أصابع مقطّعة
طويلا ناقشه المحامي العجوز السبعينيّ ذو الوجه المتجعّد والملابس الحديثة الواسعة، في القضية، التي تطوي اعترافا سياسيا بعدو.. كان ثمّ شيءٍ ما يريبه طوال الوقت (لأن التي أحضرته للمحامي قريبة له، بعيدة الإقامة والزمن، قصيرة القامة طمّاعة أنانية بكثرة، لها عينان تشبهان عيون اللصوص والأفاعي في التواري والمباغتة، فوق زركشات رخيصة من الفضة والعاج والتقليد الرخيص حول عنقها وثيابها العصرية، كمجرمة محترفة). أحسّ بتورطها القديم في القضية. تذكر أحداثا صغيرة بدأت تكبر في مخيلته.
بغتة أخذ يتكشّف ما يريب:
كان المحامي صهيونيا بلغة مبالغة في يديه وتعابيرَ مندفعة غير مقنعة. ينهض ويجلس على مقعده في مكتبه بمسرحية الترحاب والتوضيح. عينه تطل في انتظار على الصالة التي ما لبث أن ظهر منها قريب آخر، يوازيه عمراً.
كانت لغة المحامي "متباسطة"، "محلية" أكثر من اللازم، "ودودة" من دون سبب، مع غياب للتوضيح القانوني أو مفرداته أو لغته.
اكتشف -عندما اكتشف- أهم ما هو خفيّ: علاقة ما، عبر الادعاء القانوني الفردي المباشر، بالعدو..
حالما انتبه إلى الخطر، عزم على إحضار رفيقين من الاعتقال، قبل سنوات، بسرعة، من أول مسجدٍ لمخيم؛ لينفي أي صلة محتملة بالمحامي أمامهما أو القريبين؛ فيما كانت الأفعى تخطط، بالتأكيد، لتمريرٍ بعيد.
القريب الآخر، الأصغر عمرا، نحو الأربعين، كان لا يرى سوى المال المحتمل في حالة كسب القضية. لا يكترث ولا يبالي بأي شيء آخر. عندما تدخل بسطحية وصفاقة في النقاش لصالح المحامي والقريبة، اضطر لمقاطعته ودفعه برفق وهو يخرج بسرعة متعللا بالصلاة من المكتب ذي الصالة العجيبة المليئة بشتى الأعلام وشعارات المؤسسات الدولية والأثاث الصغير غير المبرر، وربما أجهزة مخفية..
فيما تكشّف مخطط السوء، تخيّل نفسه بكل غضب كامن وهو يخرج بسرعة، يقطّع أصابع القريبة الأفعى، بأسنانه المتكلّسة.
وسوم: العدد 1072