ليست شيزوفرانيا

كنت في فترة الدراسة أقيم في الإسكندرية وكانت فترة الجامعة بها من الاحداث والتجارب تركت بصمة غائرة في نفسى , من بين تلك التجارب ما مررت به مع صديق لى كان يدعى وجدى عبد العظيم .

دخل على وبلا مقدمات القى السلام وقبل ان يجلس

بادرنى وجدى بقوله: أننى اخترتك دون الاخرين كى أبوح لك بسر من ادق الاسرار لا يعلمه الا قلة قليلة في العالم هذه الأيام

فقلت له : وما هو ؟...... قلت ذلك بحدة

ولكنه اكمل حديثه ولم يعرنى اى اهتمام

واكمل : وسوف تتكشف حقائق في الفترة القادمة تؤكد صدق كلامى هذا ...... ذلك سر بينى وبينك لا يطلع عليه احد غيرنا

قلت : وما هو ذلك السر الخطير الذى لا يعلمه احد ؟

رد وجدى : لا تتصور مدى خطورة هذا السر و يمكن جدا ان يسبب اذى لكل من يعرف به بطريقة غير شرعية

فقلت له: الامر لا يعنيني حتى افشيه لغيرى - اريد ان اشعره بعدم حماسى للموضوع-

لكنه ظل يلح ليأخذ العهود والمواثيق كى لا ابوح باى حرف سوف اسمعه منه لاحد

وانا اعده واقسم له وانا جاد في الامر دون ان ادرى ما سوف يخبرنى

قال صراحة : انا مراقب . وسكت

فسالته: ماذا تعنى بكلمة مراقب ؟

فقال لى: بكل بساطة هناك من يراقبني - وسكت مرة أخرى

قلت في نفسى لعله يريد ان يرى رد فعلى اولا قبل ان يسترسل في الحديث ولكنى اطبقت فمى ولم اعقب

كان وجدي وسط مأساة حقيقية تستحوذ على كيانه كله وينغمس فيها انغماسا

كان في وادى اخر كان يعيش في عالم غريب يطبق عليه ويعتصره عصرا

قلت له : كلنا مراقبون يا صديقى فلا تكترث ولا تنغص عليك حياتك - أحببت بذلك ان اشعره انه ليس وحده

ثم أكملت : اننى اشعر في بعض الاوقات ان هناك من يمشى ورائى واشعر بخطواته

ولكنه شعر بضيق شديد مما ظن اننى فهمته من كلامه

فقال لى : ليس كما تظن وانا لست احدثك عن امر بسيط كهذا ولكنى احدثك عن امر في غاية الاهمية

حدثت بلبة في عقلى وبدأت اترنح في داخلى دون ان يبدو ذلك

فقلت له : اننى لا اعى كثيرا مما قلت

فبادرنى بقوله : أننى سئمت تلك المراقبة ولم اعد اريدها واطلب منهم ان يتوقفوا عن مراقبتي لأنني وانا جالس وحدى لم اعد استطع ان استذكر دروسي ولا انام وهم يلاحقوني حتى وانا في الحمام

فقلت له : ماذا تقول ؟ من هؤلاء !! هل هم القائمين على ادارة الجامعة ؟

فقال لى باستخفاف : لا لا ... ليس هذا

رددت عليه باهتمام : هل امن الدولة نصبوا كاميرات خفية في غرفنا كى يراقبونا

رد بانفعال : ولا حتى هذا

لم اعقب وتركته يكمل

فقال لى : بل انهم يراقبونني منذ ولادتي وهذا سر ليس على مستوى مصر فحسب بل على مستوى العالم كله ولا يعلمه سوى اشخاص قليلون ربما يمكن عدهم على اصابع اليد الواحدة

وهنا رفعت الراية وتحولت الى المستمع الرصين الذى يتلقى وليس له تعليق

قلت له بشغف : احكى لى القصة من اولها يا صديقي كى استوعب الموضوع جيدا لاننى فى حيرة من امرى وبدا يسرد لى اغرب قصة يمكن ان يسمعها احد في حياته

