الخاطرة ٣١٨ : فلسفة تطور الحياة الجزء (٢٥)

خواطر من الكون المجاور

قبل أن أبدأ بموضوع المقالة هناك ملاحظة هامة ذكرتها عدة مرات في مقالات ماضية ولكن أعيد ذكرها هنا أيضا ليستوعب القراء الجدد معلومات فقرات المقالة ، وهي أن مفهوم مصطلح كلمة (التطور) الذي أستخدمه في مؤلفاتي مختلف تماما عن مفهوم كلمة (التطور) في النظرية الداروينية أو النظريات المعارضة لها . فجميع هذه النظريات تنظر إلى موضوع نشوء الأنواع برؤية مادية بحتة بينما مقالاتي تعتمد رؤية شاملة . فأهم فرق في نوعية الإدراك بين الإنسان والحيوانات ،

هو أن الإدراك الحيواني يرى ما يجري حوله كصورة مادية صامتة ذات معنى سطحي بدون عمق . بينما الإدراك الإنساني فعدا عن هذه الصورة المادية يرى شيئا آخر أيضا وهو المضمون العام لعناصر المشهد الذي يراه ، وهذه النوعية من الإدراك توّلد في داخل الإنسان تساؤل هام وهو (لماذا؟) ، لماذا توجد هذه الأشياء؟ لماذا تحدث هذه الأحداث؟ فبسبب وجود هذه النوعية من الإدراك التي تطرح السؤال (لماذا؟) تطورت الحضارات والمعارف للإجابة على مثل هذا السؤال ، فمع مرور الزمن وتقدم المعارف ظهرت مستويات مختلفة للإجابة على (لماذا؟) حيث كل إجابة تكون أرقى من سابقتها . إن دماغ الحيوان ولو بقي في تطوره مليارات السنين لن يتسائل -مثلا- لماذا تهطل الأمطار .بينما دماغ الإنسان منذ ظهوره بدأ يسأل نفسه هذا السؤال ، فمع البحث والتفكير وجد أول جواب وهو أن الماء وتحت تأثير حرارة أشعة الشمس يتبخر ويشكل غيوم وهذه الغيوم عند تواجدها في مناطق باردة في أعالي السماء تتكثف وتتساقط على شكل قطرات ماء .ثم بعد ذلك وجد إجابة ثانية أرقى وهي أن إرتفاع درجات الحرارة يساعد في إضعاف الروابط الهيدروجينية بين جزيئات الماء فتجعل الماء يتحول من الحالة الصلبة (جليد) إلى الحالة السائلة وعندما تصل درجة إلحرارة إلى درجة الغليان (١٠٠) درجة ، يزداد تفكك هذه الروابط فيتحول الماء السائل إلى الحالة الغازية (بخار) . ثم وجد إجابة ثالثة أرقى من الثانية وهي أن هذه الدورة المائية (تبخر، تكاثف، تجمد ، تسامي، نتح، جريان سطحي،ترشيح) تلعب دور كبير في تنظيم الطاقة على سطح الكرة الأرضية ، ولو لا هذا النوع من التنظيم لكانت الكرة الأرضية غير صالحة للحياة . هناك أيضا إجابة رابعة أرقى من الإجابات السابقة ذكرتها النصوص الدينية بطريقة رمزية وهي أن أصل كل شيء حي هو الماء ، فالماء يشكل ما بين (٥٠ -٩٠%) من أجسام الكائنات الحية، فتطور أشكال الحياة بالتسلسل الثلاثي (كائنات جامدة ، كائنات تسير ، كائنات تطير) لم يحدث بالصدفة ولكن أتى من حركة الدورة المائية كون الماء هو أصل الحياة . للأسف المنهج العلمي الحديث المستخدم في بحوث نظرية التطور الداروينية الحديثة لا تزال حتى الآن هي في المستوى الأدنى للإجابة على السؤال (لماذا تتطور الحياة؟) .

إن موضوع تطور الحياة لا يتعلق بتغير طبيعة الجسد كمادة ، ولكن يتعلق أصلا بذلك التغيير الذي يحصل على تلك الروح التي تكمن في داخل هذا الجسد . فهذه الروح تستخدم جسدها في التعبير عن نفسها ، ولهذا فإن أساس البحث في موضوع تطور الحياة هو دراسة هذا التعبير الروحي لأجسام وسلوك الكائنات الحية لفهم حقيقة تطور الحياة . في مقالاتي أستخدم هذا النوع من البحث العلمي في تطور الحياة .... لنعود الآن إلى الموضوع الرئيسي للمقالة (تطور جهاز الحركة) .

