الداعية المجاهد محمد عبد الرحمن خليفة

 (1338 ـ 1427هـ / 1919 ـ 2006م)

clip_image002_28884.jpg

هو الداعية المجاهد محمد عبد الرحمن خليفة النسور (1919- 2006م) برلماني أردني ، صاحب أطول مدة في رئاسة حركة الإخوان المسلمين في الأردن من (1953-1994م ) حيث تولى منصب المراقب الثاني للجماعة بعد فضيلة الشيخ الحاج عبد اللطيف أبو قورة ..وكان له دور مشهود في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين ..وهو من الشخصيات الفذة التي تستحق الدراسة والبحث والتقصي، ويجب على أولاده طبع أعماله الكاملة، ووضعها بين يدي الدارسين، فمثل أبي ماجد قلما يجود الزمان بمثله ، ونحن في هذه الدراسة نقدم جهد المقل، وهذه المقالة  إلى الجمع والوصف والسرد أقرب منها إلى المنهج التحليلي، لقد نهض ذلك الكاتب المجدد المجاهد بالعمل الدعوي إلى القمة ، ومهد السبيل لمن بعده، فكان قدوة للسالكين طريق الحق والحرية والقوة ...فمن هو محمد عبد الرحمن خليفة ؟ وما هي سيرته العطرة، وما هي أعماله ومنجزاته وسجاياه وأخلاقه ...؟؟!! .  

المولد والنشأة :

ولد محمد عبد الرحمن خليفة في مدينة «السلط» عام 1919م ، وهو ينتمي إلى عشيرة النسور السلطية   .

دراسته ومراحل تعليمه :

 تلقَّى تعليمه في كُتَّاب الشيخ «عفيف زيد» - رحمه الله -، حيث قرأ القرآن على يديه ، ودرس في مدرسة «السلط» الثانوية في بداية افتتاحها، وبعد أن أنهى الصف العاشر، أُرسل في بعثة إلى كلية «خضوري» في «طولكرم»، لدراسة الزراعة، وحصل على دبلوم زراعة منها، وانتسب بعدها إلى معهد المعلمين في القدس، ليحصل على دبلوم تربية.

أعماله والوظائف التي تقلدها :

 -عمل مدرساً ومديراً في العديد من مدارس المملكة الأردنية، ولكنه عاد إلى القدس لدراسة الحقوق،  فحصل على شهادة الحقوق من معهد الحقوق في القدس ؛ ليلتحق بعدها بالسلك القضائي عام 1946م، ليعمل قاضياً ومدعياً عاماً.

-عمل محمد عبد الرحمن خليفة في المحاماة لمدة سنتين، ثم اختاره المجلس القضائي في عمان قاضياً، شغل وظائف عدة، منها أنه عمل مدعياً عاماً وقاضياً، كما عمل في المحاماة منذ استقالته من القضاء عام 1953م، ثم عضواً في مجلس النواب الأردني في الفترة من عام 1956 إلى 1961م، وأخيراً عمل رئيساً لجمعية المركز الإسلامي الخيرية منذ عام 1963 حتى 2000م.

ومن القدس التي كانت لها مكانة خاصة في نفسه يبدأ العمل السياسي الإسلامي هناك، فعندما وصلت إليه أخبار حركة الإخوان المسلمين في مصر وفكرها ومسارها، بدأ مراسلاته مع مؤسس الجماعة الإمام حسن البنا، كما أنه حرص على لقاء الحاج «محمد أمين الحسيني»، لكي يؤكد له وقوف الناس معه، من أجل الدفاع عن «فلسطين» و«القدس»، وكان يترأس تحرير صحيفة «الكفاح الإسلامي» منذ صدور عددها الأول في التاسع من أغسطس 1954م، وذلك قبل أن يتولى رئاسة تحريرها الأستاذ يوسف العظم.

قيادة الجماعة :

تعرف فضيلة الشيخ محمد عبد الرحمن خليفة على دعوة الإخوان المسلمين مبكراً عندما كان تلميذاً في كلية خضوري بفلسطين ، ومن الذين كانوا يزورون الأردن من الإخوان المصريين وغيرهم ، ومن النشرات الإسلامية التي كانت تصل إلى فلسطين . وفي عام 1953م، تم انتخاب خليفة مراقباً عاماً للجماعة، بناء على طلب مجلس الشورى في جماعة الإخوان المسلمين، لتبدأ الحركة الإسلامية مرحلة جديدة سواء على صعيد بناء المؤسسات أو الانتشار الحركي والجماهيري.

ولقد أصبح للجماعة في عهده الزاهر دور مهم في التنظيم الدولي للإخوان ، وذلك عندما نقلها من دور (جمعية ) إلى دور جماعة تهتم بالأعمال الخيرية ، إلى حركة تشكل دوراً مهماً ورئيساً في الواقع السياسي والاجتماعي والفكري والاقتصادي الأردني ..ويقول فضيلة الأستاذ: «وللعلاقة الطيبة والأخوة المتينة التي كانت تجمعنا بالحاج «عبداللطيف أبي قورة»، والتي كان لها أثرها الكبير في إقبال عدد كبير من الشباب المسلم المثقف على دعوة الإخوان، فقد كان ـ رحمه الله ـ يدعوني وبعض الإخوة لاستقبال الدعاة والعلماء الذين كان يرسلهم الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله إلى الأردن، لنشر الدعوة وأفكارها، وشرح خصائصها وسماتها.