سالنى : الم تسمع ان هناك قدرة حاليا تم اختراعها تستطيع ان تصور كل شئ وتخرق الجدران وتعرف

ما يدور في البيوت المقفلة وان هناك خبر قد تداول في الاوساط ان امريكا لديها من الأقمار

الصناعية ما تستطيع ان ترى حركة الناس في شوارعهم وحتى في بيوتهم

قلت : سمعت عن هذا

كان ذلك بالنسبة لى وقتها وممن يدرسون الامور العملية لا ننكره وكنت اعلم انه من الممكن ان يكون هناك شئ من هذا القبيل

قال : عظيم أنا واحدا ممن اختاروه كى يدرسوا حالته من وقت ولادته وان يعدوه اعدادا جيدا ولا ادرى لماذا ولا كيف ولكن هم يختارون اشخاص معينين لهم صفات مختلفة عن الاخرين ويعلمون انهم سوف يكون لهم شان في المستقبل

نظرت اليه متفحصا اريد ان ارى شيئا في هيئته توحى بما يقول فلم اجد ثم نظرت اليه مرة اخرى اكثر تمحيصا لعلى اجد فيه ما يريب وايضا لم اجد

لاحظت انه فهم نظراتى له وعلم ما يدور في عقلى

فاردف بقول : في البداية لم احس بما يدور ولا بمن يراقبونني ولكن منذ ان بدات الاشارات تاتينى حتى تيقنت ان الامر صحيح , في البداية كنت سعيدا جدا وكنت اتبادل معهم الاشارات

واكمل حديثه

كانت اول مرة استقبل فيها تلك الاشارات كنت اجلس مع أهلي ناكل على الطبلية الخشب وكان هناك برنامج تليفزيوني يأتي كل يوم وكانت تقدمه المذيعة المشهورة التى اسمها نجوى ابراهيم اخذت تتحدث في موضوع البرنامج وفجأة تغير حديثها وبدات تتحدث عن المراقبون وانهم يعرفون انفسهم جيدا ثم تحدثت عن انهم يستطيعون ان يعرفوا تحركاتهم لحظة بلحظة

كان هذا الحديث ليس له علاقة بموضوع البرنامج فانتبهت للحديث

وأخذت اتنبه لما تقول شيئا فشيئا ولكننى كنت اجلس امام الطبلية وادير ظهرى للتليفزيون وانا انصت جيدا لما تقول ولم التفت اليها

فجأه لم اكن اتوقع ان تقول ذلك ولكنها حاولت ان تعرفنى انها ترانى فقالت تلك العبارة والتى اصبحت بعدها متاكدا اننى من الذين يراقبونهم

لانها قالت : لماذا تدير ظهرك ؟

واردفت : انت تعرف نفسك التفت لى ارجوك وانا اتكلم

فالتفت فرأيتها تغمز لى بعينها وابتسمت ثم اكملت البرنامج حتى لا يلاحظ احد انها توجه كلامها لى

كل هذا وانا لا أنبس ببنت شفه وفمى مفتوح على مصراعيه كالابله او كالذى لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم

ثم قال : اننى اخترتك لاخبرك بذلك حتى عندما يعلنون هذا تكون متاكدا مما اقوله لك وانا اجد فيك شيئا مما يعرفوه عنى وانه ربما في وقت لاحق عندما يتصلون بى سوف أخبرهم عنك واطلب منهم ان تكون معنا

فسارعت أقول : فين , فين ارجوك قول لى فين

قال : لا اعلم ولكن تاكد اننى لن انساك وسوف اخبرهم انك تعلم بالموضوع لعلهم يلحقون بك بعض المهام

قلت له : لا ياسيدى انا راضى ان اكون من عامة الشعب واترك لك الزعامة..... مالى شان بهذا ...وقلت ذلك بنبرة واثقة حتى لا يلحظ او يستشعر بالاستهزاء في كلامى ثم بدا يسرد مشواره مع تلك المراقبة

فقال : ان نجوى ابراهيم هى همزة الوصل بينى و بينهم وقد أخبرتني بذلك في احد الايام

قلت : مقاطعا هل اتصلت بك ؟

قال : نعم

قلت : عن طريق التليفون ...

