فرج قريب
لسنا نعيش في فضاء خارجي ، فالأبي يعيش أفراح وأتراح أمته ، يتألم حين تلمّ بالأمة الشدائد ، ويتألم حين تشتد الأزمات، و تضيق الحلول على الأرض ، حينها تكون السّماء هي الشعاع المضيء الذي ننظر إليه ، وذاك يقين المؤمن و ملجؤه الأوحد ، يقين منا أن الأزمات مهما طالت فإنها تحمل في طياتها بذور الانفراج ، تحمل الأمل الذي يظل يغدي ضعفنا ويقوي عزمنا .
يحق لنا أن نعزز في داخلنا معاني القوة ، نستنهض جوامع القوة ، نتحدى الأعاصير ، رغم الجراح نلوح بالبشرى أن الأزمة ستفرج بإذن الله .
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
فُرجت وكنت أظنها لا تُفرج
علينا أن نستحضر التاريخ بل علينا أن نقرأه بقلوب واعية ، نستحضر ونحن نستحضر معاناة الأمة في أزماتها الكبرى ، نستحضر تلك المراحل الصعبة التي جابهت فيها الأمة الأحلاف ، حتى ظن الواهمون و المتخاذلون أن الأمة لن تقوم ، فجاءتها منحة الفرج ، المؤكد أن كيد الأحلاف و مخططات الأعداء سوف تنكسر أعواده ، تفتت أوصاله فالتاريخ يعيد نفسه ، فتعقب تلك الألآم فجر صادق يحمل البشائر، وسوف ترفرف بشائره في الربوع .
يقينا ستمضي الأزمات وتمضي الصعاب ، و لكن المؤكد أن الخائن المندس في جسم الأمة سوف يتألم ، بل يذوق طعم خيانته يوما ما ، وسيظل يتوارى خلف الأجدر تلاحقه وصمة عار الخيانة.
يقينا ستفرج الأزمة و تنفتح الغمة ، لكن الخونة ستسجل أسماءهم في صفحات التاريخ ، ستذكرها الأجيال وسوف تذكر ماضيهم الأسود الملطخ بالعار ، بل ستترك لأبنائهم عار لا يمحى بالتقادم ، مثل الجرائم ضد الإنسانية ، بل سيبقى موضوع خيانتهم درس تحفظه الأجيال عبر الأزمان .
يقينا سيتألم الخائن العميل ، سيتألم عديم الخلق والمروءة ، سوف يدون اسمه في سجل شخصيات تاريخية ارتبطت أسماءهم بالخيانة، مثل فلان وعلان ، من تنازلوا و انبطحوا ، فكانت فعالهم نجس ورجس ، أقوالهم فحش ورفث .
يقينا ستمضي الأزمة لكن ستترك آثارها على المنبطحين و المنهزمين، الذين يلبسهم ثوب الجبن ،سواء لزموا الحياد و الوقوف في نقطة السالب ، أو وقفوا مع الخوالف ، ماتت نخوتهم فلم تهزهم حتى عواطف الإنسان ، فالعواطف الإنسانية تتألم لموت حيوان أعزل ، ستفرج الأزمة ، و يستبشر الأحرار ، لكن الحسرة سيتذوق طعمها ، من يخالفون السنن والنواميس ، والسنن غلابة ، والسنن في فهمنا أخذ الأسباب .
أن كل الآلام التي يعيشها أصحاب قضيتنا ماهي إلا مبشرات اقتراب الفرج بحول الله وقوته .
يقول الله تعالى :
{ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا }
يقول السعدي :
" بشارة عظيمة، أنه كلما وجد عسر وصعوبة، فإن اليسر يقارنه ويصاحبه، حتى لو دخل العسر جحر ضب لدخل عليه اليسر، فأخرجه كما قال تعالى: { سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا } وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " وإن الفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسرا "
نقول بلغة اليقين ستفرج آلام الأمة و يستبشر المؤمنون بنصر الله .
وسوم: العدد 1124