ومن أبرز هؤلاء الدعاة الأستاذ سعيد رمضان، والشيخ عبد المعز عبد الستار، والأستاذ عبد الحكيم عابدين، وكان لمحاضراتهم القيمة في المساجد وفي شعب الإخوان أثرها البالغ في إقبال الكثيرين من أبناء الأردن، خاصة المتعلمين والموظفين، على هذه الدعوة المباركة، فكنت أحد هؤلاء الذين ملأت الدعوة عقولهم وقلوبهم ووجدانهم».

مرحلة السجن والنفي :

يروي الكثير من قيادات الحركة الإسلامية، أن المراقب العام نُفِيَ إلى دمشق في عام 1955م بقرار من «كلوب باشا»، وأنه مُنع من دخول الأردن ما يقارب ستة أشهر، ولكنه عاد إلى الأردن ليكمل معارضته لأي وجود بريطاني في الأردن أو في المنطقة، كما أنه سُجن أكثر من مرة في الخمسينيات وبداية الستينيات، وكان قرار سجنه يأتي من رؤساء الحكومات، ولكن ما يلبث أن يتم الإفراج عنه، حتى قال له أحد رؤساء الوزارات الذي سجنه في الجفر وبعض إخوانه: «والله، لن تخرج وأنا حي». فقال له: الحياة بيد الله.. وكان يحرص على أن يوصي قيادة الإخوان عندما يُسجن بألا تتغير سياسة الإخوان، ويذكرهم بأنهم ضد الصدام مع السلطة، ويرفض أي صدام، كما أن له مواقفه المميزة تحت قبة البرلمان، حيث أصبح نائباً للأمة بعد فوزه في انتخابات 1956م.

نشاطاته:

عكف «خليفة» منذ تسلمه الموقع الأول على إنشاء مؤسسات خيرية تساهم في إعانة الناس، وتقديم الخير لهم عبر مساعدة الفقراء والمحتاجين، وكفالة الأيتام، وعلاج الفقراء، والاهتمام بالأرامل والعجزة.

واستمراراً في العمل الخيري، فقد شارك فضيلته عدداً من الإخوان وغيرهم من الفعاليات الاقتصادية في تأسيس جمعية المركز الإسلامي الخيرية، واختير رئيساً لها للفترة من عام 1963إلى عام 2000م، حيث تقدم الجمعية خدماتها الإغاثية والخيرية في المجالات التعليمية والتثقيفية والصحية والاجتماعية ورعاية الأسر الفقيرة وكفالة الأيتام، وقد انتشرت فروعها لتقدم الخدمات ذاتها في جميع محافظات المملكة الأردنية وقراها ومضارب البدو.

وفي سنة 1968م بعد نكبة يونيو بعام، شكّل أستاذنا لجنة «إنقاذ القدس» بمناسبة مرور سنة على الاحتلال اليهودي للمدينة المقدسة، وحيث إنه كان محباً للجهاد ويحرص عليه، فقد شارك الإخوان في هذا العام في العمل الفدائي تحت مظلة «فتح»، ولكن في قواعد خاصة سميت «قواعد الشيوخ»، واستشهد ثلاثة عشر مجاهداً منهم من جنسيات مختلفة من أنحاء العالم العربي.

لقد أصبح للجماعة في عهده الزاهر دور مهم في الحركة الإسلامية العالمية، وذلك عندما عزز دورها كجماعة منظمة ذات مؤسسية وأهداف ورؤية واضحة وحركة تشكل دوراً مهماً ورئيساً في الواقع السياسي والاجتماعي والفكري والتربوي والاقتصادي.

وقد استقبلت الدعوة في عهده أعظم رموز الحركة الإسلامية في العصر الحديث، أمثال : أمجد الزهاوي، وأبي الأعلى المودودي، ونواب صفوي، وسيد قطب، وحسن الهضيبي، ومحيي الدين القليبي، وعلال الفاسي، ومحمد محمود الصواف، وكامل الشريف، وغيرهم، وبخاصة في «مؤتمر بيت المقدس» الذي أنشأته الجماعة عام 1953م، مع حركات إسلامية أخرى ليكون منطلقاً لتحرير فلسطين من اليهود الغاصبين.

وشارك في تشكيل وقيادة وفد الحركات عام 1990م على إثر دخول العراق الكويت، والحشد الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، لحرب الخليج الثانية، حيث زار الوفد كلاً من السعودية، وإيران، والعراق وغيرها من البلدان العربية والإسلامية، لتفادي وقوع الحرب وحل الأزمة سلمياً.

ومن أعماله المشكورة والمشاهدة على صدقه وأمانته في حمل هذه الدعوة أنه أرسل برسائل إلى أولياء الأمور وحكام الدول العربية والإسلامية سنة 1993م يدعوهم إلى نبذ الفرقة، وإزالة الخلافات من بينهم، واستنهاض الهمم لاستعادة الأقصى والمقدسات الإسلامية، ورفع الظلم عن الفلسطينيين القابعين تحت نيران الاحتلال اليهودي الغاشم، الذي فاق النازية في همجيته وعدوانه وإفساده.

كما جاب كثيراً من بلدان العالم وهو ينافح ويدافع عن قضايا المسلمين، وتحمل مشاق الأسفار وسهر الليالي الطوال مع إخوانه يذودون عن مصالح الأمة وكرامتها، ولم يترك جبهة من الجبهات إلا وتقدم الصفوف لإعلاء شأن الدعوة الإسلامية.

قاد الأخ «أبو ماجد» الدعوة في ظروف بالغة الدقة، واجتاز بها مراحل عصيبة أثبتت عمق إيمانه، وأصالة تجربته، وبُعد بصيرته وقوة عزيمته، مما أسهم في تجنيب البلد (الأردن) الفتن التي كادت تعصف بها.