في المقالة الماضية تكلمنا عن جهاز الحركة في الكائنات الحية وذكرنا أن الرقم النموذجي (٥) الذي يمثل عدد الأصابع في أطراف الفقريات والإنسان ، لم يأتي من الفقريات البدائية (الأسماك) ولكنه أتى من الرقم (٥) الذي يمثل عدد الأرجل في مفصليات الأرجل (القريدس ، عقارب ، عناكب ، حشرات ...) والتي سلكت في تطورها طريق مختلف عن رباعيات الأرجل بفجوة زمنية لا تقل عن (١٥٠) مليون عام . وقلنا أن كل رجل في مفصليات الأرجل تمثل رمز لحاسة من الحواس الخمس (بصر، سمع ، شم، لمس، طعم) ، وأن مضمون جهاز الحركة فلسفيا ليس المقصود به الحركة المادية (حركة الجسد) التي هدفها البحث عن الطعام أو الدفاع عن النفس أو التزواج ...إلخ ، ولكن هدفها الحقيقي والأخير هو العودة إلى الوطن الأم (الجنة) وهذه الحركة تأتي من تطور الإدراك الذي يستخدم أجهزة الإحساس كأدوات لتنفيذ هذه الحركة . وقلنا أيضا أن رقم عدد الأرجل لم ينتقل إلى عدد الأصابع في رباعيات الأرجل عن طريق النسل المباشر (من الأب والأم إلى الأبناء) ولكن بواسطة طرق روحية مشابهة لقوانين الفيزياء الكمومية (إنتقال روحي) . وذكرنا أيضا أن عدد الأصابع (٤) في الأطراف الأمامية في البرمائيات مصدرها مختلف عن أصابع الأطراف الخلفية والتي عددها (٥) بمعنى أن مصدر صفات الجسم الأمامي يختلف عن مصدر الجسم الخلفي ، وكون البرمائيات لا تحمل الظفر في مقدمة كل أصبع فهذا يعني أن مصدرها لا علاقة له بالزوج الأول من الأرجل الذي يحوي على ملقط والذي يمثل رمز حاسة الطعم والذي يمثل أيضا رمز غريزة القتل ولهذا كانت الضفادع تمثل الخطوة الأولى في عملية تطور إنتصاب الجسم كون تكوينها خالي من أداة القتل (الملقط) ، أو بمعنى آخر أن التخلص من غريزة القتل قد أدى إلى ظهور الحركة الأولى وهي الإنتقال من الأسفل (بيئة مائية) إلى الأعلى (بيئة يابسة) .

مفصليات الأرجل ظهرت قبل أكثر من /٥٠٠/ مليون عام ، أما البرمائيات فظهرت قبل حوالي /٣٧٠/ مليون عام ، ثم بعدها بحوالي /٦٠/ مليون عام ظهرت الزواحف . إذا تمعنا جيدا في أشكال الزواحف القديمة (الديناصورات) سنجد أن جهاز الحركة فيها يكون على طريقتين : الطريقة الأولى وهي السير على الأطراف الأربعة ، والطريقة الثانية هي السير على الأطراف الخلفية فقط . إن معظم أنواع الديناصورات التي تسير على الأربع هي زواحف نباتية (مسالمة) ، أما الديناصورات اللحمة (المفترسة) فمعظم أنواعها تسير على الأطراف الخلفية (الصورة) . فمضمون طريقة الحركة هنا له علاقة مباشرة بنوعية تلك الروح التي تكمن داخل الحيوان ، هل هو مسالم أم هو مفترس . إذا قارنا في تلك الإختلافات بين شكل الديناصورات اللاحمة (المفترسة) وبين الديناصورات النباتية (المسالمة) ، سنجد أن الديناصورات اللاحمة المفترسة قد إهتمت بتنمية القسم الخلفي (السفلي) من جسدها وهذا تعبير روحي له معنى أن روح الحيوان تحاول الإعتراض على المخطط الإلهي والعودة إلى الوراء ولهذا كانت هذه الحيوانات مفترسة تقتل الكائنات الأخرى لتأمين إحتياجاتها الغذائية ، فنجد في هذه الزواحف المفترسة أن الأطراف الخلفية أصبحت ضخمة وبعضلات قوية جدا ، أما الأطراف الأمامية فهي صغيرة وضعيفة وتكاد تكون عديمة الإستخدام في الديناصورات الأكثر شراسة وقوة في الإفتراس ولعل أشهرها الديناصور (تي - ركس) الذي ظهر في سلسلة أفلام (جوراسيك بارك) المشهورة . ونجد أيضا أن شكل الرأس فيها بسيط وكأن روح هذه الديناصورات المفترسة إهتمت فقط في تنمية فكيها وأسنانها لتكون قوية وحادة لتستطيع قتل فريستها وتقطيعها .

