في ذكراها الـ 33 ... هكذا ساهم فلسطينيو الخارج في دعم انتفاضة الحجارة

أطفال الحجارة، السكين، والملتوف.. وغيرها، رموزٌ خلفتها الانتفاضة الفلسطينية، وما زالت حاضرة في ذاكرة الأجيال، محفورة في صفحات التاريخ، تروي قصة شعب أبدع في مقاومة المحتل بكل ما يملك من أدوات.

قبل 33 عاماً و في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر عام 1987 تحديداً، كانت الشرارة الأولى لاندلاع انتفاضة الحجارة، بعد حادثة دهس سائق شاحنة "إسرائيلي" لعدد من العمال الفلسطينيين على حاجز بيت حانون "إيرز" شمال قطاع غزة ما أسفر عن استشهاد 4 منهم وجرح 9 آخرين لتشتعل في اليوم التالي انتفاضة جماهيرية ومواجهات بين الفلسطينيين وجيش الاحتلال رداً على تلك الحادثة.

أدوات المواجهة

خرج سكان مخيم جباليا شمال قطاع غزة لتشييع جثامين شهداء الحادثة وخلال التشييع بدأوا برشق قوات الاحتلال "الإسرائيلي" بالحجارة وأشعلوا إطارات السيارات لحجب الرؤية كما استخدموا الزجاجات الحارقة لتكون فيما بعد أدوات الهجوم والدفاع التي استخدمها الفلسطينيون في مواجهة الاحتلال ليطلق على المواجهات اسم "انتفاضة الحجارة"

ورغم أن الشعب الفلسطيني استخدم الحجارة في مواجهة جيش الاحتلال إلا أن الاحتلال استخدم القنابل و الرصاص الحي والمطاطي في مواجهتهم، واتبع سياسة تكسير العظام التي فرضها إسحق رابين وزير الجيش آن ذاك وارتكب مجازر متعددة.

امتدت المواجهات واشتعلت الانتفاضة لتشمل كافة مدن فلسطين المحتلة، واعتقد الاحتلال "الإسرائيلي" أنها ستكون مجرد حالة غضب على الحادثة وستنتهي في وقت قصير إلا أن الانتفاضة استمرت لسنوات بين 1987 و1993.

و أدت إلى استشهاد 1162 فلسطينياً، بينهم ما يقارب 241 طفلاً، فيما أصيب نحو 90 ألفاً آخرين واعتقل 200 ألف.

أثر الإنتفاضة على فلسطينيي الخارج

تمكن الشعب الفلسطيني من خلال انتفاضته التي استمرت 6 سنوات من إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية دولياً بعد أن بدأت تُهمش، حيث كشفت الانتفاضة للعالم مدى وحشية الاحتلال "الإسرائيلي" الذي واجه الحجارة بالقنابل والرصاص، ما أثار تعاطفاً دولياً مع القضية، وأصبح مصطلح انتفاضة معروفاً دولياً.

وفي هذا السياق قال القائم بأعمال رئيس الهيئة العامة للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج ماجد الزير: إن " انتفاضة الحجارة وحدت الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده من خلال رجوعه للروح الثورية وروح المقاومة الميدانية، وهو ما أدخل فلسطينيي الخارج حيث كانوا مع إخوانهم في حالة التحام في روح الثورة وروح المقاومة و مجابهة المحتل".

وأضاف الزير خلال حديثه لموقع "فلسطينيو الخارج"، أن الانتفاضة أرجعت القضية الفلسطينية إلى الاهتمام الإقليمي والدولي الأمر الذي ساهم في أن يرتبط فلسطينيو الخارج مع الداخل بشكل يومي وعلى مدار أشهر وسنوات و أعطى نوع من البرنامج الوطني الممتد.

وأشار إلى أنها أحدثت تحولاً جذرياً في مسار فلسطينيي الخارج في التعامل مع فلسطين من حيث انخراطهم في البرنامج الوطني وتشكيل المؤسسات وتشكيل نوع من حالة العمل لفلسطين مع شعوب الدول التي كانوا يعيشون فيها وهو ما أدى لتغيرات حقيقية لغاية هذه اللحظة.