أول أعماله:

 كانت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، تعمل بموجب قانون الجمعيات والأندية، ولذلك فإن جهد الأستاذ خليفة بعد أن أصبح المراقب العام للجماعة، انصبّ على وضع قانون أساس لجماعة الإخوان المسلمين، ليتمكن بعدها من أخذ موافقة رئيس الوزراء على اعتبار الجماعة هيئة إسلامية عامة شاملة، وفي ذلك يقول الأستاذ محمد خليفة:

«أول عمل فكرت في إخراجه هو إصدار قانون أساس لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن. وقد صدر أول قانون سنة 1953م، استعنتُ على إصداره بالقانون الأساس للجماعة الأم في مصر، لأنه يجب أن يكون منبع الدعوة لما وضعه مؤسسها الأول الأستاذ الإمام حسن البنا، ولذلك فقد أنشأنا الهيئة العامة لكل شعبة، وتم تنظيم جميع الإخوان المسلمين العاملين في تلك الشعبة.

والهيئة العامة تنتخب أعضاء مجلس أعضاء مجلس الشورى حسب القانون الأساس الذي يحدد عددهم، ومجلس الشورى هو القيادة العليا، ومن وظائفه انتخاب المراقب العام، وانتخاب المكتب العام «المكتب التنفيذي»، وقد وضعت ومعي لجنة هذا القانون مع النظام الداخلي، وجمعنا مجلس الشورى الذي دام اجتماعه يومين، قرأنا فيه القانون الأساس والنظام الداخلي، وقد تمت الموافقة عليهما من قبل مجلس الشورى بالإجماع، وقد تمت هذه الإجراءات بعد أخذ موافقة مجلس الوزراء، على اعتبار أن الإخوان المسلمين هيئة إسلامية عامة شاملة، وليست حزباً سياسياً.

و كنا نؤمن أن الدولة جزء من الإسلام، وليست جمعية خيرية، رغم أن عمل الخير من صميم دعوتنا، ولسنا نادياً رياضياً، وإن كانت التربية الجسمية تسير جنباً إلى جنب مع التربية الروحية والثقافة الفكرية، وبذلك خرجنا من أسر قانون الجمعيات والأندية، وقد سبق ذلك أن اجتمعت مع رئيس الوزراء في ذلك الحين، السيد توفيق أبو الهدى، وعرضت الأمر عليه بعد تمهيد سابق بالاتفاق مع أحد الوزراء، والذي كان أخاً لامعاً في دعوة الإخوان المسلمين، وهو الأستاذ أحمد الطراونة «أبو هشام»، وكان وزيراً للزراعة في وزارة توفيق باشا «أبو الهدى».

وسبب حرصي على إخراج الجماعة من قانون الجمعيات والأندية، هو أن الدولة كانت ترسل ـ بحكم القانون، وبعد السماح من الحاكم الإداري وقائد الشرطة ـ مندوباً للأمن ومندوباً للإدارة، ولا يُعقد اجتماع عام مع الناس لمحاضرة أو غيرها إلا بموافقة الحاكم الإداري وقيادة الشرطة. وهذا لا يتماشى مع طبيعة نشر الدعوة والتربية الإسلامية الصحيحة، فكان صدور قرار رئيس الوزراء بناء على الإرادة السنية بالسماح للجماعة بنشر دعوتها في المساجد وفي الأماكن العامة، وفي دور الجماعة، وبفتح فروع لها في أنحاء الأردن كافة، وأن تُدار هذه الفروع من قبل هيئات عامة بحرية تامة ومن دون تدخل من السلطات الأمنية، إلا في حالة وقوع ما يسبب مخالفة للقانون».

خليفة وقضية فلسطين :

بعد أن تمكن الأستاذ محمد عبد الرحمن خليفة من إصدار القانون الأساس لجماعة الإخوان، ونظامها الداخلي وإقناع الحكومة بالسماح للجماعة بممارسة نشاطاتها، على اعتبار أنها هيئة إسلامية عامة شاملة لا جمعية خيرية، ركّز عمله على نشر الدعوة في الأردن، من أجل تحقيق غايتين:

أولاهما: التربية للمستقبل .

 وثانيتهما: الاهتمام بقضايا الأمة المصيرية كقضية فلسطين، وفي هذا يقول فضيلته:

«ركزت على القضية الفلسطينية كقضية سياسية عاجلة، تنذر بأسوأ العواقب على الأمة الإسلامية كاملة، إذا لم تسد هذه الثغرة، لكن مع الأسف ما كان يصل إلى الحكم إلا من استرضى دائرة الاعتماد «المعتمد البريطاني»، وهؤلاء الذين يسترضون المعتمد البريطاني وعملاءه يجب ألا يعملوا أي عمل يغضب الإنجليز. وأهم شيء أنهم كانوا يرضون هؤلاء الإنجليز من خلال حصر الإسلام في الصلاة والصوم والحج وغير ذلك من الأمور التعبدية، وهذا المعنى شب وأثّر في نفسي منذ صغري عندما كنت في الصف الرابع الابتدائي، فقد دخل علينا الأستاذ «عبدالرازق أدهم» ـ وهو خريج مدرسة الزراعة في «سلمية» بسورية ـ وأخذ يتكلم معنا بلهجة أبوية متعاطفة، في ثلاثين دقيقة، وقال: فإذا وعيتم هذا الدرس فسأخصص لكم ما تبقى من الحصة لشيء يهمكم جداً، وليس له علاقة بالزراعة.. تشوقنا جداً لما سيقوله لنا، فكنا آذاناً صاغية وامتحننا في دقائق، ثم قال بصوت منخفض: إني أريد أن أشرح لكم أهمية الإسلام كدين للدنيا والآخرة، لأن الإسلام هو الحياة، ثم قال: إن الدين عند الله الإسلام، ولا يقبل من أي إنسان إلا الإسلام، لذلك أطلب منكم أن تغلقوا الشبابيك، حتى لا يسمعنا من يتجسس على درسي، فإنهم إن عرفوا أني أشرح لكم عن الإسلام وأهميته في الحياة، فسوف يكون عقابي الفصل من عملي، قفزنا بسرعة إلى الشبابيك لنغلقها، ومن ثمَّ جلسنا وكلنا آذان صاغية نتلقف من فمه كل كلمة يقولها، فكان الأستاذ عبدالرازق أدهم أول معلم في حياتي زرع حب الإسلام بصورته النقية الواضحة في قلبي.