أما الديناصورات النباتية المسالمة فنجدها قد إهتمت بتنمية القسم الأمامي (العلوي) من جسدها ، وهذا التعبير الروحي له معنى أنها تحاول التطور وفق المخطط الإلهي نحو الأمام ونحو الافضل . ولهذا نجد أن القسم الأمامي من جسدها يمتلك صفات ذات نوعية أرقى من الزواحف المفترسة وربما أهمها الرقبة الطويلة جدا في بعضها كالديناصور باروصو (الصورة) كتعبير روحي عن الحاجة للحركة نحو الأعلى ونحو السماء كون الرأس هو من يحتوي أجهزة الإحساس والإدراك . قد يقول البعض بأنه هناك ديناصورات تشذ عن هذه القاعدة فهي تسير على الأربع وتمتلك رقبة طويلة جدا ولكنها لاحمة مفترسة . هذا صحيح ولهذا نجد أن هذه الأنواع الشاذة جميعها ديناصورات مائية بمعنى أنها تمد رأسها إلى الأسفل وليس إلى الأعلى . فطالما أنها من الزواحف وحياتها الطبيعية يجب أن تكون على اليابسة ولكن كونها شذت عن القاعدة لهذا عادت إلى الماء (إلى الأسفل) لتعيش هناك ، فالعودة إلى الماء يعني العودة إلى الوراء في التطور (تطور سلبي) .

أيضا نجد في بعض الديناصورات النباتية من يمتلك على رأسه أشياء غريبة كالديناصور ترايسيراتوبس الذي فمه على شكل منقار طير وله ثلاثة قرون ويحيط برأسه من الخلف ما يشبه التاج ، وكذلك الديناصور المدرع Yuxisaurus kopchicki الذي يغلف جسده نوع من الدرع ، حيث منطقة الرأس يأخد هذا الدرع ألوان زاهية . فجميع أنواع الديناصورات النباتية إكتسب جسدها بعض الصفات كالدرع أو القرون ليس بهدف إفتراس الحيوانات الأخرى ولكن من أجل الدفاع عن نفسها من الحيوانات المفترسة . ولهذا كانت الديناصورات النباتية تعيش في مجموعات من نوعها ومن أنواع أخرى ، أما معظم الديناصورات اللاحمة (المفترسة) فكانت تعيش وحيدة ، أما تلك التي كان حجمها صغير فرغم أنها كانت تعيش في مجموعات صغيرة ولكن هدف هذا التعايش ضمن جماعة لم يكن محبة ببعضها البعض ولكن لمشاركة بعضها البعض في إفتراس الحيوانات الضخمة ، فهذه المفترسات الصغيرة كانت أيضا تأكل بعضها البعض.

إن ظهور الديناصورات كزواحف بدائية لم يكن صدفة بسبب الطفرات كما يعتقد علماء النظرية الداروينية الحديثة ، ولكن كان ضمن مخطط إلهي . فكما ذكرنا في مقالات ماضية أنه في كل كائن حي يوجد كائن علوي وكائن سفلي، وأنه هناك نوعان من القوى العالمية التي تتصارع في داخل الكون : قوى روح الخير العالمية وقوى روح السوء العالمية . قوى روح الخير العالمية تحاول تنمية قدرات الكائن العلوي ليكون هو المسيطر على الكائن السفلي لتجعل سلوك الكائن الحي يسير مع المخطط الإلهي . أما قوى روح السوء العالمية فتحاول تنمية قدرات الكائن السفلي ليكون هو المسيطر على الكائن العلوي لتجعل سلوك الكائن الحي هدفه عرقلة المخطط الإلهي .

