الشيخ الوزير العلامة د عبد المنعم النمر

Sfgsfhsss1032.jpg

هو الشيخ الوزير الدكتور عبد المنعم النمر (1913 ـ 1991) واحد من أبرز علماء الازهر في جيله، اتصل بالدعوة والتعليم والثقافة والصحافة والسياسة والإدارة والعلاقات الخارجية والحياة الحزبية قبل الثورة، والحياة البرلمانية في عهد مبارك فكان في كل هذا مقتصدا عاقلا متزنا قادرا على الحضور متمتعا بالتألق من دون أن يسرف على نفسه في شطحات أو تعصبات حتى وإن كرر الدعوة إلى مواكبة العصر بالفتوى، بل إنه كان بمثابة النموذج المصري الوسطي الذي يميل تماما لدعوة كدعوة الإخوان المسلمين لكنه يتحفظ بشدة على الشيعة ولا يعادي الصوفية ولا السلفية وإنما يتعايش مع دعاتهما على نحو ما يتعايش مع الرياضة أو الفن.

يذكر د. محمد الجوادي عن ذكرياته معه (لقاء مبكر معه):

  في يوم حار من أيام صيف 1975 التقيت فضيلة الدكتور عبد المنعم النمر فتكرّم على بفضل راحلته كما يقول الأثر، وفي الطريق بدأ فسألني عما أعرفه عنه، فقلت له إنه هو مؤسس مجلة الوعي الإسلامي فسألني عن أهمية مجلة الوعي الإسلامي فقلت له إنها ثاني المجلات العربية أهمية بعد مجلة العربي فانتشي انتشاء من لم يكن يتوقع الإجابة، ومن رزق فضلاً لم يسع إليه، وسألني على طريقة الأساتذة الأزهريين عن السبب الذي جعلني أقرن المجلتين معاً مع اختلاف منزعهما فأجبته ببساطة الشاب الصغير أو الفتي البرئ الذي ليس في حاجة إلى الزعم بالتأصيل العلمي أو الفكري أو الأيديولوجي، وقلت له إننا أنا ومعظم زملائي نحرص في كل شهر على قراءة العربي والوعي الإسلامي، وليس لنا كشباب اهتمام منتظم مشترك إلا بهاتين المجلتين في المقام الأول، وإن كنا نطالع مجلات أخري فسألني عما أطالعه أنا بالذات فقلت له إني أطالع كثيرا من المجلات غير المعروفة فألح في السؤال عن مجلات دينية أخرى فأجبته بأني أطالع مثلا بانتظام مجلة غير مشهورة هي الاعتصام فتعجب من أن أعرف هذه المجلة التي لم تكن حتى ذلك الحين توزع إلا بالبريد فقلت له إن والدي عليه رحمة الله كان على صداقة مع أكبر كتابها وهو الشيخ مصطفي مجاهد عبد الرحمن عليه رحمة الله ومن هنا فإنه أصبح على صداقة برئيس تحريرها وصاحب امتيازها الأستاذ أحمد عيسي عاشور .

المقارنة بين المجلتين:

  سألني الدكتور عبد المنعم النمر: وما الميزة في الوعي الإسلامي عن مجلة الاعتصام التي ربما تكون أكثر رصانة وعلما؟ فقلت له: هذا هو نفسه الفارق بين مجلة العربي الكويتية وبين الثقافة والرسالة فتعجب وسألني عن سر تقديري لمجلة العربي ووضعها في مكانة أعلي من الرسالة والثقافة على الرغم من أن أمثاله من المشايخ لا يفكرون بهذه الطريقة في تقييم الأمور فأجبته بأن أساتذتنا في مدرسة المتفوقين يحبون أستاذهم الدكتور أحمد زكي ١٨٩٤- ١٩٧٥ مؤسس مجلة العربي لأنه أبو الكمياء ويفخرون بأنه عضو في مجمع اللغة العربية وبأنه كاتب من الطراز الأول فسألني: وهل الوعي الإسلامي مثل العربي؟ قلت: هي حالة خاصة أو مختزلة من العربي فكرر إبداء التعجب قال: نحن لا نعرف في الكيمياء ولا الأحياء ولا الجيولوجيا، فأجبته لكنكم مثل العربي تنشرون استطلاعات، ورحلات، وذكريات عن مؤتمرات كما تنشرون قصائد وقصصاً وبحوثاً فكرية وتعريفاً بالشخصيات …ألخ .