وتعلمت في حياتي الدعوية أن الجلوس مع عدد من التلاميذ وإن كانوا قلة فيه نفع وبركة، وخير للدعوة وللإسلام من إلقاء المحاضرات في حشود كبيرة من الناس، ولاحظت أن معلم الدين محارب في رزقه، فكان المختص في الشريعة يأخذ اختصاصه من الأزهر، بعد اثنتي عشرة سنة من الدراسة، بينما المختص في العلوم الأخرى لا تزيد دراسته في أغلب الأحيان على أربع سنوات، سواء في الجامعة الأمريكية في بيروت أو غيرها، فيعين معلم الدين في الدرجة العاشرة، ويبقى فيها حتى يحال على المعاش، بينما خريج الأمريكية أو اليسوعية أو غيرهما من أصحاب الاختصاص في الزراعة أو العلوم أو الرياضيات أو الاجتماعيات... إلخ، يترقى في السلم الوظيفي حتى يصل إلى مدير مدرسة، أو مفتش، أو مدير دائرة.

كان مجال الدعوة الخطب والدروس في المساجد، وإلقاء المحاضرات القصيرة التي كنا نقيمها للطلاب في دور الإخوان، وننتخب المحاضر الشاب الذي يحسن مخاطبة أبناء جيله، فنحبب إليهم الإسلام حتى نجعله هدفاً يجب أن يعمل من أجل تحقيقه كضرورة لنجاته في الدنيا والآخرة، ولتخليص بلاده من الأحكام الفاسدة، التي تمهد لوقوعها فريسة سهلة للاستعمار بكل أشكاله، فكنا نحرص على كشف عيوب الحضارة الغربية الغازية لبلادنا عن طريق الجيل الجديد بلباسه وعاداته وتقاليده وتفكيره وآماله، فكانت الألبسة الأجنبية تفرضها المدرسة على طلابنا وطالباتنا، دون مراعاة لديننا وتقاليدنا الإسلامية، فصارت هذه الألبسة ـ وهي المظهر الدال على الجوهر ـ علامة الشاب المتعلم المتحضر المتقدم المقلد للغربي كما يظن نفسه، بينما بقية الألبسة التي تستخدمها الأمة من آباء وأمهات، التي عرفت لباساً عربياً إسلامياً، هجرت على اعتبار أنها مؤشر على التخلف لارتباطها بالماضي، وهذا ما زرعه المستعمر في أذهان هؤلاء الشبيبة.

ضربت مثالاً على خطر غزو الحضارة الغربية لعقول شبابنا، بما تقذفه مصانعه من جميع أنواع «الموضة»، التي كان يتلقفها منها لا لشيء إلا لأنها جاءت من هناك، من لندن، أو باريس، أو واشنطن، لأقول: إن الذي كان «يقلد الغربي بلباسه، يقلده أيضاً في سلوكه وتصرفاته وعاداته وتقاليده، لذلك فإن جهود الإخوان المسلمين انصبت على إنقاذ هؤلاء الشباب بداية، ليتم بهم إنقاذ الأمة، فبهم تنتصر الشعوب والأمم».

خليفة ومغريات الحياة :

يقول: «وأذكر أن محكمة عمَّان كانت في «سوق السكر»، بجانب الجامع الحسيني، فكنت كلما سمعت الأذان أذهب للصلاة، فكان وجود قاض بين المصلين ـ الذين أغلبهم من كبار السن ـ أمراً مستغرباً ومستهجناً، فكان الكل يرقبني بعينيه، وكأنه غير مصدق أن قاضياً يأتي للصلاة، ومن هنا ندرك أن دور الإخوان كان كبيراً وكبيراً جداً في هذه النقلة النوعية، حتى أصبحت مساجدنا ـ على كثرتها ـ لا تسع المصلين، وأي مصلين، الشباب المتحمس الغيور على دينه.

أذكر أن بعض أقاربي وبعض المحبين، من وجهاء «السلط» جاؤوا إلى والدي، عندما استقلت من القضاء لأتفرغ للدعوة، وقالوا له: يا أبا خليفة، كيف تسمح لابنك محمد بك أن يترك عمله كحاكم صالح له مستقبل كبير، من أجل خاطر بعض الأولاد يعلمهم الدين؟ وكأنه لم يبق في البلد مشايخ يعلمون الناس الصلاة والصوم، ولذلك فإننا ننصحك أن تحجب له عند الفتاحين. إن هؤلاء «الأولاد» الذين عاتبوا والدي فيهم، هم الآن الدكتور عبداللطيف عربيات، والدكتور إسحاق الفرحان، والدكتور فاروق بدران.. وغيرهم كثير من دعاة الإسلام في هذا البلد المرابط، ومن ذوي الأماكن الحساسة التي تمكنهم من إتمام الدور وتبليغ الدعوة، ولم تكن تلك المعاتبات إلا عقبة بسيطة تجاوزناها أمام عقبات أقوى وأصلب من السخريات والإشاعات والاتهامات.

