يا أكراد سورية

د. جمشيد سيدو

يا أكراد سورية :

اشكموا مغامريكم ، قبل أن يوقعوكم في الكارثة !

د. جمشيد سيدو / كردي سوري

 [email protected]

·     ياأكراد دمشق وحلب ، وحمص وحماة والساحل .. وسائر أكراد سورية ، في كل محافظة وبلدة وقرية .. هل لديكم جميعاً ، استعداد للهجرة إلى محافظة الحسكة ، في منطفة الجزيرة السورية ، حيث يقيم لكم قادة الأحزاب الكردية الحالية ، إقليماً للحكم الذاتي ، مرشحاً ليكون جزءاً من مشروع دولة ، يوماً ما ، بعد الانضمام إلى دولة كردستان الكبرى ، التي تضمّ أكراد العالم ، وفي مقدمتهم أكراد العراق وسورية وتركية وإيران .. ويكون شعارها : ياأكراد العالم تعالوا إلى وطنكم القومي ، دولة كردستان !؟

·     مايدعو إليه قادة الأحزاب القومية العلمانية الكردية السورية الحالية ، هو هذا : حكم ذاتي مؤقّت ، في إقليم كردستان السوري ، في الجزيرة السورية..وهذا معناه ما يلي:

  ـ تهجير أكراد المحافظات السورية ، من أماكن إقامتهم وعملهم الحالية ، إلى إقليم كردستان في الجزيرة !

  ـ لكي يتسع الإقليم للأكراد المهاجرين ، لابدّ من تهجير سكان البلاد الأصليين ، من عرب ، وتركمان ، وآشوريين ، وغيرهم .. وهذا لا يتمّ إلا عبر مجازر، هنا وهناك ، يفتعلها قادة الأحزاب الكردية العلمانية ، لتنسجم مع مشروعهم القومي الانفصالي ، على الطريقة اليهودية في فلسطين : جلب يهود العالم إلى فلسطين ، وتهجير أهل فلسطين في أنحاء الدنيا !

ـ يقتتـل زعماء الأحزاب فيما بينهم ، للسيطرة على زعامة الإقليم .. وكلّ يحشد من مؤيّديه مايستطيع ، للتنكيل بالأطراف الأخرى ومؤيّديها، كما حصل في كردستان العراق، بين طالباني وبرازاني ! ويستعين كل زعيم بطرف من الأطراف الدولية والإقليمية ، لمناصرته ضدّ خصومه ، وتكون جموع الشعب الكردي ، وقوداً لنيران الحروب التي يشعلها الزعماء ، تثبيتاً لزعاماتهم ، وتعزيزاً لها !

ـ أخوّة الدين والوطن ، التي تنعمون بها ، مع إخوانكم العرب المسلمين ، وغيرهم من أبناء سورية ، منذ مئات السنين ، ستنقلب إلى عداوة وبغض ، وتنافـر واحتراب ، دون أيّ هدف أو مصلحة للكرد ، في الدنيا أو الآخرة ، سوى تحقيق طموحات الزعماء المغامرين ، الذين يتاجرون بدماء الشعب الكردي ، الطيّب البريء ! فيحرَم أبناء الكرد المؤهلون الأكفياء ، من حقوقهم في تولّي المناصب التي يستحقّونها ، من رئاسة الجمهورية ، ورئاسة الوزراء ، وقيادة الجيش ، وغيرها من المناصب التي تَعاقب عليها الأكراد ، في مراحل عدّة ، منذ استقلال سورية من نير الاستعمار الفرنسي ! فهل نذكّركم برؤساء الجمهورية الكرد ، وأصحاب الرتب الرفيعة في قيادة الجيش ، والمناصب العامة العليا في الدولة ، من منصب الإفتاء العام ، إلى التدريس في الجامعات ، إلى سائر الوظائف المرموقة ، التي لم يكن من يستلمها معروف القومية أو العرق .. وحسبه أنه مواطن سوري !

ـ المشكلة التي افتعلها حزب البعث الحاكم ، مع الأكراد في الجزيرة ، والمنحصرة في مصادرة أراضي بعض الملاك الكرد ، وحرمان الآلاف من التجنيس .. هذه المشكلة كانت مصدر ألم وقلق للأكراد في الجزيرة ، ويريدها زعماء الأحزاب الكردية المغامرون، أن تكون مصدرهلاك للإخوة الكرد ، في سورية كلها ، ومصدر دمار لكل مابنوه عبر مئات السنين ، لأنفسهم ووطنهم السوري الكريم ! مع أن حلّ هذه المشكلة ، بشقّيها (الأراضي .. والوثائق) من أيسر الامور، في إطار الحكم الوطني العادل ، بعد تحرير البلاد ، من نير الطغيان والاستبداد والعبث المقيت ! وذلك بمنح المواطنين المحرومين من الجنسية ، حقوقهم من الوثائق والمستندات ، ومعاملتهم كسائر أبناء الوطن، ومنح الذين صودرت أراضيهم ، أراضيَ بدلاً منها ، أو تعويضهم مالياً ، بما يعادل قيمة أراضيهم التي صودرت منهم . وتحلّ هذه المشكلة التي يتّخذ منها مغامرو الأحزاب ، قميص عثمان ، ليمزّقوا سورية ، وطناً وشعباً ، في سبيل زعاماتهم الزائفة ، التي لاتخدم ديناً ، ولا وطناً ، ولا شعباً .. !

