مرثية الأقصى

إبراهيم شكارنه

دموعٌ .... ودم

إبراهيم شكارنه

[email protected]

 )مرثية يبثها الأقصى بين يدي الرب جل وعلا ... دموعاً ودماً ( ….

رباه .... أقف بين يديك اليوم ..... أسيراً .. جريحاً ....محاصراً .... مثقلاً بالوجع ...والدم ..... على بُعد خطوات من الوهم القادم ....

رباه ... ما عاد صوتي يُسمع .... وما عادت دموعي تُدمِع .... غير نفر قليل يندسون بين أحضاني ...ليحموني .... لكن العاصفة هوجاء ....

دمائي تسيل .... ولا سبيل ....

أبثك يا ربُّ همي .... وأنزف بين يديك دمي .... ولا يزال لحمي يُنهَش .... وعِرضي بات مكشوفاً لأولئك القادمين من شتات الأرض ....على بُعد خطوتين من الكارثة..

يارب ... تعلم ما في نفسي .... غير أني سأبثك بعض دمي ... وهمي ... وألمي ..ووجعي الذي بات يثقل كاهلي .....

يارب .... أنا المسجد الأقصى ..... قرآنك الذي يُتلى .... مسجدك الذي أردت لعبادك منذ خلقت البشر .....بوابة السماء ..... ومجمع الأنبياء ..... إليَّ أسريت بأحب خلقك صلى الله عليه وسلم .... ومنه عرجت به إلى عليائك ...

وقفتُ يا رب في وجه كل العواصف .... عبر تاريخ طويل .... ذهب كل الظالمين ... وبقِيْت .... حتى أتاني من أولئك الممتلؤون وهماً وحقداً ... فبدؤوا يفعلون بي ما لم يخطر ببال أحد ....

في البداية ما ألقيت لهم بالاً ... فأمتي تمتد من الشرق إلى الغرب ..... وهم نفر قليل .... حتى تسللوا لقلبي النابض ... فأشعلوه حقداً ودماً....

 فحسبت حينها أن أمتي ستخلغ الجبال في طريقها إلي ....

انتظرت .... ثم انتظرت .. ثم انتظرت .... فلم يأتِ أحد .... غير أولئك المتحصنين حولي ....فأطفأوا النار بماء دموعهم ... وقليل من الماء ...

يا رب .... من يومها ومخالب الحقد تنهشني ..... تحول بيني وبين أحبابي .... تمنع عني الماء والهواء .... تتسلل إلى لحمي .... وعظمي ..... وأنا أصرخ .... وأصرخ ..... وأبكي دموعاً .... ثم دماً ..... فلم يجبني أحد .... غير أولئك الذين تعرفهم ..... يقفون حاسري الصدر في وجه مخالب الوحش الذي جاء محشواً بالمال والسلاح .. والكثير من الأساطير والوهم ليقتلعني مني ....

يارب .... أشهدك أنهم أحبابي ... قليل عددهم ...حاسرة صدورهم ..... لكنهم يذودون عني .... رووا أرضي ... بماء دموعهم ... وعرق جهادهم ... ودماء قلوبهم النازفة حباً وعشقاً .... ولا يزالون ....

 يا رب ... أنا اليوم في أشد حالاتي حاجة إليك ..... تخلى عني القريب والبعيد .... يحاصرني الواهمون .... يبحثون بين لحمي وعظمي ... وفي حجرات قلبي عن وهمهم الضائع في اللامكان ..... يقتطعون مني كل يوم قطعة .... يخرقون الأرض من تحتي .... أسمع تمتماتهم ... وصلواتهم ...وحقدهم ...

 يبنون تحتي وهمهم .... لا أجد ما أتكىء عليه ... غير حجرٍ .... أو حجرين .... أقدامي تكاد تنزلق .... شموخي يكاد ينهار .... دمي شلال .... لحمي حبال .... أشد بها بعضي لبعضي .... ثبتني يا رب .... قوِّني يا قوي ....

إلى من تُسلمني يا رب .... إرحم بكائي ... ألمي ... وجعي ... قلبي النازف ألماً  بين يديك ....

 أبكي يا رب وجعاً ... ولا عمر ...

أصرخ ألماً... ولا صلاح الدين .....

أموت حياً... ولا قطز .....

لم يبقَ لي أحد

لم يبقَ لي إلا أنت ...

 يا غياث المستغيثين ....

ويا ناصر المستضعفين ...

ويا ظهير اللاجئين ....

إحفظني من مكرهم .... قوِّني في وجه العاصفة .... قوِّ أحبابي .... أمدهم بمدد من عندك ....

اللهم إني أشكوا أولياء أمورنا إليك .....

اللهم إني أشكوا أمتي إليك .....

اللهم إني أشكو خاذليَّ إليك ....

يا رب انصر من نصرني ..... واخذل من خذلني .....

يا رب لا عذر لأحد .... سأسأل الأمة بين يديك فرداً فرداً .... ماذا فعلت ...؟؟

يا رب بلغ عني المسجد الحرام ... ومسجد نبيك صلى الله عليه وسلم  ....أنِّي ثالثهما .... عاشقهما .... يشدني إليهما الشوق .... ويفطر قلبي البُعد ....

يا رب تلك أناتي ... وزفراتي .... ودموعي ... ودمائي .... ودعواتي ... أضعها بين يديك .... فلا حيلة لي ... إلا بك .... عليك توكلت .... فل يبقَ لي إلا أنت .......