الأستاذ الداعية مصطفى الحاج علي الجمعة

( ١٩٤١ - ٢٠٢٢م )

إنا لله وإنا اليه راجعون 

انتقل إلى رحمة الله وعفوه الأستاذ الداعية أبو عصام 

مصطفى الحاج علي الجمعة ..يوم الأثنين ٢٨ جمادى الآخرة ١٤٤٣ للهجرة/ الموافق   ٣١ كانون الثاني  ٢٠٢٢م 

المولد، والنشأة:

والأستاذ الراحل أبو عصام مصطفى بن علي بن عبد الله الجمعة من مواليد حي العزيزية في السفيرة في ريف حلب الشرقي في سورية عام ١٩٤١م.

نشأ في كنف والده الحاج علي الجمعة المعروف بتقواه وصلاحه الذي كان يعمل في تجارة الحبوب. 

وترعرع مع شقيقه الشيخ الداعية عبد المجيد الجمعة في ظل أسرة مسلمة ملتزمة بتعاليم الدين تنتمي إلى قبيلة القحيفات المشهورة في السفيرة، وهي إحدى فروع البوشعبان التي تعود بدورها إلى قبيلة زبيد اليمنية.

الدراسة، والتكوين:

درس مصطفى الجمعة مراحل التعليم المختلفة في مدارس السفيرة.

ثم حصل على شهادة الثانوية العامة في مدارس حلب عام ١٩٥٩م.

وبعدها تابع دراسته الجامعية في كلية الأداب قسم الفلسفة في جامعة دمشق، وتخرج فيها عام ١٩٦٤م..ونهل العلم على أيدي أساتذتها، وتردد على حلقات العلم في مساجدها، وتبحر في العلوم الشرعية واللغة العربية والفلسفة الإسلامية واليونانية والغربية..

الوظائف، والمسؤوليات:

عمل الأستاذ مصطفى الجمعة في التعليم معلما في المرحلة الابتدائية، ثم صار مدرسا في كافة المستويات من الابتدائي والإعدادي والثانوي...

.وكان أسلوبه في التدريس حازما وجادا، وقد استفاد التلاميذ كثيرا من علومه وفكره الإسلامي النير....

وكان يدرس في ثانوية السفيرة مادة الجغرافية والتربية الوطنية، ويستبدل دروسها بتعليم الأحكام الشرعية الإسلامية، ويغرس في طلابه الوعي السياسي والاجتماعي والديني.

ومن أبرز طلابه في المرحلة المتوسطة: د. عبد العزيز الخطيب، وبعدها الأستاذ بشار عزيز، وعبد القادر إسماعيل حركوش، والشيخ لامع حركوش، والشيخ د. علي الحاج حسين...والأخ محمد رحيم..

وفي عام ١٩٨٠م انتقل إلى السعودية، وكان يعمل مدرسا لمادة اللغة العربية بشعبة اللغة العربية لغير الناطقين بها، وصار مدرسا بالمعهد المتوسط بالجامعة الإسلامية، وكان مشرفا اجتماعيا بالمعهد المتوسط بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة.

وكان - رحمه الله- محبوبا من طلابه يحبونه ويحترمونه، طيب القلب، لطيف المعشر، قوي الحجة، يمتاز بالسماحة والكرم، والوسطية والاعتدال مع الشدة والحزم والجدية....وكان يحذر طلابه من الفكر الالحادي الذي كان ينشره المدرسون اليساريون والطائفيون في تلك الفترة.

وكان من الرعيل الأول للدعوة الراشدة في سورية 

صحب العلماء، واستفاد منهم، وساهم في تربية جيل مسلم مثقف، وكان يعمل بهدوء وصمت.

وكان يشارك في المناسبات الوطنية، ويلقي الكلمات، ويجهر بالحق، ولو كان مرا...ولا يخشى في الله لومة لائم. 

وكان خطيبا مفوها رابط الجأش..متزنا وقورا...فيه قدر كبير من الحلم والأناة. 

وقد غادر أرض سورية الحبيبة في الثمانين، واستقر في المدينة المنورة في السعودية، وكان يعمل في محل لتجارة الذهب مقابل الحرم النبوي الشريف. 

متزوج من سيدة فاضلة، وقد أنجب منها العديد من الأولاد أكبرهم عصام، وبه كنيته.

وفاته:

توفي الأستاذ الداعية مصطفى الحاج علي الجمعة يوم الأثنين ٢٨ جمادى الآخرة ١٤٤٣ للهجرة/ ٣١ كانون الثاني عام ٢٠٢٢م. 

ودفن في المدينة المنورة في السعودية.

أصداء الرحيل:

وكتب الشيخ د. عبد العزيز عمر الخطيب يقول: يعد الأستاذ أبو عصام مصطفى الجمعة رحمه الله أحد الثلاثة الذين أسسوا الحركة الاسلامية المعاصرة في السفيرة .

وهم: الشيخ د. حسين قاسم، والأخوان الشيخ الداعية عبدالمجيد جمعة أبو ياسر، والأستاذ أبو عصام .

وكان أبو عصام -رحمه الله- يستعين على أمره بالكتمان ويعمل بهدوء وصمت...

وكان يستغل غياب أي مدرس في المتوسطة أنذاك ليدخل مكانه فيوجهنا.

وكان يقف داعما لنا أمام بعض المدرسين الملاحدة أو النصيريين مثل (جهاد جديد) في تلك الفترة، ويقف دائما معي ضده في المناوشات بيني وبينه في دروس اللغة العربية، ولا زلت أذكر أنه هدد المدير ( فاتح دهام)  بانه سيقلب المدرسة فوق جديد إن اقتادني الأمن بسبب مقال مطول كتبته في مادة التعبير عن القومية، ولو أدى إلى إغلاقها.

