أحلام

محمد زهير الخطيب

تورنتو / كندا

[email protected]

أحلامي في الليل مزعجة للأسف، فرغم أني لم اسجن الابضعة أشهر في أواخر السبعينات، حيث كان السجن أشبه بنزهة مقارنة مع سجون الثمانينات ... غير أن أحلامي كلها ملاحقات من قبل المخابرات وهرب منهم من شارع لشارع ومن زقاق الى زابوق ...

على كل حال فإن حديثي اليوم ليس عن أحلام الليل المخيفة، وإن كانت تستأهل الحديث عنها، غير أني لا أحب ترويع الآمنين وتنغيص الخليين ...

إن حديثي هو عن أحلام اليقظة، فيبدو أنه نتيجة للحياة المحزنة التي أعيشها ... من مشاجرات في البيت إلى أخبار سياسية تجعل الحليم حيران إلى كوارث طبيعية تقطع نياط القلب، فقد عوضني الله عز وجل عنها باشراقات خيالية وأحلام يقظة وردية تثلج صدري وتسرح بي في عالم مخملي يحل جميع مشاكلي، وينهي مصائب أمتي، ويحول الارض إلى كوكب متألق يعزف لحنا متميزيا في الكونشرتو الكونية ...

 

إني أحلم بأن يقرر الرئيس بشار الاسد فجأة أن يعيد سير الامراء العادلين والخلفاء الراشدين، فيغير بطانة السوء من حوله، ويملأ الدنيا قسطا وعدلا بعد أن ملئت جورا

وظلما.

أحلم بان يكتشف الكونجرس الاميركي فجأة بأن أهم أسباب الارهاب في العالم هو انتشار الفقر والظلم والجهل، فيتخذ قرارا تاريخيا بتحويل مليارات الدولارات التي تنفق على الحرب لتنفق على نشر الازدهار والعلم والعدل في أصقاع الدنيا؟

أحلم بان يكتشف بن لادن فجأة أنه لوصرف ملاينه على بناء جامعتين في كابول، جامعة للعلوم الانسانية وجامعة للعلوم التكنولوجية، كان خيرا له من هدم البرجين التوأمين.

أحلم بأن يكف العالم الاسلامي عن ممارسة الاستبداد والتعذيب بكافة أشكاله، بدأ من ضرب الزوجات والاولاد في البيت، إلى ضرب التلاميذ في المدارس، إلى ضرب المساجين في السجون ...

أحلم بأن تضاف فقرة في كافة دساتير دول العالم الثالث حكومات ومعارضة، بان الرئاسة تكون لدورتين فقط لا تزيد الواحدة منهما على خمس سنوات.

أحلم بأن يصحو ضمير حاخامات اليهود فجأة ويقروا بأنهم إنما يتبعون الهوى، وأنهم يعرفون الحق كما يعرفون أبناءهم، فيتوبوا الى الله عز وجل، ويومئذ تهدأ براكين الشر في العالم ويعم السلام الأرض.

أحلم بأن يرزق الله عز وجل العالم الاسلامي عشرات القادة أمثال مهاتير واردوغان ليكملوا صحوته الاسلامية التي قتلتها التثاؤبات.

أحلم بان أفتح التلفزيون لأجد فجأت قناة اسلامية ناطقة بالانجليزية يصل بثها لكل أقطار الدنيا، نجومها، طارق رمضان ويوسف اسلام وطارق سويدان وجمال بدوي وحمزة يوسف ... ولن ينقضي عجبي منها إذا كان فيا برنامح (show) على غرار برنامج )اوبرا( و )ديفيد لترمان( ...

أحلم بأن أرى ترجمة صوتية للقرآن الكريم بكافة لغات الارض متوفرة لكل طالب، فلا يبقى أحد على وجه الارض الا وكان خطاب الله عزجل له متوفرا بين يديه.

أحلم بأن يكون عندي ثروة مثل ثروة (بيل حيتس) أو (الوليد بن طلال) حتى لا أترك عاصمة في العالم الا وبنيت في وسطها مسجدا جامعا، ولا أترك جامعة إلا وبنيت فيها كلية اسلامية حضارية، ولاشتريت وكالات (اسوشييتد برس) و(رويترز) و(فوكس) وسخرتها جميعا لصالح الحق والعدل والسلام في العالم.

 

لقد ذكرت أحلام يقظتي هذه لزوجتي متباهيا بها، وأعتقدت أن أسهمي سترتفع عندها عندما تكتشف أن بعلها على هذا القدر من العبقرية وسعة الخيال، غير أنها استهانت بأحلامي – ولا غرابة فالنساء يكفرن العشير ولا يعجبهن العجب - وقالت لي: أن تقوم أنت بخطوة صغيرة نحو الامام خير لك من هذه الاحلام، سامحها الله.