  تدفقت في هذه المعاني حتى أصبح هذا العالم الجليل على عادة علماء الأزهر الراسخين في العلم متردداً بين موقفين أولهما أن يقول بأنهم متأثرون بالعربي، أو ان يبدا حديثا عن فروق بينهم وبين العربي، لكنه بحكم ما عرفته بعد ذلك من كرهه للجدل آثر أن يوافقني، وأن يدعو لي مرة واثنتين وثلاثا بفتوح العارفين على عادة علماء الأزهر، وأن يشيد باستنتاجاتي مع أني مؤمن بأنه لم يكن يوافق عليها كلية، لكني لا أزال عند رأيي سواء أكان الدكتور عبد المنعم النمر وزملاؤه قد وضعوا هذا في اعتبارهم وهم يؤسسون الوعي الإسلامي أم أنهم لم يكونوا واعين للتأثر التام بمجلة العربي وهم يصدرون الوعي الإسلامي في 1965 بعد سبعة سنوات من صدور مجلة العربي 1958 .

الصحافة الإسلامية:

ومن الإنصاف أن أقول أن تأثير هذه الروح في مجلة الوعي الإسلامي قد اعتراه شيء من التقلص بعد عصر الدكتور عبد المنعم النمر، والسبب واضح فيما ذكرته من هذا الحوار بيني وبين الدكتور النمر ذلك أن هذا العالم الجليل شأنه شأن علماء الأزهر في جيله لم يكن عندهم من إحساس تضخيم الذات أو تضخمها ما يساعدهم على أن يحفروا بصمتهم على كيان مثل كيان مجلة متميزة لتكون بصمتهم وشخصيتهم طابعا دائماً لها حتى في غيابهم، أي أن يبحثوا عن السبل الكفيلة بفرض أخاديد لخط فكرهم بما فيه من مزيج متوازن ( أو غير متوازن )علي المجلة من خلال ثوابت لا تحيد عنها المجلة حتى مع تغير ايديولوجيتها، ببساطة شديدة فإن علماء الأزهر من جيل الدكتور عبد المنعم النمر لم يفعلوا ما فعله الدكتور أحمد زكي حين مكّن للعلم والجغرافيا والرحلات من المجلة تمكينا لم يكن في وسع أحمد بهاء الدين ولا من بعده أن يحيدوا عنه، أما في الوعي الإسلامي فإن المزيج الذي تميز به عبد المنعم النمر من الثقافة والأدب والسياسة والاصولية والتربوية ظهر مرتبطا به هو نفسه من دون أن يحفر لنفسه أخاديد ثابتة في شخصية مجلة الوعي الإسلامي .

  لا ينبغي لي أن أترك هذه النقطة من دون أن أشير إلى حقيقة مهمة وهي أن مجلة الوعي الإسلامي لعبت الدور الأكبر في التأثير على مجلة المجتمع الكويتية التي أصبحت في وقت من الأوقات بمثابة أفضل المجلات الإسلامية لكنها تعرضت لما تعرضت له مجلة الوعي الإسلامي من اضطراب غير مقصود في نسب مكونات السبيكة حيث اختفت من السبيكة عناصر ذات قيمة لا يستهان بها في أي عنصر إعلامي أصيل في عصر الصورة ثم في عصر المعلومات. لا ينبغي لي أن أنتقل من هذه المقدمة من دون أن أشير إلى علاقتها العضوية بحديثنا عنه وعن الدور الذي لعبه هو وعدد من أقرانه الأزهريين في العصر الذي سبق عصر المعلومات، وهو دور يمكن النظر إليه على أنه تنويري كما يمكن النظر إليه على أنه توعوي أو تأصيلي لكنه في كل الأحوال دور عضوي لا يقل أهمية عن دور أساتذة الشريعة , أساتذة الفلسفة، ولست بحاجة أيضا إلى أن أقول إنني لم أصدر فيما ذكرت عن انطباع سريع وانما عن دراسة متأنية لدور المجلات الثقافية في أكثر من صورة:

