الشيخ العالم المحدث د. محمود أحمد طحان

( ١٩٣٥- ٢٠٢٢م )

sfghdgyh1011.jpg

هو فضيلة الشيخ العالم المحدث د. أبو حفص محمود بن أحمد الطحان النعيمي الحلبي ( 12 يونيو 1935م - 2022م)، ويرجع نسبه إلى آل البيت من نسب زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم .

ولادة، ونشأته:

ولد د. محمود أحمد الطحان في قضاء الباب من أعمال حلب، وذلك في عام 1935 للميلاد، ثم انتقل إلى منبج، ثم إلى حلب، ونشأ في أسرة متدينة، فوالده الحاج أحمد الطحان، رجل محب فاضل، ربى جميع أبنائه على طلب العلم وحب العلماء، وإخوته د. عبد الرحيم، والشيخ عبد الباسط من العلماء المعروفين.

الدراسة، والتكوين:

درس الابتدائية قسماً منها في الباب، وقسماً منها في منبج.

ثم دخل الثانوية الشرعية (الخسروية) بحلب، وتخرج فيها حاملاً شهادتها عام 1954م.

بدأ في حفظ القرآن الكريم، في مدرسة الحفاظ، عند الشيخ محمد نجيب خياطة رحمه الله، ثم أكمل عنده حفظ القرآن الكريم، خلال دراسته في الثانوية الشرعية بحلب، فكان يقرأ عليه في جامع الخسروية، بعد صلاة الفجر، فأكمل حفظ القرآن الكريم في سنتين .

انتسب إلى كلية الشريعة بجامعة دمشق وذلك في عام 1956م، وتخرج فيها عام 1960م، بعد أربع سنوات من الدراسة فيها بتفوق، وكان قد تزوج خلال فترة دراسته في الجامعة وقبل تخرجه منها.

ثم التحق بعد تخرجه من كلية الشريعة، بالخدمة الإلزامية، وتخرج ضابط احتياط عام 1961م.

وخلال وجوده في السعودية مدرساً، حصل على شهادة الماجستير عام 1969م، وكانت بحثاً، ولم تكن رسالة، ثم حصل على درجة الدكتوراه في الحديث الشريف، من كلية أصول الدين بجامعة الأزهر عام 1971م، برسالة عنوانها: «الحافظ الخطيب البغدادي وأثره في علوم الحديث»،

وكان المشرف عليها هو فضيلة الشيخ عبد الوهّاب عبد اللطيف رحمه الله، وبعد وفاته عين مكانه كمشرف الشيخ محمد الحكيم رحمه الله، وكان الدكتور محمد السماحي عضواً في المناقشة، وطُبعت الرسالة على نفقته في العام 1981 للميلاد.

شيوخه، وأساتذته:

تتلمذ الشيخ محمود الطحان على العديد من العلماء الأبرار:

1-الشيخ جمعة أبو زلام في منبج.

يقول محمود الطحان عن علاقته بمنبج وبالشيخ جمعة أبو زلام (مفتي منبج)، فقال: "أمضيت ثلاث سنوات في منبج منذ 1946م إلى 1949م.

ثم التحقت بالمدرسة الخسروية بحلب، وكنت أزور من بقي من أهلي وأقربائي فيها، وفي تلك السنوات أخذت عن الشيخ جمعة الفقه والنحو وجزءاً من ألفية ابن مالك، وقد ذكرت الشيخ جمعة في سلسلة مشايخي، وكتبت ذلك في ترجمتي.

وكان من شيوخه في الثانوية الشرعية نخبة من أهل العلم، منهم:

2-الشيخ النائب عبد الوهّاب سكر.

3-الشيخ محمد أبو الخير زين العابدين (التوحيد).

4-الشيخ الفقيه محمد الملاح (علم المصطلح والبلاغة والفقه الحنفي).

5-الشيخ محمد نجيب خياطة، شيخ القراء بحلب (تلميذ الشيخ المقرئ أحمد أبو التيج المدني، مؤسس علم القراءات في حلب)، (التجويد والتلاوة والفرائض).

6-الشيخ الفقيه محمد سلقيني.

7-الشيخ الفقيه اللغوي محمد أسعد عبجي مفتي حلب، (علم العروض).

8-الشيخ الفقيه اللغوي محمد ناجي أبو صالح.

9-الشيخ اللغوي عبد الله حماد (علم الصرف)...وغيرهم.

ومن شيوخه في الأزهر بمصر:

10-الشيخ الدكتور محمد محمد أبو زهو رحمه الله، صاحب (كتاب الحديث والمحدثون).

11- الشيخ الدكتور محمد محمد السماحي أحد علماء الحديث رحمه الله، وله مؤلفات، وزاره في منزله.

