الشيخ الداعية الدكتور عبد الوهاب عبد السلام طويلة

(1361 ـ 1441هـ) - (1942 ـ 2020م)

    هو الشيخ العالم الفقيه اللغوي المفكر أبو عبد السلام عبد الوهاب بن الشيخ عبد السلام طويله الحلبي .

الذي امتازت كتاباته بالغزارة والدقة العلمية والتقصي والشمول ..

مولده، ونشأته :

      ولد الشيخ عبد الوهاب طويلة في مدينة حلب، سنة: إحدى وستين وثلاثمئة وألف ( 1361  ) للهجرة النبوية الشريفة، الموافق 1942م ونشأ في كنف أسرة مسلمة محافظة عرفت بالتمسك بالدين، وحب العلم، واحترام العلماء، فوالده الشيخ عبد السلام أحد علماء حلب المشهود لهم بالعلم والفضل، وكان له غرفة في المدرسة العثمانية يمضي فيها جل وقته بالمطالعة كتب العلم وقراءتها مع إخوانه العلماء، وكان قرناؤه من العلماء يحبونه ويثنون عليه كثيراً.

الدراسة، والتكوين :

    تلقى الشيخ عبد الوهاب طويلة تعليمه الابتدائي في إحدى المدارس الابتدائية في حلب ،ولما أتمّ تعليمه الابتدائي، انتسب إلى المدرسة (الخسروية) الثانوية الشرعية الآن، وفيها التقى بمجموعة من علماء حلب الكبار، أمثال :

الشيخ محمد نجيب خياطة، وقد أخذ عنه علوم التلاوة والتجويد والفرائض

والشيخ عبد الله حماد، ودرس عليه الفقه الحنفي

والشيخ محمد أسعد العبجي، وقرأ عليه الأصول وعلوم اللغة العربية

والشيخ عبد الوهاب سكر، وأخذ عنه السيرة النبوية، وتراجم أعلام الإسلام

والشيخ محمد أبو الخير زين العابدين، وقرأ عليه علوم التوحيد والمنطق

والشيخ محمد الملاح، وقد أخذ عنه علوم الحديث النبوي ومصطلحه.

والشيخ محمد السلقيني، وقد أخذ عنه علوم الفقه الحنفي وأصوله، ....وغيرهم من العلماء

      كما حصل الشيخ في هذه المدرسة بعض العلوم الكونية،كالفلك والرياضيات والجغرافية ...

    وكان فيها مثال الطالب المجد إلى أن تخرج فيها وحصل على الشهادة الثانوية، فانتسب إلى كلية الشريعة في جامعة دمشق، وفيها التقى مجموعة أخرى من شيوخه الأجلاء، وأخذ عنهم مختلف العلوم الشرعية والعربية، نذكر منهم :

الشيخ الشهيد الدكتور صبحي الصالح ( لبنان ).

والدكتور عبد الرحمن الصابوني.

والدكتور مصطفى الزرقا ....وغيرهم

    وتابع الشيخ تحصيله في كلية الشريعة إلى أن تخرج فيها.

    انتسب إلى كلية التربية في جامعة دمشق، ليحصل منها على دبلوم تأهيل تربوي، الذي يفتح له المجال للتعليم في المدارس الإعدادية والثانوية الرسمية.

خدمة العلم :

      وبعد تخرجه في كلية التربية استدعي لأداء الخدمة العسكرية ، فكان من توفيق الله له أن كانت خدمته في مدينة حمص، وفيها تعرف على كثير من شيوخها الأجلاء وكان منهم الفقيه المقرىء الشيخ عبد الغفار الدروبي، والفقيه الشافعي الشيخ عبد السلام بسمار رحمه الله. غيرهما

      وما أن اتم خدمته الإلزامية، وعاد إلى موطنه حتى باشر عمله في نشر العلم والدعوة إلى الله.