أمّا الحقوق الوطنية الأخرى ، لعامّة الإخوة الكرد في سورية ، فقد ضمِنها الدستور السوري ، منذ مايزيد على نصف قرن ، قبل أن يستلم هؤلاء المفسدون ، حكمَ البلاد ، ويفرّقوا بين أبناء الوطن الواحد ، على أسس عرقية وطائفية ، ويحرموا فئة واسعة من المواطنين ، هي فئة الكرد ، من حقّهم في التكلم بلغتهم ، وإصدار صحف خاصّة بهم ، أسوة بفئات أخرى ، من أبناء الوطن ، هي أقلّ منهم عدداً وتجذّرا في البلاد ، كالأرمن ، على سبيل المثال ، الذين كانت لهم صحفهم الخاصّة ، طوال فترة وجودهم في سورية..!

والأسئلة المطروحة ، على الإخوة الكرد في سورية ، هي على الشكل التالي :

ـ هل أنتم راضون ، بهذا الذي تفعله قيادات الأحزاب الكردية الحالية ، يا أحفاد صلاح الدين الأيوبي ، الكرام !؟

ـ وهل أنتم مدركون للخطر الداهم ، الذي يهدّدكم في شتّى مناطق وجودكم في سورية ، من جرّاء هذا العبث السياسي الخطير ، الذي تمارسه هذه القيادات ، التي لاشيء لديها تتاجر به ، وتغامر به ، سوى مصيركم ومستقبلكم ، ومستقبل أجيالكم ، على أرض سورية ، التي رعتكم ، مع إخوانكم من سائر الملل ، إخوة متحابّين متعاونين ، لم يفرّق بينهم سوى الموتِ ، وهذه العصابةِ الحاكمةِ ، التي تاجرت بالقومية العربية ، للتفريق بين أبناء الوطن الواحد ، سنوات طويلة ..! وحين اقترب عهدها من الزوال ، وعودة الأخوّة الوطنية الى سابق عهدها المجيد ، خرجت هذه الزعامات الكردية الجديدة ، لترسيخ التفرقة من جديد ، والعبث بكيان الوطن كله ، والشعب كله ، وفي المقدمة الإخوة الكرد أنفسهم !؟ ( ولا نتّهم الأحزاب الكردية المعارضة ، كلها ، بالعبث ، وانعدام الحسّ الإنساني والوطني ! ففيهم أشخاص وطنيون ، مخلصون لقضيتهم الوطنية في معارضة الاستبداد ، ولقضيتهم الكردية في إنصاف إخوانهم الكرد المظلومين ! إلاّ أن كثيرين من زعماء هذه الأحزاب ، هم من النوع الذي ذكرناه لكم في رسالتنا هذه !)

ـ وأخيراً ، أيّها الإخوة الكرد الأحباب ، في سورية العزيزة .. ألا تشعرون أن عليكم واجباً مقدساًعاجلاً، في الدفاع عن أنفسكم ،أمام عبث هؤلاء المغامرين، قبل فوات الأوان، وقبل فرض الأمر الواقع المرير، عليكم ، وعلى الوطن كله ، وحينئذ لاينفع الندم !؟

( ولا نحسبنا بحاجة إلى تذكيركم ، بأنكم أنتم ، وحدكم ، المؤهّلون لشكم هذه الزعامات العابثة المغامرة ، التي تتصايح هنا وهناك ، في دول أوروبّا ، داعية إلى تمزيق هذا الوطن الكريم ! وأن زعماءكم الحقيقيين ، ووجهاءكم الفعليين ، من مثقفين ، وعلماء ، ووجهاء ، ومشايخ ، وزعماء قبائل ، وتجّار ، وأعضاء نقابات مهنية .. هم القادرون وحدهم ، على إيقاف هذه الزعامات الزائفة عند حدّها ، من خلال اتّصالكم الحيّ والمباشر، مع قواعدكم الكردية الكريمة ، وتوضيح الأمور لها ، وحشدها سداً منيعاً ، في وجه المخططات الآثمة ، الرامية إلى زعزعة وجودكم في بلادكم ، ودفعكم إلى مهاوي الفتنة والهلاك ! ولا تنتظروا من مؤسّسات الحكم القائم ، أن تفعل لكم شيئاً ، لإنقاذكم من الفتن والاضطرابات ! فهي السبب الاول في سائر المصائب ، التي حلّت بالإخوة الكرد، من أكثر من أربعين عاماً .. بل هي السبب الأول ، في سائر المصائب ، التي حلّت بسورية كلها ، أرضاً وشعباً ، وحضارة وتاريخاً !) .

ـ فكّروا جيداً ، بهذا الكلام .. وليدرسه عقلاؤكم وحكماؤكم ، بهدوء وعمق ! واتّخذوا القرارالذي ينفعكم في الدنيا والآخرة !  

   ولله الأمر مِن قبلُ ومِن بَعد !