لم يكن في قريته تلك النائية سوى تليفون واحد بدوار العمدة او سنترال بسيط لا يتلقى غالبا اى اتصال طوال السنة ....

ولكنه رد : لا بنفس الطريقة عن طريق البرنامج الذى تقدمه

فقلت : كيف لك ان تعرف انها تكلمك انت؟

قال: عندما تتحدث فى موضوع معين ثم فجأة تقول كلام ليس له علاقة بالموضوع فيكون هذا موجها لى ويكون عبارة عن رسالة يريدون ان تصلنى

ثم تابع حديثه : اكون جالسا اشاهد التليفزيون واكون غير منتبها اراها تحاول بكل الطرق ان تلفت انتباهى لدرجة انها تقول: انظر لى ولا تحول بصرك عنى ثم تبدا في الحديث معى دون ان يحس من حولى واكون سعيدا جدا ولما تقول شيئا وابتسم اراها تغمز لى بعينيها لانها ترانى وان الكاميرا التى امامها بها شاشة تظهر فيها صورتى

قلت له : كل هذا جميل جدا وليس فيه شئ الست يا سيدى معجبة بك وتحاول ان تلفت نظرك اليها ايه المشكلة- قلت له هذا على سبيل المحاورة واننى اريد ان اجاريه فيما يقول على اساس اننى من عامة الشعب الذين لم يختاروا للمراقبة

استنكر ذلك وكأنه ظن أننى قد لا اكون مستوعبا لهذا الحدث الجلل وان الموضوع الذى يحدث له فوق مستوى عقلى كى استطيع استيعابه

فقال لى : لاطبعا هى لم تفعل ذلك لنفسها لانها انسانة متزوجة وهى محترمة ولا يمكن ان تفعل شيئا خطا

فقلت في نفسى ربما احبها لكثرة مشاهدة برامجها وهى كانت مقررة علينا في تلك الفترة حتى كنا نظن اننا لو فتحنا النملية (دولاب في المطبخ يوضع فيه الاطباق وأدوات الطبخ ) سوف نجدها

بادرنى قائلا: لم يتوقف الامر عند هذا الحد بل اصبحوا يراقبونني وان نائم وانا في الحمام وانا اصلى وانا جالس مع اسرتى بل كانوا يراقبوننى وانا في القطار

قلت وانا في غاية الغليان الداخلى : كيف ؟

قال : كنت جالسا في القطار ويجلس معي باقي الركاب وكنت سارحا قليلا فرايت شخصا شكله لا يبدوا عليه مشقة السفر وانه دخل القطار في تلك اللحظة ولم يكن القطار واقفا في محطة بل كان يسير بسرعة كبيرة وعندما اقترب منى نظر الى نظرة فاحصة واخذ ينظر الى دون غيري من الذين يجلسون بجوارى وعندما هم ان يبتعد عنى ابتسم ابتسامة ليخبرني انهم مسرورون منى جدا ثم التفت ورائي كى افهم منه ما يريد ان يخبرني به فلم اجده

قلت : اختفى ؟

قال : لم يكن له اثر فعلمت انهم ارسلوه يطمئنونني فأخذت ابتسم وكنت فرحان جدا والناس تنظر الى وهم مستغربون مما افعل لانهم لا يعلمون

ثم قال : وكنت عندما ينظرون الى بدهشة اضحك اكثر فيزداد تعجبهم فالتمس لهم العذر لانهم لا يعلمون شيئا فارثى لحالهم ثم اقول لهم بعدين بعدين سوف تعلمون كل شئ وانزل الى حال سبيلى وهم مشدوهون مما يسمعون منى ظنا منهم اننى مجنون

يا مثبت العقل والدين يا رب ....... قلت في نفسى وتركته ينساب في غيه

وهو يقول لى : هل تعلم كيف دخلت كلية الآداب؟

قلت : لا

قال :اننى كنت اريد ان ادرس حقوق مثل اخى الأكبر ولكن عندما كنت اكتب رغبات التنسيق وكانت نجوى في التليفزيون وفجأة قالت ادب .......... فكتبت آداب اسكندرية ..... وعلمت انهم يريدونني ان ادرس في كلية الآداب رغما عنى