أعماله، ومسؤولياته :

      فعمل مدرساً للتربية الإسلامية في عدد من مدارس حلب الإعدادية والثانوية، ثم في دار المعلمين، وقد تميز الشيخ - رحمه الله - بتدريسه الرائع المحبب إلى نفوس الطلاب وعقولهم، فجذب إليه الشباب الذين أخذوا يلتفون حوله، ويتابعون دروسه في المدارس وخارجها، فكان يثبت لهم عقيدتهم، ويكشف لهم بطلان وزيف الدعوات الضالة المضلة، التي كان أعداء الإسلام يروجون لها، ويجلي لهم شبهات هؤلاء الأعداء وضلالاتهم ويجيبهم بحكمته مبينا لهم بالأدلة القاطعة والبراهين الواضحة زيف وبطلان هذه الدعوات والأباطيل والشبهات.

    وقد وصف أسلوبه تلميذه الأستاذ عبد الله قرقوبي:

(رحمه الله تعالى وغفر له وأثابه الجنان  ولقاء الحبيب المصطفى والنظر إلى وجه الرّحمن

هو أستاذي وصديقي وأبي الروحي في دار المعلمين بحلب أواخر السبعينات

المعلّم الذي لاينسى بطيبه وعلمه وأسلوبه وحسن أخلاقه ومعاملته

كان يُحدثنا من القلب إلى القلب ... ولا يميل إلى حقبة تشتعل مكراً وظلماً ... بل كان صوت ولسان صدق وحق

أسأل الله له الرّحمة والغفران ... ولأهله وذويه ومحبيه الصّبر والسلوان...

البقاء لله وحده).

      لم يكتف الشيخ بما يقدم لطلابه في المدرسة، بل جعل لهم دروسا ولقاءات تربوية وتعليمية في المساجد، فكانت دروسه في مسجد (العكش) في محلة (الجلوم) وجامع (العريان) في حي العريان، ملتقى الشباب المسلم في مختلف الأعمار والمراحل الدراسية، الذيم كانوا يتمتعون ويفيدون من دروسه المتميزة وإلقائه البليغ المتقن، وتبسيطه للعبارات اللغوية بأسلوب سهل يتخلله الكثير من البساطة والمرح، وحب للطلاب وبشاشة في وجوههم.

      كما كانت للشيخ  جولات على القرى يلتقي فيها بأبناء الريف، ويعظهم، ويعلمهم بنفس روحه المرحة وأسلوبه السهل المحبب، فكان يذهب إلى منطقة (السفيرة) وريفها، ويخرج مع مشايخها كالشيخ د. حسين قاسم النعيمي، والشيخ حسين ناصر الدحدوح، والشيخ عبد المجيد الحاج علي الجمعة ...وغيره إلى القرى المجاورة للدعوة إلى الله تعالى...فكانوا يتوزعون على القرى يخطبون الجمعة فيها.

هجرة الى الله :

    وفي عام: 1979م، قرر الشيخ عبد الوهاب طويلة الهجرة من وطنه فراراً بدينه وطلبا للرزق الحلال، فتعاقد مع وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية في الرياض، ثم انتقل للكويت، ثم تعاقد مع الجامعة الإسلامية لمدة ثماني سنوات، بعدها تعاقد مع الهيئة الملكية في ينبع، موجها تربويا لمدة عشر سنوات، ثم أحيل للتقاعد،واستقر في مدينة جدة متفرغا للبحث والتأليف.

