من عاش بوجهين ، سياسياً ، فهو إنسان طبيعي .. أمّا اجتماعياً ، فيموت بلا وجه!

عبد الله عيسى السلامة

في السياسة : 

تتعدّد الوجوه وتتنوّع ، بتعدّد المصالح وتنوّعها !  

تُتّخذ المواقف ، بحسب المصالح ، سلباً وإيجاباً .. وتهلّلا ونفوراً ، ومودّة ظاهرة ، وخصاماً ظاهراً ..! 

ترسم الابتسامات على الوجوه : عريضة أو ضيّقة .. باردة أو حارّة ، أو فاترة ! 

تقاس الترحيبات والتأهيلات بين الفرقاء ، بمقياس المصلحة ، أو مقاييس المصالح المختلفة! 

قد يدخل الرجل إلى قاعة المفاوضات ، وهو باسم ، يطيل النظر في وجه خصمه ، حاملاً البشاشة في عينيه .. ثمّ يخرج من القاعة ذاتها ، عابساً ، لايطيق النظر في وجه خصمه ، ولا تحمل عيناه لهذا الخصم ، غير النفور أو الكراهية ، والنظر الشزر! 

في الحياة الاجتماعية : 

الأمر في الحياة الاجتماعية ، مختلف اختلافاً شديداً ، عنه في الحياة السياسية !  

ففي الحياة الاجتماعية ، يبحث الناس عن : 

 الصدق : وهو عنصر هامّ جدّاً في حياة الناس ؛ كلٌّ يبحث عنه عند الآخرين ! فالكذب كثير، في العواظف والمشاعرالمفتعلة ، في كثير منها ! ويتمثّل بعضهم بكلام الشاعر:  

ولمّا صار ودُّ الناس خَبّاً         جَزيتُ على ابتسام ، بابتسامِ 

وصرتُ أشكّ فيمَن أصطفيه      لعِلمي أنّه بعضُ الأنامِ  

 والإخلاص : أمّا الإخلاص فحالة ، وصفها بعضهم بأنها نادرة ؛ حتى وصفَ الخلّ الوفيّ   بأنه من المستحيلات ، التي عدّها بعضهم ، وحدّدها بأنها : الغُول والعَنقاء والخِلً الوفيّ ! بيد أن المرء لايعدم إخلاصاً نسبياً ، يجده هنا أوهناك ، عند هذا الصديق أو ذاك القريب .. وهذا هوالمطلوب من الناس ، عامّة ؛ لأنه هو الممكن ! 

والثقة : وعلى ضوء الصدق والإخلاص ، تبنى الثقة بين الناس ؛ فالكذّاب لايصدقه الناس ولا يحترمونه ، ولا يثقون بكلامه ؛ إذا عُرفت عنه خصلة الكذب !  

أمّا الثقة النسبية، فتبنى على الإخلاص النسبي، الذي ذُكر آنفاً ! ومَن مَنح الناس ثقة مطلقة، باء بخيبة الأمل !  

أمّا مَن هجَره الناس ؛ لعدم الصدق لديه ، ونزعوا ثقتهم به .. فسيعيش منبوذاً ، ويموت ، دون أن يعرف الناس له وجهاً يصفونه به ، كما اجتنبوه في حياته ، لعدم وجود الوجه الذي يتعاملون معه ، من خلاله ! 

وسوم: العدد 937