أهمية إلغاء الديون على الحكومة الفلسطينية من اجل دعم التعليم

د. سيف الدين يوسف عودة

ضمن فعاليات/ أسبوع العمل العالمي للتعليم وحملة إلغاء الديون من أجل التعليم والمستقبل 2021

يعتبر التعليم أحد الأركان الأساسية التي تعتمد عليها الدول في تحقيق التنمية المستدامة، وهو أحد الابعاد الثلاثة التي تدخل في احتساب دليل التنمية البشرية HDI الصادر عن UNDP، وبالرغم من التحسن الذي سجلته فلسطين في أدائها على هذا المؤشر (حيث بلغ 0.708 ويصنف ضمن فئة "تنمية بشرية مرتفعة" لأول مرة، حيث كان تصنيفها يقع ضمن فئة "تنمية بشرية متوسطة")، وبالرغم أيضاً من أن المؤشرات الكمية للتعليم في فلسطين جيدة بشكلٍ عام مقارنةً ببعض الدول، الا أن قطاع التعليم بمختلف مراحله في فلسطين يواجه تحديات خطيرة تهدد قدرته على  التطور ومواكبة السرعة الهائلة في التقدم العلمي والتكنولوجي على المستوى العالمي، ومن أهم هذه التحديات نقص التمويل والتذبذب في الموازنات المالية، ولعل المؤشرات التالية تبرز مدى أهمية وخطورة الجانب التمويلي في قطاع التعليم:

إن المؤشرات السابقة توضح باختصار مدى خطورة وأهمية توفر التمويل من أجل استمرار وتطور قطاع التعليم في فلسطين. كما توضح حجم العبء الكبير الذي يقع على عاتق المالية العامة للحكومة الفلسطينية في تمويل موازنات التعليم المختلفة سواء الجارية أو التطويرية، ولا يخفى على أحد حجم الضغوط والتحديات التي تواجهها الحكومة الفلسطينية في هذا المجال، خاصةً وأن المورد المالي الرئيسي للمالية العامة والمتمثل بإيرادات المقاصة مرهون بيد الاحتلال، حيث شكلت ايرادات المقاصة ما نسبته 68% من ايرادات الحكومة في العام 2020 وحوالي 58% من اجمالي الانفاق العام. وتعتبر ايرادات المقاصة أخطر ورقة ضغط اقتصادية يمارسها الاحتلال نظراً لتأثيرها المباشر على قدرة الحكومة الفلسطينية. وبالتالي فشل الحكومة في تغطية نفقاتها في حال توقف اسرائيل عن تحويلها الأمر الذي يضطرها الى الاقتراض المحلي والخارجي والاعتماد على المنح والمساعدات الدولية، وهذا يؤثر بشكل مباشر على أولويات الانفاق عند الحكومة الفلسطينية وأهمها القدرة على دفع رواتب الموظفين، وبالتالي محدودية الفرصة أمام الحكومة لتطوير التعليم والانفاق عليه.

وفي هذا السياق نعرض باختصار المؤشرات التالية لحجم المديونية التي تواجه الحكومة الفلسطينية:

إن مؤشرات المديونية السابقة للحكومة الفلسطينية تعكس مدى هشاشة الوضع المالي لها، وبالتالي صعوبة التحديات التي تواجه امكانية استمرارية واستدامة التمويل المقدم لقطاع التعليم سواء لتمويل النفقات الجارية أو تمويل النفقات التطويرية، الأمر الذي يعكس أهمية النداء بضرورة إلغاء الديون المترتبة على الحكومة الفلسطينية لصالح المؤسسات الدولية والاقليمية لاسيما وأن خدمة هذه الديون (والمتمثلة في نفقات الفوائد والأقساط) تستنزف موارد مالية كبيرة من الايرادات العامة، وتعرقل قدرة الحكومة على تطوير البنية التحتية للتعليم خاصةً فيما يتعلق بالتكنولوجيا والتي أظهرت جائحة كورونا القصور الشديد في هذا المجال.

إن إلغاء الديون الدولية والاقليمية على فلسطين تفرضه الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها المجتمع والاقتصاد الفلسطيني بشكلٍ عام، حيث بلغت نسبة الفقر في فلسطين 29.2% بواقع 53% في غزة و13.9% في الضفة الغربية في العام 2017، كما ان نسبة الانفاق على التعليم بلغت 4.1% فقط من انفاق الفرد في فلسطين في العام 2017. وبالتالي فان الحكومة أمامها تحديات وأولويات جسيمة تتطلب مساعدتها من قبل المؤسسات الدولية والاقليمية بما يمكنها من توفير الحد الأدنى على الأقل من الموازنة المطلوبة للنهوض بقطاع التعليم، ونختم هذا المقال بعبارة هامة تلخص الهدف منه وردت في تقرير التنمية البشرية للعام 2020 إن: (حشد الموارد المالية ركيزة اساسية للاستثمار في البشر والبنية الاساسية والتكنولوجيا والتغيير الاجتماعي الواسع النطاق المطلوب من اجل تحويل عالمنا).

وسوم: العدد 927