ثم استطرد : في الايام الاخيرة زادت المراقبة بشكل لم اعد احتمله وضقت ذرعا

قلت له : كيف ؟

قال لى : زادت لدرجة انهم اصبحوا يطلبون من السيارات التى تسير في الشارع ان يدقون الاجراس ويهتفون بأسمى بالأجراس كلما مررت في الشارع وكنت اشاور لهم ان يتوقفوا حتى لا يحس احد

الا انهم لم يعودوا يسمعون كلامى ولم يعودوا يتوقفون عن دق الاجراس كلما نزلت الى الشارع حتى اختفى عنهم و هذا اصبح فوق احتمالى

وقال : وأنا جالس في الغرفة وحدى وهم يراقبونني فاشير لهم ان يتوقفوا لاننى لم اعد استطيع المذاكرة لكنهم لا يابهون لما اطلب منهم

تحول الحديث الى خزعبلات ............ وانا أقول لنفسى مالى انا وهذا الجنان

تابع كلامه : أننى قد وصلت الى المرحلة التى سوف يتصلون بى بعدها وانا الان انتظر بين لحظة واخرى ان يأتون ليأخذوني الا اننى لست مستعدا ان اذهب معهم

قلت له: ولماذا وانت تنتظر هذا الامر بفارغ الصبر ؟

قال : نعم ولكن تغير شئ الان ولا استطيع ان اذهب معهم حتى انتهى منه

قلت : وما هو

قال : لقد توفى والدى بسبب انه لم يتحمل الموضوع

قلت: أي موضوع؟

قال : موضوعى هذا

قلت : وهل اخبرت والدك بهذا الامر

قال : طبعا وهل اخفى عنه موضوع مثل هذا هل جننت هل افجعه يوما حينما يستيقظ من نومه ولا يرانى كيف افعل ذلك والله لو حدث لراح فيها

الان الان ......... قد عرفت مصيرى ان لله وانا اليه راجعون

ثم قلت: بشرت يا رجل لقد مات وذهب الى غير رجعة

لم يعرنى اى انتباه قائلا : ثم بعد موت والدى ناصبنى اخى العداء

قلت : طبعا هو يعرف بالموضوع قال : كان جالسا هو وإخوتي ووالدتي وانا اخبر ابى

قلت : جميل اكتملت وفاحت

قال: ومن يومها صار يناصبني العداء ويطلب منى الا اكلم احد من الجيران بذلك الموضوع

قلت : هذا أفضل لانه يخاف عليك حتى لا يظن بك احد مكروه

قال : لا بل لانه يغار منى ويظن انه من الممكن ان يخطئوا ويأخذوه بدلا منى حين يأتون

قلت : لا لا يا شيخ ظن باخيك خيرا

قال : بل هو كذلك لقد قال ذلك صراحة

قلت : كيف؟

قال : عندما كنت احدث ابى هاج وماج وقال لى لماذا يختارونك انت؟ لماذا لم يختارونى انا ؟ ومنذ ذلك الوقت وهو يتشاجر معى دائما ولا يريد منى ا ن اطلع احد على الامر

الموضوع خرج عن السيطرة اننى وقعت في عائلة كلها مهابيل ...... هكذا حدثت نفسى

ثم وقع في نفسى يا لا المصيبة لقد وقعت في شر اعمالى كيف اخرج من هذا الموقف وكيف لى من مهرب

ثم اخذ يحدثنى عن الطريقة التى سوف ياتون بها لياخذوه وسوف تكون هناك علامات قبلها يعرفها وانه يحس انه قد ان الاوان

وتكلم كثيرا كثيرا وانا في وادى اخر لا اسمع كلمة واحدة مما يقول واحسست ان الوقت لا يمر واننى سوف اجلس في هذه المرة ولا اقوم من مقامى هذا الا يوم القيامة

لا ادرى كم من الوقت مر ولا اراه امامى

استفقت على طرق خفيف للباب ايقظنى من سباتى هذا فوثبت نحو الباب لافتحه وانا أهمس في اذنه

