تهنئة إماراتية بـ«استقلال» إسرائيل!

رأي القدس

نشرت سفارة الإمارات العربية المتحدة في إسرائيل تغريدتين، واحدة بالعربية قالت فيها: «نتمنى لمواطني دولة إسرائيل عيد استقلال سعيدا» والثانية بالانكليزية تكرر جملة «عيد استقلال سعيد» بالعبرية ولكن بأحرف لاتينية: Yom ha’atzmaut sameach!، وهو فعل أفرح قلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فرد قائلا: «شكرا لكم من جميع مواطني إسرائيل»!

صنعت سفارة أبو ظبي في دولة الاحتلال الإسرائيلي بهذا التصريح فعلا سياسيا غير مسبوق في التاريخ العربي الحديث، وهو يتجاوز، بذلك، ما يعنيه «اتفاق سلام» مع إسرائيل، باعتباره وقفا للأعمال العدائية العسكرية والأمنية.

كانت اتفاقيات السلام العربية، لمصر والأردن، واتفاقات أوسلو الفلسطينية (السابقة على «اتفاقيات أبراهام») خيارا أقرب للاضطرار وذلك بعد عقود من أفعال الحرب التي تجري بين أعداء، وتلك الاتفاقات، بإيقافها العمليات العسكرية بين الطرفين لم تحوّل الأعداء إلى أصدقاء، ناهيك عن كونها لا تعني الإقرار باحتلال إسرائيل لأراض عربية، ولا يُعقل أن تتحول إلى تحالف مع إسرائيل ضد الفلسطينيين، أو ضد دول عربية أو إسلامية.

تعلم السفارة الإماراتية، بالتأكيد، أن عيد «استقلال» إسرائيل هو نكبة احتلال فلسطين، وهي بذلك لا تقوم بتهنئة نتنياهو و«مواطني إسرائيل» بنشوء الدولة العبرية ولكنها تقوم أيضا بنكء جروح الفلسطينيين والإساءة لمشاعرهم بالغضب والألم من نشوء الكيان الإسرائيلي على أرضهم، وتهجير مئات الآلاف منهم إلى بلدان اللجوء والنزوح، وإهالة التراب على المعاني الرمزيّة التي تجمع العرب والمسلمين.

تحصل هذه التهنئة في أول أيام رمضان، الشهر الإسلامي المبارك، وهو الشهر الذي يتوقع فيه المسلمون الود والخير من أشقائهم في دولة الإمارات، أو التضامن في وقت تتابع فيه إسرائيل مشروعها الاحتلالي، فتقوم كل يوم بإعلان بناء مستوطنات جديدة على أراض أقرّت المنظومة الدولية و«اتفاقيات السلام» حقوق الفلسطينيين فيها، وتقوم هذه الأيام بمنع فلسطينيي الضفة من الوصول إلى المسجد الأقصى للصلاة، وشن غارات على غزة، وتستمر في اضطهاد المقاومين والأسرى، وقتل الأطفال وهدم القرى والبيوت.

كان من الطبيعي أن تثير هذه التهنئة في ذكرى نكبة فلسطين الـ73 سخطا عربيا وإسلاميا واسعا، وقد هاجم ناشطون الخطوة الإماراتية، واعتبر كثيرون أن أبو ظبي وصلت إلى مستوى غير مسبوق في التنازل عن الثوابت العربية والإسلامية.

من المخجل والمسيء أن نشهد وقتا يصبح فيه ممثلو دولة عربية كالإمارات متعاطفين مع إسرائيل ومتنكرين لحقوق أشقائهم في الدين والقومية والأحلام والآمال، ولا سبب، سياسيا أو غير سياسي، يمكن أن يبرّر هذا الفعل الشنيع.

وسوم: العدد 925