مؤلفاته :

    وقد رأى الشيخ عبد الوهاب طويلة  ـ رحمه الله ـ في تأليف الكتب النافعة طريقاً آخر للدعوة إلى الله، فألف عدداً من الكتب في الفقه واللغة والفكر الإسلامي، ومن هذه الكتب :

  1. الفقه الإسلامي الميسر .
  1. فقه الأشربة وحدها أو حكم الإسلام في المسكرات والمخدرات والتدخين وطرق معالجتها .
  1. فقه الأطعمة : ما يحل وما يحرم من الأطعمة - الزكاة الإختيارية والأضطرارية - أداب الضيافة والولائم
  1. فقه الألبسة والزينة.
  1. فقه الطهارة.
  1. فقه البيوع والمؤسسات المالية.
  1. فقه الربا والصرف والقروض والنقود.
  1. أثر اللغة في إختلاف المجتهدين
  1. التربية الإسلامية وفن التدريس.
  1. تعريف موجز بدين الإسلام .
  1. عالمية الإسلام ورسائل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والأمراء.
  1. الإسلام والبشرية الحائرة.
  1. الحسن بن علي وعام الجماعة.
  1. الكتب السماوية وشروط صحتها.
  1. الكتب المقدسة في ميزان التوثيق.
  1. مغالطات اليهود وردودها من واقع أسفارهم.
  1. توراة اليهود والإمام ابن حزم الأندلسي.
  1. المسيح المنتظر ونهاية العالم.
  1. بشارات الأنبياء بمحمد صلى الله عليه وسلم
  1. وجاء النبي المنتظر.
  1. صفاء السريرة وكانت سريرتهم أطيب من علانيتهم.
  1. ميثاق النبيين في إتمام البناء بخاتم الأنبياء.

صفاته وأخلاقه :

كان رحمه الله تعالى جميل الوجه، أزهر اللون، ربعة بين الرجال، منور الشيبة، كث اللحية، واسع العينين، طيب القلب، لطيف المعشر، آلف مألوف، رقيق العواطف، كريم النفس، عظيم التواضع، يحب طلابه، ويعطف عليهم، وربما بكى إذا سمع بما يؤذيهم، لأنه يعتبرهم أبناؤه، وهم بالمقابل يعتبرونه الأب والمربي والشيخ والموجه، يكره الغيبة والنميمة، ولا يحب الخوض فيما لا يعنيه.

ثناء العلماء عليه :

        وقد أثنى عليه العديد من العلماء والشعراء :

      حيث مدحه واثنى عليه كثير من طلابه وعارفيه من علماء وشعراء ... وغيرهم ، وكتب له الدكتور محمد رواس قلعه جي ـ رحمه الله ـ مقدمة لكتابه: ( فقه الطهارة)، وصفه بالفقيه، وأثنى عليه وعلى علمه وفقهه ومؤلفاته خيراً.

    وكتب الأستاذ الداعية زهير سالم يقول تحت عنوان :

الأخ العالم المحقق عبد الوهاب طويلة .. ثلاث محطات على طريق الدعوة:

    ( رحم الله أخانا الراحل الكريم أبا عبد السلام ، رحم الله الشيخ عبد الوهاب ابن الشيخ عبد السلام طويلة ، العالم الفقيه المحقق الداعية المربي ..وسقى الله أياما على الخير والحب والوداد جمعتنا . خمسة وأربعين عاما كان عمرُ اللقاء . وإنها لأيام قصيرة ، ولكن ما أجدرها بالوفاء . وأجمل شيء يستظل به الإنسان عندما تتصحر به الدروب ، وحين ينتعل أو يحتكر كل إنسان ظله هو عنوان الوفاء .

والوفاء في حق الأحياء أنقى وأبقى ، وأكتب اليوم في حق أخينا الراحل الحبيب وأتساءل : ما ضر أنني كتبت في حياته ما أكتبه بعد وفاته ..؟! ليُعلم بعضنا بعضا حقيقة قول الأول : لا يذهب العرف بين الله والناس ؟!

ما ضر لو كتب الناس في حق الأحياء ما يكتبونه في حقوق الراحلين ، سؤال أسأله مذكرا نفسي بحقائق وعيناها ثم نسيناها ، أو أنسانا إياها تبدل الأحوال ..!! ما ضر لو سمع الأخ الراحل المربي الداعية في حياته ، بعض ما قال اعترافا بفضله ودوره إخوانه وتلامذته ومحبوه، وقد قرأت منه خلال ساعات الكثير ؟!