وأذكر أن الأستاذ «أنور الجندي» أخبرني يوماً أن بعض المغتابين جلسوا إليه، والدنيا لا تسعهم من الفرح، لأنهم أمسكوا بدليل قوي جداً ضدي، فقالوا له: ألم يصلك يا أستاذ أنور، خبر بنات الشيخ محمد عبدالرحمن خليفة؟ قال: وما خبرهن؟

قالوا: إن هذا الذي يدعو إلى تطبيق الإسلام غير قادر على منع بناته من الخروج سافرات كاسيات عاريات، فقال لهم: اتقوا الله أيها الناس، إن أكبر بنات الأستاذ محمد تسمى «أميمة»، وهي طالبة عندي في الكلية «الكلية العلمية الإسلامية»، والأخرى في الصف الأول الابتدائي، وأخوها «ماجد» في الصف الثاني الابتدائي».

كان للقدس مكانة كبيرة في نفس الأستاذ محمد عبد الرحمن خليفة، فقد درس وعاش فيها، ودائماً كان يزورها قبل سقوطها، ويقول الدكتور ماجد خليفة «ابنه البكر»: إن أكثر شيء أحزن والدي في حياته هو سقوط القدس! ويروى أن بابا الفاتيكان يوحنا السادس في عام 1964م عندما زار الأردن وفلسطين كان يريد الطلب من الحكومة الأردنية السماح له بإقامة مقر له في قطعة أرض محددة في «أبو ديس»، فعلم أبو ماجد بالطلب، فقام بجمع العديد من الرجال من «عمان» والسلط، والكرك، وحملوا عبر سيارات النقل في ذلك الوقت أسمنتاً وحديداً وأدوات البناء، وذهبوا إلى منزل كامل عريقات في القدس، وأخبروه بأنهم يريدون أن يبنوا مسجداً في تلك القطعة، ليرفعوا الحرج عن القيادة السياسية، وفعلاً قاموا ببناء المسجد بسرعة، ولم يتركوا موقع البناء حتى فرغوا من بناء المسجد، وصلى الجميع صلاة الجمعة فيه قبل أن يعودوا إلى بيوتهم.

اشترك الأستاذ خليفة في بعض العمليات الفدائية الجهادية، مع بعض إخوانه من أبناء الجماعة، الذين كانوا يتخذون من القدس مقراً لهم، وتعرض عدة مرات للاعتقال، وأودع السجن بسبب مواقفه، ومواقف الجماعة التي يرأسها.

روايات كثيرة عن «القدس» نسمعها من إخوان خليفة، ليس أولها المؤتمر الإسلامي في القدس، الذي كانت تعقده جماعة الإخوان سنوياًٍ في الخمسينيات، ويحضره علماء الأمة الإسلامية ومفكروها من كافة أنحاء العالم، وليس آخر ما ذكر أنه كان يجمع المتطوعين من أجل الدفاع عن القدس عندما اندلعت الحرب.

محمد عبد الرحمن خليفة : نائباً في البرلمان :

سار الإخوان المسلمون في الأردن على منهج إمامهم حسن البنا فيما يتعلق بدخول المجلس النيابي ومشاركة الحركة الإسلامية في المجالس النيابية منذ العام 1954م لأن الجماعة حسمت أمرها باقتفاء أثر مؤسسها في هذه القضية رغم الخلافات الفقهية حول هذا الموضوع بين العلماء .

لكن بعض الباحثين أشار إلى أن جدلاً ما دار في صفوف الجماعة منذ مطلع الخمسينات من القرن الماضي، بخصوص المشاركة لم يكن هذا الجدل بخصوص المشاركة أو عدمها لكنه كان يدور حول طبيعة المشاركة، وحجمها، والهدف منها، فقد كان المرحون عبد اللطيف أبو قورة مؤسس الجماعة في الأردن يرى ضرورة دخول الانتخابات في الوقت المناسب بقوة وثقل كبير، لكن على ما يبدو لم يكن هذا الرأي يحظى بتأييد الأغلبية الإخوانية حيث كانت ترى هذه الأغلبية المشاركة بأي عدد لإيصال صوت الجماعة والتعبير عن مواقفها وآرائها .)) . إبراهيم غرايبة ، الأداء السياسي والتنظيمي لجماعة الإخوان المسلمين في الحركات والتنظيمات الإسلامية في الأردن مركز الأردن الجديد للدراسات ، دار سندباد للنشر، عمان 1997م ، ص 45 .

خاض الإخوان المسلمون الانتخابات النيابية في العامين 1951م و1954م من خلال ترشيح أفراد بصفتهم الشخصية وليس باسم الجماعة بشكل مباشر .

خاضت الحركة الإسلامية أول انتخابات نيابية باسمها عام 1956م وحصلوا على أربعة مقاعد على النحو التالي :

1-محمد عبد الرحمن خليفة – البلقاء .

2-عبد القادر العمري – إربد .

3-عبد الباقي جمّو – الزرقاء (المقعد الشيشاني )

4-حافظ النتشة – الخليل .