وأوضح أن انتفاضة الحجارة أدخلت مفهوم العزة لفلسطينيي الخارج بفلسطينيتهم، و"هذا أعطى شيء من الاندفاع لدعم الداخل بشكل حقيقي".

وبيّن الزير أن "الانتفاضة قدمت العدو الصهيوني لفلسطينيي الخارج بحقيقته من خلال إعطاء أمثلة لوحشية هذا العدو ولا قانونيته في التعامل مع فلسطينيي الداخل وتكسير الأيدي، وهذا كان مادة قوية للدفاع عن الحق الفلسطيني، حيث استفاد منه فلسطينيي الخارج في تقديم القضية الفلسطينية خاصة في العالم الغربي".

فلسطينيو الخارج ودعمهم للانتفاضة

حرّكت الانتفاضة الأولى جهود الفلسطينيين في الخارج لدعم أهلهم في الداخل وإعانتهم على مقاومة المحتل الذي استخدم كافة أدواته لمواجهتهم.

وحول ذلك أكد القائم بأعمال رئيس الهيئة العامة للمؤتمر الشعبي ماجد الزير أن فلسطينيو الخارج ساهموا بشكل كبير في دعم الانتفاضة، حيث قدموا الدعم المادي عبر تشكيل مؤسسات العمل الخيري في الخارج لدعم صمود أهل الداخل.

وقال إن: "فلسطينيو الخارج تعاملوا برموزهم مع الإعلام، حيث قدموا الرواية والمظلمة الفلسطينية، وكان هناك انتشار ليوميات الانتفاضة في كل أماكن تواجد الشعب الفلسطيني، لصالح أن تبقى الانتفاضة مستمرة وأن تبقى جذوتها مشتعلة بشكل واضح".

وبيّن أنهم تواصلوا مع كافة المجتمعات المحلية سواء في الإقليم العربي أو في الدول الأوروبية، لكي يقدموا المظلمة الفلسطينية ويكشفوا وحشية العدو الصهيوني، وذلك عبر تشكيل مؤسسات، والخروج بمظاهرات في كافة أنحاء العالم.

وأضاف الزير في حديثه "لفلسطينيو الخارج" "الفلسطينيون في الخارج ساهموا في إرسال وفود سياسية وشخصيات رمزية إلى فلسطين لكي تتعرف على ما يحدث في فلسطين وهو ما ساهم مساهمة حقيقية في أن تتحول تلك الشخصيات والزوار من كافة أنحاء العالم إلى مناصري الحق والعدل".

وأكد أن "كل حركات التضامن مع الشعب الفلسطيني التي نعيشها الآن أصلها من تواصل تلك الوفود مع فلسطين أثناء انتفاضة الحجارة، وهذا المجهود كان لفلسطينيي الخارج ومؤسساتهم وحراكهم".

وفنيّاً أوضح الزير أن ثقافة الارتباط بفلسطين ودعم الانتفاضة ساهمت في إنشاء ما يسمى بالثقافة العامة، وذلك عبر الأغاني والأهازيج الوطنية التي تم تأليفها لصالح الإرتباط بفلسطين، وما زالت تسري في ضمير الشعب الفلسطيني لغاية هذه اللحظة مرتبطة بانتفاضة الحجارة.

واعتبر أن البداية الفعلية لتحرير فلسطين واستعادة الحقوق كان إعلانها في انطلاق انتفاضة الحجارة.

من جانبه قال عضو الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج رسمي الملاح إن " فلسطنيو الخارج كان لهم الدعم الكامل للانتفاضة، من حيث الوصول إلى الرأي العام في المنطقه التي يقطن فيها المغترب، و شرحه للقضيه الفلسطنيه والعمل مع المواطنين الموجدين في البلد".

انتهت انتفاضة الحجارة بتوقيع اتفاقية "أوسلو" عام 1993، من خلال مفاوضات بين الاحتلال ومنظمة التحرير الفلسطينية، وذلك بعد أن فشل الاحتلال في إخمادها بكل أدواته العسكرية، ولكن الانتفاضة لم تنته من عقول الفلسطينيين وبقيت مشتعلة في قلوبهم، وما زالوا يحيون ذكراها في كل عام، ويسيرون في طريق المقاومة دون كلل أو ملل، مؤمنين بأنه ما ضاع حقٌ وراءه مطالب وأن ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة.

وسوم: العدد 906