  • منها كتابي المشهور: "مجلة الثقافة تعريف وفهرست وتوثيق" الذي كان بعض أساتذة الصحافة يظنونه رسالتي للدكتوراه في الصحافة مع أني لم أحصل على تلك الدرجة ولا سجلت لها.
  • ومنها أنني توليت كتابة معظم المداخل المخصصة للمجلات الأدبية في قاموس الأدب العربي (للجامعة الأمريكية) الذي رأس تحريره أستاذنا الدكتور حمدي السكوت.
  • ومنها أنني اشتركت في التنسيق لأكثر من مشروع أفاد من تراث هذه الدوريات العظيمة مجلة الوعي الإسلامي

  أسس الدكتور عبد المنعم أحمد النمر هذه المجلة أثناء عمله مديرا لإدارة الدعوة والإرشاد في وزارة الأوقاف بالكويت، وقد عرّفت المجلة نفسها على غلافها بأنها: مجلة إسلامية كويتية تعمل على تأصيل القيم والمساهمة في تنمية المجتمعات الإسلامية بخطاب شرعي معتدل، وصدر العدد الأول من مجلة الوعي الإسلامي» في مطلع العام الهجري أي في غرة شهر المحرم لسنة 1385هـ الموافق لشهر مايو لسنة 1965م مكتوبا عليها إسلامية.. ثقافية .. شهرية، وكانت في 100صفحة، وكتب رئيس تحرير المجلة في عددها الأول عن ( الهجرة )، وفي العدد الثاني (من هدي القرآن )، و(من هدي السنة ) . وعقب صدورها بعث إليها شيخ الأزهر في ذلك الوقت الشيخ حسن مأمون بالتحية: «وليس مصدر سرورنا أن مجلة إسلامية جديدة تضاف إلى عشرات المجلات الإسلامية التي تنتشر في سائر البلاد الاسلامية، ولكن لأن رجاءنا كبير في أن تصدر الوعي الاسلامي، جديدة في منهجها فتعرض الفكر الإسلامي الخصيب النابض بالقوة والحياة معا، ومن جانب آخر تواجه موجات الإلحاد والانحراف التي زحفت إلى عقول بعض الشباب في العالم العربي الإسلامي لتغزو الإسلام والعروبة في عقر ديارهما.. واشترك في تحريرها الشيخ محمد المدني والدكتور عبدالله العربي والدكتور أحمد كمال زكي والدكتور على عبدالمنعم عبدالحميد [الكبير]، والشاعر محمود غنيم .

مجلة منار الإسلام:

  وكما أسهم الدكتور عبد المنعم النمر في تأسيس مجلة «الوعي الإسلامي» بجهد وافر، فقد أسهم بعد ذلك في تأسيس مجلة «منار الإسلام» في الإمارات العربية المتحدة.

نشأته؛ وتكوينه العلمي:

ولد الدكتور عبد المنعم أحمد النمر (1913) في قرية الخرزاني إحدي قري مركز دسوق الذي أصبح كان تابعا لمديرية الغربية ثم أصبح تابعا لمحافظة كفر الشيخ، وكان مولده بعد سلفه (في وكالة الأزهر وفي الوزارة) الدكتور محمد عبد الرحمن بيصار بثلاث سنوات، وفي بعض الروايات أنه ولد قبل ١٩١٣، ومن الطريف أنه درس مثل سلفه في معهد دسوق، وحصل على الشهادة العالية (1939) من كلية أصول الدين، ثم حصل على الشهادة العالمية مع الإجازة في التدريس من كلية اللغة العربية بعدها بعامين (1941).

الوظائف؛ والمسؤوليات:

عمل الدكتور عبد المنعم النمر مدرسا بالأزهر والمعاهد الأزهرية، في الأقاليم ثم في القاهرة في معهدها الثانوي العريق .. عرف الدكتور عبد المنعم النمر بالروح الوطنية منذ صدر شبابه، وبدأ حياته مناضلا ضد الاحتلال البريطاني، وكان من الذين بدأوا شهرتهم بحدث كبير فقد تم ضبط أطنان من الديناميت في بيته وهو لايزال طالبا، واعتقل في ١٩٤٢ كما اعتقل في نوفمبر 1948، وظل في زنزانته منفردا حتى يونيو 1949، وقد التقي في المعتقل مع الرئيس الراحل أنور السادات في إحدى فترات الاعتقالات.