وأما القول على سبيل الوفاء فيستحق الأخ الداعية العالم الفقيه أبو عبد السلام منه كل خير ، في علمه وبره وحسن تأتيه وتملكه للقلوب ومحبته لإخوانه وبذله النصيحة ، واحتماله للأذى على رهافة شديدة كانت فيه ..!!

      وأما القول في الأخ الراحل الداعية كتجربة دعوية متميزة متفردة . تجربة دعوية تشاركية بينه وبين إخوانه فهي التي أود أن أجعلها رثاء ووداعا ومحطة تعليم في وداع أخ كان نشر العلم حتى آخر أيامه أولى أولوياته ..

      وكنا في حلب في النصف الثاني من عقد السبعينات . كنا نشكل مجلس إدارة العمل الدعوي في محافظة حل . حين حدثنا أخ منا عن لأخ أبي عبد السلام . عن علمه وفقهه وأدبه ، وأنه وجد منه استجابة ليضع يده بيد إخوانه الذين يحملون العبء ، فيكادون ينوؤون به ..

    وكان النظام الأساسي للجماعة - جماعة الإخوان المسلمين - يقتضي أن على كل أخ يريد أن يلتحق بالصف أن يمر عبر مراحل تربوية قد تطول بضعة سنين في مراحل التعليم والتهذيب والتربية ..

    ووجد الإخوان ، يوم كانوا يحرصون على الجذب لا النبذ ، وعلى استقطاب الطاقات وتوظيفها لا بعثرتها وتشتيتها ، وجد الإخوان المسلمون يوم كانت مصلحة الدعوة هي الأَولى في حساباتهم ، ويوم كانوا لا تخطر الحسابات الفئوية على بالهم ، ويوم كان النظام الأساسي يطوّع لخدمة الدعوة ، وليس ليقصى حسب بعض نصوصه حاملي العبء ، القادرين عليه ؛ وجدوا أنفسهم أمام رغبة الأخ العالم الأستاذ عبد الوهاب أمام حالة استثنائية ، وهي حالة لم يغفلها نظامهم الداخلي أيضا ، فكان القرار الذي شهدته لأول مرة في تاريخ الجماعة - جماعة الإخوان المسلمين - باستثناء الأخ العالم عبد الوهاب طويلة من مواد مراحل العضوية ..

وكان القرار الاستثناء ...

وأقف اليوم على بعد أكثر من أربعين عاما منه يوم اتخذناه وأكثر من كان شريكا فيه صار إلى ربه ، أتذكره وأتذكر أخي الراحل الحبيب أبا عبد السلام ، وأراقب أوضاع بعض الناس ، الذين أصبح جل أمرهم النبذ والإقصاء فأتساءل :

هل أعتبر القرار الاستثناء معلما مضيئا في صفحات المستني أو في صفحات المستثنى الوضيء الجميل ؟! كنت أعتقد دائما أن الاستثناء وسام على صدر من تقلده حتى تقلبت بي الأيام فصرت أراه منقبة لمن قلده وتقلده على السواء . ورحم الله أخانا أبا عبد السلام يوم انضم إلى مجلس الإدارة فكان زينته ووقاره .. ما زلت أحفظ أننا لم نكن ندير حزبا بل كنا نقوم على أمر دعوة وعلى طريق الدعوة لا يضيق المجلس أبدا بداع .

في محطة ثانية أحب أن أجليها ، في وداع الأخ الحبيب أبا عبد السلام ، أكشف بعض ما لا يجوز أن يكون سرا من أمر جماعة الإخوان المسلمين ..

