حضن جداتي
بينما كنت أداعب ذكرياتي تجلت لي صورتا جداتي في مخيلتي فخرجت كلماتي عفوية .
كتبت خاطرتي
في حضن جداتي
ترعرع الفتى و شبّ.
وفي حضن نانا جدتي لأبي ، تشربت معاني الحب و العطف و الحنان المتدفق .
و في حضن أمّ جدتي لأمي تعلمت معنى الحياة و معنى الكفاح و تعلمت معاني النخوة و الرجولة .
وفي حضنيهما تفتحت أسارير سعادة في عيون الفتى .
كانت لكل واحدة منهما قصة و متعة يعرفها فتيان صغار مثلي ، تربوا في حضن دفء عائلة كبيرة .
تزينها حياة البساطة ، يكسوها الرضى ، تعلمنا أن الجدة أم في رعايتها في حبها ، بل أمّ تملأ حياة صغارها زهوا و بهجة ، تمنحهم الحماية والرعاية .
يا لها من عبارات دافئة تكسوها عذوبة مليئة بالحنين!
حين تكون بين أحضان الجدات، في تلك اللحظات يتجلى لك الجمال يحمل روح الماضي الجميل .
في تلك اللحظات يبطل سحر الشعوذة ليحلّ مكانه سحر تتناثر في سمائه قصص الخيال القديمة.
في الزوايا و في كل ركن حكاية جميلة من حكايات يرسمها خيال جداتي الخصب .
في كنف الجدات أسمار الليالي المجمّلة برونق حياة بسيطة ، كانت روح الفتى تنهل من فيض تربية جمالية لم يلوثها غاز المازوت و لا غاز البيتان ،ولا ترندات التيك توك.
كانت الأفراح يومها تصنعها موائد إفطار الصباح ، حليب مصنوع من ضرع عنزات حظيرة صغيرة ، وأكلة بيض من خم دجاج الحظيرة ، وبعض الفطائر من إبداع أنامل جداتي هندست الجمال كلوحة جميلة .
كنا في أيامنا ننشد الحب في العائلة لا نعرف الخصام ولا الزعل ، كأننا أنساق واحدة مصنوعة من تربة طيبة شكلها الحب الصافي من عدير أنهار الجدات .
رحم الله أمهاتنا وجداتنا و جدات المسلمين
وسوم: العدد 1124