لا يا دكتور حشمت

أ.د/ جابر قميحة

أ.د/ جابر قميحة

[email protected]

يعلم الله ـ يا دكتور حشمت ـ أنني أحترمك وأقدرك ، وأعتز بك وأعتقد أن الشعور نفسه يسري في قلوب أهل دائرتك ...

بل في قلوب كل من يعرفونك على مستوى العالمين : العربي و الإسلامي .

ولكن هذا الاعتزاز ـ يا دكتور جمال ـ لا يمنعني من أن أكون صريحا معك .

ولكن قبل هذه المصارحة أعرض على القارئ الكريم " سيناريو " سريعا لما حدث ، وهو السبب في أن أكون صريحا معك ، وأنت تؤمن معي بأن المصارحة لا تفسد للود قضية . وصدق من قال " أحب أفلاطون ، ولكني أحب الحق أكثر من أفلاطون "

**********

1-  اتفق الدكتور جمال مع قوات الـأمن على السماح لــ 800 شخص لحضور عقد قران ابنه م . خالد ، بعد مفاوضات إستغرقت ثلاثة أسابيع ولكنهم نقضوا الاتفاق ولم يسمحوا بدخول المسجد إلا لــ 400 شخص فقط .

2-   تم إلغاء مكبرات الصوت من القاعات ، كما تم منع إقامة صلاة العصر ، وعلق على باب المسجد لافتة نصها " مغلق للنظافة " .

3-  مُنعت إحدى الجنازات من دخول المسجد وقرر الأمن تحويلها إلى مسجد "الإفلاقي "

4-  قامت 15 سيارة أمن مركزي ، وست سيارات مكافحة إرهاب ومئات من قوات مكافحة الشغب ، ورجال المرور و عربات المطافئ و الإسعاف بعملية الحصار و الانتشار في الشوارع عقب صلاة الجمعة يدعمها مساعد مدير أمن دمنهور .

5-   منع العريس من دخول المسجد إلا بعد الحصول على موافقة ناجي الجمال .

6-  صودرت 4 سوندات وميجافون ، و 50 كرسي و عشرات من البطاقات الشخصية لبعض أهل العروس .

**********

ومن عجب يا دكتور جمال أن نراك غاضبا مما حدث بكل جزئياته ، وأنا لا أوافقك على غضبك هذا ،وآخذ عليك عدة أمور أهمها :

1- آخذ عليك أنك لم تبعث برسالة شكر للدولة ، وأخري لوزير الداخلية ، و ثالثة لقيادة الأمن المركزي ، وذلك لأن زفاف ابنك العزيز م . خالد كان مصحوبا بموكب أمني ، أقسم بأغلظ الإيمان أنه لم يفز بمثله عند زفافه ملك أو أمير في الأسرة العلوية من محمد علي باشا ،إلي الملك فاروق في زفافه علي الملكة فريدة ، ثم زفافه علي الملكة ناريمان . وخصوصا إذا عرفنا أن زي رجل الأمن المركزي يكلف الدولة عشرات الألوف من الجنيهات للزي الواحد ولوازمه من عصا كهربية وطاسة ودرع لحماية الجسم ودرع شفافة لحماية الوجه . وفيه يظهر عسكري الأمن المركزي فائق اللياقة والمظهر كجنود الرومان التاريخيين .

فهل بعد هذا تقدير واحتفاء يا دكتور جمال ؟ . ولم يقتصر هذا الاحتفاء علي العريس فحسب بل تعداه الي الحاضرين أيضا ، فيروى أن الواحد منهم لم يصل إلي المسجد إلا مروره بالتشكيلات العسكرية " الفخيمة " .

2- ومن عجب أن تعترضوا ـ يا دكتور جمال ـ على اللافتة المعلقة على باب المسجد " مغلق للنظافة " ،وانتم ترددون دائما : النظافة من الإيمان .

