شكرا للمملكة السّعودية التي أقامت الحج ولم تلغه

تلقيت ليلة عيد الأضحى، وزوال اليوم الأوّل من عيد الأضحى سؤالين عن تعامل المملكة السّعودية مع حج هذا العام:

الأوّل يريدني أن أقارن المملكة العربية السّعودية بدولة بعينها، فامتنعت عن المقارنة، واكتفيت بالعرض حتّى أنّه غضب منّي وقال: "في الحقيقة أردت أن تذكر (...) ولو بالتلميح. و التوجه الجديد للـ(...). لكن هذا رأيك ونحترمه. ونقدره. وفوق رؤوسنا"

والثّاني راح يستهزئ بالمملكة السّعودية وطريقة تنظيمها للحج. فأجبته عبر المحمول، ووضّحت له الأخطاء التي وقع فيها، وأنّ العبرة هذا العام بالحرص على إقامة الحج وعدم إلغائه. وكانت هذه الأسطر:

  1. سأبدأ بتثبيت والتذكير بعقيدتي في التعامل مع الدول، والرؤساء، والملوك، وهي: لسنا تبعا لدولة بذاتها مهما كانت، ولا حاكم، ولا سلطان مهما كان. ونظلّ نثني على الحاكم إن أحسن ولو اختلفنا معه في قضايا أخرى. وننتقده حين يخطئ ولو اتّفقنا معه في قضايا أخرى، غير نادمين ولا آسفين. ونفعل هذا باستمرار مع حكام الجزائر الأحياء منهم والأموات باستمرار. مابالك بغيرهم.
  2. الحمد لله الذي الكعبة لم يتم إفراغها من روادها، وزوارها، وضيوفها. وأبدعت السّعودية في التنظيم، ونجحت في تنظيم الحج بما تفرضه كورونا. وهنيئا للسعودية التي حافظت على بقاء الحج رغم وباء كورونا.
  3. من قال أنّ الكعبة قد أفرغت من ضيوفها فقد أخطأ وكذب. ومن بنى تحليله على فكرة خاطئة فقد أخطأ في النتيجة.
  4. حج هذا العام 1441هـ - 2020 يندرج ضمن مواجهة كورونا. وأنّ الوباء، والحروب، لاتلغي الحج.
  5. رغم وباء كورونا لم يتم إلغاء الحج من المملكة السّعودية، وقد ألغت دول عظمى تظاهرات عظمى كالألعاب الأولمبية، وكأس أوروبا، وكأس إفريقيا، واجتماعات ملوك ورؤساء الدول. وهذه مناسبات عظمى ألغيت من طرف دول عظمى، وهيئات عظمى، ولم يلغى الحجوقد شهدته 161 دولة من المواطنين المقيمين بالسّعودية. مايدل على عظمة السّعودية وحرصها على عدم إلغاء الحج. وهذه ميزة تشكر عليها للمملكة السّعودية.
  6. بالمناسبة، لاأعرف سنة واحدة ألغي فيه الحج منذ فرض الحج على سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم -فيما أعرف وقرأت لحدّ الآن-. والمملكة السّعودية حافظت على هذه السنة العظيمة بعدم إلغاء الحج، فانضمت للذين يحافظون على الحج. ولها كلّ الشكر، والتقدير، والاحترام لتشبّثها بإقامة الحج، وعد إلغائه. وانضمت بهذا السلوك للدول العظمى.
  7. قلت لصاحب السؤال: تمّ إلغاء امتحانات السنة السّادسة ابتدائي، وتمّ إلغاء امتحانات السّنة الرّابعة متوسط، رغم بساطتها، وتمّ إلغاء مناسبات أقلّ منهما رغم سهولتها من حيث العدد، والإمكانات، والسّيطرة. وفي نفس الوقت حافظت السّعودية على الحج ولم تلغه رغم كورونا. وحرصت على إقامته رغم أنّه أصعب بكثير من "السِيزْيٙامْ" و "البِيٙامْ". ومن تمام العدل أن يشكر من استطاع المحافظة على الحج رغم كورونا، وبالوسائل التي تسمح بإقامة حج صحي، وأمن.
  8. من الناحية المادية فإنّ المملكة السّعودية قد خسرت أموالا باهظة جرّاء عدم استقبال الحجيج من دول العالم كما كانت تفعل، وسمحت لحجاج 161 دولة مقيمين في أرضها للقيام بحج 1441 هـ - 2020. إذن الغاية من حج هذا العام ليس الربح المادي وهو مشروع، إنّما الحرص كلّ الحرص على إقامة الحج وعدم إلغائه. وقد نجحت السّعودية في هذه النقطة أيّما نجاح.
  9. سمحت المملكة السّعودية لـ 70%من المقيمين عندها من بين 161 دولة ليحجوا هذا العام. وفي نفس الوقت سمحت لـ 30% من السّعوديين لأداء حج هذا العام. إذن فضّلت المقيمين والزوار على أبنائها في أداء الحج. وهذه ميزة تشكر عليها المملكة السّعودية، وتستحّ لأجلها كلّ الثّناء. ولم أقرأ ولم أسمع لحدّ الآن –أقول لحدّ الآن- سعوديا احتج، وغضب لأنّه لم يكن ضمن لم تشملهم القرعة وشملت الأجانب والزوار. فهنيئا إذن للمجتمع السّعودي.
  10. قلت لمحدّثي: لو أنّ هذه الإجراءات التي قامت بها المملكة السّعودية في تنظيم حج هذا العام 1441 هـ - 2020 كانت في ظروف عادية، وفي أعوام سابقة لانتقدناها بشدّة غير نادمين ولا آسفين، لأنّها أقلّ بكثير ممّا تملكه السّعودية من إمكانات، ولا تليق بتجربتها الطويلة في تسيير الحج. ونحن الآن نثني على المملكة السّعودية لإصرارها على الإبقاء على الحج في ظلّ كورونا، ورغم ذلك أصرّت على إقامة الحج، وعدم إلغائه باحترافية عالية، وحرص شديد على أمن، وصحة الحجاج. وقد نجحت في ذلك نجاحا باهرا، ولهذا السبب أثنينا عليها، غير نادمين ولا آسفين.
  11. سبق لنا أن انتقدنا سلاطين المملكة السّعودية وفقهاء السّعودية فيما يتعلّق بأخطاء ارتكبوها في أعوام ماضية، غير نادمين ولا آسفين. واليوم نثني على سلاطين المملكة السّعودية وفقهاء السّعودية على حرصهم على إقامة حج هذا العام 1441هـ - 2020 وعدم إلغائه، باحترافية عالية، وتنظيم مبهر، وفي ظروف صحية آمنة لمواجهة كورونا، غير نادمين ولا آسفين.

وسوم: العدد 888