«القاهرة - كابول» والمرأة التي ثقبت الأوزون!

سليم عزوز

«القاهرة – كابول»: إنه مسلسل رمضاني، ضمن الدراما الموجهة لخدمة الأهداف العليا للانقلاب العسكري، وضمن حربه على خصومه من الإسلاميين، وفق النغمة السائدة التي تختزل الإرهاب في الإسلاميين، وتختزل الإسلاميين في الإخوان المسلمين، التي يحشد الحاكم العسكري الرأي العام بجانبه، على قاعدة أنا أو الإخوان؟ فقد أشاع الانقلاب الخوف من الحكم الإخواني، حتى ظن أن الناس خائفة فعلاً، وما دامت هي كذلك فلتتحمل فشله، فنصف العمى ولا العمى كله، وقديما كانت دعاية اللجان الالكترونية التابعة لحكم العسكر تحاجج من يتحدثون عن فشل «الحاكم الضرورة: يكفي أنه خلصنا من الإخوان. ولا نعرف لماذا توقفوا عن ترديد هذا الموشح الآن، هل أدركوا أن الشعب لم يعد يتقبل هذه الدعاية؟!

من الواضح، أن أسباباً أخرى وراء هذه التوقف، والدليل أن أهل الحكم لا يزالون إلى الآن يصدقون أن البديل له مخيف لهذا كان تكثيف الجرعة في رمضان هذا العام، ولم يكن مسلسل «القاهرة- كابول» هو الفريد من نوعه في دراما الشهر الفضيل!

فات السلطة الحاكمة، والقائمون على هذا العمل، أنه إذا كان يجوز في «الجهاد الأفغاني» ادخاله في اطار الإرهاب، لكانت الإدانة للنظام، لأن السادات (موضوع منامات السيسي الأربعة) هو من شجع هذا الجهاد، واستقبل في القصر الرئاسي نفراً من المجاهدين الأفغان، وأعلن أنه سيقف بجانبهم بكل ما في الإسلام من قوة، وأن تصريحاً لرئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون حينذاك صفوت الشريف، منشور في الصحف، بأن الإذاعة والتلفزيون ستشاركان في حملة إعلامية عن جهاد الشعب الأفغاني، واستمر الدعم الحكومي حتى سنوات حكم مبارك الأولى، والحقيقة أن الأنظمة العربية هي التي سهلت عملية وصول المجاهدين إلى أفغانستان بالتنسيق بين هذه الأنظمة والمخابرات الأمريكية، لكسر أنف الروس!

فعندما يُذكر الجهاد الأفغاني على أنه إرهاب، فإنه إرهاب مدعوم من قبل الأنظمة، وكانت مصر حينذاك محكومة بحكم عسكري، ينتمي لذات المؤسسة التي ينتمي لها عبد الفتاح السيسي، وعندما يُذكر الجهاد الأفغاني فإنه سيخصم من هذا الحكم، ليس باعتباره فقط راعياً للإرهاب، ولكنه كان ألعوبة في يد الولايات المتحدة الأمريكية، التي استخدمت الحكام العرب عموماً لخوض الحرب ضد الاتحاد السوفيتي!

إنهم يدينون أنفسهم.

المرأة التي ثقبت الأوزون

لم أشاهد مسلسل «هجمة مرتدة» لكني استيقظت ذات يوم من أيام الشهر الفضيل على حملة حفاوة بالمسلسل، وهو أمر يحدث كثيراً، منذ أن وضع الحاكم العسكري يده على الدراما، فيكون الانتصار بـ «الهاشتاغ» لتكتشف أن كثيراً من هذه الصفحات بأسماء وهمية، وصار هذا اللون من الانتصارات معروفاً في المجالات الأخرى!

فعندما ارتفعت الأصوات مطالبة بعزل وزير النقل الفريق أول كامل الوزير، لوقوع ثلاثة حوادث قطارات في ظرف أسبوعين، استيقظنا على «هاشتاغ»: «كمل يا كامل واحنا معاك» وإذا به يحتوي على عشرات الأسماء المستعارة، مثل: «الماسترو، كيان، الملطاوي، مافيا تويتر، حفيد أحمس، أسيد، عطر عتيق» ويدهشك هذا الاختفاء وراء أسماء مستعارة، فممن يخافون لكي ينتحلوا هذه الأسماء على النحو الذي انتقل باللجان الإلكترونية لتكون ذباباً إلكترونياً، قبل أن يتحول إلى التنظيم السري الإلكتروني، وكل وزير لديه تنظيمه السري الخاص!