في الإخوان والسجن في محنة 1948م:

  نعرف أنه قبض على الإخوان في قضية السيارة الجيب يوم 15 نوفمبر 1948 ثم أعقبها قرار حل الإخوان في 8 ديسمبر 1948 واعتقال معظم المنتمين لجماعة الإخوان، وقد ظهرت في قصة قضية السيارة الجيب تقارير عن تفجيرات اتهم فيها سعد مهدي محمد أبو النجا من حزب مصر الفتاة، وتقارير عن أن الشيخ عبد الرحمن الصوالحي من الحزب الوطني كان يحتفظ ببعض المتفجرات لدي الشيخ عبد المنعم النمر بمنزله بشبرا، فكانت سببا للقبض عليهما. وتم سجن الشيخ عبد المنعم النمر في زنزانة رقم 60، دور6 بسجن مصر العمومي، وكان أحمد عادل كمال متهما في قضية السيارة الجيب مجاورا له في الزنزانة رقم 61، فصارت بينهما صداقة، وكانت روح الشيخ عبد المنعم النمر مرحة فكهة بالرغم الحبس.

 رواية الدكتور أحمد الشرباصي عن معتقل «الهايكستب»

  وصف الدكتور أحمد الشرباصي في "مذكرات واعظ أسير" بعض جوانب تجربة الدكتور النمر في المعتقل فقال: " وصل اليوم إلى المعتقل زميلان كريمان هما فضيلة الأستاذ عبد المنعم أحمد النمر المدرس بمعهد القاهرة، وفضيلة الشيخ عبد الرحمن الصوالحي إمام وخطيب مسجد في الإسكندرية، وقد كانا متهمين في قضية سيارة الجيب بسبب التلفيق والافتراء , ثم نجاهما التحقيق، وقد كان لنجاتهما ووصولهما إلى المعتقل هزة وفرحة , وعرضوا عليهما خطبة الجمعة فرفضا. " "وكانت أعمال السجن مقسمة بينهم، فكان الشيخ عبد المنعم النمر عليه كنس السجن، والدكتور كمال خليفة يجمع القمامة ويلقيها، والأستاذ طاهر الخشاب يغسل الأطباق، والأستاذ عمر التلمساني يطهر الحمامات، والأستاذ عبد الحكيم عابدين يغسل الملابس في الحوض، والأستاذ صلاح عبد الحافظ ينظف الحمامات ".

  " وقد شاءت الأقدار أن تواجد آلة تصوير داخل السجن وتم التقاط صور عديدة خلدت ذكر الدكتور عبد المنعم أحمد النمر كمعتقل مع الأساتذة صالح عشماوي، وعبد الحكيم عابدين، ومحمد طاهر الخشاب، ومحمد على الطاهر، ومحمد حلمي نور الدين، وصلاح عبد الحافظ، ومحمد المنياوي، ومحمود لبيب، وزكريا خورشيد، وكمال خليفة، وعبد الحليم الوشاحي، وسعد شوقي، ومحمد زايد بلال، وعمر التلمساني، ومحمود البراوي". نشاطه في مجلات الإخوان

   كان الدكتور عبد المنعم النمر من كتاب مجلة الدعوة الأسبوعية منذ أن صدرت في 30 يناير 1951 بعد عودة الاخوان المسلمين للحياة السياسية في عهد الوفد، وقد كتب فيها مع من يسبقونه من العلماء من طبقة المشايخ أحمد حسن الباقوري و محمد الغزالي وسيد سابق وعبد العزيز كامل والبهي الخولي وومحمد فتحي عثمان وسيد قطب ومحب الدين الخطيب والشاعر عبد الحكيم عابدين .

احتجابه بعد حادث المنشية:

  كان الدكتور عبد المنعم النمر من أنصار الرأي القائل بضرورة اختفاء الامام الهضيبي من المشهد الاخواني: "مما سمعته من صديقي مرة: إذا لم يتفق الإخوان على كلمة سواء معنا ويبتعدوا … فإننا لن نرحمهم وسنتخذ معهم أقصي عوامل التأديب ..كانت هذه تزعجني وتقلقني على مصير الدعوة …لكني ما كنت أستطيع أحكي هذا الإنذار، وكنت أعوض كتماني له بمزيد من الإلحاح على بعض أعضاء مكتب الإرشاد، ومن أصدقائي الذين يتجاوبون معي ويعرفون مدي إخلاصي للدعوة أن يجمعوا كلمتهم ويحكموا خطواتهم". " وكان السبب في هذه الخسارة كلها تعاظم خوف الحاكم المستبد من أن يخدش الإخوان حكمه أو يظنوا أنه ضعيف أمامهم، فاشتد وعنف في بطشه بهم إلى حدّ لم يقع حتى مع المستعمرين أعداء الوطن والوطنيين" .

