بين عالم الأفكار و عالم الأشخاص
في صبيحة مقمرة ، في صفاء يومها المزهر ،تدفق حبل أفكاري أنهارا متدفقة ، فحملت نفسي أبحث عن ريشتي ، أبحث عن أسفاري ، لأدون خواطري العابرة ،أسجل رؤوس أقلامها كي لا تضيع مني معانيها الثائرة .
و أنا على حالي و سرح بالي ، ورد بمخيلتي طيف مزعج ( حدث داخلي ) ينهرني يسر لي بكلمات مهموسة ، كأنه يبلغ رسالة عاجلة تعودت سماعها من هنا و هناك مضمونها واحد .
عدت أدراجي أراجع مضمون أفكاري ، أدقق معانيها ربما تخالف دفتر شروط العرض ، فقد تعودت مراجعة دفاتر عرض الصفقات المالية حين كنت موظفا حكوميا ، و ما أصعبها مهمة ! حين أحمل قلم المراجعة الأحمر أهذب أفكاري الثائرة ، أراجع طيف كل فكرة عابرة ، أراجع طيف كل فكرة حرة ،فلربما تنغص هدوء بال شخص شارد ، أو تعارض متعصبا ولع تدجين أفكار الهواة ، أقلم خواطر وافدة بمقص فلاح دأب يقلّم الأغصان و الأوراق ، حتى باتت خواطري الشاردة بلا محتوى ، بلا مضمون ، باتت تلعني في واضحة النهار .
تقول في دهشة، لست أنت ، ليتني ما عبرت مخيلتك، فقد كنت أفكارا حرة تسرح بحرية في الأفاق، فلما أنزلتني في خلد مدجن الأفكار و مرودها ، كبلتها قيودهم المفروضة.
قلت في نفسي عجبا حتى طيف الأفكار الحرة ترفض الأسر و السجن ، ترفض الحجر، ترفض السجن لأنها ولدت حرة .
المفيد في الخاطرة على المرء أن يكون صادقا في معاملاته، يكون صادقا مع أفكاره، يجسد أفكاره التي يؤمن يصدقها في واقعه، ليكون صورة صادقة غير مشوهة ، يمرن نفسه أن يدور مع الحق حيث دار ولعل ذلك ما كان يقصده سيدنا علي رضى الله عنه و كرم الله وجهه بقوله: ( لا تعرفوا الحق بالرجال أعرفوا الحق تعرفوا أهله) .
وسوم: العدد 1124