وفي «هاشتاع» مسلسل «ضربة مرتدة» ومع وجود أسماء وهمية، فقد ضبطنا عدداً من هذه الأسماء يكرر عبارة واحدة، هي بالنص «التطور اللي بنشوفه في الدراما غير مسبوق» مصحوباً بـ «الهاشتاغ» الذي يحمل اسم العمل: «ضربة مرتدة» على نحو كاشف بأن القوم في غيبوبة!

وفي هذا اليوم، قرأت عن المسلسل دون أن أتابعه، فإذا به يتم تعريفه بأنه من ملفات المخابرات المصرية، وفي هذا اليوم قرأت أكثر من تعليق كجزء من هذه الحملة الباسلة يفيد أن «هند صبري» في المسلسل هي الحقوقية «داليا زيادة» وقد أذيع في تغريدات للبعض بأن المخابرات استطاعت بها أن تخترق المنظمات الحقوقية في مصر، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ولكن تم بها اختراق الموساد والمخابرات المركزية الأمريكية، ومخابرات دول شرق أوروبا، منذ عام 2008، لتكشف مخطط الفوضى الخلاقة، وذهبت لصفحة المذكورة، فاذا بها تلمح إلى شيء من هذا القبيل، وقد علقت على هذه المنشورات التي تحييها، بورود ولايكات وإشارات تحمل التحية للكاتب!

وإذا كان دور المذكورة واضحاً منذ سنوات، وهي تتخذ موقف الانحياز للإنقلاب العسكري الذي عينها عضواً في المجلس القومي لحقوق الإنسان، فإن الجديد، حد الدهشة، أن يكون دورها قد تجاوز اختراق المنظمات الحقوقية المصرية، إلى اختراق مخابرات العالم، وباعتبارها شريكا في الفوضى التي تعرضت لها مصر، وباعتبار أن ثورة يناير هي هذه الفوضى الخلاقة، وفي منشورات أخرى كتب البعض أن المخابرات رفعت تقريرها للقيادة السياسية كاشفة عن هذه المؤامرة، لكن مبارك لم يكترث بها، وليس هذا هو الموضوع!

وإذا كانت إسرائيل هي الشريك في الانقلاب على مبارك، عبر جهاز الموساد الذي اخترقته داليا زيادة، فكيف يمكن لنا فهم إعلانها أنها تنضم لمهمة السيسي في حماية أمن إسرائيل؟ فكيف تكون كذلك وإسرائيل تآمرت ضد مصر، وهل كان هذا قبل كشف أوراقها؟ وهل سيتغير خطابها ضد إسرائيل التي تأمرت على أمن مصر؟!

إنها المرأة التي ثقبت الأوزون وتفوقت على نادية الجندي!

الخروج من الأزمات بـ «الاختيار»

يحل الجنرال مشاكله بالدراما، ويتعامل أنصاره على أن الرواية الرسمية لأي حدث هي تلك التي وردت في مسلسل، أنتجته شركة الإنتاج التابعة لأهل الحكم! ورغم أن الجنرال استخدم ترسانته الإعلامية على مدى سبع سنوات، من أجل الترويج لقصة أن اعتصام رابعة كان مسلحاً، واستخدم التشهير بمن فيه، حيث قالت أبواقه الإعلامية بدون خجل أو وجل، إنه يمارس فيه «نكاح الجهاد» كما استخدم منظمات حقوقية في الترويج لراويته، لكنه، مع هذا، يعلم أن أحداً لم يصدق هذه الرواية المختومة بختم النسر، والتي هي واحدة من المجازر التي أرقت الضمير الإنساني، وستكون سبباً في أن يدخل التاريخ بظهره، لذا فقد كان مسلسل الاختيار2، هو رميته، لعله ينجح في الدراما فيما فشل فيه بالخطاب المباشر!

وتم في المسلسل الخلط بين الإخوان، وتنظيم «بيت المقدس» الذي بدأ عملياته في سيناء في وجود الرئيس محمد مرسي، لكن لأنه رفع عنهم الستر الإلهي، فقد وقعوا في خطأ كبير، عندما اعتمد صناع المسلسل رواية فبركها الإعلام، وهي الخاصة بأن ارهابية وراء مقتل ضابط في منطقة كرداسة، حيث استغلت طلب الضابط منها كوباً من الماء، لتعطيه زجاجة مياه حارقة، أودت بحياته في التو واللحظة، وهي الرواية التي رددها الإعلام، واستنكرتها المحكمة، ونددت بالإعلام لأنه أذاع رواية لا يوجد دليل عليها في أوراق القضية!

أقل ما يمكن أن يوصف به هذا الأداء، هو الرعونة، حيث اعتمد صناع المسلسل على أوراق الصحف في الكتابة، فكانت هي الموضوع، وحري بمن فعل هذه أن يرتكب جريمة التلفيق لكي يغطي على دوره في مذبحة رابعة! «إن الله سيبطله». 

وسوم: العدد 926