ترشح فضيلة المراقب العام للإخوان المسلمين ليصبح نائباً في البرلمان الأردني بين عام 1956- 1961م، وكان للأستاذ «خليفة» مواقفه المميزة تحت قبة البرلمان، فقد كان نائباً للأمة فيه، بعد فوزه في انتخاب عام 1956م في الدائرة التي نافسه فيها «سليمان النابلسي»، الذي سقط أمامه في تلك الانتخابات، مع أنه كان يتمتع بمساندة كل القوى غير الإسلامية في تلك الدائرة، وفي عام 1968م، شكل الأستاذ خليفة «لجنة إنقاذ القدس»، بمناسبة مرور سنة على احتلال القدس.

وفي عام 1963م حصلت الحركة الإسلامية على مقعدين :

1-يوسف العظم – معان .

2-مشهور الضامن – نابلس .

وفي عام 1967م حصلت الجماعة على مقعدين في البرلمان :

1-يوسف العظم – معان .

2-حافظ النتشة – الخليل .

وفي الانتخابات التكميلية التي تمت بعد استدعاء مجلس النواب العاشر للانعقاد عام 1984م زاد عدد المقاعد إلى أربعة مقاعد حيث حصلت على مقعدين آخرين فأصبح تمثيلها على النحو التالي :

1-يوسف العظم – معان .

2-حافظ النتشة – الخليل .

3-أحمد الكوفحي – إربد .

4-عبد الله العكايلة – الطفيلة .التجربة النيابية للحركة الإسلامية في الأردن 1989 – 2007م – بكر محمد البدور – دار المأمون للنشر والتوزيع – ط1 – 2011م .

ثناء المستشار عبد الله العقيل عليه :

عرفت الأستاذ محمد عبد الرحمن خليفة بعد توليه منصب المراقب العام للإخوان المسلمين في الأردن بسنوات قليلة، حيث التقيت به في الأردن، واستضافني في منزله أكثر من مرة وبدار الإخوان المسلمين بـ «عمان»، حيث اللقاء به وبإخوانه.

كما التقيت به في «القدس» بمقر المؤتمر الإسلامي، وفي مدينة الخليل بدار الإخوان وبضيافة عائلة «عيسى عبد رب النبي»، ثم تكررت لقاءاتنا في الكويت و«السعودية» و«سورية» و«الباكستان» و«تركيا» و«أوروبا» وغيرها، من خلال المؤتمرات الإسلامية واللقاءات الإخوانية وغيرها.

وكان غيوراً على الإسلام ودعوته، محباً لجماعة الإخوان وقيادتها، ملتزماً ببرامجها ومناهجها، باذلاً كل الجهد لنصرة الدعوة وإعلاء كلمة الإسلام والوقوف إلى جانب المسلمين في كل مكان، والتصدي لطواغيت العصر من المفسدين والظالمين، تعيش القضية الفلسطينية في كل جوانب نفسه وهي همّه بالليل والنهار، لا يكل ولا يمل من العمل الدؤوب للتصدي لأعداء الإسلام من اليهود وأعوانهم في الداخل والخارج على حد سواء، وكان صاحب المواقف الجريئة، والآراء الصريحة، والالتزام العقدي الذي لا يعرف المهادنة، ولا يرضى بالدنية، ولا يتراجع أمام كيد الطغاة ولا ألاعيب السياسة، ومداهنة المنافقين.

وكان في المقدمة من رجال الحركة الإسلامية المعاصرة الذين يتصدون لمؤامرات الخصوم من المستعمرين وعملائهم، ويكشف عوارهم، ويفضح مؤامراتهم ومخططاتهم، ويبطل مكائدهم كما كان له دور كبير مع الأخ كامل الشريف، في احتضان الدعاة المهاجرين بدينهم من كيد الظالمين، وبذل كل الجهود لاستقرارهم، وتهيئة ظروف العمل المناسب لهم، والعيش الكريم لهم ولأسرهم، وهذا ما يشهد به القريب والبعيد، ويسجل بمداد من نور لهذين الرجلين الكريمين.

أما جهده وجهاده فكان في رفد العمل الجهادي ضد الصهاينة، وتهيئة كل الأسباب لإقامة معسكر الشيوخ في الأردن سنة 1968م، الذي ضم خيرة شباب الحركة الإسلامية من مصر، والسودان، والأردن، وفلسطين، وسورية، واليمن، وغيرها، حيث قدموا النماذج الصادقة من المجاهدين الذين رووا بدمائهم الزكية ثرى الأردن وفلسطين، وكان منهم الشهداء الأبرار.

-وصفه الأستاذ حسين حجازي في كتابه «جماعة افتدت أمة» بقوله: «كان فضيلته شعلة من النشاط، وحركة لا تمل، كما أنه كان ساخطاً على الأوضاع العربية المتردية، ولم يكن يخفي ما يخالجه من شعور وإحساس رغم مركزه الحساس الذي كان يشغله في الحكومة الأردنية».

ويصفه الدكتور إسحاق الفرحان الذي عرفه لأكثر من خمسين عاماً «بأنه شخصية متكاملة من حيث تكوينه»، دراسته للزراعة في البداية، ثم القانون كوَّنت لديه الصبر واحترام القانون، فكان فكره معتدلاً ووسطياً.

ويخبرنا الدكتور الفرحان بأنه كان يشاور إخوانه، وكان يؤمن بالعمل المؤسسي، ولا يقبل أن يفرض إنسان رأيه على الجماعة.