قائلا : ارجوك لحظة أرى من الطارق حتى لا يسمع هذا الكلام

فتوقف عن الكلام وفتحت الباب لاجد احد الجيران الذى يسكن بالغرفة المجاورة

وقال لى انه يريدنى في امر مهم في الدراسة يجب ان يخبرنى به ورمق وجدى بطرف عينه والقى اليه السلام لم يرد وجدى عليه وقام وخرج وهو يهمهم بكلمات لم أفهمها وابتعد

بعد ان تاكد للجار الاخر انه لن يسمع ما يقول

بادرنى بقوله : هل وصل اليك هذا المجنون ؟ هل ابلغك عن الهبل الذى يقوله ؟

لقد جائن وقال لى اشياء لم افهمها فطردته من غرفتي وقلت له لا يدخل غرفتي مرة اخرى

قلت له : حرام عليك يا شيخ هو مسكين يحتاج الى مساعدة بدلا من تعنيفه اتق الله

قال لى : هو انا ناقص جثتي ملبشة اصلا وجاى الافندى هذا ليكمل على

ولكنى احببت ان استيقن من الموضوع هل من الممكن ان يصل الامر بالإنسان ان ينساق بفكره الى هذه الدرجة ولم اتوقف عن التفكير في الامر حتى سنحت لى فرصة ذهبت الى صديق يدرس الطب و في السنة النهائية وكان دمث الخلق وكنت وقتها لم تكن لى علاقة جيدة معه فطلبت منه ان اخذ من وقته قليلا لعله يريحنى من الامر وقصصت عليه القصة دون ان اذكر له اسم وجدى كان من كلامه ان طمأنني

جدا واخبرنى بان هذا مرض ويدرسونه في الطب وهو نوع من انواع الشيزوفرانيا وضرب لى امثلة عدة من هذا النوع فعلمت انه مريض الا اننى رافت بحاله وكنت كلما مررت على غرفته اطرق عليه الباب والقى عليه التحية لاطمأن عليه

مر وقت على هذا الحديث واوشكت الدراسة على الانتهاء ووجدت طرق على الباب وكنت مشغولا جدا وقتها فقد كنا نعد لمشروع نهاية السنة وكنا نسابق الزمن حتى ننتهى منه قبل موعد تقديمه ولما فتحت باب وجدت وجدى امامى مباشرتا وقال كلمات لم افهمها ثم اطرق قليلا

وقال : انا أعلم انك مشغول جدا ولكنى لم أرد الذهاب قبل ان أسلم عليك لانه حان الوقت وارسلوا لى ولكنى ظننت من كثرة انشغالى انه يودعنى في نهاية العام

كان دائما مايحدث من طلبة الكليات النظرية والتي كانت تنتهى امتحاناتهم قبل كلياتنا وكنا معتادين ان يأتون يودعوننا في نهاية كل عام ويذهبون الى بلدانهم فرددت عليه الوداع وتمنيت له التوفيق والنجاح على ان اراه في العام المقبل

وتركني وهو يقول مجنون هذا ..... عام مقبل ايه ....... اقول له الوداع يقول لى عام مقبل ..........وتمتم بكلمات اخرى لم افهمها وعدت الى أوراقي وكتبي وانغمست بها ونسيت امر هذا الرجل

مرت فترة الاجازة الصيفية وعدنا الى الجامعة مرة اخرى واجتمع الاصدقاء في يبارك كل منا الاخر بالعام الجديد والعودة الى الدراسة مرة اخرى وكانت من عادة الزملاء ان يقوموا ببعض الاحتفالات وبعض المرح خاصة الترحيب بالمستجدين وكان بها بعض الطرفة والنكات ويستمر الامر حتى ينشغل الكل بالدراسة ولا يعودوا قادرين على الاحتفالات الا في اوقات قليلة جدا

وبعد ان انشغل الزملاء تذكرت صاحبى ذهبت ازوره ولكن وجدت غرفته مغلقة لم يسكنها احد حتى الان فتملكنى الفضول ورحت اسال عنه كل من كان يعرفه من جيرانه ولكن لم اجد احد يعرف عنه شئوقد كانوا قلقين عيه والح واحد منهم ان عرفت شيئا ان ابلغه للاطمئنان عليه فقلت له : سوف أحاول ان اتصل به ان شاء الله وتركته وانا في حيرة من امرى