أقرانه، وزملاؤه:

كان من أقرانه في الثانوية الشرعية بحلب:

الدكتور عبد الله محمد سلقيني، الدكتور محب الدين أحمد أبو صالح، الشيخ عبد الوهّاب ريحاوي، الشيخ نجم الدين زين العابدين، الشيخ عبد الحميد صلوح الأريحاوي.

الوظائف والمسؤوليات:

عمل إماماً وخطيباً في جامع الزيارة بمنبج، وفي عدة مساجد بحلب.

ثم عين مدرسا لمادة التربية الإسلامية في القطر السوري، في الحفة، واللاذقية، وفي الثانوية الشرعية بحلب، وغيرها من الثانويات العامة بحلب، واستمر على ذلك إلى عام 1965م.

ثم تعاقد مع الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ودرّس فيها الحديث النبوي ومصطلحه، في أثناء دراسته للماجستير وطلبه لدرجة الدكتوراه، وبقي يدرس فيها لمدة عشر سنوات.

ثم انتقل إلى كلية الشريعة بجامعة الإمام بن سعود الإسلامية بالرياض، وبقي فيها مدة سبع سنين، وألف فيها كتابه الشهير: «تيسير مصطلح الحديث» وذلك في العام 1977 للميلاد، والذي قُرّر لطلاب كلية الشريعة بجامعة الإمام بالرياض، وبعده بسنة أو سنتين خرج كتابه الآخر في علم المصطلح الذي يحمل اسم: «أصول التخريج ودراسة الأسانيد»، وهو أول كتاب جامع في التخريج ودراسة الأسانيد، وكلاهما مقرر في عدد من الجامعات.

ثم انتقل إلى كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت عام 1982م ـ 2005م، بعد افتتاحها هناك، واستمر فيها أستاذاً فيها للحديث الشريف ومصطلحه، حتى بلوغه السبعين عاماً، ورجوعه إلى بلده حلب الشهباء.

رأس خلال عمله في جامعة الكويت، قسم التفسير والحديث، وبرنامج الحديث الشريف لدرجة الماجستير لعدة سنوات، وأشرف على عدد من الطلاب والطالبات.

درّس كتابه: «تيسير مصطلح الحديث» و«مقدمة ابن الصلاح» طلاب علم خارج الجامعة قبل رحيله عن الكويت ببضع سنين، ونفع الله بعلمه خلقاً، أبناؤه على رأسهم، نال اثنان منهم اليوم درجة الماجستير في الحديث النبوي الشريف.

زار مصر للدراسة، والسعودية للتدريس، وكذلك الكويت، كما زار ألمانيا للدعوة، وأمريكا، بعثته الجامعة تفرغ علمي، وبقي فيها مدة سنة، وزار عدداً من ولاياتها وجامعاتها، وأقام في حلب، ثم هاجر إلى مصر.

من تلاميذه:

وقد أفنى عمره في التدريس لذا فقد تتلمذ له كثير من الطلاب منهم: الدكتور عبد الرزاق الشايجي، والدكتور الداعية محمد العوضي، والأستاذ الدكتور حسام الدين عفانة، والدكتور وليد الطبطبائي، ود. فهد الخنه، والدكتور نهاد عبيد....وغيرهم كثير.

مؤلفات محمود الطحان:

له عدة مؤلفات، كتب لمعظمها القبول في الأوساط العلمية:

 

1- أصول تخريج الأحاديث ودراسة الأسانيد .

2- الخطيب البغدادي .

3- من للسنة اليوم .

4- عناية المحدثين بمتن الحديث كعنايتهم بالأسانيد .

5- حجية السنة ودحض الشبهات التي تثار حولها . بحث .

6- مفهوم التجديد بين السنة النبوية وأدعياء التجديد .

7- بحث في الرد على الدكتور حسن الترابي .

8- معجم المصطلحات الحديثية.

9-تحقيق الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، للخطيب البغدادي: أحمد بن علي (ت 463).

10-تحقيق المعجم الأوسط للطبراني (11 مجلداً) طبع دار المعارف بالرياض.

11-تحقيق كتاب: الحديث على أبواب الفقه، للشيخ محمد بن عبد الوهّاب حققه هو والدكتور خليل ملا خاطر، كل منهما حقق مجلدين منه.

أخلاقه، وصفاته:

يتصف الشيخ محمود الطحان بالتواضع الجم، ودماثة الخلق، والجرأة في قول الحق، والبعد عن النفاق والتملق، وهو معتدل القامة، أسمر اللون، ذو لحية بيضاء كثة، ومنهجه في الدعوة، البيان والوضوح مع الدعم بالحجة والبرهان، فهو صاحب منهج سليم مستقيم.