ويروي الدكتور عبد اللطيف عربيات أنه عندما تم انتخابه مراقباً عاماً في عام 1953م قدم خليفة استقالته من موقعه في القضاء، فاستغرب الكثير من الناس استقالته، بل إن البعض قال له: لماذا تستقيل ومن معك من رجالات الأردن حتى تضحي؟

ويقول عربيات: إن خليفة جاء لموقع المراقب العام الذي كان ذا شخصية قوية وعزيمة قوية ومحباً للناس ولديه حماس في جو سياسي مسيطر عليه الوهج والصراع الحزبي، ولم تكن جماعة الإخوان معروفة لدى كل الناس، ويشير عربيات إلى أن طموح المرحوم كان أكبر من الواقع المعيش في تلك الفترة، والحماس لديه كبير من أجل النهوض بالدعوة.

ويقول حمزة منصور: إن قضيتين كانتا تشغلان «أبو ماجد»، الأولى: الإسلام بمفهومه الشامل، والثانية: فلسطين وكيفية تعزيز صمود الشعب الفلسطيني.

وشهد له خصومه وأصدقاؤه في حياته وبعد مماته رحمه الله.. استمعت إلى أحدهم قبل عدة سنوات في ندوة عامة مفتوحة من غير الإسلاميين يقول أمام الملأ: «حفظ الأردن ـ بعد الله ـ في مسيرته التاريخية في العصر الحديث رجلان، أولهما: جلالة الملك حسين بن طلال، ثم صمت وانتظر السامعون ليعرفوا من الرجل الثاني، فقطع صمتنا بقوله: والثاني هو محمد عبد الرحمن خليفة».

تقديم الاستقالة :

ترك الأستاذ محمد عبد الرحمن خليفة موقع المسؤولية في الإخوان في عام 1994م، وبسبب المرض قرر «المراقب العام التاريخي» ترك الموقع الأول لغيره، فكان اجتماع مجلس الشورى للجماعة صاحب الولاية في اختيار المراقب العام.. أعلن أبو ماجد أنه يرغب بإخلاء الموقع الأول بسبب المرض، ونتيجة لإصراره على ترك الموقع انتخب المجلس مراقباً عاماً، فكان خليفة أول المبايعين له، فقام المراقب العام الجديد بتقبيله في جو من الحزن والبكاء، فبكى الحضور من شدة التأثر بالموقف.

ومع تركه للموقع الأول بقيت قيادات الإخوان في زيارته والاستماع إلى مشورته ورأيه في قضايا مختلفة.

-ومن أقواله ومواقفه الخالدة :

 موقفه من إغلاق مقرات الجماعة فماذا قال مراقب الإخوان "عبد الرحمن خليفة" عن إغلاق المقرات؟

(( نقل الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي محمد عواد الزيود حادثة حصلت قبل 35 عاماً عن المراقب العام الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين محمد عبد الرحمن خليفة، حول إغلاق مقرات الإخوان.

وقال الزيود عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي، الفيسبوك ، إنه سمع من خلفيه تأكيده بأن الحكومة لن تستطيع إغلاق مقرات جماعة الإخوان ومراكزهم، لأن مقراتهم الحقيقة هي بيوت الله وبيوت الأردنيين الكرماء.

واختتم الزيود مشاركته بالترحم على المراقب خلفية، مشيراً إلى أنه كان سيفاً من سيوف الحق ورجلاً من رجال الأردن الأوفياء.

يذكر أن الحكومة بدأت حملة إغلاقات لمقار جماعة الإخوان المسلمين في كافة المحافظات، إذ كانت البداية من المركز العام للجماعة في منطقة العبدلي بالعاصمة عمّان، بدعوى أن الجماعة غير مرخصة.

في موكب الكفاح (الافتتاحية ) :

-وفي افتتاحية الصحيفة أشاد محمد عبد الرحمن خليفة المراقب العام للإخوان المسلمين بجهاد وبطولات وصمود الشعب الجزائري أمام (جحافل فرنسا المجرمين ) وجيوش حلف الأطلسي وحمل بشدة على السياسة الإجرامية التي تنتهجها فرنسا في الجزائر، القائمة على القتل والإفتاء والسلب والنهب والتدمير ، مندداً بالصمت الرهيب المخزي، الذي تقفه الأمة الإسلامية إزاء تلك السياسة ، وذكر خليفة الأمة الإسلامية بالقاعدة الفقهية التي تنص على أنه (( إذا وطئ عدو شبراً من أرض المسلمين أصبح الجهاد فرض عين على كل مسلم ومسلمة )) ودعا إلى ضرورة إعلان النفير العام واستخدام سياسة القوة (لنحيا سادة سعداء أو نموت كراماً شهداء )) .حققوا السلام بسياسة القوة – الكفاح الإسلامي ، عمان ، ع 1 ، 7 شباط ، 1957م.

-ودعا الحكام والأمراء والقادة العرب إلى ضرورة نصرة ودعم ومساندة نضال الشعب الجزائري، وخاصة من الناحية المادية، وعرض خليفة اقتراحاً أمام الحكام والقادة ينص على اقتطاع مبلغ من المال من رواتب الموظفين بحيث تكون ديناً على صندوق الدولة ليجري انفاقها على مساعدة ومساندة المجاهدين في فلسطين والجزائر وسائر ثغور المسلمين، ودعا خليفة الشعوب العربية والإسلامية إلى ضرورة التبرع لدعم ومساندة نضال الشعب الجزائري .)) في محنة الجزائر، الكفاح الإسلامي ، عمان ، 32 (16 آب 1957م ) .

