دمشق تسابق باريس في الحرب على النقاب

محمد فاروق الإمام

محمد فاروق الإمام

[email protected]

في سابقة خطيرة أصدر وزير التعليم العالي السوري غياث بركات قراراً تعسفياً لم يسبقه إليه أحد بمنع الطالبات السوريات المنقبات من التسجيل في الجامعات السورية سواء الحكومية أو الأهلية وأيضاً المعاهد بكل أشكالها ومسمياتها.. معلناً رفضه لهذه الظاهرة التي (تتعارض – بحسب إدعائه -  مع القيم والتقاليد الأكاديمية ومع أخلاقيات الحرم الجامعي) بحسب ما أوردته قناة الجزيرة الفضائية في سياق نشرتها الإخبارية يوم الأحد الماضي 18 تموز الحالي.

وكان وزير التربية السوري علي سعد قد نقل الشهر الماضي 1200 منقبة من سلك التعليم إلى وزارة الزراعة والإدارة المحلية والخدمات نظرا (لعدم إمكانية قيامهن – بزعمه - بدورهن التعليمي وهن منقبات).

باريس احتاجت لستة أشهر لمناقشة موضوع سن قانون يمنع وضع النقاب على الوجه في الأماكن العامة في مجلس النواب فيها، ولم يطبق القانون حتى الآن – رغم إقراره في مجلس النواب - لأن هناك جهات أعلى لابد من التصديق عليه حتى يصبح ساري المفعول.. في حين اعترض على القانون شخصيات فرنسية هامة وشجبته مؤسسات المجتمع المدني وجمعيات حقوق الإنسان الفرنسية معتبرة النقاب حرية شخصية لا يجوز التطاول عليها وهذا يتعارض مع مبادئ الثورة الفرنسية والعلمانية الفرنسية!!

دمشق أصدرت خلال أقل من شهر قرارين خطيرين يمسان جوهر الدين الإسلامي الذي يدين به في سورية ما يزيد على 80% بنقل 1200 منقبة من سلك التعليم إلى مؤسسات حكومية أخرى، وقرار منع تسجيل الطالبات المنقبات في الجامعات السورية الحكومية والخاصة والمعاهد وحرمانهم من متابعة تحصيلهن التعليمي الذي كفله القانون السوري لكل السوريين (ذكور وإناث) دون تمييز.

فإذا تحركت في فرنسا الجمعيات المدنية المدافعة عن حقوق المرأة وحريتها وجمعيات حقوق الإنسان.. وارتفعت أصوات عقلاء المفكرين والساسة الفرنسيين ضد قانون منع النقاب في الأماكن العامة، فأين أصوات رجال الدين وعلماء المسلمين في سورية وعلى رأسهم مفتي الجمهورية أحمد حسون، وأين الشباب الذين غضبوا يوم التطاول على النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأحرقوا السفارة الدانماركية في دمشق، ولا نراهم يغضبون للتعدي على حرائر المسلمين وتصفيتهم ومنعهم من طلب العلم بسبب حجابهم ونقابهم وتمسكهم بأهداب إسلامهم ودينهم الذي شرفهم الله سبحانه وتعالى بالانتساب إليه، أم أن للغضب عندكم لون معين وإرادة معينة للتعبير بحسب توجيهات الروموت كنترول وأوامر بيت أهل الحكم في دمشق بحسب ما يجدونه يخدم مصالحهم وأجندتهم وأهدافهم؟!

أخيراً اذكر أهل الحكم في دمشق بان كل القرارات والمراسيم والقوانين (في ظل قانون الطوارئ) التي أصدرتموها على مدى أربعة عقود وما زلتم تصدرونها للحد من الصحوة الإسلامية والمس بجوهر الدين الإسلامي وأصالته وتعاليمه لن تحصدوا من خلالها إلا الخذلان والإخفاق والفشل، بدليل أن هناك في سورية مزيداً من العودة إلى الدين والتدين والتمسك بأهداب الدين الإسلامي الحنيف، فهذه مساجد دمشق والمدن السورية الأخرى تزداد عمراناً بالشباب المتدين، وهذه شوارع دمشق والمدن السورية الأخرى تعج بالحرائر اللائي يزين رؤوسهن بالحجاب ووجوههن بالنقاب.

امكروا يا أهل الحكم في دمشق أنا شئتم بالدين والمتدينين واحصدوا يومياً عودة الآلاف من شبابنا وشاباتنا إلى أصالة الدين ونبعه الصافي الذي أردتم تلويثه بقراراتكم ومراسيمكم وقوانينكم الجاهلة بحقيقة أبناء الشام الذين مدحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة منها:

"عليكم بالشام فإنها خيرة الله من أرضه يجتبي إليها خيرته من عباده، إن الله قد توكّل لي بالشام وأهله".

وقال: "الشام صفوة الله من بلاده يجتبي إليها صفوته من خلقه".

وقال: "الشام كنانتي فإذا غضبتُ على قوم رميتهم فيها بسهمي".