الداعية التركي الشيخ نعمة الله في برلين

وقف الداعية التركي الشيخ (نعمة الله) يتحدث مع المسلمين في أحد مساجد برلين لمدة ساعتين، ثم تساءل: أين غيركم من المسلمين لأذهب إليهم؟

أجابوه: في الخمارات.

قال الشيخ: سأذهب إليهم، فقط أرسلوا معي دليلاً.

وقف الشيخ وسْطهم وحيَّاهم قائلا ً: السلام عليكم أيها المجاهدين.

فبدأ الواحد ينظر إلى الآخر متسائلين: أين المجاهدين؟

قال الشيخ: أنتم مجاهدون لثلاثة اعتبارات:

الاعتبار الأول: تحرُّككم ومشيكم، ورواحكم وغدوُّكم في ألمانيا بأسمائكم الإسلامية: أحمد، خليل، إبراهيم. كل هذا يذكِّر الناس بالإسلام.

الاعتبار الثاني: جئتم لألمانيا لكسب الرزق الحلال لآبائكم وأبنائكم، هذا أيضًا جهاد.

الاعتبار الثالث: أسلافكم من السلف كانوا مجاهدين، فأنتم أحفاد المجاهدين.

ثم أردف الشيخ قائلا: إني قادم من المدينة المنورة، وقد أتيت لكم ببشارة من هناك، وهي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه من "يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله دخل الجنة" وإن الله سبحانه وتعالى يأجرني بسببكم.

وهنا ردد الجميع (لا إله إلا الله محمد رسول الله).

وإني أعظ الناس منذ سنين طويلة في المساجد، وكان المفروض أن نزوركم ونبلغكم دعوة الأنبياء، الذين كانوا يأتون الناس في ناديهم، ويدعونهم لدين الحق.

بدأ الجميع بالبكاء والنحيب وهم يرددون: تكلم ياشيخ، إجلس!

يقول الشيخ نعمة الله: الجلوس معناه مشاركتهم في الحرام. على أية حال، أنتم الآن من أهل الجنة، وسأذهب لآخرين أتحدث إليهم.

تكلم ياشيخ!!

إلى متى أتكلم؟ أنتم الآن من أهل جنة الآخرة، وإني أدعوكم الآن إلى جنة الدنيا (المسجد)،

ولكن ياشيخ كيف نذهب إلى المسجد ومنا من هو جنب؟

أجاب الشيخ:

• الجنب يغتسل في مكان الإغتسال بالمسجد، نعم الماء بارد ولكن كما قلت أنكم مجاهدون، والاغتسال بالماء البارد في الشتاء جهاد.

• والسكران؟

• الثقيل في السكر يحمله إثنان خفيفان.

وبدأ الواحد يشجع الآخر للذهاب إلى المسجد، وهم يرددون:

• يا إخوان لنذهب إلى المسجد، ألسنا مسلمين؟

وبدأ الشيخ يقود الأربعين رجلاً إلى المسجد، منهم من دخل المسجد، ومنهم من جلس خارجه ينتظر، والشيخ يقرأ ويترجم:

﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: 53].

.

ومرت الأعوام وتقادمت الأيام، وبعد ثلاث سنوات كان الشيخ نعمة الله جالساً في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا برجل تركي بعمامة وجبة ولحية يسلم عليه قائلا ً:

هل تعرفني يا شيخ نعمة الله؟

أجاب الشيخ: كيف لا أعرفك! أنا زرت أكثر مدن أوروبا وقراها، وربما أنت أحد الأئمة أو المفتين في أحد تلك المدن التي زرتها.

قال الرجل: أنا أعرفك جيداً، وأنت لو تبقى ألف سنة لا تعرفني، أنا آخر سكران في برلين، خرجت من الخمارة يحملني إثنان، وتوجهنا صوب المسجد، وكنت أنت تشفق علي، فمسحت رأسي وقلت (أنت غالي عند الله يقبلك في بيته).

كنت ثملاً ولكني عقلت كلامك، وانتظرت خارج المسجد إلى أن أفقت، واغتسلت وصليت وتبت إلى الله، ومنذ ذلك الحين وأنا أداوم على الصلاة والعادات، وزوجتي تحجبت، وجئنا إلى العمرة، ووفقنا للقاءك والحمد لله.

ومن الطرائف أنه حينما كان يخاطب رواد موائد الميسر، كان يقول لهم: فيكم صفة الأنبياء والصحابة والأولياء، لأنكم مستيقظون حتى ساعة متأخرة من الليل، فيترك الجميع أوراق الميسر، ويصاحب الكثير منهم الشيخ إلى المسجد باكين نادمين.

يقول تعالى:

"ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدين"

وسوم: العدد 882