( إلى جميع التائبين إلى الله ، الذين حرَّموا على أنفسهم ماحرم الله ، وعادوا إلى بساتين فطرتهم المباركة ، إلى أفياء رضوان الله )
أوَلَم يجدْ هذا المُخَدِّرَ علقَمًا
الحمدُ كلُّ الحمدِ للرحمنِ = أوصى بحفظِ النفسِ والأبدانِ
وَحَبـا ابنَ آدمَ بالبصيرةِ والحِجى= وهَداهُ في دنياهُ بالقرآنِ
وأحلَّ فيضَ الطيباتِ لأجلِه = حتى يعيشَ مُنَعَّمَ الأردانِ
في ثوبِ عافيةٍ وسابغِ صِحَّةٍ = ليظلَّ في حيويَّةِ اطمئنانِ
ونهاهُ عن نَتَنِ المحرَّمِ إنَّه ...= ...الفتَّاكُ طولَ الدهرِ بالإنسانِ
وبفضلِه أزجى له الثمراتِ من = حُلوِ المذاقِ تفيضُ في البستانِ
فالجَنيُ من عَذْبِ الطعامِ تنوَّعتْ = ومن الشَّرابِ الدائمِ الجريانِ
فعلامَ يركضُ مَن تناسى فيئَها = خلفَ الضياعِ وباتَ في خسرانِ
وانقادَ للهَلَكَاتِ لايلوي إلى = سوءِ المصيرِ و وحشةِ الحرمانِ
وأتى المُخَدِّرَ والهًـا متلهفًـا = يقتاتَه سَفَهًـا مع الأخدانِ
فالعقلُ ولَّى والمشاعرُ أُخْمِدَتْ = في صدرِه المشبوبِ بالنيرانِ
والنفسُ حائرةٌ تبدَّدَ أُنسُها = والقلبُ في قيْدِ الأذاةِ يُعاني
أرأيتَها في الويل إذ سَقَطَتْ على = مستنقعِ الأوجاعِ والإدمانِ
لِمُخَدِراتِ العصرِ بابُ خسارةٍ = لمكانةِ الإنسانِ في الأزمانِ
كم أقعَدَتْ ممَّنْ تعاطى سمَّها =متجندلا في قبضةِ السَّرطانِ
أو حلَّ داءٌ في حنايا قلبِه = فأماتَ نبضَ الروحِ في الشِّريانِ
ياأيُّها الإنسانُ مالك لاترى= آثارَ ما للسُّكرِ من هَذَيَانِ
فالمالُ أتلفَه التَّعَلُّقُ بالهوى = في سوقِ هلوسةِ الفتى النشوانِ
أودى ببهجتِه الشَّقاءُ فعاشَ في = نَكَدٍ وفي عَبَثٍ وفي حِرمانِ
= بَشِعًـا يُباعُ بأقبحِ الأثمانِ !
لفسادِ أخلاقٍ ، وَقُبْحِ مسيرةٍ = في حمأةِ الآثامِ والأضغانِ
ويردُّ أمرَ اللهِ ليس بعابئٍ = لِمآلِ نفسِ المرءِ بالعصيانِ
يأتي الفواحشَ ناسيًا قيمَ الهدى= فأماتَ بعدُ طهارةَ الوجدانِ
فكم اعتدى جهلا بسوءِ سلوكه = فأتى المحارمَ كالعدوِّ الجاني
فالأُمُّ باكيةٌ تكفكفُ دمعَها = والأُختُ تشكو فِعلةَ الحيوانِ
والناسُ آذى طيشُه أبناءَهم = فأتى له ذمٌّ من الجيرانِ
إنَّ المخدِّرَ للعبادِ مصيبةٌ = حلَّتْ مآسيها على الإنسانِ
فالمرءُ باتَ يمينُه وشمالُه = من غيرِ وعيٍ في يَدِ البهتانِ
والأُسرةُ انْتُهِكَتْ مكانةُ فخرِها = و ذوتْ فروعُ خمائلِ الأفنانِ
وبها استبدَّ البؤسُ يطمسُ أمنَها= لتعيشَ في قلقٍ بغيرِ حنانِ
تغشى الكآبةُ والشجونُ مساءَها = والنومُ لايأتي إلى الأجفانِ
إنَّ ابنَها أو بِنْتَها في ورطةٍ =من حانةِ الإدمانِ يستقيانِ
واليومَ جاءُ الصُّبحُ يحملُ توبةً = للمدمنينَ على الأذى الفتَّانِ
بعلاجِ أيامٍ خَلَتْ ومودةٍ = من إخوةٍ جاؤوا بِسِفْرِ تهاني
طوبى لِمَنْ تابوا وأقلعَ عزمُهم = عن عادةٍ تودي إلى الأكفانِ
يغشاهُمُ التوفيقُ من ربِّ الورى = واللهُ أهلُ الفضلِ والشُّكرانِ
هاهم إلى الدنيا يعودُ نشاطُهم = وتعودُ فطرتُهم بلا أدرانِ
فرحَتْ بهم أيامُهم وطوتْ يَدُ ... = ... الإقلاعِ عنها صفحةَ الخذلانِ
بشرى لكم جئتُم مرابعَ جنَّةٍ = زخَّارةٍ بالأُنسِ والتحنانِ
مع أهلِكم وصِحابكم ، ومع المنى = والخيرِ فاضَ على مدى الأوطانِ
فالحمدُ للهِ الذي يَهدي إلى = سُبُلِ الفلاحِ وموئلِ الإيمانِ
يعفو ويصفحُ جلَّ في عليائِه = عن تائبٍ ينأى عن الشيطانِ
عش في بلادِك يا أخي متنعمًا = بالأمنِ والأفراحِ لا الأحزانِ
وانشدْ لها قممَ المعالي مؤمنًا = بسُمُوِّ شرعتِها على الأقرانِ
وانهض بنفسِكَ للمآثرِ إنَّها = للفارسِ الجوَّاب في الميدانِ
وكُنِ المنادي للرقيِّ وللعلى = فلأنتَ سِبطُ المُؤثِرِ المعوانِ
وانْسَ الذي قد كانَ أبدله الذي = قَبِلَ المتابَ بسابِقِ الإحسانِ
أحلى ليالي المرءِ يومٌ لم يكنْ = يأتي إليه تخاذُلٌ و تواني
قل للبريَّةِ كلِّها إني أنا وأتيتُ= قد أُبْتُ للرحمنِ ذي الغفرانِ
وأتيتُ ركنَ التَّوبِ أرجو رحمةً=تحمي الفتى من لوثة الشيطانِ
لأعيشَ عبدًا للمهيمنِ مؤمنًـا=وأنالَ يومًـا منزلَ الرضوانِ
فالمـرءُ إن حـانَ الرحيلُ تبددت=عنه مكانتُه سوى الأكفانِ
لن ينفعَ الإنسانَ يومئذٍ سوى=ماقدَّم الإنسانُ للديَّـانِ
فالمالُ ولَّى والزعامةُ أفلستْ=فَصُوَيحبُ الآفاتِ في خسرانِ
ولمَن تفلَّتَ في الحياةِ مكارهٌ=فَمُكَبَّلٌ ينقادُ للنيرانِ
بشرى لِمَن أمضى الليالي عابدا=ومُرَتِّلا بُشراهُ للقرآنِ
ونأى عن الفعلِ الحرامِ وعافه=لأولي الفسادِ وعابدي الشيطانِ
مَن آبَ للرحمنِ فازَ بجنَّةٍ=وهنا نهايةُ رحلةِ الإيمـانِ