فظهور الديناصورات كمرحلة في تطور الحياة يحمل في داخله حكمة إلهية تقول : من يهتم بتنمية قدرات القسم السفلي من جسمه (الغرائز) سيتحول إلى كائن أناني يشعر بلذة وسعادة في إيذاء الآخرين وستكون نهايته العودة إلى الوراء (تطور سلبي) . أما الذي يُنمي حواس القسم الأعلى من جسمه (العواطف) فسيتحول إلى كائن إجتماعي صالح يساعد الآخرين ويشاركهم في تكوين مجتمع يسوده العدل والرخاء والإزدهار والتقدم نحو الأمام .

هناك مجموعة ثالثة من الزواحف البدائية حيث جهاز الحركة فيها كان له المقدرة على الطيران ، معروفة اليوم بأسمها العلمي (التيروصورات) أي السحليات الطائرة . كانت هذه الزواحف الطائرة تمتلك ما يشبه الجناح يُمكنها من الطيران . جميع أنواع هذه التيروصورات كانت لاحمة مفترسة ، إن إعتماد هذه التيروصورات هذه النوعية من التغذية (الإفتراس) أيضا ليست صدفة ولكن هو أيضا تعبير روحي . فإذا تمعنا في أداة الطيران (الجناح) في هذه التيروصورات سنجد أنه يتألف من غشاء يمتد من الأطراف الأمامية وحتى الأطراف الخلفية (والذنب بعض الأحيان) ، أي أن الأطراف الخلفية تشارك أيضا في عملية الحركة نحو السماء ، وهذا يعارض المخطط الإلهي لأن الحركة نحو الأعلى (العودة إلى الجنة) يتم عن طريق تنمية القسم العلوي من الجسم ، أي تنمية الإدراك وليس القسم المادي العضلات أو العظام ...إلخ . ولهذا كانت هذه التيروصورات حيوانات مفترسة تعيش على قتل الآخرين ، كنوع من التعبير الروحي كونها استخدمت المقدرة على الطيران بهدف تأمين فقط حاجاتها المادية . ولهذا أيضا كانت هذه الزواحف الطائرة تسير على الأربع عند وجودها على الأرض بعكس الطيور التي تسير على الأطراف الخلفية فقط والتي سنتكلم عنها في المقالة القادمة إن شاء الله.

جميع زواحف الديناصورات والتيروصورات تم إنقراضها قبل أكثر من /٦٠/ مليون عام . أما الزواحف الموجودة اليوم فهي تلك التي تمتلك تعبير روحي يساعدنا في فهم المخطط الإلهي في تطور الحياة . فمن خلال دراسة الطبيعة العامة لتكوين الزواحف وسلوكها سنجد أنها كانت المرحلة الثانية في عملية تحقيق القدرة على الحياة فوق اليابسة دون الحاجة إلى البيئة المائية . فحتى تستطيع الزواحف العيش على اليابسة بشكل دائم وجب أن تكتسب المقدرة على منع جفاف جسمها بسبب أشعة الشمس وحرارة الجو، لهذا إكتسب جلدها مادة قاسية عازلة (حراشف) تحافظ بواسطته على السوائل داخل جسمها ، وهذا ما مكنها من القدرة على العيش بعيدا عن مناطق البيئة المائية . ونفس الشيء حصل على بيوضها فنجد أن بيضة الزواحف قد إكتسبت هي أيضا قشرة قاسية تحافظ على سوائل البيضة الملقحة من الجفاف . هذه الصفة الجديدة في تكوينها الجسدي في الحفاظ على سوائل الجسم لم تحدث بالصدفة عن طريق الطفرات كما يظن علماء نظرية التطور الداروينية ، ولكن إكتسبتها من مفصليات الأرجل التي يُغلف جسمها طبقة قاسية من الكيتين ، ونفس الشيء ينطبق على بيضها . ففي مفصليات الأرجل قد تكون كل بيضة محاطة بمادة قاسية أو قد يكون عدد كبير من البيض محاط بكيس قاسي يمنع البيض من الجفاف .