    وبين الرابعة والستين والثمانين من القرن الماضي ، كان نشاط الجماعة ينمو ويمتد وينتشر . وكانت أعداد الأسر " الحلقات التنظيمية " كمثل حبة أنبتت سبع سنابل ، والذي أريد أن أفضي به ، وماذا كنا نعلم في محاضن هذه الأسر :

    كنا نحفظ، ونحفّظ القرآن مع التفسير , ونحفظ ونحفّظ الحديث الشريف مع الشرح . ونتناول أبوابا من علم العقيدة وعلم الفقه وأصوله . ثم نعرج على القليل من واقع المسلمين ..وحقيقة ما يراد بهم ، وكيف نتعاون لنتصدى ..

    و وضعنا الازدياد الكبير في عدد الأسر أمام تحد كبير ، إذا كثر عدد الطلاب يجب أن يكثر عدد المدرسين ، وأمام تحدي الكثرة يكون التساهل في المواصفات والمعايير. وهذا هو الذي كنا نخاف ونحذر ، ونقدر سوء العاقبة فيه . وهذا هو التحدي الذي واجهته إدارة الجماعة بالاستجابة المستحقة ، فقررت إعادة كل العلوم التي يمكن أن تدرس في المسجد إلى المسجد . وإسنادها إلى العلماء الأكفاء من أهلها .

      وهنا يبرز مرة أخرى دور الأخ أبي عبد السلام رحمه الله تعالى في درسه المتميز في جامع عكش ..

    وكانت تجربة دعوية ثرة وغنية . وأهم ما كان يميزها عنصر الحب والثقة بين الأستاذ وجيل الشباب من التلاميذ .

    وكنا يومها نتابع التجربة بفرح وبغبطة ، وظللنا حتى اليوم نحفظ أسماء الكثيرين ممن استفادوا منها ، فنقول إذا تذاكرنا وهذا ممن تخرج بالشيخ عبد الوهاب في جامع عكش . لأقول مرة أخرى رحم الله أخانا أبا عبد السلام . عالما وداعيا ومربيا ..

وتجربته في جامع عكش في مدينة حلب بغناها وإتائها ما تزال تستحق دراسة لإدراك عوامل النجاح فيها للتأسيس للعمل الدعوي الجاد الدؤوب ..

ثم كانت الهجرة ..

وإذا كان استبداد الظالم وطغيانه وفجوره لا يجوز أن يكون موضع جدل بيننا ؛ فإن الإقرار بهذا لا يجوز أن يمنعنا عن الحديث عن استعجال المستعجلين . وكما قطع المستعجلون على الإمام البنا طريقه ، فقد فعلوها في سورية ثانية .. كانت الهجرة . فانفرط العقد ، وتشتت الطاقات , وأصبحت حبات العنقود بددا ,,

العامة في بلدنا يقولون : " الحجر في موضعه قنطار " وهكذا صرنا في دار الاغتراب فراطة عنقود .. وقديما قال العقلاء :

وأقتل شيء رؤية العين ظالما ..يسيء ويتلى في المجامع حمده

وصرنا والذين باعونا الحشف يسيموننا سوء الكيلة .. ولا نقدر حتى الساعة على كلام.

أربعون عاما في الاغتراب وتجمعني بالأخ الداعية الأستاذ عبد الوهاب الأقدار ..مرة هنا ومرة هناك .

وتلطف بي أخي عبد اللطيف في زيارتي الأخيرة إلى جدة منذ نحو عقد من الزمان ، فزرت بمعيته أخي الراحل الحبيب عبد الوهاب . وبعد جلسة عامرة بالحب والود وأحاديث الأمس واليوم .. أهداني الأخ الحبيب أبو عبد السلام ثلاثة من مؤلفاته القيمة . عرفت من عناوينها الدالة ، تجسيدا لمعلومات كان يتحفنا بنا ، ويحدثنا عنها ..فتعلمت أن العامل العالم لا يعرف الكلل ولا الملل ولا القعود .. وأن من شأن المعلم أن يظل معلما ، وأن من شأن الداعية أن يظل داعية ، ولو أفرده قومه أو ضيعوه ..!!

