حوار مع خبير العلاقات الدولية الثقافية يوسف بن الغياثية

أدباء الشام

clip_image002_df8de.jpg

1-    ورقة تعريفية بشخصكم الكريم:

انا يوسف بن الغياثية، اكاديمي مقيم في كندا، حاصل على دكتوراه في الفكر الاسلامي ومقارنة الاديان، وخبير في العلاقات الدولية الثقافية، ومهتم بقضايا الهوية وتنظيم التنوع الثقافي.

2-كيف هي أحولكم في ظل الحجر الصحي:

تتميز كندا عموما بقوة اللوجستيك والاعداد. ذلك ان كندا حين تخطط لشيء فهي تعد له العدة. وتستثمر كل طاقاتها الممكنة من اجل ايصال كل شيء الى مكانه. فمثلا حين استقبلت 50 الف لاجئ سوري فهي جندت المؤسسات والهيئات والبلديات والمقاطعات من اجل توفير الملابس والمساكن والمدارس والمرافق الاجتماعية حتى يسهل ادماج القادمين الجدد.

بالنسبة للجائحة، تميزت مواجهتها ببعض التأخير في تطبيق اجراءات الحظر الصحي، اذ تماطلت الحكومة الاتحادية في اغلاق الحدود واستباق الكارثة مخافة التأثر الاقتصادي، خصوصا وان بلدنا يملك اطول حدود برية في العالم مع جارنا الجنوبي الولايات المتحدة.  فالمعاملات الاكثر تكون مع هذا البلد، وكثير من الموارد الاستهلاكية ترد الينا من الجنوب، ولذا، ففكرة اغلاق الحدود لم تكن في محلها من وجهة نظر المسؤولين، لكنهم تداركوا الامر بإغلاقها عن العموم واستثنوا شاحنات النقل والتموين.

لكن في مقاطعة كبيك فقد كانت الحكومة المحلية اكثر استباقا حيث بادرت الى اغلاق المدارس وطالبت من المواطنين التزام حظر اختياري وعزل اجتماعي وتبتعد على الاقل بمترين. ونحن نلتزم بهذا التوجيه اختياريا ودون إكراه من السلطات. ومع ذلك يستمر الوباء الجائح في التقدم حيث قاربت مونريال وحدها 2000 اصابة.

3-يومياتكم في ظل هاته الظروف:

تنظيف وتعقيم البيوت، حيث اذا خرج المرء لغرض قاهر، وعاد الى بيته، يترك حذاءه خارج البيت او الشقة. لان ادخال الحذاء هو احد اسباب تفشي العدوى. تعقيم الاحذية بمطهر كلور او مادة أخرى. ونضع ثيابنا في الغسالة، ونأخذ حماما مباشرة بعد الدخول.

مما نقوم به القراءة، وفي بعض الاحيان نتعلم لغة على قناة يوتيوب، نتواصل مع عائلاتنا في المغرب او مع معارفنا في كندا حتى لا يصاب المرء بالاكتئاب من جراء الوحدة. ولا نتابع اخبار الجائحة كل ساعة. شخصيا، قمت بعزل نفسي داخل بيتي حيث انني لا انصت الى اخبار الجائحة الا مرة واحدة في اليوم. والباقي يتوزع بين واجبات اطفالي والتزاماتي الاكاديمية تجاه المجتمع والبحث لاكتساب مهارات ذاتية اخرى.

4- كلمتي الى أبناء بلدي الذي انحدر منه:

ان المغرب يضم بين رفاته اقدم انسان عاقل مكتشف لحد الان في جبل إيغود، نواحي مدينة آسفي، وهي مدينة لم تسجل بها لحد الآن اي حالة. هذا الامتداد الرمزي في التاريخ يبين ان لنا غريزة البقاء وهي التي ستنتصر. إذن، ما هو المطلوب؟

اولا: عزل صحي اجتماعي متواصل. فنحن على ابواب 900 حالة ونحن استبقنا الكارثة، فما بالك بكم سيكون العدد لو ان الحكومة بقيادة جلالة الملك تصرفت باستهتار او اهمال؟ لربما لم تجد الجثث من يواريها الثرى. لذا، فنحن فخورون ببلدنا، ونثمن عاليا الجهود التي تبذلها المصالح المختصة والقوات العمومية والقوات المسلحة الملكية الباسلة، الجنود المجندون من الطاقم الصحي والطاقم التربوي والمجتمع المدني. لذا، وجب تدعيم جهود الدولة في كل مبادراتها، ونشكر كل من له غيرة على وطنه وساهم بقليل او كثير حتى نتجاوز هاته المحنة. ونطالب الساكنة والمواطنين بضرورة لزوم بيوتهم والصبر حتى تنجلي هاته الغمة وان يأخذوا الخبر من وزارة الصحة لان الارقام التي تدلي بها ارقام ثابتة لديها بالدليل، وانها لا تستطيع ان تدلي بأرقام مزيفة وهي تحت طائلة منظمة الصحة العالمية. لذا، فتجنب الاشاعات وتبخيس جهود الدولة او الافراد او حتى ممن اساؤوا التصرف في الماضي في حق الامة المغربية بإهمال الاولويات الحقيقية، نقول ليس هذا وقت الحساب. المطلوب اليوم هو الوقوف صفا واحدا خلف قيادة واحدة وتحت لواء واحد هو اللواء الاحمر الذي يتوسطه خاتم سليمان الاخضر.

بعد الجائحة ان شاء الله:

اظن ان جائحة الفيروس التاجي (التعبير العربي لكورونا) بينت خارطة الطريق لصانع القرار، وكذلك سهلت مهمة السيد شكيب بنموسى، النموذج التنموي: الصحة اولا، التعليم ثانيا، الديمقراطية ثالثا، بإتاحة الفرصة للكفاءات المغربية والعمل مع كل الجهود المخلصة لحماية مصالح بلدنا في الداخل والخارج  والوقوف بحزم لتحجيم المفسدين. لقد بينت الجائحة ان المغاربة اختاروا البقاء وانهم بلد امة، حيث نجحوا بفعل الفطرة التاريخية التي يملكون فالجوائح والامراض والاوبئة التي مرت عبر تاريخنا لم تتمكن من القضاء على الانسان المغربي. ولذا، علينا ان نستثمر هاته الفطرة في النظر بثقة في انفسنا وان نمد اليد للداخل  نستفيد من كفاءاتنا المقيمة في الخارج ايضا.

واشكركم واكرر ندائي الى التعاون مع السلطات حتى لا نزيد من خروجهم مما يعرضهم لخطر جسيم، وحتى لا نضغط على الطاقم الطبي النادر في بلدنا. لذا، بحرارة اوجه ندائي بلزوم المنازل، والتعارف مع افراد  الاسرة من جديد واعادة اكتشاف بيوتنا واهلنا. وفقنا الله وحفظ الانسانية كافة وحفظ بلدنا من هاته الجائحة الكاسحة.

وسوم: العدد 871