عمله في خارج مصر:

عمل الدكتور النمر مبعوثا للأزهر في الهند، كما عمل فترة طويلة في الكويت مديرا للدعوة والإرشاد، وانتدب للإشراف على دورات تدريبية لإعداد الأئمة والوعاظ والدعاة في دول الخليج.

مواصلته لدراساته العليا:

  كان الدكتور عبد المنعم النمر من الذين واصلوا الجهد في الدراسات العليا الموازية لدراسات الجامعات المدنية، أي أنه لم يواصل الدراسة في درجة العالمية من درجة أستاذ، وإنما سلك السبيل الآخر حتى حصل على درجة الدكتوراه ١٩٧٢، بإشراف الدكتور فوزي صالح عباس، وكانت رسالته عن «أبو الكلام أزاد.. العالم الإسلامي، والمصلح الديني الكبير».

عودته لمصر:

  مع أوائل السبعينيات عاد الدكتور عبد المنعم النمر بصفة نهائية إلى العمل في مصر وعين مديرا للبعوث في مجمع البحوث الإسلامية (مارس 1970)، وأمينا عاما مساعدا، وفي هذه الفترة شن حملة صحفية شعواء على الشيوعية، وتواكبت حملته مع موقف الدولة من ناحية، ومع موقف الإمام الأكبر الشيخ عبد الحليم محمود المناهض للشيوعية من ناحية أخري.

مناصبه القيادية في عهد السادات:

عين الدكتور عبد المنعم النمر مديرا عاما للتفتيش في الأزهر (1977)، ثم اختير وكيلا للوزارة لشئون المعاهد الأزهرية وهو المنصب الأزهري الموازي لوزير التربية والتعليم وقد حاول بدأ سياسة علنية من الإصلاح في مناهج التعليم الأزهري العام في الأزهر ودعا الى ضرورة تخليص الكتب الازهرية من الاسرائيليات ومن العجيب ان دعوته هذه تواكبت مع كامب ديفيد، وكان من الواضح انه يسابق الزمن وإن لم يمهله سن المعاش فقد أحيل إلى المعاش (صيف 1978) ونجمه لامع. فلما اختير الدكتور محمد عبد الرحمن بيصار لتولي الوزارة (أكتوبر 1978) قبيل وفاة الشيخ عبد الحليم محمود، تولي الدكتور عبد المنعم النمر وكالة الأزهر بعد أن كان قد وصل الخامسة والستين، على الرغم من أنه لم يكن، فيما هو مشهور للعامة، من أنصار الدكتور عبد الحليم محمود وسياساته، ومن الانصاف ان نشير إلى أنه بعد وفاة الدكتور عبد الحليم محمود كان حريصا على أبن يبدي اعترافا واضحا ومتكررا بأنه أصبح يزداد اقتناعا بسياسات الشيخ عبد الحليم محمود مع الأيام.

توليه الوزارة:

  بعد أن توفي الدكتور عبد الحليم محمود فجأة شغل الدكتور النمر منصب المشيخة بالنيابة حتى عين الشيخ محمد عبد الرحمن بيصار شيخا للأزهر، على حين عين هو وزيرا للأوقاف (يناير 1979) خلفا للدكتور بيصار، وذلك في أثناء وزارة الدكتور مصطفي خليل الأولي، وظل الدكتور عبد المنعم النمر يشغل هذا المنصب في وزارة الدكتور مصطفي خليل الثانية (1979) وحتي استقالت وزارة الدكتور مصطفي خليل (مايو 1980) حيث خلفه الدكتور زكريا البري في وزارة الرئيس السادات الأخيرة

الإصلاح الإداري في هيئة الاوقاف:

  كان الدكتور عبد المنعم النمر من أكثر مَنْ تولوا وزارة الأوقاف حرصا على تنظيمها، وقد مضي خطوات واسعة في تنظيم هيئة الأوقاف، مما دفع العمل فيهما خطوات مثمرة, وكان على رأس اهتماماته محاربة استغلال الأوقاف، وقد بذل في هذا الشأن جهدا مكثفا.