خلاصة القول : أن الزواحف البدائية (الديناصورات والتيروصورات) والتي لم يعرف عنها الإنسان شيئا حتى بداية العصر الحديث ، لم تظهر عن طريق الصدفة (الطفرات) كما يعتقد علماء النظرية الداروينية الحديثة، ولكن كان ظهورها مرحلة من مراحل تطور التكوين الإنساني ، ولهذا لفهم التكوين الإنساني نحن بحاجة إلى دراسة الزواحف الحديثة والزواحف القديمة المنقرضة ، فمن خلال شكلها المادي وسلوكها نستطيع فهم تعبيرها الروحي الذي يساعدنا في تصحيح سلوكنا الروحي ليتطابق مع المخطط الإلهي في التطور والذي هدفه الأول والأخير هو مساعدة الإنسان في العودة إلى الجنة . فالتعبير الروحي في التماسيح -مثلا- يقول لنا أن تنمية حب العنف والقتل سيؤدي بمصير الإنسانية نحو الوراء لذلك فالتماسيح رغم أنها من الزواحف وحياتها يجب أن تكون على اليابسة كمرحلة تطور جديدة ، ولكن كونها مفترسة لذلك نجد أن جميع أنواع التماسيح بحاجة شديدة إلى العيش بقرب بيئة مائية وهذه الصفة هي تعبير روحي رمزي له معنى بأن تطور التماسيح هو تطور سلبي يتجه نحو الوراء .

أما الثعابين فهي رغم أنها كائنات تعيش على اليابسة ، ولكن بسبب كونها مفترسة لهذا فهي لا تمتلك الأطراف الأربعة وتتحرك عن طريق الزحف بواسطة تقلص وتمدد عضلات الجسم ، فغياب الأطراف الأربعة في الثعابين هو تعبير روحي رمزي عن التطور السلبي .

اما السلاحف فنجد أنها تمتلك بما يشبه بيت من الصدف يبقى معها طوال حياتها يساعدها في حماية نفسها من الحيوانات المفترسة عن طريق سحب أطرافها ورأسها داخل هذا البيت . هذه الطريقة في الدفاع عن النفس لم تأتي عن طريق الصدفة وإنما هي تعبير روحي ، فهذا البيت الصدفي هو بمثابة جمجمة رأس الإنسان الذي يحوي في داخله الدماغ والذي يُعتبر أهم جهاز من أجهزة الجسم كونه مركز الإدراك في الإنسان . فمن عظام جمجمة الرأس تخرج العينين والأذنين والأنف واللسان . فالسلحفاة هي مَثل شعبي رمزي يُعبر عن السير البطيء وهذه الصفة هي تعبير روحي لطريقة عمل الدماغ بشكله الصحيح . فالإنسان الحكيم لا يتسرع في تفسير الأحداث للحكم عليها ، ولكنه يحاول جمع كل ما يتعلق بالحدث لتكوين رؤية شاملة عنه تسمح له فهم حقيقته الكاملة والحكم عليه . ولهذا نجد أن السلاحف البرية هي زواحف عاشبة مسالمة وتمتلك القدرة على إخفاء جميع أعضائها الخارجية داخل البيت الصدفي لحماية نفسها من الأعداء وكأنها في سلوكها هذا تقوم بتطبيق القانون الإلهي المذكور في الآية القرآنية {لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (٢٨)المائدة} ، أما السلاحف المفترسة فنجد أنها تعيش في بيئة مائية وليس لها القدرة على إخفاء أعضائها الخارجية داخل البيت الصدفي ، فهجرة السلاحف المفترسة من اليابسة وعودتها لتعيش في الماء هو تعبير روحي رمزي عن التطور السلبي .

إن وجود الديناصورات والتيروصورات على سطح الأرض قبل /٣٠٠ - ٦٥/ مليون عام من ظهور الإنسان لم يكن عبثيا ، ولكن حكمة إلهية تقول لعلماء النظرية الخلقية بأن خلق الإنسان على سطح الأرض بعد خروجه من الجنة لم يحصل بشكل فجائي (كن فيكون) كما حصل في الجنة ، ولكن إستغرق مليارات السنين وأن هذه الديناصورات والتيروصورات لعبت دور في التكوين الإنساني .... والله أعلم .

في المقالة القادمة إن شاء الله سنتابع شرح تطور جهاز الحركة في الطيور والثدييات.

وسوم: العدد 1001