هويدا عرّاف ...مناضلة من طرازٍ آخر

يوسف شرقاوي

يوسف شرقاوي - بلعين المحتلة

رغم انني لا أقدّس الرموز,لكن أجدني  وانا أمام نموذج  إستثنائي , مضطرا أن أكتب عن دور شخص لايمكن تجاهله.

كأنها تبشيريّة, تبشّر بالأمل والمستقبل,لا أحد يستطيع أن يسلبها هذا الأمل, لابأس فأحيانا نحتاج الى أمثالها للوصول الى الهدف,لصوابية استشرافها  للمستقبل , لعمق وعيها لقوانين الصراع المجدية  ضدّ اعتى قوة  إحتلال عنصري عرفته ,البشريّة المعاصِرة.

 كنت اشاهدها في فعاليات (التضامن) مع ابناء شعبها الفلسطيني للتصدي للاستيطان , ومصادرة الاراضي, وبناء جدار الفصل العنصري,في معظم فعاليات الضفّة, فهي من أوائل المتصدّين للاحتلال في بلعين ونعلين, والمعصرة, والخضر,كنت أرى فيها مناضلة من طراز آخر,تنبض بقيم انسانية عالية,وكلّما   تبادلت  أطراف الحديث معها تحضرني مقولة لناجي العلي,مفادها أن المسافة الى فلسطين ليست بالبعيدة,ولا بالقريبة,,إنها بمسافة الثورة, أي بمسافة الفعل اليومي التراكمي,رغم يقيني أن المسافة قد طالت.

تساءلت ذات مرّة وانا  أحاورها  كم  هي المسافة  المتبقية  للوصول الى الهدف؟ عندها انتابني الشعور بتفاؤلٍ غريب ,بأننا حتما سنصل مادام  يتقدمنا ثلّة من أمثالها مؤمنين بعدالة  قضيتنا, وحقّنا  في تقرير  مصيرنا  وبناء  مستقبلنا

هويدا عرّاف تعلم أن للحرية ثمنا قد يدفع الإنسان حياته ثمنا لها,عن طيب خاطر للوصول اليها,لذلك خاطرت بحياتها عندما قررت مع أقرانها كسر حصار غزّة,وتأسيس حركة الحرية لغزّة,وهي تعلم علم اليقين أن الأمر ليس بالسهل,ولا بالممتع,لأنه لايعلم مخاطر ركوب البحر إلا من ركب البحر وتحمّل المشقّة للوصول الى الهدف,ناهيك عن وجود القرصنة الإسرائيلية مابين سواحل قبرص وغزة, لكن موقفها الأخلاقي دفعها لتحمل المشقّة للوصول الى أبناء جلدتها  هناك.

هويدا عرّاف مناضلة إستثنائية,ولو غلب عليها في بعض الأحيان عنصر المغامرة,  ذلك لحبّها المفرط لمعنى   قيمِ  الحياة  والكرامة  الإنسانية  لشعبٍ يرزح  تحت نير الإحتلال ,والقهر والعنصريّة.

قبل أيام أتيح لي مقابلتها صدفة بعد طول غياب مع عائلة شهيدة الإنسانية راشيل كوري ,في بيت لحم,في ذكرى استشهاد  إبنتهم,كانت أكثر ايمانا من ذي قبل بأن المسافة أضحت أقرب الى الحرية والإنعتاق من نير العبوديّة,بفعل التضامن الإنساني العالمي مع الشعب الفلسطيني,وذلك من خلال كلمات قليلة ترجمتها للحضور عن عائلة الشهيدة راشيل,بأن قضيتكم هي قضيّة الإنسانية جمعاء,  وكلّ  من يتوق الى  السلام والحرّية في العالم,ولن أبالغ إن قلت انني رايت الإصرار في عينيها عندما كانت تترجم للحضور تلك الكلمات ,وتعزز هذا الشعور أكثر عندما تقدّمت الصفوف  أثناء مسيرة أحد الشعانين,مع رفاقها المتضامنين الأجانب ,والفلسطينيين, وهم يحملون سعف النخيل واغصان الزيتون ,لإختراق الحواجز والبوابات الإسرائيلية, واختراق جدار الفصل العنصري للوصول الى القدس للصلاة هناك,تيمنا بأهل المدينة المقدّسة الأصليين,عندما استقبلوا  رسول السلام , عيسى عليه السلام بسعف النخيل واغصان الزيتون,لذلك  فهِم المحتلون الصهاينة  فحوى الرسالة ,وأوسعوها ضربا, وركلا, وشتائم,حتى طالت اياديهم القذرة بكل لؤم وعنجهيّة وجهها المشرق,لكنها أثبتت أنها شعلة إصرار لاتعرف المستحيل , فلها  ولرفاقها, ولكل من كان في مسيرة أحد الشعانين ألف ألف تحيّة ....؟؟؟؟؟

هل كان أمير الشهداء(ابوجهاد = خليل الوزير)؟؟ ونحن على ابواب ذكراه الحادي والعشرون وزوارقه الذهبية نحو شواطئ فلسطين، قد اخطأ الوجهة، حين كان يصر على ان نســتمر في الهجـــــوم ،أم لانه كان يعرف وما كان يؤكد عليه دائما  :(( ان مصير فلسطين يتحدد  على ارضها،  لا على طاولة المفاوضات ......)))؟؟؟