المجلس الأعلى للشئون الإسلامية:

  وفي المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، واصل الدكتور عبد المنعم النمر المسيرة التي بدأها سلفه غير المباشر الشيخ الشعراوي في المجلس الأعلى للشئون الإسلامية لما سمي بالفساد الإداري، وصمم على تبعية المجلس تبعية كاملة للوزارة، وأعاد صياغة العمل في المجلس على أسس إدارية منضبطة، وعهد بمنصب الأمين العام للمجلس إلى رجل من رجال القضاء ذوي البصر بأمور الدين والتفكير الحر والإدارة والقانون في الوقت نفسه، وهو الدكتور جمال الدين محمود نائب رئيس محكمة النقض، وكان الدكتور النمر حريصا على الذهاب بنفسه للمجلس مرة في الأسبوع على الأقل لمتابعة مشكلاته، وتثبيت نظمه، وحضور اجتماعاته، وهو تقليد الذي تمسك به بعض خلفائه.

توفير ترجمة معاني القرآن الكريم في الفنادق

  كان الدكتور عبد المنعم النمر مهتما بمشروع طبع ترجمة معاني القرآن الكريم باللغة الانجليزية بأعداد كبيرة، وهو ما لم يتم قبل ذلك في مصر، وقد اختار الترجمة الإنجليزية للقرآن لمولانا عبد الله يوسف علي، وأعلن عن تبرع أهل الخير بربع مليون جنيه لتنفيذ هذا العمل، وكان يأمل أن يتيح نسخة من القرآن في غرف النزلاء بالفنادق، على نحو ما يوجد الكتاب المقدس في فنادق بلاد الغرب.

لجان تقنين الشريعة الإسلامية في مجلس الشعب

  أسهم الدكتور عبد المنعم النمر مع الدكتور صوفي أبو طالب في تكوين لجان تقنين الشريعة الإسلامية في مجلس الشعب. وحاول أن يشترك في مقاربة أزمات الشباب والجماعات الإسلامية على نحو سياسي، فلم تساعده سطوة الدولة العميقة في نهاية السبعينيات، ويروي أنه طلب إلى الرئيس السادات علانية أن تصاغ برامج الإذاعة والتليفزيون في إطار أخلاقي، فأجابه الرئيس السادات إلى طلبه وقال له: بل في إطار ديني، وسلك هذا التوجيه مسلك اللجان التي يكون عمرها في العادة أطول من عمر الوزير مع كرسي الوزارة.

اجتهاداته العلمية وانحيازه للاجتهاد

  وفي السنوات الأخيرة من عمره أولي الدكتور عبد المنعم النمر مسألة الاجتهاد كل اهتمامه وعنايته ودعا إلى ضرورة فتح باب الاجتهاد ونبذ التقليد، وكانت له كثير من المواقف العقلية مما يستحق التقدير، وقد تعرض الدكتور النمر للهجوم بعد أن رفع راية الاجتهاد في المعاملات المصرفية مؤيدا شهادات الاستثمار التي أقرها مجمع البحوث الإسلامية بعد رحيل الشيخ بسنوات، وفي قضايا فقهية من قبيل ضرورة الاعتماد على الحساب في تحديد أوائل الأشهر القمرية، ومن الإنصاف أن نقول إنه حاول الدعوة الى الاخذ بالاجتهاد كثيرا من دون ان يلتفت الى الحاجة المؤسسية لأكاديمية فقهية متحررة من قيود البيروقراطية وحسابات المناصب. لكنه على كل حال لم يمض في سبيل يخدع فيه نفسه برضا الناس، والواقع أنه لم ينل رضا كثير من الناس.

عضوياته في المجالس العليا للثقافة والصحافة

  بعد خروج الدكتور عبد المنعم النمر من الوزارة ظهر نشاطه وحضوره عضوا في المجلس الأعلى للثقافة، وعضوا في المجلس الأعلى للصحافة. وكان الشيخ النمر يمثل في المجلسين دور عالم الدين صاحب المقعد المتقدم والمؤثر والمرهوب عن احترام وتقدير، بالإضافة إلى أدواره في مجمع البحوث الإسلامية، والمجالس القومية المتخصصة، ومجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون

