ليس هجوما ولا تطييبا

زهير سالم*

وقدر جماعة الإخوان المسلمين أن تنشد :

إِنَّ بِالشّعبِ الذي دونَ سلعٍ     لَقتيــلاً دَمُـه ما يُطَـلُّ

خَلَّفَ العِـبءَ علَـيَّ وَوَلّى    أَنَـا بِالعِبءِ لـه مُسـتَقِلُّ

ويوما بعد يوم تتكشف أبعاد الاستراتيجية الأمريكية وتتأكد، في حرص الولايات المتحدة على تسليم المنطقة العربية بشكل عام إلى الشيعة الصفويين، فبعد أن أخفق مشروع تقزيم الإسلام وتشويهه وتفريغه من محتواه..

وإن أوضح ما نقرره عن المشروع الشيعي اليوم أنه مشروع أمريكي استكباري كفري صفري ..لا يقبل إلا بكفرنا أو محونا ...

ولم ترسل الولايات المتحدة الخميني من باريس إلى طهران ، إلا وفق مخطط وبناء على استراتيجية، كانت مدة مرحلتها الأولى ثلاثين عاما، ويبدو أن هذه الاستراتيجية تدخل هذه الأيام مرحلتها الثانية في التخطيط 2050 ..

خيارات الأنظمة العربية، التي هي ليست أقل شعورا بالقهر والإذلال من شعوبها، أن تلتحق بالقاطرة الصفوية أو بالقاطرة الصهيونية، ومن هنا رأينا ما رأينا من الانخراط في عمليات التطبيع..ولن ينفعنا كثيرا الحديث عن معادلة المعتمد بن عباد في تفضيل رعي الجمال على رعي الخنازير ..

تدمير العراق وإعدام صدام حسين، ثم السماح لقطعان الميليشيات الشيعية باحتلال سورية واليمن كل ذلك كان رسائل أمريكية واضحة لكل من يقول: لا من الحكام المعاندين، وليس منهم في الساحة العربية أحد ..وأمام حرص الأنظمة العربية على النجاة بجلدها في الملاينة والمساهلة، لم يبق في الساحة غير الجماهير المسلمة لتدافع عن دين وعن وجود ..

الولايات المتحدة في مشروعها الشيعي لا تستبعد وتحت وطأة التقتيل والتهجير والتزييت أن تتكرر في بلادنا التجربة الصفوية في إيران منذ خمسة قرون، في كل من العراق والشام والجزيرة العربية وفي غيرها من دول المغارب العربية. ..

فيحل مشروع الشيعة الصفوي بديلا عن مشروع لإسلام الأمريكي الذي فشل، والذي حذر منه سيد قطب رحمه الله تعالى منذ نصف قرن فدفع حياته ثمنا ..

الإسلام الصفوي هو إسلام الرواديد والمزارات والمتعة والتقيّة وطاعة الولي الفقيه ..

ومشروع الشيعة الصفوي هو مشروع أمريكي استكباري كفري صفري ولا يجادل في ذلك إلا من أعمى الله بصيرته، وأضله بعد علم.

والدفاع عن الدين وعن الوجود يحتاج من النخب والجماهير المسلمة إلى الكثير من الحكمة والأناة وبعد النظر وحسن التدبير، ويحتاج إلى مشروع يواجه المشروع .

إن الجهة الوحيدة المرشحة لحمل هذا العبء في هذه اللحظات التاريخية الأكثر حرجا في تاريخ الإسلام هي جماعة الإخوان المسلمين، وهذا ليس ترشيح تزكية ومديح بل تنبيه على عظم المسئولية وحقيقة الدور ..

الإخوان المسلمون مع معرفتنا بحقيقة ما يعانون ، هم المرشحون الأكثر جدارة للانفتاح على نخب الأمة وجماهيرها، لتشكيل الجسم الإسلامي الأقوى والأرضى والأقدر ليكون الحصن والدرع وليس فقط رأس الرمح كما تعود الكثيرون أن يقولوا ..

الإخوان المسلمون هم المرشح الأكثر جدارة وحسب واقع الحال ، لترشيد مشروع إسلامي نخبوي - جماهيري ، يضع المشروع الشيعي الأمريكي الكفري - الصفري ، في إطاره الحقيقي في وعي الجماهير ..

 مشروع كفري تدميري إحلالي يستهدف الدين والوجود، والجغرافيا والديموغرافيا لمواجهة كل وسائله وأساليبه ..

إن الولايات المتحدة الأمريكية التي حرّمت على جميع الدول العربية تقديم الدعم للقضية الفلسطينية، وسمحت بذلك فقط للإيرانيين ليلتحفوا حلاف القضية، ويتاجروا بها خداعا لعواطف الجماهير ..

نجح الإخوان المسلمون قبل أمواج الربيع العربي أن يستقطبوا عموم الشارع المسلم ، ولكنهم ولأسباب بعضها منهم وبعضها من غيرهم، أخفقوا في الحفاظ على هذه المكانة بعد مرور عقد على هذا الربيع ..لعلهم يذكرون

وقد تفرض المعركة على الإنسان فلا يكون له في اتقائها خيار ..!!

أيها الإخوان المسلمون ...

ما مرّ على الإسلام في تاريخه الطويل أيام يحتاج فيها إلى الخلص من أبنائه كما هذه الأيام السود الحالكات ..

وما مر على أمتكم وشعوبكم ظرف كانت أحوج ما تكون فيه إليكم مثل الظرف الذي تعيشون ..

ولن نتعلل في هجاء ممثلي الأنظمة والحكومات ، ولن نظل نردد عن المؤامرة وفصولها وأبعادها ..

ولا أحد يعلم بالميدان كمن ولد فيه ..

قد رشحوك لأمر لو فطنت له ..فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل

نضّر الله مسلما أرى من نفسه قوة ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 936