3- و ماذا يا سيدي الدكتور جمال في رفض جهاز الأمن إقامة صلاة جنازة في المسجد ، و تحويل الجنازة إلي مسجد أخر ؟ . إن الأمن في هذا التصرف ــ يا سيدي ــ أخذ بالأحوط حماية لرجال الأمن ــ وهم مصريون ــ من جثمان ربما جهزه " خبراء المحظورة " بأشعة اليكترونية تقتل الأحياء !!! و انت تذكرــ يا دكتور جمال ــ أن جثمان نجيب محفوظ ــ رحمه الله ــ خضع للتفتيش والاختبار بأجهزة اليكترونية حديثة جدا … متقدمة جدا ، لاحتمال حشو الجسد بمواد متفجرة ، لأن شخصية كبيرة جدا … جدا ستتصدر الجنازة ، وقد تم ذلك في مستشفي الشرطة بالعجوزة ، كما يقولون .

ثم إن رحمة ربي واسعة تدرك الميت ، ولا ارتباط لها بمكان الصلاة ، أو مكان الدفن .

4 - يا دكتور جمال : لقد درسنا في الجامعة " التربية العملية ، و الطرق الخاصة للتدريس " ، وكنا ــ ونحن طلاب في السنة النهائية من كلية دار العلوم ــ نطبق ما درسناه في تدريس فعلي ، بمدارس الدولة ، تحت إشراف أساتذتنا الكبار وتوجيهاتهم .

ولا حق لك في أن تؤاخذ المسئولين لقيامهم بحصار المسجد والشوارع المؤدية إليه ، فإن ذلك يعد من قبيل التدريب الفعلي العملي ، لزيادة خبرة ابنائنا من نشامى الأمن المركزي ، فقد يكلفون ذات يوم بحصار مجموعات من الفلسطينين علي مشارف غزة ، وخصوصا إذا كانوا ينتسبون للتنظيم التخريبي المسمى " حماس " . وبذلك يثبت رجال الأمن ــ بعد هذا التدريب العملي ــ أنهم في مجال الحصار ــ أوعي وأخبر من قوات إسرائيل .

5 - ثم هناك ــ يادكتور جمال ــ احتمال ليس بالمستحيل ؛ فأنت تعلم أن " التنكر " يعد وسيلة من وسائل القواد و الجيوش ضمانا للسلامة. فمن الحقائق التاريخية أن " موشي ديان " تعددت شخصيته إلي ثلاث ( واحدة أصلية واثنتان تنكريتان ) . وذلك أثناء الجولات التفتيشية . وتشرشل رأيناه في الحرب العالمية الثانية وقد استعان بشبيه له ، وكذلك صدام حسين .

وفي وقتنا الحاضر تقدم " فن المكياج " تقدما مذهلا بحيث يستطيع

" الماكيير " أن يغير سمت الوجه وشكله إلي شكل الشخصية المطلوبة . وهذه حقيقة لم تفت قيادة الأمن المركزي و فيهم عباقرة أذكياء ، فشددوا الحصار حماية للوطن من الإرهاب ، بتقدير احتمال مؤداه أن يكون العريس هو " أسامة بن لادن " في سمت م. خالد ". وأن يكون المأزون هو " أيمن الظواهري " بعد إجراء عمليات مكياج متقنة معقدة ،وذلك لتبليغ رسالة شفرية لأعضاء " الجماعة المحظورة " . فمثلا " زوجتك " قد تعني شفريا : " تزودوا بالسلاح " … وقد تكون كلمة " المهر " تعني شفريا " إعانة الجماعة بأموال من الخارج " . وكلمة " مؤخر الصداق " تعني شفريا " أخروا الصدام مع النظام القائم إلي وقت آخر .

 وقد يبدوا هذا التقدير غريبا جدا و لكنه غير مستحيل . ومن ثم استعدت قوات الأمن في يقظة شديدة لمثل هذا الاحتمال ، وخصوصا بعد تصريح الوزير العبقري

 " المفيد للوطن " الدكتور مفيد شهاب الذي قال فيه : إن الجماعة المحظورة أشد خطرا علي مصر والعرب من إسرائيل " . وكان هذا التصريح في أحد معسكرات الشباب .

**********

 يا دكتور جمال من منطلق حبي لك ، واعتزازي بك أقول : رجح المصلحة الوطنية علي كل شيء ، ووجه خطابات شكر - تتدفق حرارة وتقديرا- إلي النظام ووزارة الداخلية وقيادات الأمن المركزي للاعتبارات السابقة . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة.