أداة التصوير القرآنية الثالثة : (الرؤية)

د.عثمان قدري مكانسي

ترى أفعال المصدر ( الرؤية) في القرآن الكريم منبثة بمئات المرات بالفعل الماضي (رأى) المجرد وضمائره الظاهرة التابعة له (أرأيتكم، أرأيتم،رأيتهم...) والمستترة كما في : تراءت

وتراه يموج بالفعل المضارع (أرى)وإسناده للضمائر( ترى،أراك، أراكم،أراني، ألم ترّ،تروا، ترَوُنَّ،يروا ...) ولا نرى الأمر:(رَه) فقد اعتمد أفعال( النظر).

بعض هذه الأفعال بصري .. وبعضها الآخر قلبي ،فمثال الأفعال البصرية: قوله تعالى:

ومثال القلبية قوله تعالى:

هذه الأفعال البصرية والقلبية أداة تصوير ،مَهمّتُها تجلية الصورة في رؤية فكرية توضح المراد ،وتدفع إلى التدبُّر ، وإعمال العقل والقلب للوصول إلى اتخاذ الموقف السليم ،والتزام الحق ، والإيمان به بعد تمحيص وتدقيق. فالإيمان الذي يقبله الله تعالى هو الإيمان الخالص من الشوائب، البعيدُ عن الشك، القائم على عقيدة صحيحة ثابتة الأركان.

نقتطف بعض الصور الفنية التي وردت في القرآن الكريم والتي نراها تتحرك أمامنا حية مما سمّيناها (المصوّرّة):

تصوير قرآني يحكي الفيديوهات التي بين أيدينا يرسم السماء وفيها السحاب يغطي كل شيء، ترى لون السحاب الداكن يختلط بصفار الرمل وخضرة الشجر وبُنّيِّ الحجر،ثم يشتد بقوة عجيبة ،يقتلع الناس والحيوان، والبيوت والأشجاروالرمال ،ثمانية أيام بلياليها، إنَّ صُوَرَ الجسوم ترتفع في السماء يختلط فيها الشجر والإنسان فيصرع قبل أن يتهشم على الآرض ، تأكل القلوب وتفجِّرُ الصدور ، نسأل الله العفو والعافية.

فترى الأبرار وأنت منهم بفضله تعالى :

إنها صورة واسعة الإطار ،متحركة ملونة تقوم على الأفعال مضارعة والماضية ممزوجة بألوان متعددة مضيئة، وحركة دؤوب تحرك شوق المتقين إلى ذلك النعيم المقيم .

إن (الرؤية) في القرآن الكريم بكل أوزانها وتصريفها تخدم الفكرة التي أراد المولى سبحانه أن يفهمها المرء ، فيسعى إلى بعضها بالترغيب الواضح الجذاب( الثواب)، ويهرب من بعضها بالترهيب المخيف ( العقاب).  

وسوم: العدد 909