الفريق الراقي

ونحن  نسير نحاول أن ترافقنا المعاني السامية ، ونبحر  إلى خارج أنفسنا  ،  نحمل الخير المخزون في ذاتنا لذوات الآخرين ، هذا معنى كبير يحرم منه الأنانيون للأسف  .

قد نشعر بطعم النجاح ولذة الفوز الشخصي وهو شيء غير معاب  ولا منكور  ، ولكنّ انتصارنا على الأنا أن نرتقي فوق  ذلك كله  ، نتجاوز  لنستبشر بنجاحات الآخرين  ، وتلك السّمة  القوية  لشخصية الناجحين  .

قد يفضل الواحد منا أن  يتصدّر المشهد  ، ويتمتع الفرد  ببهرج الإضاءة  ، ويتمتع  بأضواء الإخراج ، والاستئثار بطريق  عدسات  التصوير ، ولكنّ الأجمل من ذلك كله ، حين  نظهر الجمال المخفي خلف العدسات ، فنكون  صناع  الأفراح .

قد ينتصر الواحد  منا لأفكاره ورآه ،  أو ربما يتعصب لمعتقداته ، فيحجب رؤى الآخرين ، و لكنّ  المتعة الحقيقية  أن نتدرب على فن الإصغاء ، فتصغي  لوجهات نظر مخالفة  لآرائنا ، فالقضية عند العقلاء و المميزين  ليست تحقيق الانتصار  في معركة الجدل ، و لكنّ المهم فيها  أن نصنع  التفاهم   بتقريب مساحات الخلاف ، وردم هوة البعاد و المخاصمة   و الاستفادة من التنوع  الطبيعي من مساحات الاجتهاد .

في أحيان  نبهر بما أنجزناه من مشاريع إبداعية ، أو مشاريع نفعية عامة ،  ربما كان لنا فيها  نصيب وافر من الاجتهاد  ، فتأخذنا المسرة والفرح والاستبشار وهذا شيء طبيعي أن نستبشر بثمرة النجاح  ، لكن هذا لا ينسينا  أن  هذا النجاح كان ثمرة مجهود ساهم فيه فريق متكامل  كل بحسب دوره ومهمته .

لعل من الفوائد التي نسجلها ونحن نعمل مع الفريق أن نضع في حسباننا   أن المشاريع الجادة لا يبنيها فرد واحد ، و لكنها تبنى بعطاءات مجموعة  ، نسميها جهود الفريق أو المجموعة،  و هي نمثل  روح  الجماعة  ، تمثل  روح التآلف. وروح  المشاركة الإيجابية  ، هي  روح التعاون الذي يذوب فيه الأنا،  فيشعر الفرد أن جهوده وتعبه ذابت مع جهود الآخرين  ، و أن جهودنا  قيمتها  كبيرة  داخل هذه  الأسرة  الواحدة  المتحابة  المتعاونة.    حين  ذاك يهون التعب و تهون المشقة  ، حين   تحقيق الأهداف و ببلوغ ملامحها و غايتها  .

  الخلاصة أن ما كتبت هي ملاحظات  من  بيئة العمل و هي خلاصة تجربة  مع الآخر ، دونتها  حتى يستفاد منها أمثالي ، لأن بيئة  العمل مخبر مفيد ، نتعلم  فيه فنون لا نجدها  في مراكز التكوين  ، وحين  نجدنا حري أن  نقتنص فوائدها  و نعمل بها تطويرا لخبرتنا المهنية وحتى الحياتية.

وسوم: العدد 1124