في رحيل أستاذنا العالم اللغوي الأديب هشام الحمصي

أيمن بن أحمد ذو الغنى

في رحيل أستاذنا العالم اللغوي الأديب

هشام الحمصي

(1358- 1436هـ / 1939- 2015م)

أيمن بن أحمد ذو الغنى

عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية

فُجعَت الشام وما أكثرَ فجائعها، وفُجع طلاب العلم فيها بخبر وفاة أستاذنا العالم اللغويِّ الأديب فضيلة الشيخ المربِّي هشام بن عبد الرزَّاق الحِمصي (أديب الخطباء وخطيب الأدباء)...

الذي وافته المنيَّة بدمشقَ، في إثر داء عُضال فتك بكُليتَيه، مساء يوم الأحد الثاني من جُمادى الآخرة 1436هـ يوافقه (22/ 3/ 2015م) عن 78 عامًا يرحمه الله.

إن أستاذنا الجليل الراحل يعدُّ بحقٍّ أحدَ أساطين العربيَّة والأدب في الشام، ومن خطباء دمشقَ المعدودين؛ فصاحةً وبيانًا، ورأيًا حرًّا جريئًا..

وقد عاش عمرَه عزيز النفس أبيًّا، مترفِّعًا عن الصغائر، نائيًا بنفسه عن التزلُّف لذوي الحُكم والسلطان!

كيف لا، وهو الناشئ في كنَف أبيه العالم العامل الفقيه مفتي سوريا الأسبق الشيخ عبد الرزَّاق (جوَّانية) الحِمصي رحمه الله (1322-1388هـ / 1904-1969م) والمتخرِّج به وبمنهجه؟!

معلِّم هيهات أن يُنسى!

إن للشيخ هشام يدًا عليَّ وعلى أجيال من طلاب المعهد الشرعيِّ للعلوم الإسلاميَّة (الأمينيَّة سابقًا، بدر الدين الحسني حاليًّا)..

بتحبيبه العربيَّة الشريفة إلينا، بسَعَة علمه، وحُسن محاضرته، وأسلوبه التعليميِّ المشوِّق، فضلاً عن تواضعه وحنوِّه، ورقَّة طبعه وانبساطه لطلابه بأريحيَّة المربِّي الحكيم..

لقد كان الشيخ معلِّمًا موهوبًا قلَّ نظيره، آتاه الله قدُرات سخَّرها في تقريب النحو والإعراب والصرف والبلاغة والأدب إلى تلاميذه..

أجل، إن درسه نزهةٌ للقلوب والعقول يجمع بين الفائدة والمتعة، حتى ليتمنَّى الطالب ألا ينتهيَ أبدا!

وكان الأستاذ يَبهَرُنا بوفرة محفوظه من الشعر، وجمال إلقائه له، بتلوين صوتيٍّ بديع ونبَرات معبِّرة تُبرز المعانيَ وتقرِّبها من الأفهام! بل كان يشرح ويُلقي لا بلسانه فحسبُ ولكن بكلِّ كِيانه!

إن فقدَك يا أستاذَنا الحبيب لخَطبٌ عظيم جَلَل!

وقد خلَّفتَ برحيلك ثُلمةً هيهاتَ تُسَد!

آجرَنا الله في مصيبتنا، وعوَّض الشام وأهل الشام خيرا.

وأحسن عزاءنا وعزاء أسرتك وطلابك وأحبابك فيك..

ولا نقول إلا ما يُرضي ربَّنا سبحانه:

إنا لله وإنا إليه راجعون.

مُقَوَّلة طارت بها الركبان:

هذا ولا يعرف كثيرون أن شيخنا هشامًا الحمصيَّ رحمه الله هو صاحبُ العبارة البديعة المشهورة التي تعبِّر خيرَ تعبير عن منهجه الدعوي:

(لا نريد صوفيَّة تشطح، ولاسلفيَّة تنطح، ولكن نريد من يدعو وينصح، من غير أن يمدح أو يقدح).

وقد أعجب بعبارته هذه شيخُنا محدِّث الشام وريحانتها عبد القادر الأرناؤوط رحمه الله فصار يرويها بكثرة في المحافل والمجالس حتى عُرفت واشتَهرت به، وطارت بها الركبان!

مؤلَّفاته:

خلَّف الشيخ عددًا من الكتب النافعة، وهي:

1- مرشد الخطيب وزاد الأديب

2- عبير النبوَّة    

3- حديث الاثنين (جزءان)

4- نظرات في كتاب الله

5- القضاء والقدَر حقٌّ وعدل

6- الأسرة المثلى مشكلات وحلول

7- الأطفال بهجة الدنيا وأمل المستقبل

8- رحلة الحياة بين الأمل والعمل والأجل

9- دراسات منهجيَّة في النحو والتفسير والفقه والحديث

10- عبَق الأزهار في التبصُّر والاعتبار

11- الجديد في فقه القرآن المجيد

12- جواهر الفوائد في علوم التفسير واللغة والقواعد

13- الرؤيا تفسيرها وضوابطها

14- عيون الأشعار وروائع الأفكار

15- قطوف الآداب وثمرات الألباب

16- خير الأدب عند العرب

وكان متوفِّرًا على كتاب جديد لم يمهله القدَر لإتمامه!

وله شعرٌ ونظم حسن.

اللهم أنزل شآبيب رحَماتك على شيخنا الحبيب الراحل، واجعل قبره روضةً من رياض الجنَّة، واجزه عنَّا خير ما جزَيت معلِّمًا عن طلابه، ولقِّه يا ربي نضرةً وسرورا.

في زيارة لأستاذنا الراحل هشام الحمصي رحمه الله في داره بدمشق في رجب 1426هـ

مع الأخ الحبيب الأستاذ أحمد العلاونة

 

شيخنا الراحل هشام الحمصي رحمه الله مع طلابه

في معهد الشيخ بدر الدين الحسني للعلوم الشرعية بدمشق

 

صورة نادرة عام 1958 للشيخ المفتي عبد الرزاق الحمصي والد شيخنا الراحل رحمهما الله،

مؤتمًّا بالشيخ المفتي محمد أبو اليسر عابدين في روسيا