رحم الله أخانا أبا عبد السلام ، وتقبله ، وتقبل منه ، وأجزل ثوابه . اللهم ما علمناه إلا محبا لك ، مؤثرا لما عندك ، دالا عليك ، داعيا إليك ، وقد صار اليوم إليك فاجعل قراه منك اليوم خير ما وعدت عبادك الصالحين ..

وخالص العزاء لأسرة أخينا الحبيب ولإخوانه ولتلامذته وأحبابه . ولأسرة العلم والدين في مدينة حلب الشهباء ..

اللهم لا تحرمنا أجره ، ولا تفتنا بعده ، واغفر لنا وله ..

وإنا لله وإنا إليه راجعون ..

لندن : 28/ ذو القعدة / 1441

19/ 7/ 2020

_____________

*مدير مركز الشرق العربي

      وكتب ولده د. أنس طويلة في صفحته يقول :

بسم الله الرحمن الرحيم

( يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية ، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي )

( لكل أجل كتاب )

صدق الله العظيم ..

بكامل التسليم بقضاء الله وقدره أنعي إليكم وفاة أحد أعلام حلب والدي العالم المربي الفاضل الأستاذ الدكتور عبد الوهاب بن عبد السلام طويلة

    قضى حياته كلها بين الكتب والكتابة والتعليم والبحث صاحب أكثر من خمسين مجلدا قضي حياته كلها في تأليفها أنار بها دروب كثير من الناس ومنهم دربي

جعلني أعشق العلم بعد أن هداني كاتبه الذي أحبه وأحببته "المسيح المنتظر ونهاية العالم" كنت بذلك الوقت في الخامسة عشر من عمري، فجعلني بذلك أعشق البحث والتعلم والعلم

      فيارب كما أنار طريقي نور قبره وثبته عند السؤال واجعل روحه ممن تقول لها الملائكة ما هذه الروح الطيبة المباركة ذات الريح الطيب واجزه بطيبة قلبه وصفاء سريرته واستقامته على الحق فسيح الجنان

إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا أبتاه لمحزونين ولا نقول إلا مايرضي ربنا ؛ إنا لله وإنا إليه لراجعون

الحمدلله الذي لا يحمد على مكره سواه،لله ما أخذ ولله ما أعطى ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

دمعة على أخ حبيب :

    وكتب الشاعر الاسلامي ( يحيى بشير حاج يحيى ) يقول :

( الأستاذ الفقيه المهاجر عبد الوهاب بن عبد السلام طويلة )

لِــــم الأيــــامُ تــأبــى أن تــعــودا

                            وقــد عـشـنا بـهـا زمـنـاً سـعـيدا !

وأيـــــن أحـــبــةٌ .. كــنــا زمــانــاً

                            نُـصافيهم ، ونُـخلصُهم عـهودا !؟

أيــا دمــع الـقـصيد فـجُـدْ غـزيراً 

                          فـحـقُّـك أن تـهِـلّ وأن تـجـودا !!

عـلـى نـجـم مـن الـشهباء يـسري 

                          وفـي أرض الـحجاز سما صُعودا!

فـكـم فــي الـغربة الـهوجا فـقدْنا

                            أخــاً حــرّاً ، وداعـيـةً رشـيـدا !؟

نُــودّعُـه ، ويـبـقـى فــي الـحـنايا

                              لــه وُدٌّ ، وقـد كـان الـودودا ... ! أ

أبــا عـبـد الـسـلام ! وكـنت سـيفاً

                                يراعُٰك يبتُرُ الخصم اللدودا .... !!

تــنـافـحُ عـــن شـريـعـتنا بــحـزم

                                  وعِـلم يدمغُ الزيف الحقودا ... !!

تـصـوغُ الـفـقه فـي ثـوبٍ جـديد

                                يُـحبّبُه ! وقـد لـبس الجديدا .... !

