مصير هؤلاء السجناء ، تساؤلات محيرة ومقلقة عما جرى بحق المساجين ، وخصوصاً أن السلطات السورية رفضت الإفراج عن عدد من الذين شهدو المجزره وقد  انتهت مدة محكوميتهم ،

من هنا ندعو السلطات السوريه للكشف عن مصير المفقودين في المعتقلات والسجون من جميع الجنسيات . وفتح تحقيق حيادي  وشفاف باشراف لجان دوليه

والغاء قانون الطوارىء واطلاق سراح المعتقلين السياسيين وسجناء الراي والضمير ...