والدكتور محمود الطحان، أحد الأساتذة الأفاضل، ممن لهم مكانتهم بالجامعات العربية، وله المصنفات النافعة التي يسرت على طلبة العلم الوقوف على قواعد المصطلح، وطرق تخريج الأحاديث وأخرج للمكتبة الإسلامية بعض المصنفات القيمة والمهمة .

حج 14 حجة، واعتمر (20 ـ 30) عمرة، ويسأل الله الإخلاص والقبول.

قطن الشيخ قبيل نهاية حياته في حلب، مع زوجاته الثلاث واثنين من أبنائه هما الأصغران بين إخوتهم، وقد شارف على الانتهاء من بناء جامع في إحدى قرى حلب الشرقية، ولكن عُرض عليه أن يدرس في الجامع الأموي الكبير، ويخطب فيه، ولكنه آثر التفرغ في مزرعة له على أطراف حلب.

ثم هاجر إلى مصر حيث توفي هناك.

وينصح طلاب العلم بتقوى الله عز وجل، والاستمرار في طلب العلم ونشره، مع الإخلاص في العمل والدعوة.

وفاته:

توفي الشيخ محمود طحان في مصر في يوم الخميس ٢٤ تشرين الثاني عام ٢٠٢٢م.

رحمه الله تعالى رحمه واسعة، وأسكنه فسيح جناته.

أصداء الرحيل:

وكتب أحمد تيسير كعيد قصيدة في رثاء العالم المُحَدّث الشيخ محمود الطحان رحمه الله، يقول فيها:

خَيْرُ مَنْ في الأرضِ يبكي عالماً   غادرَ الدنيا ووافاهُ الأجلْ

كان في الدنيا سراجاً ساطعاً قد قضى دنياهُ علماً في عَمَلْ

ذاكَ محمودٌ بأرضي، والسَّما إنَّهُ الطَّحَانُ ... نَجْمٌ قَدْ أَفَلْ

إنَّ موتَ العلمِ في أَربابهِ         تُظلمُ الدنيا إذا نورٌ رَحَلْ

قد فَقَدْنا عَالِماً   في أُمَّةٍ     يُكْرمُ المولى لضَيفٍ قد نَزَلْ

رثاء الشيخ د. محمود الطحان:

وكتبت د. جمانة أحمد القطان قصيدة في رثاء الشيخ د. محمود الطحان

يا أهلَ الحديثِ هاتوا الحِبرَ والقلما

                   هذا أبو حفصٍ ترجَّلَ اليومَ وارتَحما

هذا هو "الطحانُ" خيرُ مُحدِّثٍ

                     مِنَ المؤمنينَ رجالٌ غيّروا الأُمَما

يا شيخَنا لا ليسَ موتُكَ هيِّناً

                       الأرضُ تبكي، وذاكَ الدِّينُ قد ثَلِما

والروحُ ضاقَتْ، وشمسُ الفضلِ آفِلةٌ

                         وكلُّ طالبِ علمٍ ضَجَّ كأنهُ هُزِما

صَهْ يا "كتابَ التيسيرِ" كَفاكَ نِياحةً

                   ما خطَهُ الشيخُ في الأحشاءِ قد بُصِما

ويا "أصولَ التخريجِ" لا تجزَعْ عليه وقلْ:

                         اللهُ يَرحمُ مَن لِلصدقِ كانَ فَما

أنى يَغيبُ وكلُ الأرضِ شاهدةٌ

                    وقارٌ، وسَمتٌ، وفَهمٌ يبلُغُ القِمَما

تمضي الجهابذة، لكنْ ذِكرُهُمْ باقٍ

                      هيهاتَ نَنسى مَنْ أحيا بِنا الهِمَما

الناسُ موتى، و"الطحانُ" في رغَدٍ

                     ما ماتَ منْ نَهْجَ المُصطفى لَزِما

عليهِ رحمةُ ربي دائماً أبداً

                   تَفنى الجُسومُ، ويَحيا العِلمُ والعُلَما

مصادر الترجمة:

١- الموسوعة التاريخية الحرة.

٢- قصيدة أحمد تيسير كعيد.

٣- مقالة الشيخ فياض العبسو: وقد أخذها عن الشيخ الدكتور نفسه بتاريخ 2 جمادى الآخرة 1431 هـ، الموافق 16 / 5 / 2010 م ـ الشيخ عبد الباسط الطحان، شقيق الشيخ، عام 1998م. ـ ولده الشيخ سهيل بن محمود الطحان، عام 2009م، وغير ذلك.

4- مقالة الشيخ سيد أحمد السيد: منشورة في رابطة أدباء الشام.

5- مواقع الكترونية أخرى.

وسوم: العدد 1011