تُـبـشّرُ ثــمّ تُـنـذرُ مـن تـمادى...!؟

                                وكان لكل واضحة جحودا .... !؟

فــلاواللهِ مـاداهـنت يـومـاً....... ! 

                                ظـلوماً ، أو خـشيت لـه وعيدا !!

ولـم تـرض الـدّنِيّة فـي حـياة .. ! 

                                وكـنت الـفارس الـشهم الـعنيدا !

يـراعُـك لــم يُـلـطّخْ بـالـدنايا ... !

                                فـفكرُك شـاهدٌ ! وكـفى شهودا !!

بـعـزّة عـالِـمٍ قــد صـنـت عِـلـماً !!

                                ونـلـت بـذلـك الـذكـر الـحـميدا !!

فـأنـزلك الـرحـيمُ جِـنان خُـلدٍ ...!

                                لـقيت بهاالمسرة والخلودا. ... !!!

الـــــــثــــــلاثــــــاء ٣٠ / ١١ / ١٤٤١    ...    ٢١/            ٧            /            ٢٠٢٠

ألقيت يوم التعزية في جمع من أحبابه وإخوانه وتلاميذه

    وكتب الأخ عبد الله زنجير - رحمه الله تعالى - في صفحته على الفيسبوك يقول :

(وما زالت الكورونا تختطف منا صفوة الناس :

الأستاذ الشيخ المربي والكاتب الإسلامي ( عبد الوهاب عبد السلام طويلة ) في رحاب الله بمدينة جدة السعودية ، خسارة حقيقية للفقه وللغة وللفكر وللوسطية وللدعوة وللعلم ولحلب الشهباء ، تغمده الله تعالى بواسع رحمته وإنا لله وإنا إليه راجعون .

  وكتب الأخ عبد الله البصير في نعيه يقول :

(اعتاد الطلبة الملتزمون على الذهاب لجامع العكش للتفقه في الدين

على يد الشيخ الأصولي الفقيه عبد الوهاب طويلة رحمه الله

وكان يدرسهم الفقه الحنفي حتى إذا ما أتقنوه درسهم الشافعي

وفي مرحلة متقدمة كان يعلمهم الفقه الحنبلي

مما جعل بعض ضيقي الأفق يعارضون منهج الشيخ

ولقد شهدته في جامع العكش وفي بداية الدرس يحث الطلاب المتقدمين

على الرجوع للصفوف الخلفية : " الحنابلة للوراء " وذلك لترك المجال

أمام المستجدين للسماع والتعلم .

رحمه الله وتقبله...

وفاته :

        بقي الشيخ عبد الوهاب طويلة على همته في الدعوة الى الله، ونشر العلم عن طريق التدريس وتأليف الكتب النافعة، إلى أن وافته المنية صباح يوم السبت الواقع في الثامن والعشرين من شهر ذي القعدة سنة: إحدى وأربعين وأربعمئة وألف (1441) للهجرة، الموافق للتاسع عشر من شهر تموز، عام: عشرين وألفين للميلاد، في أحد المشافي في مدينة جدة، في المملكة العربية السعودية، بعد ما عانى من مرض جائحة (الكورونا)، ونحن نرجو من الله أن يحتسبه في زمرة الشهداء، لأنه مات غريباُ مطعوناً ..رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

المصادر:

1- رابطة العلماء السوريين .

2- من كتاب علماء من حلب في القرن الرابع عشر ـ الجزء الثاني - الأستاذ محمد عدنان كاتبي .

3- ترجمة الشيخ عبد الوهاب طويلة - الشيخ فياض العبسو .

4- صفحة الشاعر يحيى بشير حاج يحيى .

5- معلومات من ولده د. أنس طويلة .

6-مركز الشرق العربي -  في وداع الراحلين - زهير سالم ...

7- صفحة الأخ عبد الله البصير .

وسوم: العدد 943