دوره الحاسم في إيقاف المهاترات التي نظمتها الدولة العميقة بالتعاون مع هيكل

  وفي بداية عهد الرئيس حسني مبارك كان للدكتور عبد المنعم النمر، موقف وطني وسياسي بارز، اشترك فيه معه صديقه الأستاذ الشاعر عبد الرحمن الشرقاوي، إذ كانا معا صاحبي الخطوة الإيجابية المسئولة التي حركت المجلس الأعلى للصحافة في أعقاب صدور كتاب «خريف الغضب» لمحمد حسنين هيكل ومقالات الدكتور يوسف إدريس التي وصفت حرب أكتوبر بأنها تمثيلية …، وانتهي الاجتماع ببيان وطني انشر في ذلك الوقت وتضمن إظهار الامتعاض من الاسفاف من دون وقوع في التشنج أو الاسفاف المضاد مكتفيا بالأسلوب الراقي الذي كان كافيا لوضع المهاترات في سلة المهملات بعيدا عن أساليب التلاسن وافتعال المعلرك ..

ثناؤه على الامام الشهيد حسن البنا:

  كان الدكتور عبد المنعم النمر يقول: " لقد كان المرحوم حسن البنا طيب الله ثراه من أقدر الناس على قيادة الحركة الدينية وتجنبها الصدام الذي يعوق حركتها أو يقتلها في مهدها وظروف نشأتها، فاستطاع في سنين قليلة أن يكون حوله ذخيرة من شباب مصر ويُسلِّحهم بالإيمان والبصيرة به. ولم يكن هو متعجلا وإن تعجل بعض الشباب حوله، ولكنه كان يخطو بأناة، ويكسب كل يوم أرضا جديدة أو قلوبا جديدة بدعوته الهادئة المقنعة. ولو أن بعض الشباب حوله لم يتعجلوا الأماني ولم يخطو خطوة أوسع من قدرتهم ومن الظروف حولهم ولم يلجئوا إلى القوة وإلي القتل والاغتيال لبعض المصريين لكان خيرا وأحسن حالا. ..وكم كنت في موقف خارج إطارهم التنظيمي وموقفي القلبي معهم في دعوتهم واطلاعي بحكم التوافق أو التلاقي القلبي على كثير مما كان يجري داخلهم وعلي الكثير أيضا مما كان يمكن أن يتعرضوا له كنت شديد الإشفاق عليهم جميعا وعلي الحركة الإسلامية التي بعثها وقادها حسن البنا "،

ثناؤه على موقف الإخوان من قضية التكفير:

كان الدكتور عبد المنعم النمر دائم الثناء على موقف الإخوان من قضية التكفير وقيامهم برفض ذلك الفكر والرد عليه بكتب متنوعة وبالأدلة القاطعة على عدم تكفير المسلم .

انتقاده الخوميني ثورة ايران وانتقاده للشيعة

  انتقد الدكتور عبد المنعم النمر أداء الامام الخوميني والفكر الشيعي في مواضع كثيرة من كتبه، وفي كتابه (حديث إلى الشباب) كتب تحت عنوان: (الخوميني وفتنته وخطره) فوجه كثيرا من الانتقادات المبكرة للشيعة منوها بفساد رأيهم في الصحابة وغيرهم من المسلمين، وكان الدكتور عبد المنعم النمر من الشجاعة بحيث انفرد وحده بأداء هذا الدور قبل أن تتبناه الدول العربية.

مشاركته في الشحن المعنوي في الحرب العراقية الإيرانية.

وفي منتصف الثمانينيات اشتهر عن الدكتور النمر موقفه الصارم في تصديه للفكر الشيعي الذي بدأ تصويره إلى الخليج والعالم العربي بعد ثورة الامام الخوميني، وهي المعركة لتي توجها بإصدار كتابه «الشيعة المهدي الدروز.. تاريخ ووثائق،» وهو الكتاب الذي نشر على نطاق واسع.

عضويته في مجلس الشعب:

  كان الدكتور عبد المنعم النمر واحدا من العشرة المعينين في مجلس الشعب (1987)، وقد ترأس لجنة الشئون الدينية بالمجلس.

رحلاته الخارجية:

  زار الدكتور عبد المنعم النمر تونس اكثر من مرة فشارك في مؤتمر حول الإسلام وتحديات العصر، نظمه مركز الدراسات الاجتماعية والاقتصادية، ونال إعجاب واحترام وتقدير كل من حضر هذا اللقاء. كما شارك في مؤتمر دعت إليه رابطة الجامعات الإسلامية والمجلس الإسلامي الأعلى حول قدسية الحرمين .

