الهموم بقدر الهِمَم !

عبد الله عيسى السلامة

قال المتنبّي : وإذا كانت النفوس كباراً      تَعبتْ في مرادها الأجسامُ ! 

وقال الإمام الشافعي : أنا إن عشتُ لست أعدم  قوتاً    وإذا متّ لستُ أَعدم قبرا ! 

همّتيْ همّة الملوك ، ونفسي      نفسُ حُرّ ، تَرى المَذلّة كُفرا ! 

يتبيّن من بيت المتنبّي ، أن النفوس الكبيرة تحمل مطامح كبيرة ، تُتعب الإنسان !  

كما يتبيّن من بيت الشافعي ، أن القناعة أساس في حياة الحرّ ، وأن الهمّة ليست مرتبطة بغنى أو فقر، بل هي طبيعة كامنة في النفس ، تدفع صاحبها إلى أشياء كثيرة ، منها : الرضا بما قسم الله من رزق ، وبما قدّر من أقدار.. والابتعاد عمّا يشين المرء ، ويدفعه إلى التذلّل للعباد ، ولو أحس بالضيق ، أو الكرب ، أو القهر ..! 

وعند النظر في حياة الناس ، اليوم ، يرى المرء أشياء عجيبة :  

يرى أناساً خائري الهمم ، يطمحون إلى أمور، ليسوا أهلا لها !  

بعض الناس يحلم بدخول الجنة ، وهو فاسق يرتكب المعاصي ، ويستبيح المحرّمات ! وقد ورد في الحديث النبوي : الكيّس مَن دانَ نفسَه ، وعمِل لما بعد الموت .. والعاجز مّن أتبَع نفسه هواها ، وتمنّى على الله الأماني ! 

بعض الناس يتصرّفون ، وهم منساقون وراء (لوْ) و ( ليتَ ) :  

قال أحدهم :  قالوا كلامُك هنداً ، وهي مُصغية     يشفيك .. قلت : صحيح ذاك .. لو كانا ! 

وقال شاعر يرثي نفسه : 

فليتَ الغَضا لمْ يقطع الركبُ عَرضَه     وليتَ الغَضا ماشَى الرِكابَ لياليا ! 

لقد كان في أهل الغَضا ، لو دَنا الغضا     مَزارٌ ، ولكنّ الغضا ليس دانيا ! 

وقد درج على ألسنة العامّة ، كثير من الأقوال ، التي تدلّ على الجهل ، بقدر ما تدلّ على العجز، مثل : لو كنتُ ملكاً ، لفعلتُ كذا وكيت ! ومثل : لو سلّموني الحكم لفعلت كذا وكذا ! وهو لايعرف ، بالطبع ، مَن يسلّمه الحكم ، وكيف سيسلّمه إياه ! 

وسوم: العدد 937