لغة المسيح عليه السلام لم تمت في سوريا

د. خالد أحمد الشنتوت

د. خالد أحمد الشنتوت *

[email protected]

في موضوع نشره موقع سوريا الحرة في ( آب 2009) جاء فيه أن :

لغة المسيح لم تمت في قرية سورية ....

ويقول مسيحيون سوريون: لن تندثر اللغة الارامية ما دام هناك شباب يتعلمونها وينقلونها للاجيال المقبلة.

وتعتبر قرية معلولا المتوارية بين صخور الجبال من اواخر الاماكن التي لا يزال سكانها يتكلمون اللغة الارامية، لغة السيد المسيح.

وتعتبر سوريا اليوم اخر بلد صمدت فيه اللغة الارامية. وتشير التقديرات الى ان نحو 60 الف سوري ما زالوا يتكلمونها من بينهم عشرة الاف في معلولا.

التعليق :

مامعنى ذلك كله ، ما معنى أن تكون سوريا آخر بلد  صمدت فيه اللغة الآرامية !!؟  أفهم من ذلك رسوخ مبدأ قبول التعددية الدينية في سوريا ، وأن المسلمين وهم الغالبية العظمى من سكان سوريا ، يقبلون أقليات تعيش بينهم ، وتدين بغير الإسلام ، إذ القاعدة { لا إكراه في الدين } مطبقة عملياً  ...

وفي سوريا أقليات دينية وعرقية ومذهبية ، عاشت مع المسلمين في وئام على مدى قرون ، وهذه الأقليات لم تشكُ يوماً من ظلم المسلمين لهم ، بل كان الانسجام ملاحظاً مع الثقافة العامة للمجتمع السوري ، ففي حماة مثلاً حي كامل يسمى حي ( المدينة ) يغلب على سكانه ــ كما أظن ــ أنهم من المسيحيين ، وكانت نساؤهم في ( الخمسينات ) يلبسن زي النساء المسلمات ( الملاية التركية ) ، وإن دل هذا على شيء فإنه يدل على الانسجام والوئام بين المسيحيين والثقافة الإسلامية السائدة ...

كنا معلمين في محافظة الحسكة، وفي عام (1966) وفي يوم (23 شباط بالذات ) عطلت المدارس بسبب الحركة التصحيحية الأولى ، وتجمع عندي بضعة معلمين ، ذهبت معهم إلى قرية الهيشري ( وهم يزيدون من عبدة الشيطان ) ، وبطبيعة الحال سوف يذبحون الدجاج ( المصري ) لإعداد طعام الغداء لضيوفهم ، ورأيتهم ينادون معلم قريتهم ــ وهو مسيحي ــ كي يذبح الدجاج ، على مسمع منا ، كي نطمئن ونأكل من اللحم لأنه ذبح بيد كتابي ... وهذا يدل على الاحترام المتبادل بين أتباع الديانات ، كما أن معلم قريتهم ، أوصانا حيث مررنا عنده في المدرسة أولاً قال : حاولوا أن لاتسبوا الشيطان أمامهم لأن هذا يغيظهم جداً ، وكان ذلك ....

هذه سوريا التي نعرفها ، بلد التعددية ، تعددية دينية ، وعرقية ، ومذهبية ، وسياسية كذلك ، قبل أن يفرض عليها نظام الحزب الواحد، والفئة الواحدة ، وتقصى غيرها من الساحة ، ويستمر الحال على مدى نصف قرن تقريباًً ....

فما أحلى أن نعود إلى الخمسينات ، وإلى ثقافة الخمسينات ، وقيمها ، والله على كل شيء قدير ...

              

*دكتوراه في التربية