مرت الايام ونسيت الموضوع كاملا وانشغلت

حتى اذا كنت في زيارة لاحد الاصدقاء أعوده فى مرضه

حينما دخلت وجدت زملاء كثيرون يملاؤن الغرفة قد جاءوا يعودونه أيضا فجلست واخذ يعرفنى بالجالسين واحدا تلو الاخر

ولما جاء الدور على زميل لنا كان يتكئ على السرير بكلتا يديه مرجعا راسه الى الوراء وعرفت من اى بلد هو بادر الى ذهنى اسم زميلنا المختفى وجدى

وبلا مقدمات بادرته قائلا : هل تعرف وجدى هو من بلدك ؟

وما ان سمع اسم وجدى حتى اعتدل في جلسته وبدت نظراته تتطلع الى بحده ولم يمهلنى اكمل باقى السؤال

وبادرنى قائلا : انت تعرفه ؟

رددت بحدة زائدة قلت له : نعم انه صديقى وكنا نتزاور كثيرا في العام الماضى ؟

قال بغضب : هل انت سامى ؟

قلت : أجل

قال : كان وجدى دائم الحديث عنك

وزادت حدته وهو يسألنى : انت تعرف بقصته ؟

قلت : اى قصة ,,,,,,,, توترالمجلس ونظر الزملاء لنا في دهشة دون ان يفهموا عما نتحدث وعن سبب الحدة في الكلام

واكمل كلامه دون ان يهتم بهم

وقال : لا تراوغ يبدو لى انك تعرف كل شيء قل لى ماذا أخبرك؟

هل قال لك عنى شيء ؟ هل قال لك لماذا لم ياخذنى معه ؟ ............. قال ذلك بانفعال شديد

لا يبدو ان الحاضرين فهموا الامر ونظر بعضهم الى بعض فى اندهاش وتكهرب الجو بصورة كبيرة ووقف الزميل فجاة وهم بالخروج من الغرفة

وهو يقول : لماذا فكرتنى بما فعله اخى بى ؟ ولم لم ياخذنى معه ؟ لماذا وانا اخيه كيف يفعل ذلك وانا كنت استعد للذهاب معه ؟

باغتنى جاءوا واخذوه فى سيارة سوداء وهرب وانا نائم لا يجوز والله العظيم لا يجوز ما فعله بى

اختفى الصوت ولم نعد نسمع الا همهمات من بعيد

اقبل الزملاء يلحون على بالسؤال عما يحدث ....... وماذا قلت له حتى يفعل ذلك؟ ......... لقد كان زميلنا هذا رجل متزن لم نعهد عليه مثل ما راينا اليوم

اخذوا يضغطون كي أخبرهم عما حدث وانا في عالم اخر

لم اشعر بهم على الاطلاق

خرجت من الغرفة وانا اكلم نفسى

واخذت اردد : نعم نعم ....... انه نوع من امراض الجنون انه مرض الشيزوفرانيا

اجل اجل....... لم احس عندما خرجت ولم ار امامى اى شيء

ووجدت نفسى اسير على الكورنيش فوق شاطئ ستانلي

اسمع من بعيد صوت نجوى ابراهيم من تليفزيون في قهوة على الجهة المقابلة للكورنيش

وهى تقول : هناك صديق يسير على الكورنيش ولا ينظر الينا لا يفكر اننا لا نراه ولا ماذا يفعل

نحن نعرف كل تحركاته ............

ابتسمت وقلت بصوت عال : جزاك الله يا وجدى تخبرهم عنى دون أن تقول لى

منك لله لكن لما اجيلك سوف اعرف شغلي معاك واخذت اضحك والناس حولى ينظرون الى باندهاش

وانا اقول في نفسى : اجل اجل ...... انظروا لى كما كنتم تنظرون اليه

مساكين ........... جهله......... بكرة تعرفوا

وابتعدت عنهم وانا اضحك بصوت عال ولا اهتم بهم