لزقة الأسد
لزقة الأسد
م.نجدت الأصفري
حتى منتصف القرن الماضي كان في الصيدليات ولدى العطارين لزقة تستعمل على الجسم البشري في حالات التمزق العضلي ، أو خلع المفاصل ، أو تقطع الأربطة الغضروفية ، أو آلام الظهر . تسمى لزقة الأسد
توفر هذه اللزقة شيئين رئيسيين ، أولهما التمسك التام في مكان المعالجة ولا تسقط حتى يخف أو يزول الألم ، وثانيهما تحتفظ بحرارة الجسم في المنطقة المصابة ، سواء بعزلها عن العوامل الجوية الخارجية ، أو بواسطة بعض المواد الكيماوية الباعثة للحرارة الموضعية التي تتوفر في المواد المصنعة لها .
استفاد حافظ الأسد من مواصفات هذه اللزقة في المقارنة التالية:
- : شهرتها فلم يكن صعبا عليه استخدام أسم اللزقة المذكورة ليحفظ العامة أسمه بسهولة .
- : التمسك بالسلطة بأنيابه ومخالبه تمسك الضواري بالفريسة ، ولم يسقطه إلا قدره إلى نهايته في قبر يزوره الناس متعجبين كيف سقط بسهولة بعد عمر مديد ورأس عنيد.
- : بعث في أجساد البشر حرارة شديدة يصعب تحملها ، مبعث حرارته كان بأساليب كثيرة متعددة :
الصفع على الوجوه ، اللكمات على مناطق تسبب الورم والألم مع الحرارة العالية ، السياط والكرابيج مختلفة الأنواع والمسميات ،طولا وصناعة وسماكة ، قد يدخل في بعضها معادن تقوي مفعولها ، التيار الكهربائي بمولد يزداد جهده بزيادة سرعة العامل المكلف بتنوير الجسد بإدخال إضاءة تحرم منازل المواطنين منها ، الرعشة التي ينتفض فيها الجسد مدعاة لتساقط كل الأزمات الأخرى ، مالية ، أجتماعية ، فكرية ، وظيفية ..الخ
إذا لم يستجيب المعالج للحرارة المتولدة في جسده بالأساليب السابقة ، انتقل المعالج إلى قفزة نوعية وهي الكي بالسجائر حيث تطفأ زرارتها على مهل في الوجنات ، أو صيوان الآذان حتى يبتهي المشوار إلى جفون العيون ، أو مناطق العفة.
إذا استعصى العلاج حتى هذه الدرجة ، كان المرض مزمنا ومستعصيا على العلاج التقليدي ، يبدأ العمل الكيماوي بالأحماض المؤكسدة ، تغمس فيها الأطراف السفلية كي تتمدد الحرارة للأعلى ، فإن حصل المراد أو استمر الغطس في مسبح الأحماض ، غياب وعي المعالج ليس معناه سيئا أبدا بل هو في وصول روحاني يغيب فيه عن الأحساس الآني لكنه في منتهى السرور من شطحات الصعود الروحاني بين أيدي معالجه العنيد ، تحت شعار ، لكل داء دواء يستطب به ....
طبعا حافظ أسد باعتباره تسنن على أيدي بعض علماء الزمان والمكان ، فهو يشعر بفخر أن العلاقة بينه وبين الحياة الأخرى مرتبطة برباط متين ، متمسك بقول النمرود لسيدنا ابراهيم .. أنا أحيي وأميت ..لهذا لا يمكن مؤاخذته على ما يفعل بل هو يقرن نفسه باللزقة التي أخذ أسمه وأفعاله من اسمهاوخصائصها .
حرم الناس على أنفسهم استخدام هذه اللزقة المشؤومة ، وذهبت مثلا للشر حتى أصبحت مثلا يقال لكل ثقيل الدم كريه الوجود ممجوج الظل ... فيوصف بلزقة الأسد ، فلم يعد لها زبائن يشترونها فانعدمت من الصيدليات ودكاكين العطارين ، وأصبحت شعارا سياسيا يقول(( حل عنا شو لزقت فينا لزقة الأسد)) وتذكر بعض الأقوال أن المخابرات سيئة السمعة سجنت أناسا كثيرين أذا سمعتهم أو نقل إليها من استخدم الجملة السابقة فاعتبرتها تهمة شنيعة وهبوط لا يحتمل في حب من يرونه للأبد يا حافظ أسد ، تذكرني مصيبتنا بالأسد خاصة بعد خلاصنا من الكبير فورثنا الصغير بأبيات الشعر التالية :
سقط الثقيل من السفينة في الدجى
فبكى الرفاق لفقده وترحموا
حتى إذا طلع الصباح أتت به
نحو السفينة موجة تتقدم
قالت خذيه كما أتاني سالما
لم أبتلعه لأنه لا يهضم
الموجة المذكورة في الشعر هنا هي الموجة التي خلقتها قرارات مجلس الأمن في انشاء المحكمة الدولية ، أعطى هذا دفعا قويا لكل من عنده معلومات أن يبادر في إيصالها لهيئة التحقيق كما ظهر البارحة شاهد رئيسي يملك معلومات هامة جدا ، ثم تلى ذلك اليوم ما أذاعته قوات الأمن الداخلي اللبناني من وضع يدها على قتلة الشاب الوزير الشيخ الجميل بداية العام الحالي ، وإذا بها معلومات محكمة ومربوطة بشكل متقن ظن مخططها أن كشفها مستحيل وإذا بقوات الأمن الداخلي يقدمون الأعترافت صوت وصورة ، وتحاليل ومختبرات دولية ... وسقط الفاعل في الفخ . وغدا انشاء الله خيرا من اليوم .
ومن توكل على الله كفاه .