وفاته :

توفي فضيلة المراقب العام محمد عبد الرحمن خليفة - رحمه الله تعالى - يوم الخميس 2 من ذي القعدة 1427هـ ـ الموافق 23/11/2006م، ودُفن في مدينة «السلط» مسقط رأسه، حيث شهدت جنازته المهيبة حشداً من القيادات الرسمية، وقيادات الحركة الإسلامية والشخصيات الوطنية وحضوراً شعبياً من مختلف مناطق الأردن.

إن الدارس لتاريخ العمل الإسلامي في الأردن سيرى وبوضوح تام بصمات الأستاذ خليفة ظاهرة على مسيرة جماعة الإخوان المسلمين، فقد قادها وعبر عدة عقود في أحلك الظروف وأصعبها، واجتاز معها أشد العقبات إلى أن أصبحت الجماعة حركة يحسب حسابها، ويطلب ودها.

رحم الله هذا المجاهد الكبير رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، وحشرنا الله وإيّاه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.

أصداء الرحيل :

كتبت (الدستور ) الأردنية الصادرة في عمان تقول : ( بمشاركة مندوب الملك وكبار المسؤولين : تشييع جثمان محمد عبد الرحمن خليفة المراقب العام الاسبق لـ «الإخوان المسلمين»

فقد كتب الأستاذ رامي عصفور في جريدة الدستور،  فقال :

(( شيعت الأسرة الأردنية يوم أمس في مدينة السلط جثمان الفقيد محمد عبد الرحمن خليفة المراقب العام الاسبق لجماعة الاخوان المسلمين واحد رواد الحركة الإسلامية في الأردن حيث ووري جثمانه الثرى في مقبرة العيزرية بالسلط بعد صلاة أمس الجمعة.

وشارك في تشييع الجثمان مندوب جلالة الملك عبد الله الثانـي رئيس الديوان الملكي (سالم الترك) ووزير الخارجية (عبدالاله الخطيب)، وقاضي القضاة إمام الحضرة الهاشمية الدكتور أحمد هليل وعدد من الأعيان والنواب والمسئولين ومحافظ البلقاء سامح المجالي وقيادات من جماعة الاخوان المسلمين والحركة الإسلامية وحشود كبيرة من المشيعين.

واستعرض خطيب صلاة الجمعة الدكتور إبراهيم زيد الكيلاني مناقب الفقيد ومساهمته في تأسيس الحركة الإسلامية في الأردن ودوره في الدفاع عن قضايا الوطن وتأثير جهود فضيلته على مسيرة جماعة الإخوان المسلمين التي قادها وعبر عدة عقود في أحلك الظروف وأصعبها واجتاز معها أشد العقبات إلى أن أصبحت الجماعة حركة ذات انتشار واسع ومؤثر.

كما ألقى المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين (سالم الفلاحات) كلمة أشاد فيها بدور الفقيد ومسيرته التاريخية في الحركة الإسلامية وجهوده وتضحياته في سبيل دينه ووطنه وبمواقفه في مساندة الأشقاء في العراق وفلسطين مثمنا ما تركة الفقيد من بناء عظيم ومدرسة كبيرة انطلق منها أبناء الحركة الإسلامية ممن حملوا الرسالة العربية والإسلامية ، وقال إن الفقيد هو واحد من الذين أسهموا في إثراء الصحوة الإسلامية في القرن العشرين فضلاً عن كونه شخصية أردنية لعبت دوراً كبيراً في الحركة الوطنية الأردنية وحافظ على جسم الجماعة وأسهم مع إخوانه في بناء نموذج للعمل الإسلامي العلني العام في وقت صعب إلى درجة أصبحت الحركة الإسلامية في الأردن مضرباً للمثل في الاعتدال والواقعية والنجاح.

وعبر الشيخ إبراهيم خريسات أحد قياديي جماعة الاخوان المسلمين عن حزنه بفراق الفقيد قائلا "رحم الله أستاذنا وقائدنا ومربينا رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته فقد كان قائدا للجماعة لأكثر من 50 عاماً وتربينا على يديه وكان حريصاً على العبادات واعظاً وزاهداً ومتواضعاً، وكانت القضية الفلسطينية قضيته الأولى".

ويذكر أن الفقيد هو المراقب العام الثانـي لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن منذ عام م1953 وعرف بقوة شخصيته وصدعه بكلمة الحق وإخلاصه في العمل وتفانيه..)) ..

المراجع :

1-أعلام الحركة الإسلامية المعاصرة - المستشار عبد الله العقيل - موقع العقيل 2014م .

2-الموسوعة الحرة .

3-الموسوعة التاريخية للإخوان المسلمين .

4-صحيفة الكفاح الإسلامي : صحيفة أسبوعية إسلامية جامعة، أصدرتها جماعة الإخوان المسلمين في عمان عام 1954م ، ومؤسسها ورئيس تحريرها المسؤول يوسف العظم، توقفت عن الصدور ما بين 24 آب 1954م حتى مطلع 1957م ، صدر آخر عدد منها في تشرين الأول عام 1957م ، تقوم رسالة الصحيفة على معالجة شؤون الحياة على أساس الإسلام وشعارها (صوت الطليعة المجاهدة والجماهير المؤمنة ) .

4- موقع (البوصلة) على الانترنت . ماذا قال مراقب الإخوان عبد الرحمن خليفة عن إغلاق المقرات .

5-جريدة الدستور – تم نشره في السبت 25 تشرين الثاني نوفمبر 2006م .

6- كتاب الأردن والثورة الجزائرية : الموقف الرسمي والشعبي (1954- 1962) .