رحمه الله، وجمعنا بهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر . 

وكتب صديقه الشيخ الداعية جمعة عبيد الصالح يقول: رحمكَ الله يا أبا عصام مصطفى الجمعة، كم كنت آتي من حمص إلى السفيرة، للقائك وإخوانك محمود الخبيصة، وحسين قاسم، وأسعد راجي وأخوهُ، أو بعضَكم رحمات الله عليكم أجمعين.

والملتقى عند الله في الجنة إن شاء الله رب العالمين.

وكتب الشيخ د. محمد جميل مصطفى يقول: عرفت الأستاذ الراحل منذ ٥٠ سنة تقريبا، وكان نعم الرجل في ذكائه وفطنته، وفي فهمه؛ واستقامته؛ وكان راجح العقل في نظره لمآلات الامور؛ وكانت لديه القدرة الكبيرة على الخروج من المأزق !! مثابرا في عمله، حيويا في نشاطه.

وكتب الشيخ د. عبد الله إبراهيم الموسى يقول:

( الأستاذ عصام الجمعة: علم من  أعلام بلدتنا السفيرة: في العلم والتدريس والدعوة والمواقف المشرفة.

كما كان المرحوم يتميز بالذكاء كما شهد له بعض أقرانه في الدراسة.

وقد لاحظت شيئا من ذلك عندما كنا نزوره في محله لبيع الذهب المجاور للحرم،  فقد كان يكلم الأفارقة وغيرهم بلغتهم فيما يتعلق بالبيع والشراء  !!

وإن آخر عهدي بالمرحوم  عندما زرناه منذ أربع سنوات في بيته في المدينة المنورة أنا والأخ الأستاذ جميل الحمدو من أبو جرين، والتقينا عنده بالأستاذ يوسف هارون وولده محمد، وكم فرح بهذه الزيارة وأولاده وأصروا علي أن أحدهم عن حادث طائرتي والأيام الغابرة.

رحمه الله تعالى وأسكنه والأستاذ عبد المجيد أعالي الجنان  نعم الأخوة، ونعم العائلة المباركة).

وكتب تلميذه الشيخ أبو عبدو محمد رحيم يقول:

درسنا على يديه الجغرافية والوطنية، وهو لا يحب تلك الوطنية الكاذبة كان يستبدلها بدرس عن أحكام الإسلام، وكان رحمه الله يحب المتفوقين وخاصة في أمور الدين، وكان إذا أراد أن يعاقب الطالب المقصر.

يمسك به من زوالفه، ويشدهم الى الأسفل، وهو يقول بروح مرحة قس جاء الناطور ومن ثم يشده إلى الأعلى، وهو يبتسم قوم ذهب الناطور.

وكان أخوه معه الأستاذ عبد المجيد الذي درسنا التربية الإسلامية وعلمنا القرٱن والحديث.

ورحمة الله على المدرسين الذين علمونا بإخلاص، ونسأله ان يحفظ الأحياء منهم، وأن يرزقهم التقوى وكمال الإيمان وطول العمر مع الصحة والعافية.

وكتب تلميذه الشيخ د. علي الحاج حسين العباسي يقول: (إن المرحوم مصطفى الحاج علي كان أستاذنا في ثانوية السفيرة، ودرسنا مادة الفلسفة وعلم الاجتماع  عام١٩٧٦ إلى عام١٩٧٩م، وكان من المدرسين الذين درسوا في المدارس الإبتدائية والإعدادية والثانوية المعروفين بأخلاقهم الحميدة وعلمهم الغزير، فكان لنا ناصحا أمينا، وقدوة صالحة يصحح لنا بعض الألفاظ السيئة السائدة مثل كلمة العمى كان يقول العفى، وينهانا عن الغيبة، ويعيد الدرس للطالب الذي لم يفهم أو بعض الفقرات منه، وكل يوم يأتي من قريته العزيزية يرافقه أخوه الشيخ عبد المجيد - رحمه الله تعالى- ثم اشتريا دراجة نارية يستقلانها الى المدرسة، ثم هاجرا إلى السعودية، واستقرا في المدينة المنورة، وزرته في بيته، وكان يعمل بتجارة الذهب حتى وفاتة رحمه الله تعالى وغفر له، وأسكنه فسيح الجنان.

وكتب الأخ مصعب حسين الناصر يقول في نعيه: 

(أسأل الله العظيم أن يدخلك فسيح جناته أيها العم الفاضل والأستاذ الحبيب شيخ مصطفى الجمعة..

كنت على تواصل بشكل كبير معه بين الفينة والأخرى، وكان قد استعصى عليه المرض، وأقعده، ومع ذلك بقي  أخا وفيا ودودا، وصديقا مخلصا لوالدي ومن علامات حفظه للود أنه كان في كل مرة يسألني عن أهلي فردا فردا، وعندما كنت أتكلم معه استشعر من حديثه روح الوالد، والمربي.

لقد فقدت مدينتنا هامة كبيرة وشخصية فذة، ففي كل يوم أصبحنا نودع أخا وأستاذا وعالما من أبناء مدينتنا الحبيبة عوضنا الله عن أمثال هؤلاء الثلة المخلصة لدين الله. .......

اللهم تقبل شيخنا الفاضل وأستاذنا الحبيب أبا عصام فقدنا هامة كبيرة ممن نحسبهم من الأتقياء الورعين والصادقين في دعوتهم.

رحمه الله رحمه واسعة، وأسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.

مصادر الترجمة:

١- معلومات من تلاميذه في دار الأنصار.

٢- معلومات من أولاده بتاريخ ٣ شباط ٢٠٢٢م وغيره.

٣- رسائل من إخوانه وأصدقائه بعد وفاته.

٤- مواقع الكترونية أخرى.

وسوم: العدد 969