جائزة الدولة التقديرية في الآداب:

منح جائزة الدولة التقديرية في الآداب (1985) في العام الذي فاز بها معه الدكتور عز الدين إسماعيل، وكان أول عالم أزهري من العاملين في مجتمع الأزهر ينال الجائزة في الآداب، وذلك قبل أن يفوز بها أول أستاذ للأدب في الجامعة الازهرية وهو الدكتور محمد السعدي فرهود في ١٩٩٣ ومن الانصاف ان نذكر كان علو بيان الدكتور عبد المنعم النمر، وكثرة إسهاماته في الكتابة للصحف في خارج مصر وداخلها كان كفيلا بأن يلفت النظر إلى قدراته الأدبية المستحقة للتقدير. ومن الجدير بالذكر أن أربعة من علماء الأزهر فازوا بها في العلوم الاجتماعية حتى ذلك الوقت: وهم المشايخ على الخفيف وعبد الجليل عيسي وحسنين مخلوف، أحمد حسن الباقوري الذي فاز بها في نفس العام الذي فاز فيه الدكتور النمر بجائزة الآداب.

ذكرياته:

نشر الدكتور عبد المنعم النمر مقالا في ذكري مرور أربعين يوما على وفاة السادات كان مقاله هذا افلا بالذكريات والايضاحات التاريخية المهمة، ونشر فيما بعد ذلك أيضا مقالا ضمنه أسباب خروجه من الوزارة [ نشر المقال في 28 يوليو ١٩٨٣ ] متضمنا شكواه مما تعانيه الأوقاف من الرغبة في الاستيلاء عليها من الوزارات والمحليات.

قيل في رثائه:

قال الدكتور صوفي أبو طالب في رثائه:

«عرفت فيه عاملا مجتهدا من القلائل الذين يستطيعون تطويع الأمور المعاصرة لأحكام الفقه الإسلامي، وهو يمثل مدرسة فقهية من المجددين التي بدأت بالشيخ الإمام محمد عبده».

وقال الدكتور محمد حسن الزيات:

«تميز (أي الدكتور النمر) بقدرته على الإقناع بأن الإسلام دين كل زمان ومكان».

أثاره العلمية:

رسالته للدكتوراه "مولانا أبو الكلام أزاد حياته وجهاده الديني والوطني في سبيل تحرير الهند:، 1972.

مؤلفاته مرتبة أبجديا:

– أحاديث الرسول وكيف وصلت إلينا ؟

– إسلام لا شيوعية .

– الاجتهاد بين الماضي والحاضر .. ضروراته ومظاهره الآن .

–الاجتهاد.

الإسلام والشيوعية والدين.

– الإسلام والغرب وجها لوجه

الإسلام والمبادئ المستوردة .

– البابية والبهائية

– الثقافة الإسلامية بين الغزو والاستغزاء على مر القرون .

– الدين والحياة .

– الشيعة المهدي الدروز

– الشيعة.. المهدي ..الدروز، تاريخ ووثائق .

– الماركسية بين النظرية والتطبيق .

– المساواة في الإسلام والمدنية الغربية .-

– إلي الشباب في الدين والحياة .

– بدء الشهور القمرية بين السنة والاجتهاد .

– بين السنة والتشريع .

_ تاريخ الإسلام في الهند.

– حصاد القلم .

– حضارتنا وحضارتهم (في سلسلة كتابك ).

– خواطر في الدين والحياة .

– شخصية المسلم كما يصنعها الإسلام .

–علم التفسير .

– علوم القرآن .

– كفاح المسلمين في تحرير الهند .

– مشاكلنا في ضوء الإسلام .

–من هدي الرسول .

– من هدي القرآن .

– من وحي الإسلام والأحداث .

– مولانا أبو الكلام أزاد.

– نظرات في كتاب الله: تفسير جزء الأحقاف وقد سمع .

تكريمه:

نال الدكتور عبد المنعم النمر كثيرا من التكريم والتقدير الذي يستحقه، ومنح أكثر من وسام، فحصل على وسام الجمهورية من الطبقة الثانية ووسام العلوم والفنون من الطبقة الاولى .

وفاته:

توفي الدكتور عبد المنعم النمر ٣ يونية عام 1991 عن عمر يبلغ 78عاما .

مصادر الترجمة:

١_ موقع الجزيرة : د. محمد الجوادي.

٢_ الموسوعة التاريخية الحرة.

٣_ مواقع إلكترونية أخرى.

وسوم: العدد 1032